تقارير وتحليلات

ندوة في مجلس العموم البريطاني..

قضية الجنوب قنبلة موقوتة في حرب اليمن

اتفاق على ضرورة الاستماع إلى الصوت الجنوبي

وكالات(أبوظبي)

عند الحديث عن الصراع في اليمن، يتركز اهتمام المجتمع الدولي، حكومات ومنظمات، على الحرب لاستعادة الشرعية التي يقودها التحالف العربي ضد الحوثيين، مع تجاهل بقية مكونات الخارطة اليمنية، الأمر الذي يعني فتح المجال لأزمات أخرى قد تندلع في البلاد بمجرد أن تهدأ الحرب الراهنة.

ودقّ مشاركون في ندوة استضافها الثلاثاء، مركز السياسة الخارجة البريطانية في مجلس العموم البريطاني في لندن، ناقوس الخطر بشأن هذا السيناريو انطلاقا من نموذج القضية الجنوبية وعدم إشراك أبناء الجنوب في مفاوضات السلام والحوارات التي لها علاقة بتقرير مصير البلاد.

وجاءت الندوة، التي شارك فيها نواب بريطانيون ونشطاء من جنوب اليمن، إضافة إلى مسؤولين في المجلس الانتقالي الجنوبي، تحت عنوان “الصراع المنسي في اليمن: الانقسامات الطائفية والأزمة الإنسانية ومسألة الجنوب”، وهو عنوان يلخّص تفاصيل ما يصفه الخبراء بـ”القنبلة الموقوتة”، التي يجب نزع فتيلها لضمان وقف إطلاق نار مستدام وتحقيق سلام طويل الأجل.


وأكد عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي تكون سنة 2017، على ضرورة أن يساهم الجنوب في تحقيق حل سياسي في اليمن، مشيرا إلى أهمية إشراك الجنوب في مفاوضات السلام لإيجاد حل سياسي شامل لأجل تحقيق الاستقرار في اليمن.

لكن الزبيدي أشار في نفس الوقت، إلى أن هذا السلام لن يتحقق فقط بجمع مجموعة مكونات المشهد اليمني على طاولة حوار واحدة، بمن في ذلك الجنوبيين، ومحاولة تقريب وجهات النظر بينهم، بل يجب أن يكون من خلال حل القضايا المزمنة والمشاكل المؤجلة، والتي من بينها القضية الجنوبية، وما تعانيه من تراكمات تعود إلى أيام الوحدة بين شطري اليمن في تسعينات القرن الماضي.

يرى الزبيدي بضرورة إفساح المجال أمام الجنوب لتقرير مصيره على أساس نظام الدولتين، مشددا على “ضمان أن تكون العملية السياسية واسعة وشاملة من البداية. وهناك العديد من الدراسات التي تستنتج أنه كلما كانت عمليات السلام أكثر شمولا، زادت فرص نجاحها”.

وتحقيقُ ذلك يتطلب، وفق المسؤول اليمني الجنوبي، أن تقوم المملكة المتحدة وغيرها من الحلفاء بضمان تمثيل الجنوبيين في محادثات السلام. واعتبر أن مشاركة الجنوب في عملية السلام ضمانة لشعب الجنوب من تراجع الأمور إلى مرحلة حكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح.

وشدد على أن أهالي الجنوب “يريدون حلا سياسيا ينهي هذه الحرب الوحشية. ليس كثيرا أن نطلب أن نكون جزءا من عملية تحدد مستقبلنا. ونؤكد هنا أننا لم نعد نقبل وضع ما قبل عام 2014 على أرض الواقع في الجنوب.”

ويرى رئيس المجلس الانتقالي أنه لا بد من إنهاء الحرب من خلال تنفيذ اتفاقية ستوكهولم واعتبارها أحد عناصر الحل، مؤكدا على ضرورة العودة فورا إلى طاولة المفاوضات.

وقال “لا بد من وضع جميع العناصر الرئيسية للعملية السياسية على الطاولة. صفقة ستوكهولم مهمة. لكنها جانب واحد فقط. نحن بحاجة إلى معالجة القضايا الأوسع، مثل العدالة والمساءلة واحتياجات التنمية. وعلى نفس القدر من الأهمية حضور قضية الجنوب على الطاولة وإعطاء الفرصة لشعبنا لتحديد مستقبله، وتقرير مصيره على أساس نظام الدولتين”.


في العام 1972 اندلعت اشتباكات حدودية بين دولتي شمال اليمن وجنوبه على خلفية مساعي إقامة وحدة بين البلدين. وفي سنة 1979 بدأت مباحثات بين الرئيس الجنوبي عبدالفتاح إسماعيل والرئيس الشمالي علي عبدالله صالح توجت بالتوقيع على اتفاقية الوحدة، وتشكيل لجنة دستورية مشتركة لوضع مشروع دولة الوحدة.

وفي 22 مايو 1990 توحد الشطران بشكل مفاجئ، وأصبح علي عبدالله صالح رئيسا للدولة، وعلي سالم البيض نائبا له، وأعلن عن دستور جديد تم الاستفتاء عليه بنجاح عام 1991. لكن في 5 مايو 1994 اندلعت حرب أهلية بين الجنوب والشمال استمرت حتى يوليو 1994، وأدت إلى انتصار الشمال وفرار القادة الجنوبيين إلى خارج البلاد ومن بينهم سالم البيض.


وعادت القضية الجنوبية للظهور في ظل التطورات التي جاءت نتيجة سقوط نظام علي عبدالله سنة 2011، ثم بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء في سنة 2014. وكان لكل تلك التطورات وما يجري اليوم، وما يتخلل الحرب من حروب أخرى جانبية سواء ضد تنظيم القاعدة أو صراعات داخلية، وقعها على الجنوب وقضيته الأمر الذي دفع إلى تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي.

ويشغل الزبيدي منصب رئيس هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي منذ تأسيسه، بعد أن أقاله الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي من منصب محافظ عدن على أساس عدم الولاء. وأكد الزبيدي أن مشكلة الجنوب أبعد من الحرب القائمة ولها جذورها التاريخية، مشيرا إلى أن “الأزمة التي نراها اليوم ليست وليدة العام 2014 بل إن جذورها تعود إلى العام 1990 عندما جرت محاولة إقامة وحدة يمنية بين الدولتين المعروفتين حينها في جنوب اليمن وشماله. وكانت هذه المحاولة تهدف إلى بناء دولة مدنية حديثة تطلّع إليها اليمنيون آنذاك. وكانت طموحاتنا أن نعيش متساوين في دولة ملتزمة بقواعد القانون، والديمقراطية، وحماية حقوق الإنسان”.

وأشاد الزبيدي بدور التحالف العربي في الأزمة اليمنية، مشيرا إلى أن المجلس “سيعمل بالتعاون مع التحالف العربي على رأسه الإمارات والسعودية لإيجاد حل شامل”، داعيا من خلال حديثه المجتمع الدولي إلى زيارة الجنوب لمعرفة الفرق بين الذي يساعد على التخريب والذي يساعد على إعادة الإعمار.


لقيت كلمة عيدروس الزبيدي تأييدا في عدد من نقاطها، من المشاركين في الندوة التي ترأسها ستيفن دوغتي عضو البرلمان البريطاني، حيث أكدت الصحافية البريطانية إيونا كريغ أن الأمم المتحدة فشلت في تشكيل ممثلين عن الجنوب خلال سنوات عديدة، معتبرة أن سبب ذلك يعود إلى “وجود تنظيم القاعدة في الجنوب جعل من الصعوبة على المجتمع الدولي الاهتمام باستقلال الجنوب”. وأضافت قائلة “علينا أن نعي “أن هناك توجها نحو الحكم الذاتي للجنوب”.

وقال سيمون مابون، مدير معهد ريتشاردسون للسلام في جامعة لانكستر، إن الأزمة في اليمن “أكبر من الصراع بين الحكومة اليمنية وميليشيا الحوثي”.

وأضاف “هناك تفاصيل كثيرة في هذا الصراع تجعله أكبر من أن يكون صراعا ثنائيا. لا يمكن تخيل أن الحل في اليمن هو نظام مركزي يدار من صنعاء بعد انتهاء الحرب، هناك مطالب للجنوب، يسعى ممثلوه إلى تحقيقها ضمن اتفاق السلام في اليمن، ليكون اتفاقا شاملا”، وهذه المطالب يجب أن تكون ضمن النقاط المطروحة على طاولة أي نقاش وفي أي مبادرة للحل.

وترى كريغ، الزميلة في منظمة مستقبل الحرب في الولايات المتحدة، أن أزمة اليمن أتاحت الفرصة للجنوب لتجهيز الإمكانات لفرض الاستقلال، قائلة “أربع سنوات من الأزمة جعلت الجنوب مسلحا بعدما كان راضخا للشمال”. ودعت إلى أن تكون شرعية تمثيل الجنوب “أشمل لتتضمن كل المكونات الجنوبية. فإذا لم تمثل بشكل كامل سيستمر بعض الأطراف في القتال حتى بعد تحقيق السلام”.

ولعل ما يؤكد ندوة في القاهرة، نظمها بالتزامن مع ندوة لندن، ائتلاف يضم 14 مكونا سياسيا من الحراك الجنوبي المنادي بحل قضية الجنوب. ويقول مراقبون إن الائتلاف سينازع المجلس الانتقالي في كسب الشرعية بجنوب اليمن.

مليشيات جديدة تزيد من تعقيد الأزمة في شرق السودان.. هل تتجه الخرطوم نحو حرب أهلية؟


موسم الرياض يتجاوز الخطوط الحمراء.. مجسم الكعبة يثير غضب المسلمين


هل يشير اجتماع ماسك ومندوب إيران إلى تحولات في سياسة ترمب تجاه طهران؟


من صنعاء إلى البحر الأحمر: الحوثيون يختبرون سياسات ترامب الخارجية.. ما المتوقع؟