بحوث ودراسات

مستقبل الجنوب

تحليل: اليمن سيناريوهات مختلفة.. ماذا عن مستقبل الجنوب؟

عربات عسكرية قدمها التحالف العربي للقوات الجنوبية في عدن

حسين حنشي (عدن)

في وضع  سياسي واجتماعي ذي طابع "سائل" كما هو الحال في الوضع في اليمن اليوم يمكن ان كون هناك اكثر من سيناريو للمتقبل لهذا البلد ومن ضمنه "الجنوب".
وفي البلد الذي تدور فيه حرب منذ اكثر من عامين لاستعادة الشرعية تتداخل فيها "احلام طوائف " دينية بالحكم مع اطماع اقليمية بالسيطرة مع صراع سياسي بين قوى قديمة حاكمة وشخصيات مع حلم "تحرر" وتقرير مصير للجنوب يجب ان يضع الجنوبيين كل السيناريوهات للتدارس وبعضها قد يفرض فرض عليهم من "قوى اقليمية" شاركتهم الحرب وتحرير محافظاتهم من "الغزو الجيد" كما يقولون.
وفي حالة الحسم العسكري في اليمن لن يكون هناك غير سيناريو "الدولة المركبة" من ستة اقاليم بإقليمين في الجنوب وهي التي يقف الاقاليم العربي خلفها وانبثقت عن "المبادرة الخليجية" ولاتزال مؤيدة بصورة متكررة من "الشرعية الدولية" عبر قرارات لمجلس الامن ومواقف لدول عدة مؤثرة في العالم.
وفي حالة تمت تسوية سياسية يفرض فيها "الانقلابيين " نوعا من التحوير في بنية الدولة وهم الرافضين لنظام الستة اقاليم يجب ان يكون للجنوب وشعبه وقيادته رؤية لاستغلال "تعطيل" الدولة المركبة من ستة اقاليم من قبل الانقلابيين الذين يسعون لفرض الدولة المركزية على الجميع ويكون منطلق "الرفض" مزدوج للستة اقاليم وللمركزية مرة اخرى .
وهناك سيناريو اخر ينطلق من كون "القضية الجنوبية" هي مفتاح الحل الشامل في اليمن ويقدم حل "الاقليمين" في اليمن شمالي وجنوبي وهو ما يفضله الجنوبيين حاليا مع انه لن يختلف عن "الستة اقاليم" ان لم يحسن "بحق تقرير المصير" وشروط الممارسة السياسية وحق الاحزاب وكذا علاقة الاقاليم بالدولة المركزية وكذا نظام "الاقليم الجنوبي الداخلي".
الاحزاب عامل رئيسي:
في حالة اذا اقرت دولة الستة اقاليم بدستورها المعروف والمنشور المنبثق عن "مخرجات مؤتمر الحوار بصنعاء" او في حالة اقرار دولة الاقليمين "الشمالي والجنوبي" ضمن دولة مركبة واحدة فدور الاحزاب وقانون الاحزاب "سيكون عاملا" مهما في "تحقيق احلام الجنوبيين او وأدها".
هناك احتمالين  سيحددان "قدرة الجنوبيين" على انتزاع حقوقهم ضمن اللعبة السياسية في البلد وبصورة قانونية او سيفرضان الطابع السياسي الحالي او الماضي على الجنوبيين ويحولان "حراكهم السياسي" الى (اعمال غير قانونية) بنظر الدولة ومن بعدها الاقليم العربي والشرعية الدولية وهما عاملين حاسمين.
الاحتمال الاول : ان تمنع القوى في الدولة الفيدرالية من "تكوين احزاب" على اساس "اقليمي" تحمل رؤية سياسية لأبناء اقليم بعينه وتدرج ضمن "الاحزاب الفئوية والطائفية والمناطقية" وتجرم بنص دستوري او" قانوني " وهو هنا الوارد لان الدستور الاتحادي لم ينص على تحريم الاحزاب الاقليمية ولم يقرها وفي هذه الحالة اي امر لم "يجرم" هو مباح.
الاحتمال الثاني: ان يسمح بالأحزاب على اساس اقليمي لتحمل قضايا سياسية للأقاليم كما هو "في الحالة العراقية" الاكراد" والحالة الاسبانية "الكاتلونيين" وبهذا يمكن ان تتحول رؤية الحراك الجنوبي الى اطار سياسي "حزب" يمكنه ان يحمل مطالبهم بصورة قانونية تحددها صناديق الاقتراع مهما بلغت "ارتفاع سقوفها".
وبنظرة تخصصية اكثر يمكننا دراسة "الفيدرالية" وهي النظام المرجح تطبيقه في "يمن المستقبل" حتى في حال توفر جميع السيناريوهات لانتهاء الازمة "بحسم او تسوية" يمكننا الحديث عن "شكل الدولة" وهنا نقتبس من ورقة عمل قدمت في ندوة الفدرالية والمواطنة المتساوية  ‏نظمتها مبادرة مطر للمواطنة المتساوية للأستاذ رياض الاحمدي مؤلف كتاب "الفدرالية في اليمن".‏
"شكل الدولة
إن الدولة في مفهومها الأوسع والبسيط تتكون من ثلاثة عناصر أساسية هي "إقليم، وشعب، ‏وسلطة. مساحة محددة من الأرض (إقليم) يعيش عليها ‏مجموعة من الناس يتصفون ‏بخصائص متقاربة (شعب)، تسيطر عليها ‏سلطة واحدة بقوانين وأنظمة موحدة".‏
‏ ‏وتتخذ أي دولة في العالم أحد شكلين (إما بسيط أو مركب). والدولة بسيطة هي الأساس، ‏وتسمى الدولة الموحدة، لأنها تتكون من إقليم واحد، وشعب واحد، ونظام حكم واحد. وهذا ‏الشكل تتخذه أكثر من 85% من دول العالم. أما الدولة المركبة، فهي في الجوهر والمضمون ‏عدد من الدول تتحد ببعض صفاتها وفي المظهر دولة، تسمى الدولة الاتحادية أو "الفدرالية". ‏فالشكل الأول، تكون الدولة فيه مكونة من (إقليم ‏وشعب وسلطة) والشكل الآخر هو الدولة ‏الاتحادية وتكون الدولة فيه مكونة من (أقاليم، شعوب، سلطات). ‏
لذلك عندما نتحدث عن شكل الدولة، فإننا لا نتحدث عن أمر يتعلق بنظام الحكم أو النظام ‏الإداري أو الأحزاب والسياسات فقط، بل عن أمر يتعلق بمكونات الدولة الأساسية الثلاثة ‏‏(الإقليم، والشعب، والسلطة)، ‏الأمر الذي يجعل منه موضوعاً بالغ الحساسية ومصيرياً أكثر ‏مما يمكن أن ‏يحدث جراء سقوط النظام السياسي أو حدوث انتقال بين أحد أنظمة ‏الحكم أو ‏حتى سقوط البلاد في أيدي احتلال أجنبي. ‏
مفهوم الفدرالية
كثيراً ما نسمع عن الفدرالية بأنها متعددة الأنواع تختلف حولها وجهات النظر، لكننا هنا نؤكد ‏أن ثمة قواعد علمية ومعرفية محددة، لا يختلف عليها اثنان من الخبراء، مهما كان أحدهما ‏مؤيداً أو معارضاً، فيكون أساس الاختلاف هو الجزء الذي سيركز عليه الواحد منهما، وليس ‏على الأساس.. وسنقدم تعريفاً ملخصاً ونترك لمن أراد أن يتوسع العودة إلى كتابنا "الفدرالية في ‏اليمن".‏
الفدرالية هي كلمة إنجليزية تترجم إلى العربية بمفردة الاتحادية، وهي مصطلح يعبر عن ‏نظام الدولة المركب. ولتقريب الصورة فإن عبارة "بسيط" تعني أن المشار إليه يتكون من شيء ‏واحد، وعبارة "مركب" تعني أن المشار إليه أكثر من شيء. ويمكن من خلال ذلك، تعريف ‏الدولة الفدرالية أو الاتحادية أنها: عدد من الدول تجد على رأسها دولة تمثلها أمام الخارج ‏وتمارس بعض السيادة عليها وتنظم علاقاتها عبر قانون دستوري، أو هي نظام يتركب من ‏عدد من أنظمة الحكم المستقلة ذاتياً تتحد فيما بينها بنظام مركزي. ‏
ويقوم النظام الفيدرالي على قاعدتين أساسيتين: الأولى، هي أن الدول أو الأقاليم أو الولايات ‏المتحدة يتوفر لكلٍ واحدةٍ منها الاستقلال الذاتي، فيكون لها سلطة تشريعية وتنفيذية وقضائية ‏مستقلة، وتمارس السيادة على حدودها الطبيعية. والقاعدة الثانية، هي أن هذه الدول أو الأقاليم ‏أو الولايات توحدت فيما بينها ببعض الخصائص وتنازلت عن شخصيتها الدولية لصالح هيئة ‏موحدة. ‏
وبصورة عامة يمكن أن نقدم تعريفين مختصرين للفدرالية، كما خلص إليهما كتاب "الفدرالية ‏في اليمن": ‏
‏"الأول، في حالة التوحد بين عدد من الدول: وهنا تعرف الفدرالية بأنها ‏نظام يوحد مجموعة ‏من الدول تتمتع بخصائص مشتركة تتحد لتكوين دولة ‏مركزية قوية تمثلها على الساحة الدولية ‏وتتولى قضايا الدفاع والأمن ‏القومي وما يحدده الدستور وتسمى الدولة الاتحادية. وتحتفظ كل ‏دولة عضو ‏بهويتها واستقلالها الذاتي. ومن أمثلة هذه الحالة، الولايات المتحدة ‏الأمريكية.‏
الفدرالية في حالة الدولة الموحدة وتعني: تقسيم الإقليم إلى أقاليم، ‏والشعب إلى شعوب، ‏والسلطة إلى سلطات. أي تقسيم الدولة البسيطة ‏إلى دول ومن ثم إقامة دولة اتحادية تمثل هذه ‏الدول مجتمعة وتمارس بعض ‏السيادة عليها. ومن أمثلة هذه الحالة، الصومال، بلجيكا، ‏السودان". ‏
نشأة الفيدرالية
تنشأ الدول أو الاتحادات الفدرالية في العادة باتحاد مجموعة من الدول أو الدويلات أو ‏القوميات، وتنشأ أحياناً نتيجة تفكك دول موحدة، وذلك كالتالي: ‏
‏- اتحاد ولايات أو دويلات، تتحد لتكوين دولة قوية، وبهذه الطريقة نشأت معظم الدول ‏الفدرالية، كالولايات المتحدة الأمريكية التي بدأت بتوحد 13 ولاية حتى وصلت إلى 51 ولاية.  ‏وأيضاً الإمارات العربية المتحدة. ‏
‏- تفكك دول موحدة: تنشأ الدولة الفدرالية كنتيجة لتفكك دولة موحدة، لأسباب مختلفة، فقد ‏تكون أساساً تتكون من أقاليم وقوميات ولغات وأديان متعددة، بحيث تصعب إدارتها بسلطة ‏مركزية، أو تتكون من كيانات متماسكة متميزة في الماضي تطالب بالاستقلال، فيتم تفكيك ‏الدولة إلى ولايات أو أقاليم باعتماد الصيغة الفدرالية.".. انتهى الاقتباس.
وفي تصريح خاص لصحيفة "المرصد" يقول الاستاذ رياض الاحمدي:" الفيدرالية تقتضي دستور اتحادي للبلاد ودستور لكل إقليم ويحدد كل منهما حدود السلطات الاتحادية وسلطات الإقليم واعتقد أنه في بعض الحالات والنماذج العالمية  الأمر يكون حسب الأمر الواقع وإن لم يكن قانونياً فالمكونات المحلية في الأقاليم تفرض نفسها، ويمكن أن يكون وضعها ضبابياً، بحيث لا يوجد بالدستور ما يسمح أو يمنع بإنشائها على أساس إقليمي،
ويطرح رياض امثلة عالمية ويقول :"فمثلا في القانون العراقي تقدم الاحزاب التي تمثل المكونات الاثنية (الاقليات) قائمة ب(500) عضو يرفقها مؤسس الحزب او التنظيم السياسي وهذا يسمح للأقليات بأنشاء احزاب.
اما في الحالة الاسبانية فيجب أن نعلم  ان اسبانيا الى اليوم ليست فيدرالية.. بالمعنى الاتحادي ولكن اقليم كاتالونيا يتخذ وضعاً خاصاً
ويفرض نفسه مثله مثل كردستان العراق"
وعن اليمن ودستوره الحديد يقول رياض :"واذا تحدثنا عن اليمن والدستور الجديد فمسودة الدستور اليمني الاتحادي، تحظر تأسيس الأحزاب على أساس عرقي أو طائفي أو مذهبي، لكنها لم تحدد على وجه الدقة، مسألة إنشاء الأحزاب على مستوى الأقاليم من عدمها، ومع ذلك، فإن الأحزاب على أساس مكونات الإقليم، يمكن أن تكون قائمة بحكم الأمر الواقع، كما هو الحال في كردستان العراق، كما أن النظام الفيدرالي، يعتمد أساساً، على الصلاحيات الدستورية، فالمعروف أن هناك دستورين، الأول وهو الدستور الاتحادي للدولة والآخر هو دستور الإقليم، وحسب نصوص كل منهما وحدود صلاحياته، يمكن أن يكون هناك حق بإنشاء أحزاب على مستوى الأقاليم، أو لا يكون، حسب كل نظام."

الجنوب ..وفدراليات بحكم الواقع

يمكن للحالة الجنوبية في حال نظمت القوى الجنوبية نفسها ان تدخل ضمن "ما بات يعرف" كمصطلح سياسي في العالم بـ(وفدراليات بحكم الواقع) وهو الاقرب للجنوب.

وفي هذا المجال يمكننا ان نقرأ في الموسوعة العالمية التالي :"التمييز بين الدولة الفدرالية والدولة الأحادية ليس بالأمر البسيط. فالدولة الأحادية قد تشبه الفدرالية في البنية الإدارية، ورغم أن الحكومة المركزية قد تملك الحق نظريا في سحب الحكم الذاتي عن إقليم يتمتع به، فإن الأمر قد يكون شديد الصعوبة سياسيا. بل إن بعض الجهات المتمتعة بالحكم الذاتي في دول أحادية كثيرا ما تتوفر على صلاحيات أوسع من ما توفره بعض الفدراليات. ولهذه الأسباب، يجادل البعض بأن بعض الدول الأحادية المعاصرة هي فدراليات بحكم الواقع.
إسبانيا
تقترح إسبانيا كدولة فدرالية بحكم الواقع رغم أن قوانينها التأسيسية لا تنص على ذلك، باعتبار كونها تمنح أقاليمها ذاتية الحكم الصلاحيات ذاتها التي تتوفر عليها الأجزاء المكونة للفدراليات. واحتمال أن يسحب البرلمان الإسباني الحكم الذاتي عن أقاليم مثل غاليثيا، كاتالونيا أو إقليم الباسك أمر شبه مستحيل سياسيا، مع أنه لا شيء يمنع منه قانونيا. إضافة إلى ذلك فإن جهات مثل نافارا وإقليم الباسك تتمتع بصلاحيات كاملة على الضرائب والإنفاق، وتحول جزء صغيرا منها إلى الحكومة المركزية مقابل الخدمات العمومية (الجيش، العلاقات الخارجية، والسياسات الماكرو اقتصادية). ويشير فقيه قانوني إلى "الطبيعة الفدرالية للحكومة الإسبانية (كاتجاه لا يمكن لأي كان إنكاره)." وكل إقليم ذاتي الحكم يحكم قانون حكم ذاتي تبعا لدستور إسبانيا لسنة 1978.
جمهورية الصين الشعبية
تطورت الصين الشعبية كفدرالية بحكم الواقع بدون قانون رسمي ينص على ذلك. وقد حدث ذلك عن طريق منح صلاحيات واسعة للأقاليم بطريقة غير رسمية، للتعامل مع القضايا الاقتصادية ولتطبيق السياسات الوطنية. وهو ما أنتج ما يسميه البعض "فدرالية بحكم الواقع وبخصائص صينية"(في إشارة إلى سياسات دنغ شياو بينغ الشيوعية بخصائص صينية) ودستوريا، تم منح صلاحيات الأقاليم ذات الإدارة الخاصة من جمهورية الصين الشعبية عن طريق قرار من مجلس نواب الشعب.

ولتقريب ذلك اكثر من الحالة اليمنية يقول د. عبدالله أبو الغيث في مقال له بعنوان "هل هناك فرق بين الدولة الاتحادية والدولة الفيدرالية؟:إذا كان الفرق واضحاً بين الدولة اللامركزية والدولة الفيدرالية من حيث اقتصار لامركزية الأولى على الشؤون المالية والإدارية، وامتدادها في الثانية لتشمل معها الشؤون السياسية، لكن الفرق بين الدولة الاتحادية والدولة الفيدرالية يظل يحمل قدراً من الغموض حتى لدى النخب السياسية التي تستخدم المصطلحين ولا يقتصر الأمر على المواطن العادي فقط.
ذلك أن الدول الفيدرالية عادة ما توصف بأنها دول اتحادية أيضاً، ويطلق على حكوماتها المركزية تسمية الحكومة الاتحادية. وقد دفعنا ذلك لمحاولة تقديم إجابة مبسطة للسؤال المطروح في العنوان لنرى هل هناك فرق بين المصطلحين؟ أم أن المعني يتداخل بين النظاميين الاتحادي والفيدرالي.
الحالة اليمنية
بالعودة إلى اليمن سنجد أن مصطلح الفيدرالية عندما ظهرت المطالبة به لدى بعض أطراف الحراك الجنوبي قدمته على أساس فيدرالية بين إقليمين شمالي وجنوبي، وفقاً للحدود الشطرية التي كانت قائمة قبل إعلان الوحدة اليمنية عام 90م، وتم طرح هذا الخيار عند ظهوره باعتباره حل وسط بين دعاة الوحدة بشكلها الحالي (الدولة المركزية) وبين المطالين بفك الارتباط واستعادة الدولة الجنوبية.
وقد أدى ذلك لأن يرتبط معنى الفيدرالية في ذهن الموطن اليمني بفيدرالية الإقليمين، وكانت فكرة الأقاليم قد ظهرت منذ الأزمة اليمنية الناتجة عن الانتخابات البرلمانية عام 93م، وهو ما تطرقت له وثيقة العهد والاتفاق التي وقعتها الأطراف المتصارعة في الأردن قبيل اندلاع حرب صيف 94م.
ونجد أن خيار اللامركزية بدأ يختلط في الفترة الأخيرة في بعض الطروحات بفدرالية الأقاليم المتعددة، وهو ما جعل أصحاب هذا الخيار يعبرون عنه بصيغة الدولة الاتحادية، تمييزاً له عن فيدرالية الإقليمين.
ما سبق يجعلنا نقول بأن الدولة الفيدرالية هي دولة اتحادية بصيغة لامركزية، والفارق بين الصيغتين المتداولتين على الساحة اليمنية قد يعبر عن الوضع القائم في اليمن أكثر من تعبيره عن نظامين عالمين مختلفين.
انتقال مرحلي
بالنظر إلى الطروحات التي تتفاعل على الساحة اليمنية وطرحت في أروقة لجان مؤتمر الحوار الوطني على وجه الخصوص؛ فالملاحظ أن الأمور سارت نحو إعادة تقسيم الدولة اليمنية إلى مجموعة من الأقاليم المتعددة؛ سواء في ظل دولة لا مركزية أو فيدرالية.
ويعرف الجميع أن الانتقال الفجائي من نظام المحافظات الحالية إلى نظام الأقاليم الكبرى لن يكون بالبساطة التي يتصورها البعض، لأن إقامة مؤسسات حكومية لإدارة تلك الأقاليم وإيجاد نوع من الانسجام بين المناطق المكونة لها سيحتاج لوقت ليس بالقصير. "انتهت فقرات مقال د. أبو الغيث.
وبالنظر الى ما سبق تقديمه يمكن القول ان امام الجنوبيين "سبيلين" للنضال السياسي لتثبيت وضع يمكنهم ان يرتكزون عليه مستقبلا لتحقيق احلامهم "بصورة قانونية معترف بها" من العالم :
السبيل الافضل: توحيد جهودهم للوصول الى "فرض"( فدرالية بحكم الواقع) وهو ما يجعلهم في وضع "كردستان العراق او كاتالونيا اسبانيا او هوك كونج الصين" وهو وضع يسمح لهم بالمناورة الواسعة مستقبلا.
السبيل المقبول: وهو السعي الى اقرار حق تشكيل احزاب سياسية على اساس اقليمي يمكنهم فيه ان يؤطرون "حراكهم" في شكل ساسي رسمي "حزب" يدخلونه به الصراع السياسي لانتزاع الحقوق بقانونية.
والسؤال هنا ما مدى قدرة الجنوبيين "التنظيمية" والفنية على صنع "جسد سياسي وعسكري ومجتمعي" صلب لفرض "شروطهم" بعيدا عن "اللهجة الشعاراتية الثورية" التي عادة ما كانت خارج الملعب السياسي وخارج القبول الاقليمي والدولي؟.
وفي حالة الإجابة على هذا التساؤل يمكن القول ان "الاحزاب" قد تكون طوق نجاه للجنوب ويمكنها انهاء زمن "الاحزاب العتيقة" (الاصلاح والمؤتمر الاشتراكي وغيرها) وهي اطر سياسية ستكون بالغة الضرر ان نجحت في ان تستمر وحيدة كأدوات للمشهد السياسي اليمني وضمنه الجنوب وهي قادرة على اختراق الجنوب وتبديد "حلم توحيده" في رؤية واحدة والذهاب بجهد وطاقات شعبه بعيدا عن المسار المحدد والارادة الشعبية.

"اليوم الثامن": التغير الديمغرافي في الجنوب نتيجة متداخلة لعوامل سياسية واقتصادية واجتماعية معقدة


إيران تهدد برد "حاسم ومؤلم" على إسرائيل قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية (ترجمة)


الانتخابات الأمريكية 2024: صراع على مستقبل البلاد بين رؤيتين متناقضتين


إيران تعلن مقتل "إرهابي على صلة بإسرائيل" وتلوّح بتصعيد في كردستان العراق