تزداد هوّة الخلافات بين جماعة الحوثي وشركائها الرئيسيين في الانقلاب على السلطات الشرعية من منتسبي حزب المؤتمر الشعبي العام والمحسوبين على الرئيس السابق علي عبدالله صالح، في ظلّ توجّه لدى الجماعة المدعومة من إيران نحو التفرّد بالسلطة وإقصاء هؤلاء الشركاء بسبب تناقص الثقة بهم، نظرا لحالة التذمّر التي يلحظونها في صفوفهم ومجاهرة بعضهم بانتقادات لتصرّفات الحوثيين وطريقتهم في إدارة السلطة الموازية في صنعاء.
ووجدت القيادات الحوثية في فساد وزراء وإداريين مؤتمريين ذريعة لبدء حملة ضدّهم تحت عنوان محاربة الفساد للإطاحة بهم وتحييدهم، وصولا إلى “تنقية” مختلف المؤسسات ممن لا ينتمون بشكل مباشر لجماعة الحوثي.
وكثيرا ما تحدّثت المصادر عن مشاركة صورية من أعضاء حزب المؤتمر في السلطة بصنعاء، بينما القرار الحقيقي بيد الحوثيين المهيمنين على العاصمة وعدد من مناطق البلاد بقوّة السلاح.
ووضعت جماعة الحوثي مجموعة من قيادات المؤتمر الشعبي العام وعددا من الوزراء السابقين الموالين للرئيس السابق علي عبدالله صالح تحت الإقامة الجبرية في منازلهم تمهيدا لرفع قضايا ضدهم بزعم تورطهم في ملفات فساد.
ودعا زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي إلى التحقيق مع الوزراء الذين شاركوا في حكومة صنعاء الموازية والمنتمين لحزب المؤتمر الشعبي العام بعد اتهامهم بالتورط في ملفات فساد والتسبب في المشكلات الاقتصادية والاجتماعية بمناطق سيطرتهم.
وسيكون تحميل المؤتمريين مسؤوليات الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المستفحلة، وأحدثها الأزمة الحادّة في المشتقّات النفطية، مهربا مناسبا من الانتقادات ومن الغضب الشعبي الذي يمكن أن ينفجر بين لحظة وأخرى.
وبحسب معلومات أوردتها الجمعة قناة العربية الفضائية، فإن المتمردين الحوثيين يعدون ملفات تورط وزراء سابقين تمهيدا لعرضهم على “القضاء” في حين استدعى برلمان الانقلابيين في العاصمة اليمنية رئيس حكومة صنعاء الموازية السابق عبدالعزيز بن حبتور ووزراء حكومته للتحقيق.
ويخشى أتباع صالح على ممتلكاتهم ومن إمكانية ملاحقتهم قضائيا بعد تورطهم في ملفات فساد، بينما لم تستبعد مصادر يمنية وجود غاية مادية من ملاحقة بعض القيادات المؤتمرية خصوصا وأن من بين هؤلاء من يحوز فعلا على ثروات تمّ جمعها خلال حقبة حكم علي عبدالله صالح وبعدها.
وتتحدّث المصادر عن صعوبات مالية كبيرة يواجهها الحوثيون بفعل تناقص مصادر تمويلهم سواء الخارجية وتحديدا من إيران التي تعاني بدورها مشكلات اقتصادية مستعصية، أو من الداخل حيث لم يعد من الممكن استحصال إتاوات وضرائب لا من التجار والأفراد الذين تراجعت تجارتهم وسائر أنشطتهم ولا من الشركات والمؤسّسات التي أفلس أغلبها.
تحميل المؤتمريين مسؤوليات الأزمات الاقتصادية والاجتماعية مهرب مناسب من الانتقادات ومن الغضب الشعبي
وتشمل الملاحقات التي دشّنها الحوثيون في صنعاء أيضا موظفين أقلّ درجة، حيث عمدت ميليشياتهم إلى اعتقال أربعة مسؤولين في نقابة النفط بعد مداهمة منازلهم على خلفية رفضهم صرف مرتبات الموظفين بنظام الريال الإلكتروني، متهمة إياهم بالتلاعب المالي والتورط في ملفات فساد في قطاع النفط.
وقتل الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح الذي كان يتزعّم حزب المؤتمر الشعبي العام في ديسمبر 2017 بعد أن أعلن إنهاء تحالفه مع الحوثيين.
ولم يكن ملفّ الفساد غائبا عن المسار الذي انتهى بإعلان صالح فكّ ارتباطه بالحوثيين ومقتله على أيديهم، حيث جاهر باتهامهم بممارسة فساد كبير في مؤسسات السلطة، وأوعز للإعلام التابع له بتسريب وثائق تثبت تورط القيادات الحوثية في جرائم فساد مالي وإداري تتعلق إحداها بميناءي رأس عيسى والصليف غربي البلاد وتظهر وصول حجم الفساد الذي مارسته الميليشيات إلى أكثر من 20 مليار ريال يمني إلى جانب الفساد المالي في وزارة الاتصالات الذي قدر حينها بـ16 مليار ريال. وردّ زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي على صالح بأنّ جماعته لا تسيطر سوى على 1 بالمئة من المؤسسات، في محاولة لتحميل زعيم المؤتمر مسؤولية الفساد المستشري.
ومنذ ذلك الحين تتحدّث المصادر اليمنية عن تشديد الحوثيين لرقابتهم على أتباع صالح ومنتسبي حزبه المشاركين في الحكومة الموازية وأعضاء البرلمان وغيرهم، لعلمهم بحالة الغضب التي انتابتهم بعد مقتل زعيمهم ولشعورهم بالخيانة والخذلان، وأيضا بالخوف على المصير.
وتصاعدت في الآونة الأخيرة تجاوزات ميليشيات الحوثي ضد نواب البرلمان الذين لا يزالون محاصرين في صنعاء في ما يشبه الإقامة الجبرية وفق تعبير البرلمان العربي في بيان أدان فيه إجبار الحوثيين لهؤلاء النواب على حضور جلسات غير قانونية للبرلمان الموازي في صنعاء.
وكشف ذات البيان أن الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران تجري “محاكمات عبثية غير دستورية وغير قانونية لجميع أعضاء مجلس النواب الذين رفضوا الانقلاب وانحازوا للشرعية وخصوصا النواب الذين حضروا جلسات مجلس النواب في مدينة سيئون بتاريخ 13 أبريل الجاري”. كما صادر الحوثيون ممتلكات 140 عضوا من أعضاء مجلس النواب، وقاموا بتفجير بعض منازلهم وتهديد أبنائهم وأقاربهم بالقتل.