تقارير وتحليلات
تغيرات دولية متسارعة في إدارة الملف اليمني..
تحولات قادمة.. عزل الجنوب المحرر عن اليمن الشمالي المضطرب
يشهد التعامل الدولي مع الملف اليمني تغيرات كبيرة في استراتيجات العمل والسياسات المتبعة وإدارتها والتي يجري تنفيذها حالياً خلال المرحلة القليلة القادمة.
وفرضت حالة العجز الدولي في اليمن خلال الفترة الماضية ضرورة التغيير العميق في التوجهات الدولية تجاه الملف اليمني الذي ظل المجتمع الدولي يتعامل معه بجمود في إطار دبلوماسي لم يفضي إلا لمزيد من الأزمة وتعطيل كل مسارات وسبل السلام في اليمن .
وبرزت خلال الفترة الماضية عراقيل كبيرة أمام مهمة المبعوث الدولي الخاص الى اليمن مارتن جريفثس من كل الاطراف اليمنية المؤمل عليها لعب دور في الاستجابة لعملية السلام ومساعي المبعوث الدولي.
واصيب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش بخيبة أمل حد وصف مقربين منه نتيجة تلقيه رسالة شديدة اللهجة من الرئيس اليمني عبدربه هادي اتهمت المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بالتحيز طعنت في جهوده التي بذلها خلال اكثر من عامين متواصلين. وهو الامر الذي رفضه جوتيريش وعبر عنه تصريح نشرها ( الموقع الرسمي للأمم المتحدة) موجه الى الرئيس اليمني جاء فيه انه يثق ومعه الدول الاعضاء بمجلس الامن بالمبعوث الخاص لليمن ويدعم ما يقوم به جريفثس بقوة.
وكشفت سائل اعلام غربية عن توجيه الامانة العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي رسالة الى الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الامن وضعتهم أمام خطورة الوضع في اليمن وان الأمر بات يشكل قلق كبير لدى الامم المتحدة خاصة بعد تجاوز الحكومة اليمنية كثير من النقاط وطعنها في جهود المبعوث الخاص للامين العام للأمم المتحدة الى اليمن.
وحثت رسالة الامم المتحدة على ضرورة عمل حلول تنهي الأزمة الانسانية وتوقف شراسة الحرب والتدهور الكبير في الاوضاع الامنية والاقتصادية ولو تطلب الأمر ان تقوم الامم المتحدة بدور فعال في إدارة الموارد في البلد خاصة مع تقارير وتحقيقات كشفت عن إهدار فاسدين إيرادات الدولة وعدم حصول الموظفين على مرتباتهم بشكل مستمر مما يفاقم الوضع المعيشي ويسرع من ضرب المجاعة لملايين اليمنيين.
مصادر دبلوماسية رفيعة اكدت ان حراك دولي مكثف يجري على مستوى صناع القرار الدولي بمعية ممثلين عن دول التحالف العربي الذي تقوده السعودية لبحث مخارج في اليمن بعد ان تلاشى دور الحكومة اليمنية واضحت عاجزة عن النهوض وتحول اكتفائها بلعب دور ايجابي سياسي تجاه المناطق الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي المرتبطة بإيران الى دور سلبي يعرض مناطق حررها التحالف العربي والمقاومة الجنوبية اليمنية للخطر والفوضى والارهاب.
واضافت المصادر ان الفشل في تطبيق ( اتفاق السويد ) الذي يشمل ( تبادل الاسرى واعادة الانتشار بالحديدة وملف تعز ) كان سبباً في تغيير الاستراتيجية الدولية في التعامل مع الوضع اليمني وتعقيداته. حيث بات من الضروري عزل المناطق الأكثر حساسية واهمية استراتيجية في اليمن عن جماعة الحوثي المرتبطة بإيران لمنع ايران من استخدام أي مناطق باليمن للضغط على المجتمع الدولي بشأن خلافات ( الاتفاق النووي ) او تحقيقها أي مكاسب في هذا الجانب .
وكانت تحدثت وسائل إعلام دولية مؤخراً عن اجتماعات سرية عقدت في أكثر من دولة برعاية بريطانية لمناقشة وضع اليمن وأفضت كل الاجتماعات بإيكال الأمر الى الرباعية الدولية المكونة من ( الولايات المتحدة – المملكة المتحدة – السعودية – الامارات ) بالاضافة الى منح روسيا ممثل في الاجتماعات الضرورية بالرباعية.
ونقلت المصادر الاعلامية الدولية أن الرباعية الدولية بحسب وكالات ووسائل اعلام دولية خارطة طريق جديدة أمام المجتمع الدولي وتم تزويد الأمم المتحدة بها وتفضي لإتباع استراتيجية فكفكفة الأزمة اليمنية ومعالجتها بطرق جديدة تتوائم وقضايا البلد السياسية ومصالح دول المنطقة بالاعتماد على ضرورة إحداث تغيير باليمن يتوائم ونتائج واقعية أفرزتها الحرب وغيرت الخارطة السياسية في البلد.
وأشارت ان الرباعية الدولية أرسلت عدة وفود أمنية وسياسية رفيعة الى اليمن لتقييم الواقع تحت اسماء مختلفة كان آخرها لجنة بحثية أمريكية زارت عدن لتقييم آخر نتائج التقارير التي رفعتها الوفود السابقة بشأن تنفيذ الاستراتيجيات الجديدة في اليمن .
وفي خارطتها التي لم تعلن حتى الان ولا تزال قيد السرية والتداول لدى أصحاب القرار، إعتمدت الرباعية الدولية على ثلاثة أسس رئيسية لتحقيق الحل السياسي في اليمن وهي : ( 1- أن السلام لن يتحقق إلا من بالغاء اي شروط مسبقة -2- تجزئة الحلول ومناقشة كل قضية – 3- الاعتماد على نتائج القوة للتعامل مع الاطراف اليمنية ). معتبرة أن هذه الأسس تجعل الأطراف الفاعلة في اليمن في صدارة الالتزام وتحقيق السلام في اليمن.
وتحمل خارطة الرباعية الجديدة بشأن اليمن أهداف عدة من بينها الزام الجماعة الحوثية بوقف هجماتها على الاراضي السعودية بالصواريخ الطائرات المسيرة وتنفيذ اتفاق المنطقة العازلة 30 كلم داخل الاراضي اليمنية وترحيل أي عناصر اجنبية ايرانية او تابعة لحزب الله من مناطق سيطرة الجماعة والتزام الجماعة بعدم الاتصال كثيراً بإيران.
كما تعتمد الخارطة على تقليص نفوذ الجماعات السياسية او العسكرية او المسؤولين المتورطين بدعم الارهاب وتحجيم دور جماعة ( الاخوان المسلمين ) باليمن وتنصيفها جماعة إرهابية ومنع انشطتها في المناطق المحررة منها لإنهاء أي تهديدات ارهابية محتملة هناك.
وتتصل إجراءات الخارطة الدولية بعزل جنوب اليمن الذي أصبح تحت تعهد التحالف العربي عن شمال اليمن واعتباره في خارطة السلام منطقة ( حكم ذاتي ) تحويله لمنطلق جديد للسلام في اليمن مع اعتماد الطرف الجنوبي اليمني طرفاً في الحرب المستمرة عقب تعرض مناطق بجنوب اليمن لهجمات إيرانية جديدة شملت اطلاق صواريخ باليستية خاصة في الضالع على بعد 150 كلم من مركز محافظة عدن المنطقة الأكثر أهمية للتحالف العربي والمجتمع الدولي .
كما تشمل تفاصيل الخارطة التي تم وضعها نتيجة لفشل اتفاق السويد اعتماد إدارة جديدة لمنطقة جنوب اليمن وتحت قيادة واحدة تحضى بدعم واجماع شعبي يمثله المجلس الانتقالي الجنوبي وتأسيسه قوات عسكرية وضم كل القوات تحت إمرته وتزويده بقدرات عسكرية نوعية ومحدودة لتكثيف مكافحة الارهاب ومقاومة التهديدات الإيرانية على جنوب اليمن بمقابل نقل الحكومة الى محافظة مأرب لمنع تحول المحافظة الى منطقة تجمع للتنظيمات الارهابية.
وفي سياق آخر أفصحت مصادر سياسية رفيعة ان نقاشاً دبلوماسياً وسياسياً حدث بشأن اليمن ونفذته الأمم المتحدة أفضى مؤخراً الى قناعة دول التحالف العربي بأن عدم استكمال اهداف عاصفتي الحزم المدعومة دولياً ناتج عن خلل في السياسات المتبعة لكنها حققت حتى الان ما يزيد عن 50 % من الاهداف المعلنة التحالف والمتمثلة في تأمين ( باب المندب والسواحل اليمنية الجنوبية ) ومنع أي تهديد فيها ، ويجب حماية ما تحقق وعدم تعريضه لإرتداد ونكوص او انهيار ، كما تحققت المرحلة الاولى من مكافحة الارهاب في جزء كبير من المناطق اليمنية المحررة .
وبحسب المصادر فإن التحالف العربي أبدى تفهماً كبيراً متفهماً لمقترح الأمم المتحدة فيما يخص الاهداف المحققة باعتباره مرحلياً كافياً مقارنة مع المعاناة الانسانية التي تشهدها اليمن . وتفادياً لمزيد من الانتهاكات والاخطاء بحق المدنيين لابد من البدء بعملية سلام شاملة باليمن وايقاف الحرب.
من جانب آخر ينظر المجتمع الدولي خاصة الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية الى اليمن بشكل محصور في ملفين اساسيين ( مكافحة الارهاب – ومنع أي مخاطر على المصالح الاقتصادية للولايات المتحدة ) وهو ما بات أمراً مشتركاً بين غالبية دول المنطقة والعالم.
ونقلت صحيفة مجلة (Foreign Policy) عن مسؤولين أمريكيين قولهم أن أمريكا مستائه من دور الحكومة اليمنية المدعومة دولياً التي باتت تحتضن قيادات وعناصر ارهابية مطلوبة للولايات المتحدة عطفاً على كونها حكومة باتت عاجزة وغير قادرة على تقديم أي عمل من شانه تحقيق المصالح الدولية وحماية المنطقة من خطر الارهاب المتنامي والذي بات يشكل جزءاً من الحكومة اليمنية.
وسبق ان نشرت وسائل اعلام دولية رسالة وجه الرئيس الامريكي ( دونالد ترامب) الى ( الكونجرس) اتهمت فيها مسؤولون يمنيون بدعم الإرهاب الأمن القومي الدولي.
وقال ترامب في رسالته إن سياسة وأفعال بعض الأعضاء في الحكومة اليمنية وغيرهم تواصل تهديد السلام في اليمن والاستقرار والأمن، طالباً تمديد حالة الطوارئ القومية حيال اليمن . كما طالب الكونجرس الأمريكي، بإصدار قرار يتيح القرار لترامب استخدام سلطات تنفيذية واسعة لفرض عقوبات على الأفراد والهيئات.
ويتهم مسؤولون أمريكيون قيادات يمنية منتمية لحزب الإصلاح ( فرع الإخوان المسلمين باليمن) بتمويل الجماعات الإرهابية ( القاعدة وداعش) وتوفير حاضنة رسمية لتلك الجماعات تحت إطار ( شرعية الرئيس هادي).
ويتعرض اليمن من خلال استمرار المشهد الحالي الى احتمالات خطيرة تعيد الإرهاب من جديد وتجعله أكثر شراسة مع تدخل أطراف معروف دعمها للإرهاب كلاعبين في اليمن مستغلين حالة التراخي والعجز الذي تعانيه الحكومة والرئيس اليمني.
ويجعل قرار مجلس الامن الدولي الخاص بمكافحة تمويل الإرهاب رقم ( 2462 ) والصادر في نهاية مارس الماضي (اليمن) أحد أبرز الدول الذي يعنيها القرار الذي شدد فيه على ضرورة الالتزام بالقضاء على تمويل الأعمال الإرهابية ومنعها. حيث ركز القرار بشكل اساسي على منع أي مؤسسات اهلية او مجتمعية من الحصول على الاموال وتمويل بها عمليات ارهابية.
واعتبر القرار الذي خصص لمناقشة تمويل الارهاب وحاز على اجماع كامل بمجلس الامن كقرار تنفيذي (مع بالغ القلق، أن الإرهابيين والجماعات الإرهابية يقومون بجمع الأموال عن طريق مجموعة متنوعة من الوسائل تشمل، على سبيل المثال لا الحصر، إساءة استخدام المؤسسات التجارية المشروعة، واستغلال الموارد الطبيعية، وإساءة استخدام المنظمات غير الربحية، والتبرعات، والتمويل الجماعي، والعائدات المتأتية من الأنشطة الإجرامية).