تحليلات
الأخ غير البيولوجي لـ(حبتور) لايزال يثير الجدل
كيف أصبح بن دغر رئيسا لحكومة (هادي) بتوصية من (صالح؟
الرئيس اليمني المخلوع صالح مع رئيس حكومة هادي أحمد عبيد بن دغر
في أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2015 وبعد وقوع صنعاء في قبضة الحوثيين أواخر سبتمبر/أيلول سربت مكالمة هاتفية بين المخلوع علي عبدالله صالح والقيادي الحوثي عبد الواحد أبو راس، الذي كان ممثل الحوثيين في مؤتمر الحوار الوطني، بشأن تحركات عسكرية وسياسية.
وفي المكالمة قال صالح (نحن مع احمد عبيد بن دغر او بن همام) لرئاسة الحكومة محذراً الحوثيين من اختبار خاطئ لشخصية غير بن دغر وبن همام بينما كان رئيس "حكومة الكفاءات" المستقلة حينها خالد محفوظ بحاح في (اقامة جبرية) فرضت عليه من قبل الحوثيين.
وفي 3 ابريل 2016م يبدو ان الدفع بتعيين بن دغر رئيسا للحكومة وصل الى "هادي" وعين الرجل بن دغر رئيساً لحكومة الشرعية التي تقاتل قوات المخلوع صالح صاحب جملة "نحن مع احمد عبيد بن دغر رئيسا للحكومة".
لايزال الرجل يثير الجدل بمواقفه حيث ينتمي دائما الى (القوي) وهو حالياً يعتقد ان نائب الرئيس (علي محسن الاحمر) هو الرجل القوي في الشرعية فيتبنى مواقفه ومواقف حزب الاصلاح الذي يخدمه محسن ويعادي تطلعات مناطق مظلومة تاريخيا بجانب محسن الذي يمثل ماضي قوى "ظالمة" ويمثل ضلعا ثالثا في ترويكا قبلية عسكرية سياسية حكمت اليمن منذ نصف قرن، ضلعاها الآخران "صالح واسرته وعبدالله الاحمر واسرته" فكيف هي سيرة بن دغر في عالم "الانقلابات والتقلبات"؟.
انقلاب بن دغر على الانقلابيين
لعل الموقف الذي لفت انتباه الكثيرين، هو مغادرة أحمد عبيد بن دغر صنعاء، في فترة كان يرأس فيها الأخير اجتماعات لـ”المؤتمر الشعبي”، قبل أن يتركها ويذهب إلى الرياض، ليكون رئيساً لحكومة هادي حتى اليوم.
ابن دغر الذي ظل متمسكاً بموقفه في فترة الثورة الشبابية الشعبية، وظل صامداً مع “المؤتمر”، لم يكن متوقعاً منه أن يتخذ هكذا خطوة.
يقول الكاتب الصحافي، نبيل الصوفي، (مقرب من صالح) مهاجماً بن دغر: “ما زلت أتذكر بن دغر قبل هروبه من صنعاء بساعات، وأتذكر وجهه وهو يتحدث بطريقة غريبة، مبتسماً بطريقة عجيبة، مثل فتاة تخبئ عن أمها فرحها بالخاطب الذي عادها تتمنع عليه”.
ويقول الصوفي بنبرة استياء: “الكل جلس في بيته وخرج عادي. إلا بن دغر جلس يدعي أنه ضد الحرب وحتى آخر ساعة كان موجوداً في صنعاء ويرأس اجتماعات المؤتمر”.
وفي المقابل، هذا المشهد تكرّر مع عبدالعزيز بن حبتور الذي كان مع الرئيس عبدربه منصور هادي في عدن، قبل أن يترك عدن ويعود إلى صنعاء، ومن ثم يكلف بتشكيل حكومة الإنقاذ، الأمر الذي جعل البعض في الوسط السياسي يشن هجومه عليه وعلى كثيرين مثله.
يقول الكاتب الصحافي، ورئيس تحرير صحيفة (الأولى)، محمد عايش، معلقاً على هذا الأمر: “من الانطباع الأول يبدو ابن حبتور كما لو كان الأخ غير البيولوجي لبن دغر، فكلاهما من ذلك النوع الذي يحتفظ في جيبه دائماً بتذكرةٍ من اتجاهين: ذهاب وإياب. من صالح إلى هادي ومن هادي إلى صالح ومن صالح إلى هادي، وهكذا.
بن دغر.. تاريخ حافل بالانقلابات والتقلبات
في السيرة الذاتية للرئيس الحكومة المعين من هادي دكتور التاريخ احمد عبيد بن دغر ثمة محطات تشير إلى تاريخ حافل من الانقلابات الناعمة استفاد فيها بن دغر على ما يبدو من قراءاته لمحطات التحولات التاريخية السياسية ولعلها السر في انحيازه دائما لمن يرى أنه الطرف الأقوى في مختلف الظروف مطيحا بكل القواعد.
بحسب وثائق التاريخ السياسي المتاحة ساند بن دغر في أول محطاته السياسية الانقلاب على الزعيم سالم ربيع علي في العام 1978، منحازا إلى إلى معسكر الرئيس السابق علي ناصر محمد حتى العام 1986 حيث حصل على عضوية مجلس الشعب قبل أن ينقلب عليه مساندا معسكر عبدالفتاح اسماعيل ليحصل على عضوية هيئة رئاسة مجلس الشعب وعضوية قيادية في المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني.
بعد اعلان دولة الوحدة انضم إلى معسكر علي سالم البيض وساند معه مشروع استقلال الجنوب اثناء حرب صيف 1994، قبل أن ينقلب عليه وعلى الحزب الاشتراكي ايضا ويلتحق بحزب المؤتمر الشعبي العام.
استطاع بمواهبه ان يتقرب من الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح حتى صار من اهم المقربين له وتقلد مناصب عدة في حزب المؤتمر الشعبي العام.
في ظل هيمنة هادي على مجريات مؤتمر الحوار السياسي مثل بن دغر حزب المؤتمر الشعبي ووقع على مواقفة المؤتمر على تقسيم البلد إلى ستة أقاليم، وحصل على ترقية إلى نائب أول لأمين عام الحزب.
وخلال الانقسام الذي قاده هادي في حزب المؤتمر انحاز للطرف الأقوى بقيادة الرئيس المخلوع وحصل على وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات.
ازاحه هادي من وزارة الاتصالات فانقلب عليه وازحه من الامانة العام لحزب المؤتمر وتقلد منصب الأمين العام المساعد لحزب المؤتمر.
وبعد عاصفة الحزم غادر بن دغر مربع الفريق الأضعف وانقلب على صالح والتحق بمعسكر هادي في الرياض.
بابتسامته المثيرة للقلق مكنته مواهبه الفريدة من التقرب من هادي في العام 2016 حيث عينه رئيسا للوزراء بعد الاطاحة بخالد محفوظ بحاح.
كثير من محطاته لا تبدو مستقيمة، فالحاصل على شهادة الدكتوراه في التاريخ بدأ حياته عاملا في القطاع الزراعي حتى أنه عُيَن رئيسا لاتحاد الفلاحين في الجنوب، قبل أن ينتقل من صفحات التاريخ إلى صفحات العالم الرقمي.
استمرار (الالتصاق بالأقوى)
يواصل الرجل خدمة (نائب الرئيس) ليستمر مع القوي وتكون ضحايا الحلف الجديد (القوى الجديدة المظلومة) التي انتمى بن دغر لها ذات يوم وحكم عليه بالإعدام بسبب ذلك.
وتعاني السلطات المحلية في مناطق الجنوب وهي القادمة من خلفية ثورية جنوبية تسعى لاستعادة حقوق ابناء شعب الجنوب من تضييق حقيقي من "حكومة بن دغر" وصل حد الاهمال في الخدمات وحتى تعمد تعطيل الحياة حسب قول نائب رئيس الحكومة حسين عرب مؤخرا عما يحدث في ملف "كهرباء العاصمة المؤقتة".