تقارير وتحليلات
ميليشيا بذمة مثقوبة..
تقرير: كيف اصطف الإخوان مع صالح في الحرب الأولى على الجنوب
لا يمكن اعتبار تنظيمات الإخوان في أي مكان في العالم سوى أنها جزء من أجزاء المشكلة وليست جزءًا من أجزاء الحل، وعلى الأخص في اليمن؛ حيث إن التقارب بين جماعة الإخوان الإرهابية والحوثيين لم يكن ليتم لولا وجود تفاهمات إقليمية بين إيران من جانب وقطر وتركيا من جانب آخر؛ حيث ترعى كلتا الدولتَين (قطر وتركيا) التنظيم الإرهابي وتمدّه بكل أنواع الدعم المالي والعسكري، بجانب احتضان الناشطة توكل كرمان في تركيا التي طالما تنادي بمصالحة بين الحوثيين وجماعة الإخوان.
ميليشيات إعلامية
يشكِّل حزب الإصلاح -فرع الإخوان المسلمين في اليمن- ذراعًا للدوحة داخل اليمن؛ من أجل الإساءة إلى دور التحالف العربي في اليمن وتلميع صورة قطر وأتباعها، حيث يملك الإخوان المسلمون في اليمن ثلاث قنوات تليفزيونية؛ هي:
- قناة “سهيل”، الناطقة باسم إخوان اليمن، والتي بدأ بثُّها الرسمي عام 2010.
- قناة “يمن شباب”، التي أُسست عام 2011 ويديرها وسيم القرشي، المقيم حاليًّا في قطر.
- قناة “بلقيس”، التابعة لتوكل كرمان، قناة أُسست عام 2014، ومقرها حاليًّا إسطنبول.
ويتم تدريب أفراد الجوقة الإعلامية اليمنية في قطر بشكل سري؛ للتدرُّب على الحملات الإعلامية، والتأثير في الرأي العام، ويُشار إلى أن الإخوانية اليمنية توكل كرمان، القيادية في الجماعة، تمثل برفقة القياديَّين وسيم القُرشي وخالد الأنسي، لجنة تدير نحو 200 صحفي وناشط يوجدون في اليمن ليعملوا على وسائل إعلام ومواقع التواصل الاجتماعي؛ من أجل تنفيذ المخططات الإعلامية القطرية، وهذه اللجنة الإخوانية تعمل من قطر وتركيا لتوجيه الخلايا الإعلامية في اليمن كي تتبنى موضوعات؛ مثل الإساءة إلى التحالف، ومهاجمة أطراف يمنية غير محسوبة على الإخوان؛ مثل المجلس الانتقالي وحزب المؤتمر وقوات طارق صالح، وتلميع ميليشيا الإخوان والدفاع عنها وتبرير جرائمها، ويشير بعض المصادر إلى أن ميزانيات هذه القنوات تتكفَّل الدوحة بدفعها.
ميليشيات عسكرية
استفادت جماعة الإخوان المسلمين في اليمن “حزب الإصلاح” من تشكيل ما سمّوه “المقاومة الشعبية” في تسليح جماعات إرهابية وتأطيرها ودعمها، وليس سرًّا ولا خافيًا أن معظم قيادات تنظيم القاعدة في اليمن كانوا في جماعة الإخوان، وأن عددًا منهم درس وتخرج في جامعة الإيمان، وقاتل جنبًا إلى جنب في عدد من الجبهات باليمن.
فقد عمدت جماعة الإخوان في اليمن إلى تشكيل ميليشيات عسكرية خاصة أواخر مارس 2019، في محافظة تعز؛ حيث بدأت عملية تخريج هذه القوات بخمس دفعات عسكرية تضم أكثر من خمسة آلاف جندي تم تجميعهم بناءً على انتماءاتهم لجماعة الإخوان، وتلتها دفعات أخرى لم يتم الإعلان عنها.
وتمارس ميليشيات حزب الإصلاح عمليات القتل والتهجير ونهب الممتلكات؛ ففي مطلع يونيو الماضي قتلت العشرات في محافظة مأرب واعتقلت آخرين، بذريعة البحث عن “خارجين عن القانون”.
وتعد هذه الميليشيات غطاءً للتنظيمات الإرهابية في اليمن؛ فهي عبر وجودها كجزء من الحكومة اليمنية، توفِّر منصة “شرعية” للإرهاب، بل وتتنافس التنظيمات الإرهابية في اليمن على التقرب من حزب الإصلاح، وهذا يضع اليمن في الجانب الآخر من الحرب العالمية على الإرهاب؛ بسبب سيطرة الإخوان على الحكومة اليمنية وقواتها، وتترك شكوكًا حول المساعدة التي تلقتها التنظيمات الإرهابية في الجولات السابقة من المعارك التي خاضتها قوات النخبة والحزام الأمني ضد الأوكار الإرهابية جنوب اليمن.
الخلفية التاريخية لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن
ظهور تنظيم الإخوان في اليمن بدأ في عام 1929م؛ فقد ألقى مؤسس الجماعة حسن البنا، محاضرة في صنعاء، وبعدها توطدت صلات البنا ببعض أبناء اليمن، وانطلق التنظيم في اليمن من يومها، وكان الإخوان في اليمن يستلهمون من التنظيم في مصر كثيرًا من مناشطهم الاجتماعية والدينية؛ حتى حاولوا الانقلاب باغتيال الإمام يحيى بن حميد، وكانت الحادثة التاريخية مؤشرًا على الدرجة التي بلغها التنظيم في اليمن وارتباطه بالتنظيم في مصر، حتى إن تنظيم “الإخوان” في مصر أصدر بيانًا وضح فيه القضية وأبعادها وعلاقته باليمن والإمام يحيى وابن الوزير الذي قاد الثورة وتولَّى الحكم، وقد حُكم عليه بالإعدام بعد سيطرة أحمد ابن الإمام يحيى على الحكم مرة أخرى.. وفيها استطاع كلٌّ من الجزائري الفضيل الورتلاني والمصري عبد الحكيم عابدين، الخروج من اليمن بعد تدخُّل جامعة الدول العربية، وكانا مبعوثَي حسن البنا في اليمن للإشراف على إخوان اليمن وتنظيمهم.
بعد 26 سبتمبر 1962م، عاد نشطاء التنظيم وعملوا على نشر أفكار جماعة الإخوان وتأسيس عديد من المدارس الدينية التي أسهمت في كسب أفكار الإخوان أرضية كبيرة باليمن.
وبوصول العقيد إبراهيم الحمدي إلى سُدة الحكم في يونيو 1974م مع مشروعه التصحيحي، كان فرصة ذهبية للإخوان؛ خصوصًا أن الحمدي اختارهم في البداية لينشر من خلالهم رسائله للجماهير اليمنية، وليثبِّت دعائم دولته التي لم يجد المشايخ والقبائل مكانًا لهم فيها؛ ولكن الأمور لم تسر كما يريد الرئيس الحمدي، فقد خيَّب الإخوان الآمال التي عقدها عليهم الحمدي في القيام بالدور اللازم، وفي أكتوبر 1977م لقي الرئيس الحمدي مصرعه في ظرف غامض، وأُعلن في صنعاء عن اختيار المقدم أحمد حسين الغشمي رئيسًا للبلاد، لفترة لم تتعدَّ الأشهر التسعة؛ إذ لقي مصرعه في تفجير انتحاري بمكتبه في 24 يونيو 1978م، وتسلم علي عبد الله صالح مقاليد الحكم في البلاد في 17 يوليو 1978م، وكان صالح أحد الشخصيات العسكرية البارزة في محاربة المد الماركسي القادم من جنوب البلاد، وأنشأ تحالفًا مع جماعة الإخوان؛ للتصدي للأيديولوجية الماركسية، وكان سببًا في إنشاء تحالف استراتيجي بين علي عبد الله صالح والإخوان استمر أكثر من ربع قرن.
وفي مطلع الثمانينيات خاض علي عبد الله صالح، بالتحالف مع الإخوان المسلمين، مواجهات عسكرية ضارية ضد اليمن الجنوبي رغم تكبُّد الشمال اليمني خسائر فادحة في كل تلك المواجهات العسكرية مع حكام عدن.
ومع قيام الوحدة اليمنية عام 1990 أعلن الإخوان عن تشكيل حزب سياسي باسم التجمع اليمني للإصلاح، وَفقًا لقانون الأحزاب.
وعندما نشبت الحرب بين علي صالح ونائبه علي سالم البيض، عام 1994، اصطف الإخوان المسلمون يقاتلون بشراسة ضد الجنوبيين حتى تم فرض سياسة الأمر الواقع في 7 يوليو 1994م، وبعد الحرب استولت حركة الإخوان على كثير من المراكز الدينية في الجنوب، وحاولت منذ دخولها بث الأفكار المتشددة وتعزيز التطرف الديني.