انقلبت الزيارة الاستعراضية التي يؤديها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى فرنسا ثم بريطانيا في سياق التسويق لمونديال 2022 إلى معضلة كبيرة بعد أن ثارت في وجهه صور اضطهاد العمال الأجانب الذين تم توظيفهم لتجهيز المنشآت الخاصة بكأس العالم، لتتحول هذه المعضلة إلى تميمة للمونديال.
وأفاد تقرير لمنظمة العفو الدولية، الخميس، أن قطر لم تف بكل وعودها لتحسين ظروف العمال الأجانب الذين يعملون في البلاد التي تستعد لاستضافة مونديال 2022.
وفي تقرير حمل عنوان “الجميع يعمل، ولا أجور” قالت المنظمة الحقوقية “بالرغم من الوعود الكبيرة للإصلاح التي تعهدت بها قطر قبل مونديال 2022، إلا أنها تبقى مرتعا لبعض أرباب العمل المجردين من المبادئ”.
وصدر التقرير قبل ساعات من استقبال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لأمير قطر الذي باتت زياراته الخارجية، وخاصة لدول غربية، تقابل بالاحتجاج سواء في الشارع أو في وسائل الإعلام بسبب ملف الإرهاب من جهة، وأوضاع العمالة من جهة ثانية.
ووثق تقرير منظمة العفو الدولية معاناة المئات من العمال في ثلاث شركات للإنشاءات والتنظيفات في قطر لم يتقاضوا أجورهم منذ أشهر.
وقال ستيفن كوكبيرن نائب مدير منظمة العفو للشؤون الدولية “العمال المهاجرون يذهبون إلى قطر على أمل إعطاء حياة أفضل لعائلاتهم، وبدلا من ذلك يعود الكثير منهم إلى أوطانهم فارغي الجيوب بعد قضاء أشهر وهم يلهثون لتحصيل أجورهم، بمساعدة صغيرة من الأنظمة التي يفترض أن تحميهم هناك”.
وذكرت المنظمة أن بعض العمال في الشركات الثلاث “هامتون أنترناشونال و”حمد بن خالد بن حمد (أتش كاي أتش)” و”يونايتد كلينينغ” الذين تقدموا بشكاوى لدى اللجان الجديدة، تمكنوا من تحصيل بعض أجورهم مقابل إسقاط الشكاوى، لكن “معظمهم عادوا إلى أوطانهم دون مستحقاتهم”.
وحث كوكبيرن السلطات القطرية على تنفيذ ما وعدت به بالكامل وإنهاء الواقع المخزي لاستغلال العمال.
وأشارت المنظمة إلى قضية عامل كيني في شركة “يونايتد كلينينغ” قال إنه اضطر إلى البحث عن الطعام في سلال القمامة نتيجة عدم حصوله على راتبه لخمسة أشهر.
وقال الرجل إنه عمل لعامين وخمسة أشهر في هذه الشركة دون إجازات، وكان يستحق أن يحصل على “الكثير من المال”.
وكشف تحقيق سابق لمؤسسة “دي.أل.إيه بايبر” أن 964 عاملا من نيبال والهند وبنغلاديش توفوا أثناء عيشهم وعملهم في قطر. كما كشف أيضا أن الكثير من العمال أصيبوا في حوادث أثناء العمل، وبعضهم كانوا غير قادرين على مغادرة البلاد؛ لأن جوازات سفرهم ليست بحوزتهم؛ ولأنهم لا يتمتعون بتأمين صحي. كما أوضح أن أعدادا ضخمة من العمالة الوافدة تكدح في الحرّ القائظ صيفا بأجور زهيدة.
ويقول مراقبون إن زيارة الشيخ تميم إلى لندن ستكون مثار جدل كبير بعد تحقيقات بريطانية عن تورط مباشر لبنك ممول من الدوحة في تمويل جماعات إسلامية متطرفة في المملكة المتحدة وخارجها. كما سيواجه أمير قطر أسئلة الصحافيين بشأن الاتهامات التي توجه لبلاده من جهات مختلفة عن دورها في تمويل وتسليح تنظيمات متشددة بعضها مصنف إرهابيا دوليا أو إقليميا.
ولن تغيب أسئلة خاصة بأوضاع العمالة الأجنبية، خاصة بسبب الغموض الذي لم يتبدد بعد عن وفاة عامل بريطاني (زاكاري كوكس) أثناء مشاركته في أعمال بناء “ستاد خليفة الدولي”.
وكانت طبيبة بريطانية قد خلصت إلى أن الوفاة لم تكن نتيجة حادث عرضي، بقدر ما هي نتيجة إهمال ممنهج لمعايير ضمان سلامة المشتغلين بورشات المنشآت الرياضية يعود إلى الرغبة في استعجال تقدّم العمل بأي ثمن ولو كان حساب حياة العمال أنفسهم.
وقالت أسرة كوكس البالغ من العمر أربعين عاما عند وفاته إنها كافحت للحصول على إجابات من المتعهد الرئيسي المشرف على إنشاء الملعب وهو مشروع مشترك بين شركتي بناء. كما طالبت بفتح تحقيق مستقل وتدخل وزارة الخارجية البريطانية.