تقارير وتحليلات
خلق مسار جديد للتفاوض..
غريفيث يضفي مشروعية على حوار سري في مسقط بين الحوثيين والإصلاح
يحاول المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث خلق أطر جديدة للحوار وهو ما تعكسه زيارته إلى العاصمة العمانية مسقط وإعلانه الالتقاء بالوفد التفاوضي الحوثي، بعد يوم واحد من لقاء جمعه بزعيم الميليشيات الحوثية في صنعاء عبدالملك الحوثي.
ولم تستبعد مصادر أن تكون زيارة المبعوث الأممي غير المبررة محاولة لإضفاء مشروعية على حوار سري ترعاه مسقط بين قيادات في الشرعية اليمنية وتيار في حزب الإصلاح وقيادات جنوبية موالية لإيران بمشاركة الحوثيين، بهدف خلق مسار جديد للتفاوض في اليمن من خارج الأطر الشرعية والقرارات الأممية، وهو الأمر الذي لم تخفه تصريحات غريفيث التي كشفت عن امتعاضه من المرجعيات الثلاث الحاكمة للحوار في اليمن.
ووصف مراقبون للشأن السياسي اليمني زيارة غريفيث إلى مسقط وفتح حوار جانبي مع الوفد التفاوضي الحوثي بعد لقاء زعيم الجماعة الحوثية بأنهما ضرب من العبث السياسي غير المفهوم، الذي يخفي خلفه تحركات غير معلنة للمبعوث الأممي قد يكون من بينها فتح قنوات تواصل مباشرة مع طهران من خلال بوابتها الدبلوماسية الخلفية النشطة في العاصمة العمانية.
وعلق المبعوث الأممي على اللقاء الذي جمعه بالوفد التفاوضي الحوثي في مسقط، الأربعاء، بالقول كان الاجتماع “جيدا جدا”، مشيرا إلى أنه تبادل مع الناطق الرسمي باسم الحوثيين ورئيس وفدهم التفاوضي محمد عبدالسلام “وجهات النظر حول سبل إحراز تقدّم في العملية السياسية والحدّ من التوتر في اليمن”.
وقال عبدالسلام، في تغريدة له على “تويتر”، “التقينا مساء يومنا هذا (الأربعاء) في مسقط بالمبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث”، لافتا إلى أن اللقاء تطرق “لمناقشة آخر المستجدات على الصعيد السياسي والإنساني والاقتصادي والفرص المواتية لوقف ما وصفه بـ”العدوان”، و”إنهاء الحصار”.
وغلب الطابع التقليدي على تحركات المبعوث الأممي إلى اليمن مع فشله في تحقيق أي اختراق في تنفيذ اتفاق السويد الخاص بالحديدة الذي فشل في مختلف محاوره العسكرية والإنسانية والاقتصادية واقتصر على وقف هش لإطلاق النار، يتعرض لخروقات يومية من قبل الميليشيات الحوثية في الساحل الغربي لليمن.
واستأنف غريفيث نشاطه الدبلوماسي مستغلا تصريحات صادرة عن قيادات في التحالف العربي وأخرى حوثية رحبت بالحوار السياسي، غير أن مراقبين أكدوا أن الوضع على الأرض أكثر تعقيدا في ظل التصعيد الأخير الذي تورطت فيه طهران بشكل مباشر.
وأكدت مصادر يمنية مطلعة لـ”العرب” أن مسقط التي كانت تسوق لنفسها كدولة قادرة على جمع المتناقضات اليمنية تحظى بقبول كافة الأطراف نظرا لسياسة النأي بالنفس عن الصراعات في المنطقة، خسرت تلك السمعة مع تزايد المؤشرات والتقارير التي تؤكد تورطها بشكل كبير في تفاصيل الملف اليمني.
واتهمت المصادر مسقط بتشكيل تحالف مع الدوحة وطهران لدعم الميليشيات الحوثية بالمال والسلاح والدعم السياسي واللوجستي، ومحاولة إلحاق الضرر بالتحالف العربي من خلال تأجيج الاحتجاجات في محافظة المهرة وتمويل إنشاء ميليشيات مسلحة في تعز بإشراف القيادي الإخواني حمود سعيد المخلافي.
وعاد إلى الواجهة الأسبوع الماضي مسلسل التهريب المستمر للسلاح والمعدات العسكرية إلى الحوثيين عبر الحدود العمانية مع إعلان المركز الإعلامي للجيش الوطني اليمني عن ضبط شاحنة تحمل أكثر من ثلاثة آلاف منظار ليلي كانت في طريقها إلى الحوثيين.
واستطاعت سلطنة عمان التي تتمتع بعلاقات خاصة مع النظام الإيراني، كسر العزلة السياسية والدبلوماسية المفروضة على الحوثيين من خلال تحويل العاصمة مسقط إلى نقطة نشطة للحراك السياسي والدبلوماسي واستضافة الوفد الحوثي وتسهيل تنقلاته الخارجية ولقاءاته.
كما تحوّلت مسقط وفقا لمصادر مطلعة خلال الآونة الأخيرة إلى نقطة جذب لكل القيادات السياسية والعسكرية والإعلامية المناهضة للتحالف العربي، وتجاوز الأمر استقبالهم إلى فتح حوار سري يهدف إلى إنشاء تكتل سياسي عريض معاد للتحالف في اليمن.
ويتزامن الحوار السري الذي ترعاه مسقط والدوحة بين التيارات اليمنية مع محاولات قوى نافذة داخل الشرعية لإفشال حوار جدة والتلويح بخيارات أخرى في حال أصر التحالف على مسودة للاتفاق بين الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي تنص على تشكيل حكومة كفاءات وإعادة النظر في هيكلة الجيش والمؤسسات وتوحيد كل الجهود والطاقات لمواجهة الانقلاب الحوثي.
وسرب إعلاميون يمنيون محسوبون على جماعة الإخوان خبرا عن اعتزام تركيا إنشاء عشرة آلاف وحدة سكنية في مدينة مأرب التي يهيمن عليها حزب الإصلاح، وهو ما اعتبره مراقبون انعكاسا مباشرا للتلميحات حول الذهاب لتكوين تحالف جديد يضم تركيا وقطر وسلطنة عمان في مواجهة التحالف العربي.
ورجحت مصادر لـ”العرب” أن تشهد الساحة اليمنية خلال الفترة القليلة القادمة تغيرا في خارطة الاصطفافات والتحالفات سواء داخل المشهد اليمني أو بين تيارات يمنية وقوى إقليمية تسعى لتوسيع دائرة نفوذها في البلاد.