تحليلات

الانتفاضة الخضراء..

تقرير عربي: بوصفة 2009.. إيران تقمع انتفاضة العراق

انتفاضة العراق

وكالات

تشهد عدة محافظات عراقية منذ نحو 5 أيام، انتفاضة شعبية دامية، راح ضحيتها عشرات القتلى ومئات الجرحى، للمطالبة باستقالة الحكومة الحالية، إثر الوضع المتردي للشعب بسبب الفساد المالي والتدخل الإيراني والإرهاب و الأزمة الاقتصادية والبطالة والفقر وغيرها.

وخرج الشعب العراقي في تظاهرات سلمية منادياً بإصلاح خراب الأجهزة الحكومية، وعلى رأسها استقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، وطرد الميليشيات الإيرانية التي باتت تتحكم في زمام الأمور الداخلية للعراق، إلا أن ذلك قوبل بقمعٍ قاسٍ من قبل القوات الأمنية العراقية وميليشيا الخراساني الإيرانية المتحالفة معها.

ضحايا القمع

وبسبب عمليات القمع المستمرة، أعلنت مفوضية حقوق الإنسان، مقتل نحو 100 شخص، فيما أصيب أكثر من 4 آلاف آخرين، جراء الأساليب التي تتبعها القوات العراقية الإيرانية في قمع التظاهرات، بينها إطلاق الرصاص الحي، وفتح خراطيم المياه قوية التدفق على المتظاهرين، والضرب والقنص، وإثارة الرعب بين الحشود، وقطع شبكة الإنترنت، وغيرها، إضافة إلى اعتقال أكثر من 300 شخص.
وأثبتت عدة مصادر صحافية وتقارير إعلامية، وجود عناصر إيرانية مندسة بين المتظاهرين، بهدف خلط الأوراق لجعل عملية القمع تبدو وكأنها حفاظاً على الأمن والسلم، في الوقت الذي يدير فيه قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني غرفة عمليات من العاصمة العراقية لتعزيز دور ميليشياته في هذا الشأن.

أدلة تورط إيران

ووثق العديد من نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي، بالفيديو والصور، في عدة مواقف، ظهور ميليشيات إيرانية مندسة بين المتظاهرين وبين قوات الأمن على حد سواء، فنشر أحد النشطاء فيديو يظهر جوازات سفر إيرانية سقطت من القوات الأمنية التي كانت تطارد المتظاهرين وتقمعهم قرب ساحة التحرير وسط بغداد، وكشف فيديو آخر عمليات قنص لميليشيات مكافحة الشغب التي تتكون من عناصر موالية لطهران.
و قال متظاهر لم يذكر اسمه لوكالة "رويترز": "تتظاهر احتجاجاً على البطالة، فيطلقون النار عليك، بالذخيرة الحية. جميعهم إيرانيون يتكلمون الفارسية. إذا أردت التحدث إليهم فإنهم يجيبونك بالفارسية. إن العراقيين لا يطلقون النار عليك"، فيما روى شهود أن قوى أمن مؤيدة للإيرانيين هي التي أطلقت النار على المتظاهرين.

أساليب نمطية

هذه الأساليب التي تتبعها الميليشيات الإيرانية في قمع المتظاهرين في العراق ليست جديدة، فالأحداث الجارية في عدة محافظات عراقية، تعيد إلى الأذهان الانتفاضات الشعبية التي شهدتها إيران خلال الأعوام الماضية، خاصة تظاهرات عامي 2009 و2017، وكيف تعمدت قوات الحرس الثوري والباسيج والشرطة الإيرانية إلى قمعها وإسكاتها بأساليب ملتوية تشبه إلى حد كبير ما يحدث في العراق الآن مع اختلاف الزمان والمكان.
في تقرير لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أشارت دراسة للخبير الإيراني سعيد جولكر إلى التركيبة الأمنية والاستخباراتية لجهاز الدولة الإيراني والخاضعة لنظام حكم ولاية الفقيه.
وتحدثت الدراسة التي نشرت العام الماضي، عن الطريقة النمطية المألوفة التي يتبعها جهاز الأمن الإيراني في قمع الانتفاضات خلال الأعوام الماضية، حيث تكررت هذه السلسلة من عمليات التمرد والقمع عدة مرات في ظل خامنئي، حيث كان النظام ينجح في إخمادها في كل مرة.

الانتفاضة الخضراء

انتفض الشعب الإيراني عام 2009، ضد النظام الإسلامي الحاكم، بعدما اُتهمت الحكومة بتزوير نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت تحديداً يوم 12 يونيو (حزيران) وفاز فيها محمود أحمدي نجاد على حساب منافسه مير حسين موسوي، حيث شهدت عدة مدن كبرى بينها العاصمة طهران وأصفهان وشيراز احتجاجات عارمة مشككين بنزاهة الانتخابات مطالبين بعدم الاعتراف بنتائجها.
وبالطبع كانت ردة فعل نظام الملالي معروفة: "القمع"، حيث اعتقل المئات من الإصلاحيين والمعارضة، فيما أعلن مقتل وإصابة العشرات بسبب الأساليب المتوحشة لقمع التظاهرات تحت قيادة أحمدي نجاد وإشراف من المرشد الأعلى علي خامنئي.
وأعلنت وقتها تقارير صحافية محلية وعالمية، أن نجاد أرسل قناصين محترفين لاستهداف المتظاهرين، إضافة إلى عمليات الضرب وإطلاق الأعيرة النارية والمطاطية بشكل عشوائي، واعتقال المتظاهرين السلميين.

انتفاضة 2017

أما انتفاضة عام 2017 التي اندلعت في مدينة مشهد شمال شرقي البلاد يوم 28 ديسمبر (كانون الأول) 2017 وامتدت إلى الأشهر الأولى من عام 2018، وتمددت إلى عدة مدن إيرانية كبرى، فكانت احتجاجاً على السياسات الاقتصادية والسياسية لحكومة الرئيس حسن روحاني، والأزمة التي تلت العقوبات الأمريكية، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع المعيشية للشعب.
وانضم العديد من الأحزاب والشخصيات ووسائل الإعلام داخل النظام، إلى الاحتجاجات، وطالبوا بمساءلة الحكومة واليقظة للشعب لمنع استغلال الشعب لصالح مصالح النظام الملالي.
وجاءت أساليب القمع مشابهة تماماً لقمع الثورة الخضراء، حيث اتخذ بوتيرة ثابتة ونمطية، إجراءات عدة لإنهاء الاحتجاجات منها الاعتقال، والتصعيد العنيف ضد المتظاهرين، والتهديد، والاستعانة بالميليشيات المُسلحة، واستخدام قنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه والهراوات لتفريق المتظاهرين، تماماً كما يحدث في العراق اليوم.

قطع الإنترنت

وإلى جانب ذلك، أصدر نظام خامنئي في الانتفاضتين، قراره بحظر وسائل التواصل الاجتماعي، رغم استخدامها من قب القادة والمسؤولين لفرض رأي واحد موحد نيابةَ عن الشعب، ودحض إرادة الشعب وحرية تعبيره حتى وإن كانت عبر وسائل التواصل الاجتماعي مثل إنستغرام وتليغرام وفيس بوك وتويتر وواتس آب.
ولم يكتف خامنئي بذلك، بل اتهم المتظاهرين بالعمالة الأجنبية وتأجيج الرأي العام، ما أدى إلى اعتقال المئات منهم دون أسباب منطقية، وبحسب وسائل إعلام إيرانية آنذاك، قتل نحو 22 إيرانياً حسب المصادر الرسمية، إلى أن المعارضة أكدت أن عدد القتلى أعلى بكثير.

أعمال تخريبية

وأظهرت مقاطع فيديو نشرها متظاهرون على مواقع التواصل الاجتماعي قيام قوات الأمن من الباسيج والحرس الثوري وقوات أخرى متخفية بزي مدني، بتخريب الممتلكات العامة، ونهب المحال التجارية، وتحطيم زجاج السيارات حتى يكون ذلك مبرراً لاتهام السلطات المتظاهرين بأنهم مخربون وليسوا سلميين، بهدف تشويه صورة المتظاهرين السلميين، وهذا ما يحصل في العراق الآن.
وعلاوة على ذلك، حاولت قوات الأمن مستقوية بالميليشيات الخارجية التي دربتها في دول أخرى مثل ميليشيا حزب الله في لبنان، والحشد الشعبي في العراق، تطويق المتظاهرين، حيث حاصرت قوات الأمن الداخلي الإيراني وقوات الحرس الثوري وميليشيات التعبئة الشعبية العامة الباسيج، طلاب جامعة طهران المنتفضين الذين هتفوا داخل الحرم الجامعي بشعارات مثل "إرحل يا خامنئي" و"الموت للديكتاتور"، وأطلقت الرصاص عليهم.
وبحسب مراقبين للوضع الإيراني، تتمثل قواعد اللعبة النمطية التي يمارسها نظام الملالي في التعامل مع المعارضة، في تحميل الأجانب مسؤولية بروزها في الوقت الذي يسعى فيه إلى تحريض المجموعات المحلية ضدّ بعضها البعض، وهي الطريقة الاعتيادية التي يحاول استخدامها في تظاهرات العراق الراهنة.

غوتيريش يحذر من خطورة الوضع في الصحراء والجيش المغربي يؤكد حقه في الرد


اللجنة الدولية تحذّر: النظام الإيراني يطمس معالم مقبرة جماعية بطهران


تهريب الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين.. قراءة في أكبر شحنة مضبوطة قبالة سواحل اليمن


إيران بين صراعات الداخل وضغوط الخارج.. اقتصادٌ يترنّح ووكلاء تحت النار