تحليلات

انهيار عالمي في الثقة بالنظم القائمة..

تقرير: هل يمكن الرهان على قوة الشارع لتحقيق تغيير سياسي

الكلمة للشارع

لندن

تصدرت كلمة “الشارع”، مؤخرا العديد من الدراسات والمقالات والتحليلات التي تناولت الاحتجاجات في لبنان والعراق والتغييرات الانتخابية في تونس. تمّ تحميل هذا “الشارع” مسؤولية ما يجري، وأرجع إليه الفضل في التغيير. وتقدمت “قوة الشارع” على نظرية المؤامرة والتدخل الخارجي.

والملاحظ بعد مرور ثماني سنوات على اندلاع ثورات ما سمي بالربيع العربي، أن المتظاهرين/الشارع اليوم يبدون أكثر عزما وإصرارا على الحصول على مطالبهم مهما كانت التحديات والصعوبات، ولم يثنهم عن التراجع مجرد إجبار مسؤول حكومي على تقديم تنازلات أو الاستقالة.

وتدفع احتجاجات المنطقة وما تحقق، إلى التساؤل عن مدى فعاليتها وقدرتها على بناء تغيير حقيقي؟ وهل يمكن الرهان على الاحتجاجات الشعبية كوسيلة فعالة لتحقيق التغيير السياسي؟

يجيب جيمس دورسي، الباحث المتخصص في السياسات الدولية على هذه الأسئلة، لافتا إلى أن السعي إلى تحقيق الكرامة والعدالة الاجتماعية، والذي يعكس أيضا الانهيار العالمي في الثقة بالنظم السياسية والقيادية القائمة، يربط الاحتجاجات في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مثل لبنان والعراق والأردن ومصر والجزائر والسودان بالمظاهرات في دول أخرى بعيدة مثل تشيلي وبوليفيا والإكوادور وفنزويلا وهايتي وكذلك فرنسا وزيمبابوي وإندونيسيا وباكستان وهونغ كونغ.

وتشبه وتيرة الاحتجاجات التي يشهدها العالم اليوم بمرحلة ما سمي بالربيع العربي التي اندلعت في عام 2011 في منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من خلال الإطاحة بالأنظمة في تونس ومصر وليبيا واليمن.

أمام هذه الأوضاع الإقليمية المعقدة ومحاولة دول مثل تركيا وإيران فرض نظام قمعي لإحكام قبضتها على السلطة، إضافة إلى صعوبات تفعيل تغيير حقيقي يستجيب لتطلعات الشارع بسبب سيطرة المؤسسة العسكرية على الحكم على سبيل المثال أزمة الجزائر، فضلا عن حملات فرض بعض الأنظمة في روسيا والصين وهونغ كونغ وكازاخستان، هل يمكن الرهان على الاحتجاجات الشعبية كوسيلة فعالة لتحقيق التغيير السياسي أملا في ديمقراطية حقيقية؟ ويشير الصحافيان بجريدة نيويورك تايمز ماكس فيشر وأماندا تاوب، إلى أنه “منذ 20 عاما فقط، نجحت نسبة 70 بالمئة من الاحتجاجات في عمل تغيير سياسي منتظم، وهي نسبة كانت تنمو بشكل مطّرد منذ الخمسينات. ولكن في منتصف الألفينية، تم عكس هذا الاتجاه فجأة. حيث انخفض معدل نجاح المظاهرات في جميع أنحاء العالم إلى 30 بالمئة فقط”.

ويرجع فيشر وتاوب استنتاجاتهما إلى دراسة أجرتها عالمة السياسة، إيريكا تشينوويث، والتي تشير إلى أن المستبدين والأوثوقراطيين أصبحوا أكثر مهارة في إحباط الاحتجاجات باستخدام ما وصفته بسياسة “القمع الذكي”.

ومع أن استعانة تشينوويث بمفهوم “القمع الذكي” لتعريف ولاء النخب، والوحشية والعنف اللذين تمارسهما قوات الأمن ووكلاء القوات شبه العسكرية، وأيضا من أجل تعزيز الرقابة وتجريم المعارضة، فإن تصوير الثورات على أنها مؤامرات وأشكال للإرهاب المستوحى من الخارج هو في أفضل الأحوال نسخة مطورة من ردود الأفعال والاستجابات الاستبدادية التقليدية.

ويجادل جيمس دورسي في هذا السياق بأنه إذا كان الاحتجاج هو البديل السلمي الوحيد للناس ردا على الحكومات والقوى السياسية غير المستجيبة، فإن تقويض فعالية الاحتجاجات يضيّق خيارات التأثير على التغيير. ومن هذا المنظور، فإن استنتاجات الباحثين ترقىإلى تأكيد الكاتب جورج أورويل، في روايته “1944” على أن “كل الثورات هي عبارة عن تجارب فاشلة، لكنها ليست كلها على نفس الدرجة من الفشل”.

مع ذلك، قد يكون هذا الاستنتاج سابقا لأوانه. ومن المؤكد أن المراقبين ما زالوا ينتظرون رؤية ما إذا كانت التجارب الديمقراطية الناجحة نوعا ما، ستحدث تغييرا سياسيا حقيقيا ومستداما.

 وتلفت الباحثة في شؤون الشرق الأوسط، حنين غدار إلى أنه “لأول مرة ومنذ فترة طويلة، أدرك اللبنانيون أن العدو هو من الداخل، إنه حكومتهم وقادتهم السياسيون، وليس محتلا خارجيا أو مؤثرا إقليميا”. وتتابع “الزعماء السياسيون لم يتمكنوا من السيطرة على مسار الاحتجاجات التي تقودها جميع الطوائف وتجري في جميع المناطق. ما جمعهم هو أزمة اقتصادية مستمرة أضرت باللبنانيين من مختلف الطوائف والمناطق”.

وعليه فإن إدراك أن قوة الشارع بحاجة إلى أن تستمر حتى يتم تطبيق أساليب الانتقال السلمي والديمقراطي للسلطة أمر أساسي لتعزيز فرص الإبقاء على فعالية الاحتجاجات. وبالتالي، يستنتج جيمس دورسي أن مستقبل الاحتجاجات كأداة فعالة للتغيير يعتمد على تصورات المصلحة المشتركة التي تتجاوز معضلة الطائفة والعرق والطبقية.

الإمارات تنظّم جلسة حوار في جنيف حول إصلاح منظومة حقوق الإنسان


بعد إدانة غوتيريش بساعات.. الحوثيون يوسّعون حملة احتجاز موظفي الأمم المتحدة


أولوية الداخل قبل بغداد: قراءة في موقف الحزب الديمقراطي الكردستاني


إسرائيل تكشف عملية خطف داخل لبنان وتعلن إحباط مشروع بحري سري لحزب الله