تطورات اقليمية
اختطافات ومحاكمات تهدد العمل الإنساني..
بعد إدانة غوتيريش بساعات.. الحوثيون يوسّعون حملة احتجاز موظفي الأمم المتحدة
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش
غداة إدانة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش استمرار الاحتجاز التعسفي لموظفي المنظمة الدولية في اليمن، أقدمت مليشيات الحوثي، الخميس، على اختطاف عشرة موظفين أمميين جدد يعملون في ثلاث وكالات تابعة للأمم المتحدة، في تصعيد جديد يسلّط الضوء على تدهور بيئة العمل الإنساني في مناطق سيطرتها.
ووفق ما أعلنته الأمم المتحدة، فإن الموظفين المختطفين يعملون في إدارة الأمم المتحدة للسلامة والأمن، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة، في خطوة وُصفت بأنها امتداد مباشر لحملة استهداف ممنهجة تطال العاملين في المجال الإنساني والدولي منذ أشهر. وقال نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق في تصريحات صحفية إن هذه الاختطافات تعسفية بطبيعتها، موضحًا أن عدد موظفي الأمم المتحدة المحتجزين لدى الحوثيين ارتفع بذلك إلى تسعة وستين موظفًا.
ويأتي هذا التصعيد بعد ساعات فقط من إدانة صريحة أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة، أعرب فيها عن قلقه العميق إزاء استمرار الاحتجاز التعسفي لموظفي الأمم المتحدة، إلى جانب العاملين في المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني وأفراد من البعثات الدبلوماسية، محمّلًا مليشيات الحوثي مسؤولية تقويض العمل الإنساني وخرق الالتزامات الدولية.
وخلال مشاورات مغلقة عقدها مجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في اليمن، دعا غوتيريش إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الموظفين الأمميين المحتجزين، مؤكدًا أن استمرار احتجازهم يتعارض بشكل صارخ مع القانون الدولي ومع المبادئ التي تقوم عليها الشراكة بين الأمم المتحدة والدول والمجتمعات المحلية التي تعمل فيها.
وتزامن ذلك مع إقدام مليشيات الحوثي على إحالة دفعة جديدة من موظفي الأمم المتحدة والعاملين في منظمات إغاثية دولية ومحلية، إضافة إلى أفراد من بعثات دبلوماسية، إلى المحاكمة أمام محكمة متخصصة بقضايا الإرهاب، في خطوة أثارت استنكارًا واسعًا لدى الأوساط الدولية، لا سيما أنها تتجاهل بشكل كامل الدعوات المتكررة الصادرة عن الأمم المتحدة ودول فاعلة بوقف ملاحقة العاملين في المجال الإنساني وضمان سلامتهم.
ويكشف هذا المسار عن واقع بالغ الخطورة بات يحيط بعمل المنظمات الدولية في مناطق سيطرة الحوثيين، حيث لم يعد الاستهداف مقتصرًا على التضييق الإداري أو القيود البيروقراطية، بل تحوّل إلى احتجاز ومحاكمات ذات طابع سياسي وأمني، تُستخدم فيها مؤسسات القضاء كأداة للترهيب والابتزاز.
وبحسب تقديرات أممية، فإن عدد الموظفين المحليين العاملين لدى الأمم المتحدة الذين تحتجزهم مليشيات الحوثي بلغ نحو تسعة وستين موظفًا، إلى جانب عدد غير معلن من العاملين في منظمات دولية غير حكومية ومنظمات مجتمع مدني وأفراد من بعثات دبلوماسية، ما يعكس اتساع نطاق الاستهداف وتحوّله إلى سياسة ممنهجة.
ويرى مراقبون أن استمرار مليشيات الحوثي في تنفيذ حملات اختطاف واقتحام مقار المنظمات الدولية والإنسانية يكرّس واقعًا غير مسبوق في التعامل مع العمل الإغاثي، ويُظهر أن النفوذ الإنساني الدولي في صنعاء بات رهينة بيد جماعة مسلحة لا تتردد في استخدام الاحتجاز والاتهامات الأمنية وسيلة للضغط السياسي. ويذهب بعضهم إلى القول إن هذه الممارسات تضع الحوثيين في مصاف جماعات متطرفة تتجاوز في سلوكها وانتهاكاتها المعايير التي عُرفت عن تنظيمات إرهابية مثل القاعدة وداعش.
وفي ظل هذا التصعيد، تتزايد المخاوف من أن يؤدي استمرار استهداف الموظفين الأمميين إلى تقليص أو تعليق أنشطة إنسانية حيوية يعتمد عليها ملايين اليمنيين، ما يهدد بتفاقم الأزمة الإنسانية في بلد يعاني أصلًا من واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم. وبينما تواصل الأمم المتحدة دعواتها للإفراج عن موظفيها وضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، يبقى السؤال مطروحًا حول قدرة المجتمع الدولي على تحويل الإدانات إلى ضغوط فعالة توقف هذا المسار الخطير وتحمي ما تبقى من العمل الإنساني في اليمن.