تقارير وتحليلات
فتح مرحلة جديدة من الشراكة بين القوى السياسية اليمنية..
تقرير: اتفاق الرياض.. كيف تلقته المحافظات الجنوبية في اليمن؟
احتفلت محافظات يمنية عدة، الأربعاء 6 نوفمبر (تشرين الثاني)، بتوقيع اتفاق الرياض الذي رعته المملكة العربية السعودية بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي.
إطلاق الألعاب النارية احتفاء بالمناسبة شمل محافظات عدة منها العاصمة عدن، وحضرموت وشبوة وأبين ولحج وسقطرى.
ويأمل اليمنيون بمختلف انتماءاتهم السياسية والجغرافية بأن يكون الاتفاق بوابة لإسقاط انقلاب المليشيات الحوثية، ناهيك عن تحسن الوضع الاقتصادي وتوطيد دعائم الأمن والاستقرار في البلاد.
مجابهة الحوثي أولاً
مجابهة الحوثي وإسقاط انقلابه كانا أهم أهداف اتفاق الرياض، وإن لم ينصّ على ذلك، إلا أن الترتيبات العسكرية التي تضمنها تشير إلى ذلك، إذ يدعو الاتفاق إلى عودة جميع القوات التي تحركت من مواقعها ومعسكراتها الأساسية منذ أغسطس (آب) الماضي في اتجاه محافظات عدن وشبوة وأبين، إلى مواقعها السابقة، ونقل جميع القوات العسكرية التابعة للحكومة والتشكيلات العسكرية التابعة للمجلس الانتقالي في محافظة عدن إلى معسكرات خارج المحافظة، وتوحيد القوات العسكرية التابعة للحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي وضمها إلى وزارة الدفاع، وتوزيعها وفق الخطط المعتمدة تحت إشراف مباشر من قيادة التحالف.
وتشير تلك الترتيبات العسكرية المزمنة، وفق مراقبين، إلى الاستعداد لانطلاق معركة جديدة لاستعادة الدولة اليمنية وإسقاط الانقلاب الحوثي.
في هذا الصدد، يؤكد وزير الأوقاف والإرشاد في الحكومة اليمنية أحمد زبين عطية، أن اتفاق الرياض يفتح مرحلة جديدة من الشراكة الوطنية بين القوى السياسية اليمنية للاتحاد لإسقاط الانقلاب الحوثي المدعوم من إيران، باعتبار أن جميع الأطراف المجابهة للحوثي انطوت تحت لواء الشرعية في هذا الاتفاق، وهو خطوة في الاتجاه الصحيح لرأب الصدع وردم الفجوة وتضميد الجراح الذي حصل بين اليمنيين، وفي آخر المطاف تبقى الشرعية الدستورية مظلة للجميع في مواجهة الانقلاب الذي يريد أن يغير هوية اليمن الى هوية أخرى.
ويمضي الوزير عطية في حديثه "إلى أن الهدف من الاتفاق هو توحيد القرار العسكري والأمني وعدم الازدواجية في القرار، وأن تكون جميع التشكيلات العسكرية والأمنية تحت مظلة وزارتي الدفاع والداخلية وبإشراف مباشر من التحالف العربي، وتصويب تلك القوة لمواجهة الانقلاب الحوثي".
وعن فرص نجاح الاتفاق يقول "لنا تجربة في اليمن مع الاتفاقات، ولولا أن ثقتنا كبيرة جداً في المملكة العربية السعودية، لقلنا إن هذا الاتفاق مثل اتفاقات سابقة ذهبت في مهب الريح ولم تنجح، لكن نحن نستبشر بنجاح الاتفاق، من خلال الدور السعودي بإلزام جميع الأطراف بتنفيذ هذا الاتفاق بحذافيره، ووفق الجدول المزمن، فالالتزام الأطراف كلها بالجدول المزمن دليل على صدقيتها، حتى يصبح هذا الاتفاق نموذجاً يحتذى، فنحن نثق في حسن نوايا الأطراف اليمنية ذات العلاقة بالاتفاق، ونأمل بأن نرى هذا الاتفاق في الواقع الملموس بتنفيذ جميع جوانبه السياسية والعسكرية والأمنية".
ويشيد الوزير بموقف الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، الذي تعامل مع الاتفاق تعامل الأب والإنسان، حتى استطاع لم الشمل وتوحيد الصف الوطني لمواجهة الأخطار التي تحدق بالشعب اليمني، وفي مقدمها الانقلاب الحوثي، مثمّناً في الوقت ذاته دور السعودية التي تقف مع اليمن في كل المراحل والمنعطفات ابتداء من عاصفة الحزم وصولاً إلى اتفاق الرياض.
ضمانات نجاح الاتفاق
يشير نائب مدير الدائرة الإعلامية في المجلس الانتقالي الجنوبي منصور صالح، إلى أن اتفاق الرياض يعد إنجازاً مهماً في إطار عملية إصلاح الأوضاع العسكرية والسياسية في البلاد، معتبراً الاتفاق فرصة مناسبة لتوحيد الصفوف في اتجاه جماعة الحوثي في صنعاء من خلال توحيد قوات الجيش لخوض المعركة في جبهات الشمال اليمني، بعدما عمل البعض في الفترة الماضية على تجميد جبهات القتال شمالاً، وتوجيه القوات العسكرية نحو الجنوب.
وفي الشأن الاقتصادي لاتفاق الرياض، يأمل صالح "أن يعمل الاتفاق على إصلاح الأوضاع الاقتصادية للشعب اليمني من خلال تحسين العملة اليمنية والحد من الفساد المستشري في مفاصل الدولة، والذي ولّد تجار حروب وثراء ونافذين على حساب الشعب".
ويستطرد صالح أنه "طالما كل الأطراف أبدت موافقتها ووقعت، فإن ضمانات نجاح الاتفاق توافرت بشكل كبير، على اعتبار أن من يرعاه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وحرص المملكة على إنجاحه وجديتها في إنجاح المعركة ضد ميليشيات الحوثي، وبالتالي فرص النجاح كبيرة، خصوصاً أن معظم الأطراف تبدي احتراماً كبيراً للملكة وتحقيق إرادتها، وبالتالي تنعدم فرص محاولات التعطيل من أي جهة، وعلى الأرض الظروف مواتية إذا صدقت النوايا، وقد تكون هناك بعض الإشكاليات في تفسير بعض البنود، لكن المرجعية ستكون للأشقاء في التحالف العربي لتوضيح أي لبس في ما يتعلق بعملية تنفيذ الاتفاق".
ويعتبر أن الاتفاق شكل خطوة مهمة لوضع القضية الجنوبية في مسارها الصحيح، وأعطى الجنوبيين تمثيلاً حقيقياً وعادلاً للمرة الأولى منذ الوحدة بين شطري اليمن عام ١٩٩٠، في التعبير عن مطالبهم وقضاياهم السياسية عبر المجلس الانتقالي الجنوبي.
ويستدرك أن الاتفاق جيد للجميع قائلاً "كل ما يهم أنه اتفاق جيد، لا منتصر فيه ولا مهزوماً بشكل عام، ويشكل الاتفاق نوعاً من الطمأنينة بالنسبة إلى الجنوبيين، وفتح الأبواب أمامهم لعرض قضيتهم العادلة، وبالنسبة إلى الحكومة يمكنها من خلال الاتفاق إدارة المعركة ضد الحوثي واستعادة العاصمة اليمنية صنعاء".
حلحلة الأوضاع اليمنية
يتفق الصحافي ياسر اليافعي، مع ما قاله الوزير عطية ونائب مدير إعلام الانتقالي منصور صالح، في أن اتفاق الرياض يشكل لحظة تاريخية فارقة، وخطوة مهمة لحلحلة الأوضاع اليمنية على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية.
ويؤكد اليافعي لـ"اندبندنت عربية" أن الوقت قد حان لتوحيد الجهود في اتجاه الحفاظ على عروبة اليمن والقضاء على مليشيات الحوثي وإجبارها على تقديم تنازلات، مشيراً إلى أن مليشيات الحوثي استغلت حالة التمزق التي تعيشها المحافظات المحررة، وخلافات شركاء التحالف العربي المتمثل في الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، وبالتالي سعت الميليشيات إلى تقوية جبهتها واستخدام بعض الأسلحة التي هُربت إليها من إيران، بهدف إرباك صف الشرعية والتحالف العربي، لكن الاتفاق سيضع حداً للحوثيين، وسيسهم في إنجاح معركة إسقاط المشروع الحوثي من خلال إخراج القوات المسلحة من المحافظات الجنوبية المحررة إلى مواقع جبهات القتال في أبين ومأرب وصنعاء وصعدة.
وينوه اليافعي إلى أهمية التعاون بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي لإنجاح الاتفاق، والتغلب على التحديات التي تقف أمام نجاحه، في ظل وجود أطراف ستعمل على إفشاله وتحقيق مكاسب سياسية وشخصية لها، محذراً من تناغم المشروع التركي القطري الذي يعمل بشكل أو آخر في بعض المناطق اليمنية لإسقاط اتفاق الرياض وخلق فوضى في بعض المحافظات.