بحوث ودراسات
خطة إحياء «الإخوان» في كوالالمبور..
تحليل: قمة ماليزيا.. حلف مواجهة النفوذ المصري السعودي الإماراتي
«قمة إخوانية بغطاء إسلامي»، هو التوصيف الأدق لقمة «كوالالمبور»، المنعقدة في الفترة من 18 إلى 21 ديسمبر 2019، والتي دعا إليها رئيس الوزراء الماليزي، مهاتير محمد، بحضور إيران وتركيا وقطر بعد اعتذار باكستان وإندونيسيا.
أسماء الدول التي حضرت القمة تكشف الهدف منها، وتؤكد المساعي إلى تشكيل حلف لمواجهة النفوذ المصري السعودي الإماراتي، بل وتهميش الدور الفاعل لهذه الدول في المنطقة، ومحاولة إدراك النفوذ القطري الإيراني التركي الذي بدأ يتراجع خلال السنوات الأخيرة.
قمة التفتيت
اقتصار القمة على الدول السابقة الذكر، واستبعاد الدول الإسلامية الكبرى مثل مصر والسعودية، يشير إلى المساعي لتكوين حلف جديد وتفتيت العالم الإسلامي، بل وتهميش دور منظمة التعاون الإسلامي، وهو الأمر الذي دفع المملكة العربية السعودية إلى مقاطعة «القمة المصغرة»، وهو ما ألمح إليه العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، والذي أكد خلال اتصال مع مهاتير محمد الثلاثاء 17 ديسمبر 2019 أهمية العمل الإسلامي المشترك من خلال منظمة التعاون الإسلامي بما يحقق وحدة الصف لبحث كافة القضايا الإسلامية التي تهم الأمة، وفق ماذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية.
وشددت المملكة العربية السعودية على أن سبب قرارها عدم الحضور هو أن القمة ليست الساحة المناسبة لطرح القضايا التي تهم مسلمي العالم البالغ عددهم 1.75 مليار نسمة، ويشير موقف المملكة إلى إدراكها إلى خطورة هذه القمة التي تحاول صناعة كيان موازي لمنظمة التعاون الإسلامي بقيادة قطر وتركيا لتفتيت الأمة الإسلامية وتنفيذ أجندة مريبة.
وتكشف أيضًا أجندة القمة عن اتجاه قطر وتركيا وإيران والدولة المضيفة ماليزيا إلى انتزاع قيادة العالم الإسلامي، وهو ما يؤكده استبعاد الدول الكبرى «مصر – السعودية – السودان – الجزائر - المغرب»، إضافة إلى غياب أية معايير يتم على أساسها اختيار الدول المشاركة فيما يسمى بـ«القمة المصغرة»، وهو الاسم الذي يتنافي كليًّا مع المطروح من قضايا تخص العالم الإسلامي بأسره وفق تعبيرات المشاركين في القمة.
خطة إحياء «الإخوان»
يبدو جليًّا اتجاه القمة لتشكيل حلف جديد داعم للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان الإرهابية، بل لتكون بمثابة قبلة حياة للجماعة التي تحتضر، وهو أمر ليس مجرد تحليلًا أو تكهنًا، ومايؤكده البيان الذي أصدرته الجماعة والتي اعتبرت القمة «خطوة تاريخية»، ستنقذ الأمة الإسلامية وتصحح أخطاءها وتقيلها من عثراتها، حسب البيان الرسمي الصادر عن الجماعة، ولتحقق الجماعة شعبية وقبولًا لهذه القمة تجاهلت ذكر إيران كأحد المشاركين في القمة، حتى لاتثير نقمة كارهي طهران.
بيان الإخوان الذي نشره الموقع الرسمي للجماعي قال نصًا: «تتابع جماعة الإخوان المسلمين -باهتمام بالغ- فعاليات انعقاد قمتكم الموقرة؛ «قمة كوالالمبور المصغرة» في الفترة من 18-21 ديسمبر الجاري، التي تضم ماليزيا وتركيا وباكستان وإندونيسيا وقطر، سائلين الله سبحانه وتعالى أن يكلل جهودكم وأعمالكم بالنجاح والفلاح لما فيه خير الأمة الإسلامية جمعاء».
وحاول البيان إضفاء شرعية على هذه القمة حيث قال:"يأتي انعقاد قمتكم هذه بمشاركة شعبية واسعة من شخصيات إسلامية، في طليعتهم قادة سياسيون، ومفكرون، وعلماء دين، في وقت تحتاج فيه الأمة الإسلامية إلى الوحدة والتكاتف والتضامن والاتحاد، سعيًا لاستنهاض هِمم شعوبها، وتحقيق نهضتها الكبرى التي تسهم بها في إنقاذ البشرية، وإخراجها من هذا التيه الذي تتردى فيه، وتستثمرها لديها من قدرات مذخورة، تخرجها من حالة الوهن والضعف التي تمر بها».
لم تخف الجماعة أيضًا رغبتها في إنشاء كيان موازي وحلف جديد، حيث جاء في البيان :"إن هذا الكيان الإسلامي المرتقب، وهذا الجهد المخلص يمثل -بما يتوفر له من إمكانات هائلة- بادرة طيبة تدفع للسير في الاتجاه الصحيح، وتبشر بتكوين نواة لتكتل واتحاد إسلامي أوسع، لا يقل قوة وكفاءة عن الكيانات الكبرى القائمة في العالم اليوم، مؤمّلين أن يحقق للأمة الإسلامية ما تصبو إليه.