تحليلات

حزب الإصلاح يخون اليمن..

تقرير: تعيين صغير حمود عزيز بين عداء الحوثيين ودعم الإخوان

الفريق الركن صغير حمود عزيز رئيس هيئة أركان الجيش اليمني "أرشيفية"

كيوبوست

عيَّن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، اللواء الركن صغير حمود عزيز، رئيسًا لهيئة أركان الجيش اليمني، وترقيته إلى رتبة فريق، بعد أن كان يشغل منصب قائد العمليات المشتركة؛ ليصبح رابع رئيس أركان منذ اندلاع الحرب في اليمن.

وسبق حمود عزيز في المنصب كلٌّ من اللواء عبدالله النخعي، واللواء طاهر العقيلي، والفريق الركن محمد علي المقدشي الذي يشغل حاليًّا منصب وزير الدفاع.

الفريق صغير حمود عزيز، المولود عام 1967، حاصل على بكالوريوس إدارة الأعمال، والتحق بالخدمة العسكرية في الحرس الجمهوري اليمني في عام 1983، وتقلَّد عدة مناصب عسكرية؛ منها قائد العمليات المشتركة، ورئيس هيئة العمليات، ونائب كبير المعلمين بمعسكر طارق بن زياد التابع للحرس الجمهوري، كما كان نائبًا لرئيس هيئة الأركان.

وتقلَّد حمود عزيز مناصب أخرى غير عسكرية؛ منها رئيس فريق الحكومة في لجنة إعادة الانتشار بالحديدة، كما أنه عضو في مجلس النواب اليمني.

ويمتلك حمود عزيز تاريخًا من العداء مع الحوثيين؛ خصوصًا مع تعرُّضه هو وعدد من أفراد عائلته إلى هزائم من جانب الحوثي في عدد من المناطق في اليمن؛ ما أجبرهم على ترك منازلهم بعد تفجيرها.

ونجح الحوثيون، الأحد الماضي، في إحكام قبضتهم على مدينة الحزم عاصمة محافظة الجوف الاستراتيجية شمال صنعاء، بعد أن ظلَّت لفترات طويلة تحت سيطرة القوات الحكومية، وهو ما يؤثر سلبًا على محافظة مأرب الغنية بالنفط والمجاورة للحزم.

ويعزز هذا التقدم للحوثيين من تحالفهم مع الإخوان المسلمين في اليمن الممثلين في “التجمع اليمني للإصلاح”؛ حيث استهدفت الهجمات الحوثية الأخيرة مناطق تقع في حوزة الإخوان، وتحديدًا في مأرب والجوف وتعز. وخلال وقت قصير أحكم الحوثيون قبضتهم على الأمور في هذه المناطق؛ ما يؤكد وجود تفاهمات وتنسيق مع “التجمع اليمني للإصلاح” الذي سمح لهم بذلك، وهو سيناريو تكرر من قبل عندما تعمَّدت وحدات عسكرية تابعة لـ”الإصلاح” أن تنسحب من مواقعها بمدينة ناطع في محافظة البيضاء اليمنية، في سبتمبر الماضي؛ ليستحوذ الحوثيون على المدينة بعد أن سنحت أمامهم الفرصة لشن هجوم مباغت.



الخلافات مع الحوثيين

الكاتب الصحفي والمحلل السياسي اليمني ماجد الداعري، قال في تعليق لـ”كيوبوست”: “إن تعيين صغير بن عزيز رئيسًا لهيئة الأركان العامة لجيش الشرعية، خلفًا للفريق عبدالله النخعي، مع احتفاظه أيضًا بمنصبه كرئيس للعمليات المشتركة، يأتي من باب استكمال السعودية قبضة سيطرتها العسكرية على قيادة جيش الشرعية واستدعاء خلافات ابن عزيز الشخصية والقبلية مع الحوثيين منذ حروب النظام السابق عليهم في عهد علي عبدالله صالح”.

وأضاف الداعري: “سبق للفريق حمود ورجال قبيلته أن خاضوا معارك عنيفة مع الحوثيين في أكثر من منطقة بصعدة، انتهت بهزيمتهم وتفجير منازلهم وعدد من الفنادق التابعة له ولأقاربه. ولا يُخفى في المقابل أن القرار يأتي تزامنًا مع حرص المملكة على تفادي مزيد من التراجع العسكري بعد فشل كل تعيينات هادي ونائبه السابقة في إحداث أي فرق أو تحريك للجبهات المجمدة شمالًا”.

وتابع المحلل السياسي اليمني: “يشير قرار تعيين ابن عزيز رئيسًا لهيئة الأركان، في توقيت كهذا، إلى انهيار ثقة التحالف بكل قادة جيش الشرعية إثر انسحابهم المثير للجدل من نهم حتى مشارف صرواح مأرب ومتون الجوف، وحرص السعودية على توحيد جهود قوات الشرعية وتقنين دعمها العسكري لجهة واحدة هي العمليات المشتركة، وسحب البساط من وزارة دفاع المقدشي بدلًا من إزاحته من منصب شكلي مفرغ من أي دور عسكري أو أهمية فعلية؛ نتيجة فشله في توظيف كل أشكال الدعم المقدم له سابقًا من التحالف على الأرض وتحقيق أي تقدم عسكري يُذكر منذ سنوات على تعيينه رئيسًا لهيئة الأركان ومن ثَمَّ وزيرًا للدفاع”.

غير مؤثر


قاسم عسكر، عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن، اعتبر تعيين الفريق صغير حمود عزيز بمثابة خطوة متأخرة لن تفيد كثيرًا في ما يخص المعركة مع الحوثيين، مؤكدًا أن هذا الاختيار يدعم رغبات ووجهات نظر جماعة الإخوان المسلمين في اليمن.

وأضاف عسكر: “حزب الإصلاح اليمني لا يُعارض تعيين حمود عزيز، وهو ما يعني أن الجنوب قد يتعرَّض إلى ضربات أخرى جديدة ومكثَّفة تتوافق مع المخططات الإخوانية لزعزعة استقرار اليمن، كما أن هذا القرار لا يمكن أن يلعب الدور الكبير في ما يخص الحرب الدائرة هنا منذ سنوات، والتي تحتاج إلى جهود كبيرة ومؤثرة؛ لانتشال اليمن من أوضاع مؤسفة أخرى قادمة”.

حزب الإصلاح يخون اليمن ويتقرب من الحوثيين

لم تكن صدفة أن تطالب الناشطة اليمنية الإخوانية، توكل كرمان، قيادات حزب الإصلاح بتبديل تحالفاتهم على الأرض، وأن تحثّهم على التقارب مع جماعة الحوثي المتمردة، وفي الوقت نفسه يظهر القيادي في حزب الإصلاح، فرع تعز، غالب سلطان، إلى جوار يحيى بدر الدين الحوثي، شقيق مؤسس جماعة الحوثي ووزير التربية والتعليم في حكومة المتمردين الحوثيين.. يبدو أن هناك خيانة إخوانية في الأفق.


غالب سلطان ويحيى الحوثي
فحسب شبكة “المشهد اليمني” الإخبارية، قالت كرمان عبر صفحتها على “فيسبوك”: “إن طريق حزب الإصلاح باتجاه جماعة الحوثيين أضحى إجباريًّا؛ بسبب ما يتعرض له من محاولات اجتثاث من قِبَل مَن سمتهم شركاءه في التحالف العربي”.

وهاجمت الناشطة اليمنية الإخوانية، في المنشور نفسه، الإمارات والمملكة العربية السعودية، متابعةً: “الخيارات محدودة.. إما أن يغيِّروا موقفهم تجاه الإصلاح، أقصد التحالف والأحزاب، وإما أن يُغَيِّر الإصلاح استراتيجيته تجاه الأصدقاء والخصوم ويذهب للتحالف مع الحوثي”.


وأضافت كرمان: “لا مانع أن يكون خصوم الأمس أصدقاء اليوم، وأصدقاء الأمس خصوم اليوم، ومن باب أولى إن كانوا أصدقاء زائفين.. هكذا هي السياسة، لا عداوات دائمة ولا صداقات دائمة”، حسب قولها.

وتناقض الناشطة اليمنية الإخوانية نفسها؛ فقد سبق لكرمان أن كتبت عبر صفحتها على “فيسبوك”، حسب موقع “بي بي سي عربي“: “لو أنكم ذهبتم إلى صعدة قبل اجتياح صنعاء، لقُلنا إنكم أصحاب حوار ومحترفو سياسة، أما الآن فأنتم مجرد عبيد للقوة الغاشمة، عن قيادات حزب الإصلاح أتحدث!!!”.

وحسب ما نشره موقع “نيوزيمن“؛ فإن عددًا من قيادات حزب التجمع اليمني للإصلاح الإخواني، شاركوا يوم الثلاثاء 26 مارس الجاري، في تظاهرة نظمتها جماعة الحوثي بالعاصمة صنعاء، بمناسبة ذكرى انطلاق عاصفة الحزم، وكان على رأسها القيادي البارز في حزب الإصلاح، فرع تعز، غالب سلطان، وكانت برفقته قيادات أخرى وعشرات من جماهير الحزب.

وتؤكد مشاركات قيادات وقواعد حزب الإصلاح في الفاعليات الجماهيرية والسياسية الحوثية حقيقة التقارب المتزايد بين الطرفَين؛ بحكم اتفاقهم على معاداة الشرعية والتحالف العربي.

وسجِل الإخوان المسلمين في اليمن مليء بالخيانة والانتهازية، وتحالفات حزب الجماعة لا تثبت على حال، ويتحركون وَفق أجندات خاصة، حتى لو كانت على حساب الوطن اليمني، ففي الثلاثاء 2 ديسمبر 2014، اجتمع حزب التجمع اليمني للإصلاح من جانب والحوثيون من جانب آخر؛ ما شكَّل صدمة للشارع اليمني حسب ما أكدته “بي بي سي عربي“، وكان اليمنيون في حالة من عدم التصديق مع ظهور أخبار اللقاء الأول الذي جرى في صعدة بين حزب التجمع اليمني للإصلاح والحوثيين، وذلك على اعتبار أن الجماعتَين على طرفَي نقيض من حيث الأيديولوجية (الإصلاح يمثل التيار السُّني، والحوثيون يمثلون التيار الشيعي).

وفي سبتمبر 2017، نشر موقع “الأمناء نت” وموقع شبكة “تحديث الإخبارية”، كيف أن حزب الإصلاح يُسَلِّم أسلحته إلى الحوثيين، وأن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، قرَّر إقالة محمد علي المقدشي، المنتمي إلى “حزب الإخوان”؛ لأنه، آنذاك، كان يتواطأ مع ميليشيا الانقلاب، ويسرِّب لهم معلومات سرية وخطرة، ويرفع إحداثيات لاستهداف الجيش الوطني والمقاومة في مأرب، ويؤخر الحسم العسكري بالمحافظة، كما يهرِّب كميات كبيرة من الذخائر والعتاد العسكري إلى صفوفهم.

وقد أعلنت قوات التحالف، يوم 22 سبتمبر 2017، بالفعل، عن ضبط عدد من شحنات السلاح المهربة، التي كانت في طريقها من محافظة مأرب إلى الانقلابيين في محافظة صنعاء؛ بدلالة ظهور القيادي الانقلابي، محمد علي الحوثي، وسط صنعاء، على متن مدرعات قدَّمت تعزيزًا لجبهات القتال في محافظة مأرب، التي تُدار من قِبَل قيادات تنتمي إلى حزب الإخوان. هذه المدرعة وأسلحة أخرى رصدتها شبكة (CNN) الأمريكية، في تقرير لها، وحذَّرت من أن أسلحة أمريكية تصل إلى طهران عن طريق “الحوثي”.

كما ذكرت قناة “سكاي نيوز” في 18 سبتمبر 2018، أن الوحدات العسكرية التابعة للإصلاح الإخواني التي أوقفت القتال منذ عدة أشهر على هذه الجبهة، تركت مواقعها للحوثيين. وحسب مصادر للقناة، فهذه ليست المرة الأولى التي يُسَلِّم فيها مسلحو حزب الإصلاح مواقع للحوثيين، إذ سلَّم “الإصلاح” في مطلع شهر يونيو الماضي مواقع استراتيجية مهمة في جبهة قانية باليمن.

لا أشك أن انتهازية حزب الإصلاح وتناقضاته يشكِّلان السبب الرئيسي لخلط الأوراق وتفكُّك الجبهات وتعطُّل بعضها وتراجع بعضها الآخر. وبالتالي فهو يشكل أحد أكبر العوائق أمام حسم التحالف لحربه ضد الحوثيين.

غروندبرغ في مهمة صعبة: هل يفلح الحوار في ظل التصعيد العسكري باليمن؟


استهداف رأس عيسى والعقوبات على بنك اليمن الدولي: واشنطن تكثف الحرب الاقتصادية ضد الحوثيين


تحديات عسكرية ودبلوماسية.. الخيار العسكري ضد إيران ممكن لكنه محفوف بالمخاطر


قمع ممنهج في إيران: مذكرة أمنية تمنح الشرطة سلطات واسعة داخل المدارس