تقارير وتحليلات

الصراعات المحتدمة بين تيارات وأجنحة الحزب منذ مقتل مؤسسه..

تقرير: البركاني صقر المؤتمر.. ما الدور الذي قدمه في حرب اليمن؟

الركباني الخصم القديم للحوثيين

وصف الشيخ سلطان البركاني رئيس مجلس النواب اليمني والأمين العام المساعد لحزب المؤتمر الشعبي العام، قرار فصله من الحزب إلى جانب ثلاثين من قيادات وأعضاء المؤتمر من قبل قيادة الحزب المتواجدة في صنعاء، بأنه أمر مثير للحيرة وربما الحسد، أن يتجرأ البعض على الادعاء بفصل قيادات وأعضاء من الحزب، وأضاف أن “من أقدموا على هذا الفعل العدمي هم الذين خانوا المؤتمر ووافقوا على اغتيال قائده وأمينه وقد حاولنا تفهم الظروف التي يعيشون في ظلالها رغم فعلهم الشنيع”.

ولا يعد قرار الفصل الذي أصدرته قيادة الحزب في صنعاء أمرا محوريا بالنظر للصراعات المحتدمة بين تيارات وأجنحة الحزب منذ مقتل مؤسسه، كما لا يعد هذا الحدث العابر محطة فارقة في التاريخ السياسي الحافل بالمواقف والصراعات والتحولات الكبيرة في حياة البركاني الذي حدد موقفه مبكرا من الجماعة الحوثية حتى قبل تدخل التحالف العربي في اليمن، حيث رفض بشدة التحالف بين المؤتمر وبين الحوثيين وظل يغرد خارج سرب المواقف الرسمية لحزبه، بالرغم من انضباطه المتزمت إن صح التعبير بمواقف هذا الحزب طوال مسيرته التنظيمية.

ارتفع صوته بعد الاجتياح الحوثي لصنعاء في سبتمبر 2014 في الوقت الذي كان العديد من قيادات حزبه يلتزمون الصمت أو يترقبون نتيجة الحوار السري الدائر بين بعض قيادات المؤتمر وبين الحوثيين على قاعدة العداء المشترك للقوى السياسية التي تحالفت لإسقاط الرئيس السابق علي عبدالله صالح.

اتهم البركاني الحوثيين بتجريف الحياة السياسية من داخل مجلس النواب الذي يرأس فيه كتلة حزبه، إلى جانب انتقاده لأحزاب اللقاء المشترك وحتى الدائرة الضيقة المحيطة بالرئيس الجديد عبدربه منصور هادي الذي كان يحافظ على علاقة جيدة به حاول من خلالها أن يعيد تجسير الهوة بين رئيسه السابق ورئيسه اللاحق، لكن طبيعة الخلاف كانت أعمق من أن تردم في ظل استفادة أطراف كثيرة من الصراع القائم في الخفاء بين هادي وصالح. غير أن الرجل الذي ينحدر من منطقة المعافر في تعز، كان قد تطور سياسيا من خلال تدرجه في المناصب، بدءاً من انتخابه رئيسا للمجلس المحلي في مديرية ”المواسط“، ومن ثم انتخابه عضوا في مجلس الشورى، قبل أن يصبح نائبا عن حزب المؤتمر الشعبي العام لثلاث دورات انتخابية منذ العام 1997 وحتى اليوم.

سياسي شرس

تدرج البركاني سريعا في سلم الدرجات التنظيمية في حزب المؤتمر حتى أصبح عضوا في اللجنة العامة وأمينا عاما مساعدا في المؤتمر العام السابع للحزب في 2005. وقد عرف، خلال مسيرته السياسية كرئيس لكتلة المؤتمر الشعبي العام في مجلس النواب والأمين العام المساعد للحزب، بنزعته الحادة للتعبير عن مواقف حزبه ورئيسه، ما جعله في صدارة الصراع السياسي الذي شهدته الفترة من 2006 وحتى 2011 بين الرئيس صالح وحزب المؤتمر من جهة وأحزاب اللقاء المشترك من جهة أخرى.

برز اسم البركاني كمنافح قوي عن سياسات حزبه إلى جانب تشدده في التعامل مع أحزاب اللقاء المشترك في الحوارات التي تمت قبيل موجة الاحتجاجات التي ضربت اليمن في مطلع العام 2011 على إيقاع ما بات يعرف بالربيع العربي الذي وجدت فيه أحزاب المعارضة اليمنية وبعض القيادات السياسية والقبلية المناهضة لصالح في اليمن فرصة لإنهاء الحوارات السياسية التي وصلت إلى طريق مسدود بطريقة مختلفة.

وقد لعب البركاني، حينها، دورا بارزا ومهما في الصراع السياسي بين المؤتمر والمعارضة والذي تمحور حول مصير الرئيس صالح في السلطة، وحول أمور أخرى تتعلق بإدارة الدولة وتقاسم السلطة والنفوذ ونظام الحكم المحلي.

أسند الرئيس الراحل صلاحيات كبيرة للبركاني في إدارة ذلك الحوار ومنحه صلاحيات واسعة معتمدا على تصلبه السياسي في رفض طلبات المشترك وخصوصا تلك المتعلقة بمستقبله، وخلال تلك الفترة أطلق البركاني عبارته الشهيرة حول “قلع العداد” عندما سئل في إحدى المقابلات التلفزيونية عن حقيقة مطالبته بتعديل الدستور والتمديد لفترة حكم صالح أو “تصفير عداد” فتراته الرئاسية التي كانت على وشك الانتهاء.

تحول البركاني إلى هدف لإعلام المعارضة بوصفه قائد جناح الصقور في الحزب الحاكم، اشتهر بتصريحاته الحادة التي طالت أحزاب اللقاء المشترك، والحوثيين، والحراك الجنوبي، وحتى الشخصيات القبلية والسياسية المناهضة لنظام صالح وفي مقدمة هؤلاء الشيخ القبلي المنتمي لحزب الإصلاح حميد الأحمر الذي قاد دفة المعارضة نحو التأزيم مع الرئيس وحزبه، وعمل على إفشال أي تنازلات قد تقدمها المعارضة لصالح في تلك الفترة.

ومع وصول العلاقة بين المؤتمر وأحزاب اللقاء المشترك التي تضم مزيجا من الأحزاب الإسلامية والقومية واليسارية إلى طريق مسدود واندلاع الاحتجاجات في العام 2011، ظل البركاني في صدارة الآلة السياسية والإعلامية لحزب المؤتمر متشبثا بمواقفه السابقة وولائه لحزب المؤتمر ولرئيسه صالح الذي ظهر إلى جانبه في منصة ساحة السبعين بصنعاء في كل الفعاليات الشعبية التي كان صالح يقيمها كل يوم جمعة للرد على الحشد الشعبي المقابل، وقد تعرض لإصابات طفيفة في حادث التفجير الذي استهدف الرئيس وقيادات الدولة في ما عرف بتفجير ”جامع دار الرئاسة“.

اتهم البركاني الشيخ الأحمر بالوقوف خلف العملية، وقال في تصريحات صحافية “لم يعد هناك مجال للشك بأن الأحمر هو رأس الحربة في محاولة الاغتيال الآثمة التي تعرض لها فخامة الأخ رئيس الجمهورية وعدد من المسؤولين في الدولة”، وأضاف “نتائج التحقيق تشير إلى أن شرائح التليفون المستعملة في محاولة الاغتيال هي من فئة الأرقام التي تملكها شركة سبأ فون المملوكة للشيخ الأحمر”.

نقطة فارقة

كان البركاني من القيادات في حزب المؤتمر التي رفضت أن يقدم صالح تنازلات غير محسوبة لأحزاب المعارضة، غير ان مواقفه بعد تسليم صالح السلطة لنائبه هادي ظلت تتمحور على استمرار تماسك المؤتمر، ورفض أي تقارب مع الحوثيين وهو الأمر الذي فشل نتيجة سيطرة تيارات رافضة للتقارب بين صالح وهادي وشروع الرئيس السابق في مد جسور مع الحوثيين وتحديدا بعد السيطرة على محافظة عمران، ففي الوقت الذي أراد فيه صالح استثمار اندفاع الجماعة الحوثية لإضعاف خصومه التقليديين الذين أزاحوه عن السلطة، ابتعد هادي أكثر عن دائرة رئيسه السابق نحو أحزاب المشترك التي وجد فيها ملاذا سياسيا وشعبيا آمنا في مواجهة أعدائه.

بعد أيام قليلة من بدء “عمليات عاصفة الحزم” في اليمن، تسربت أخبار عن وجود البركاني في العاصمة السعودية الرياض، ويُعتقد أنه قد يكون غادر اليمن قبل ذلك بشهرين على الأقل نتيجة رفضه الانخراط في أي شراكة مع الحوثي، غير أنه لم يظهر أي نشاط سياسي لافت، وفي منتصف أبريل من العام 2015 وعلى إثر تداول أنباء انشقاقه عن صالح خرج ببيان من العاصمة المصرية القاهرة، قال فيه إن زيارته إلى السعودية جاءت “من أجل تجنيب اليمن المخاطر، وبذل الجهود للسعي من أجل تشجيع وتقديم الخيارات والحلول السياسية السلمية والحوار”.

وفي محاولة للتأكيد على مواقفه الثابتة من الانقلاب الحوثي الذي اجتاح صنعاء في 21 سبتمبر 2014، دعا البركاني عبدالملك الحوثي إلى اتخاذ “القرار الشجاع بالتعامل السياسي الإيجابي البناء مع قرار مجلس الأمن الدولي والجهود السياسية الدبلوماسية الدولية من أجل تجنيب اليمن الكارثة”.

العودة للواجهة

لم يتخذ البركاني أي موقف حاد من صالح الذي ظل على تواصل دائم به من مقر إقامته في القاهرة، لكنه احتفظ لنفسه بحق رفض التقارب بين المؤتمر والحوثيين في تلك الفترة، والتزم الصمت، ويبدو أنه كان مدفوعا بثقته في قدرة رئيس حزبه على الخروج من هذه الورطة بأقل الخسائر، حتى مقتله على أيدي الحوثيين في ديسمبر 2017.

نزل ذلك الحدث صاعقا على البركاني الذي نعاه بكلمة مؤثرة، وكان يظن أن حزب المؤتمر بعدها سيعلن وفاة اتفاقية الشراكة مع الحوثيين، لكن ذلك لم يحدث. وفي الذكرى الثانية لمقتل صالح، كشف البركاني عن فحوى اتصاله الأخير معه، قبل مقتله بيومين، مشيرا إلى أنه أكد له رفضه الاستسلام للحوثي ولمشروعه.

ومع اتساع دائرة الصراع في المؤتمر بعد الفراغ الذي خلفه رحيل صالح، جاهر البركاني بتوجهاته السياسية الرامية لنقل حزب المؤتمر من خندق الحوثي إلى الخندق المناوئ له، وهو المشروع الذي دعمه التحالف العربي وقطاع واسع من اليمنيين بهدف تشكيل جبهة عريضة لمقاومة الانقلاب الحوثي، فذهب لدعم الشرعية صراحة، لكنه أصر على الحفاظ على نوع من التمايز في ما يتعلق بالعلاقة بدول التحالف ورفض الانصياع لإرادة التوجه السياسي المهيمن على الشرعية الذي كان خصما له في ما مضى.

انتهت جولات الصراع السياسي الحادة التي استمرت لسنوات، بالتوافق على انتخاب البركاني رئيسا لمجلس النواب وهو القرار الذي لقي ترحيبا من دول التحالف العربي وبعض مراكز النفوذ التي كانت على خلاف مع البركاني في فترة حكم الرئيس السابق.

وفي مثل هذا الشهر من العام الماضي، انتخب البركاني بالإجماع رئيسا لمجلس النواب في الاجتماع الذي عقد بمدينة سيئون بحضرموت، وهو اليوم الذي استطاعت فيه الشرعية استعادة السلطة التشريعية التي ظل الحوثي مسيطراً عليها نتيجة للخلافات التي كانت تعصف بمكونات الشرعية.

هل تقود الحرب في لبنان إلى تغييرات جذرية؟ خبراء يتناولون التأثيرات المحلية والإقليمية


حرب هجينة ومعنويات هشة: هل يصمد النظام الإيراني أمام موجة الأزمات الداخلية والخارجية؟


النجم محمد رمضان لـ(اليوم الثامن): "رسمت خطة فنية واضحة لمساري المهني للوصول إلى القمة"


مقديشو تدعو لإخراج القوات الإثيوبية وأديس أبابا ترفض التراجع.. هل يمكن احتواء التصعيد؟