بحوث ودراسات
"اليوم الثامن" تقدم قراءة في خطاب الرئيس المؤقت..
تحليل: هادي.. رئيس مؤقت يتشبث بالحكم بحرب جديدة على الجنوب
يتشبث الرئيس اليمني المؤقت عبدربه منصور هادي بالحكم "رئيسا مؤقتا"، بإعلانه حرب جديدة على الجنوب، قال انها مشروعة للدفاع عن الوحدة اليمنية، في خطاب نسب له بمناسبة ذكرى قيام ما بات يعرف بالوحدة اليمنية المنتهية في السابع من يوليو العام 1994م.
الوحدة اليمنية بين دولة اليمن الجنوبي والجمهورية العربية اليمنية، الموقعة في عدن، يوم الـ22 من مايو العام 1990م، لم تدم سوى عام واحد، حتى بدأت الخلافات تعصب بشريكي توقيعها تطورت إلى قيام صنعاء بشن حرب واسعة تخللتها فتوى دينية، اعتبرت سكان الجنوب "خارجين عن الدين الإسلامي"، نظرا لخلفية علاقة النظام السابقة بالاتحاد السوفيتي الذي تفكك.
وزير الدفاع الذي اصبح نائبا بلا قرار
لم يكن عبدربه منصور هادي الرئيس اليمني المؤقت حاليا، طرفا في توقيع اتفاقية الوحدة، لكنه كان ذراعا لصنعاء في ترسيخها بالحديد والنار والاحتلال، حين اوكلت له مهمة قيادة الجيش اليمني نحو عدن، بصفته وزيرا للدفاع، كرمه رئيس النظام لاحقا بعد السيطرة على الجنوب، بمنصب شكلي "نائب الرئيس" دون قرار جمهوري، باستثناء اعلان قصير.
لم يكن هادي يمتلك سلطة رسمية في اليمن، فصفة نائب الرئيس ما كانت تخول له اتخاذ قرارات، فكل ما يقوم به "كان دور افتتاح المشاريع ووضع حجر الاساس لها"، تحت عنوان "برعاية الرئيس علي عبدالله صالح".
يشبه أحد القريبين من الرئاسة اليمنية هادي، "انه كان خادم صالح المطيع، فانشغالات الرئيس جعلت هادي النائب، يقوم بدور الوسيط في التوقيع على صرف الهبات التي يمنحها صالح لشراء ذمم شيوخ القبائل والقيادات الأمنية.
قائد الحرب الأولى على الجنوب، كوفئ بمنصب شكلي دون قرار او صلاحيات، قبل ان تدفع به مبادرة خليجية إلى رئاسة اليمن خلفا لصالح الذي اقترح ان يكون الرئيس نائبه لما يخبره عن الرجل الضعيف الذي ظل ملازمه في الحكم لربع قرن.
موقف سلبي من جرائم النظام في الجنوب
ظل موقف هادي سلبيا تجاه الجرائم التي كان يرتكبها نظام علي عبدالله صالح وحلفائه تنظيم الإخوان في الجنوب، وتحديدا في محافظة أبين، حتى العام 2006م، حين أعلن تأييده ودعمه لمشروع التصالح والتسامح الذي كان قد وقع في جمعية ردفان منتصف يناير من العام ذاته.
تأييد هادي ومباركته للقاء الذي مثلة انطلاقة للحراك الجنوبي ضد نظام صالح، اثار حفيظة الرئيس اليمني، فتعرض حراسة هادي لكمين محكم قرب منزله في شارع الستين، ما اسفر عن مقتل أحد الحراسة وجرح أخرين، وهو الحادث الذي فهمه هادي، واخذه على محمل الجد، ليخرج في اليوم التالي بموقف ضد من وصفهم بالانفصاليين الجدد؛ في اشارة الى اعضاء جمعية التصالح والتسامح الجنوبي.
ولكن هادي هذه المرة لم يظل على موقفه السلبي، فقط طلب منه صالح، اتخاذ مواقف أكثر عدائية ضد الجنوب، الا ان الاعلام الرسمي ابتعد عن اخذ تصريحات هادي ومواقفه، حتى انه فشل في اخراج رفاقه هادي السابقين، بعد ان زج بهم نظام صنعاء في سجون صنعاء السرية، بتهمة الانفصال.
اعتقل النظام في صنعاء العشرات من قيادات وضباط الجيش الجنوبي السابق، والبعض منهم على صلة وعلاقة وثيقة بهادي، الا ان الأخير فشل في اخراجهم من سجن صنعاء المركزي.
"هادي" يتشبث بالحكم بحرب جديدة على الجنوب
أعترف الرئيس اليمني المؤقت ان قوات عسكرية موالية له تخوضا حربا ضد الانفصاليين الجنوبيين في أبين (مسقط رأسه) معتبرا في خطاب منسوب له بمناسبة ذكرى توقيع الوحدة اليمنية، "ان قتال مليشيات إخوانية متطرفة في أبين، يأتي في سياق الدفاع عن الوحدة اليمنية"، التي يقول الجنوبيون انها قد قتلت ثلاث مرات خلال ثلاثة حروب متتالية تشنها صنعاء ومأرب مؤخرا.
نفي علاقته بالوحدة وترسيخها
على الرغم من ان هادي يعد القائد الأبرز للحرب الأولى على الجنوب، بصفته وزير الدفاع، الا ان حاول منح نفسه براءة من تلك الحرب الدموية التي خلفت آلاف الضحايا وعشرات الآلاف من المشردين والمفصولين من وظائفهم.
وزعم هادي الذي ادار ظهره للحرب والصراع مع الحوثيين "أن الوحدة اليمنية التي قال انها تحققت في مايو 90م، أكدت على ان اليمن كان موحدا منذ الازل"؛ لكنه يناقض تصريحات سابقة زعم فيها ان الجنوب لم يكن موحدا قبل الاستقلال.
وهاجم هادي الجنوبيين، وزعم ان مطالبهم بالاستقلال هي مطالب ابتزاز واستغلال لقضية الوحدة، ملوحا الى ان الحرب التي شنت في العام 1994م، كانت ضد من وصفهم بأصحاب المشاريع الضيقة.
مفهوم الوحدة من وجهة نظر هادي
قال هادي "إن الوحدة بالأساس مفهوم يجب أن يخلق القوة ويعزز صلابة المجتمع ويقوي قدرة الدولة لتصنع الرفاء والخير والسعادة لا أن تتحول لتجلب الصراع والحرب والشقاء والبؤس والحرمان"؛ متجاهلا الاشارة الى الاسباب التي دفعت الجنوبيين الى رفض المشروع الذي لم يدم سوى ثلاثة اعوام على الاقل.
قدم هادي من خلال احدث خطابه له، نفسه كعدو أبرز للجنوبيين دون غيرهم، وهو الأمر الذي يزيد حالة الانقسام في حكومته المقسمة على مشاريع اقليمية متصارعة.
تبرأة الانقلاب الحوثي
وبرأ هادي الحوثيين من الانقلاب على سلطاته الشرعية في صنعاء، بعد انتهاء ما عرف بمؤتمر الحوار اليمني الذي انتج حلولا هشة، وصب جام غضبه على الجنوبيين الذين طرد الفصيل المحسوب عليهم من مؤتمر الحوار اليمني برئاسة محمد علي احمد.
وجدد الرئيس اليمني المؤقت تمسكه بمشروع تقسيم الجنوب المحرر إلى اقليمين، فيما لا يزال اليمن الشمالي موحدا بفضل الهيمنة الحوثية، حيث قال " إن اليمن الاتحادي، كعنوان ظاهر لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني وعلامة بارزة على الرشد والحكمة اليمانية، هو الطريق الآمن لشعبنا العظيم أمام كل هذه الفئات التي تتضخم ذواتها على حساب معاناة شعبنا وسيظل شعبنا وفيا لليمن الكبير على أساس من العدل والمساواة والحرية والكرامة تحت سقف النظام الجمهوري والوحدة الوطنية والحرية والديموقراطية".
ولم يتحدث هادي عن الطريقة التي يمكن من خلالها تطبيق تجربة اليمن الاتحادي في اليمن الشمالي الخاضع لسيطرة الحوثيين، غير انه عاد لتجديد هجومه على الجنوبيين (الذين صورهم كخصوم له)، قائلا "لن نسمح لأحد من جر البلاد نحو مشاريع التقسيم والتجزئة والفوضى والعنف والإرهاب".
مساواة الجنوبيين بالحوثيين
على الرغم من ان "هادي"، صور في خطابه ان خصومه هم الجنوبيون، الا انه عاد للحديث عن أن الحوثيين ايضا يعدون خصوما، قائلا " بذل كل ما نستطيع من جهد لاستعادة الدولة وانهاء الانقلاب بكافة أشكاله والتمرد بكل صوره في شمال الوطن وجنوبه".. معترفا بان الحرب التي تشنها مليشيات مأرب على أبين، تأتي في سياق الدفاع عن الوحدة اليمنية ضد الانفصاليين، وهو ينفي بذلك مزاعم سوقها موالون له بان الحرب في أبين جنوبية - جنوبية".
اتهام الجنوبيين بالتمرد
أتهم هادي صراحة الجنوبيين بالتمرد على سلطاته الرسمية الخاضعة لسيطرة تنظيم الإخوان الممول قطرياً، زاعما أنهم رفضوا تنفيذ بنود اتفاق الرياض، وهو الاتهام الذي يدحضه الرفض الإخواني تنفيذ الشق العسكري المتعلق بالانسحاب من أبين وشبوة ووادي حضرموت، دون الاشارة الى التحشيد العسكري المتواصل والمستفزة منذ قبيل توقيع الاتفاق.
والتلويح الحكومي الرسمي باجتياح عدن بجيش اوله في شقرة وأخره في مأرب ووادي حضرموت.
أكد هادي من خلال خطاب الحرب الجديد، ارتهانه لتنظيم الإخوان الارهابي، بعد ان شرعنة للحرب الجديدة التي تشن على محافظة أبين (مسقط رأسه)، معتبرا ان ذلك دفاعا عن الوحدة اليمنية ضد مشاريع التقسيم، داعيا المجلس الانتقالي الجنوبي (الذي لم يسمه) إلى التراجع عن قرار الادارة الذاتية للجنوب، متوعدا بالقتال لاستعادة مؤسسات الدولة التي قال ان المجلس استولى عليها.
وأقر المجلس الانتقالي الجنوبي الادارة الذاتية للجنوب، معتبرا ان هذه الخطوة تأتي في سياق خطوات مشابهة تمت في مأرب ووادي حضرموت والمهرة، حيث ترفض سلطات هذه المحافظات المحلية توريد الاموال الى البنك المركزي في عدن.
إعلان صريح لحرب ثالثة على عدن
أعلن خطاب الرئيس اليمني المؤقت عبدربه منصور هادي، بشكل صريح الحرب الثالثة على عدن، معتبرا ان ذلك يأتي في سياق محاربة من يريدون تقسيم اليمن الذي يسيطر الحوثيون على اجزاء واسعة منه.
ومضى هادي متحدثا عن الجنوبيين " نقول لكل المأزومين والحالمين بعودة الماضي بصراعاته ودمويته وفوضويته، إن شعبنا اليوم قد شب عن الطوق، وإن الجيل القادم الذي علمته التجارب وعايش كل هذه الأحداث وتخرج من مدرسة الزمن القاسي والمؤلم لم يعد ممكنا خداعه، ولهذا فإن رهاننا على شعبنا كبير، أكبر من كل الواهمين وأوهامهم وأعظم من كل الحاقدين وأموالهم وأقوى من كل المحاربين و أسلحتهم".
ووصف هادي العدوان الذي تشنه مليشيات الإخوان على أبين، بأنه يأتي في سياق القيام بمسؤولياته قائلا "جيشنا الوطني يقوم بمسئولياته ويدافع عن مكتسبات الشعب التي تتمثل في الجمهورية والوحدة والحرية والديمقراطية والعيش الكريم، وهو يفعل ذلك شمالا وجنوبا ، وسيظل جيشنا البطل ومقاومتنا الباسلة الحصن الحصين الذي يقف لكل العابثين والطامعين والمرتزقة والجبناء بالمرصاد".