تقارير وتحليلات
الصحافيون أبرز ضحايا العداء السياسي والصراعات متعددة الأطراف باليمن..
تقرير دولي: اغتيال مصور صحافي أقلق بكاميراته مجهولين في عدن
مجددا يدفع صحافي يمني حياته ثمنا لنقل الأحداث والحقائق بالصورة، بعملية اغتيال منظمة ومخطط لها، ويخسر اليمنيون بمقتل الصحافي ومراسل وكالة الأنباء الفرنسية نبيل القعيطي صوتا شجاعا ساهم لسنوات في إظهار حقيقة النزاع اليمني.
اغتال مسلحون مجهولون، الثلاثاء، المصور الصحافي اليمني ومراسل وكالة الأنباء الفرنسية نبيل القعيطي، أثناء خروجه من منزله في منطقة دار سعد بعدن، ما يعتبر تدهورا خطيرا في أوضاع العمل الصحافي الذي يعاني أصلا أوضاعا صعبة في اليمن.
وذكرت مصادر إعلامية أن القعيطي توفي بعد وقت قصير من نقله إلى مستشفى تابع لمنظمة أطباء بلا حدود، جراء الطلقات النارية التي اخترقت جسده.
وقال مدير الأخبار في وكالة فرانس برس فيل تشتويند “إننا مصدومون من جريمة قتل صحافي شجاع يقوم بعمله على الرغم من كل التهديدات والترهيب”.
وأضاف “ساعد نبيل، من خلال عمله مع وكالة فرانس برس خلال السنوات الماضية، على إظهار حقيقة النزاع اليمني المروع. وكانت نوعية عمله مقدرة على نطاق واسع”.
ونجا القعيطي من الموت في أوائل يناير 2019 بعد هجوم شنه المتمردون الحوثيون بطائرة دون طيار على أكبر قاعدة عسكرية في البلاد، قاعدة العند الجوية في محافظة لحج أثناء استعراض عسكري كان يقوم بتغطيته. وقتل مسؤولون يمنيون بارزون بينهم رئيس الاستخبارات العسكرية ونائب رئيس هيئة الأركان في الهجوم.وربط ناشطون وإعلاميون بين عملية الاغتيال، والنشاط الإعلامي الذي كان يقوم به الصحافي القعيطي خلال تغطيته للمواجهات في محافظة أبين (شرق عدن) وطالبوا السلطات الأمنية في عدن بسرعة التحقيق في الحادثة وتقديم الجناة للمحاكمة.
ودان وكيل وزارة الإعلام اليمنية نجيب غلاب اغتيال القعيطي. وقال “أعتقد أن استهداف الصحافي نبيل القعيطي بعملية اغتيال منظمة ومخطط لها مسبقا هو استهداف للصحافة والصحافيين في اليمن، ويعكس فشل وأخطاء كل الأطراف المتصارعة في اليمن”.
وأضاف “نحن ندين هذه الجريمة بحق الصحافي القعيطي الذي كان عمله هو نقل الأحداث والحقائق بالصورة، ويبدو أن عمله أثار حفيظة بعض الأطراف المتطرفة نتيجة نشاطه الصحافي المكثف في الآونة الأخيرة”.
وأدان وزير حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية محمد عسكر جريمة الاغتيال وقال في تغريدة على تويتر “أدين بأشد العبارات اغتيال الصحافي نبيل القعيطي، في محاولة جديدة لإسكات الحق في حرية التعبير وكشف الحقيقة، والتي تعيش اليمن أسوأ فصولها، أدعو السلطات في عدن إلى تحمل مسؤوليتها في كشف الجناة وتقديمهم للعدالة، خالص العزاء لأسرته وللأسرة الصحافية اليمنية”.
ووصف نبيل الأسيدي رئيس لجنة التدريب والتأهيل في نقابة الصحافيين اليمنيين، اغتيال الصحافي القعيطي بأنه “تعبير عن استشراء حالة العداء المفرط تجاه الصحافة في اليمن، وتأكيد على خطورة المرحلة التي وصلت إليها أوضاع الصحافيين في ظل حالة العداء السياسي والصراعات والحرب متعددة الأطراف التي أصبح الصحافيون أبرز ضحاياها”.
وأشار الأسيدي في تصريح لصحيفة العرب الدولية إلى أن الصحافيين في اليمن باتوا مستهدفين من جميع الأطراف المتحاربة بهدف إشغال الرأي العام وإخفاء الحقيقة، وعبر عن خشيته من التلاعب بقضية اغتيال القعيطي كغيره من الصحافيين.
وطالب الجهات الأمنية في عدن بضرورة مباشرة التحقيق في الحادثة وكشف الحقائق أمام الرأي العام وعدم السماح بتحويل هذه القضية إلى جزء من التجاذبات السياسية التي تحولت إلى وسيلة للتحريض على الصحافيين باعتبارهم الضحية.
ولفت إلى تزايد أعداد القتلى من العاملين في الصحافة اليمنية ليصل العدد منذ بداية الحرب إلى 37 صحافيا يمنيا قتلوا وهم يمارسون عملهم الصحافي وكان آخرهم نبيل القعيطي.
وقال الأسيدي إن عدد المعتقلين من الصحافيين اليمنيين خلال خمسة أعوام فقط تجاوز الثلاث مئة، تم اعتقالهم أو احتجازهم لفترات متفاوتة بينما ما زال 17 منهم مختطفين حتى اليوم 14 منهم معتقلون من قبل الحوثيين وصحافي في مأرب وصحافي في حضرموت، وثالث مختطف من قبل تنظيم القاعدة.
وأدان الاتحاد الدولي للصحافيين في تغريدة على حسابه الرسمي في تويتر الاغتيال، ونشر الاتحاد على المنصة “اغتيال المصور الميداني نبيل حسن القعيطي –من وكالة الأنباء الفرنسية- في عملية إرهابية أمام منزله بمدينة عدن. لا لقتل الصحافيين، لا للإفلات من العقاب لمرتكبي الجريمة والجهات المسؤولة”.
وأثار اغتيال الصحافي نبيل القعيطي موجة من الحزن والغضب في مواقع التواصل الاجتماعي التي كان ينشط عليها من خلال نشر صور وأخبار المواجهات في أبين بين قوات الحكومة وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي.
واشتهر القعيطي بشجاعته الصحافية، حيث غطى حرب تحرير عدن وحرب تحرير مأرب، كما شارك في تغطية حرب الساحل الغربي، قبل أن يرافق قوات المجلس الانتقالي الجنوبي في جبهات أبين.
وقال الصحافي اليمني عزت مصطفى، إن “الوصول إلى اتخاذ قرار بالتصفية الجسدية لمصور صحافي لا يملك سوى كاميراته لنقل الأحداث يدلل على أمرين، الأثر الكبير الذي استطاع هذا الصحافي إحداثه وسط الرأي العام في الداخل والخارج؛ وثانيًا أن الجماعات الإرهابية تضررت من عمله وشعبيته والمتابعة الواسعة التي كان يحظى بها فقررت اغتياله”. وأضاف مصطفى “كانت شجاعة القعيطي الاستثنائية تثير الفزع في نفوس الإرهابيين الجبناء في مختلف المحطات وجبهات الحرب التي شارك القعيطي في تغطيتها بالصور ونقل حقائقها للعالم، واتسعت عدسة كاميراته لنقل المعاناة الإنسانية في كل مكان مر به كما أصبح ترمومترًا موثوقًا لدى العامة يقيسون من خلاله صدقية الأخبار وسط الكم الهائل من التضليل والتزييف”.
واعتبر القعيطي مصدرًا موثوقا للأخبار لدى العامة من بين كل الضخ الإعلامي، وكان لمعلوماته القول الفصل وكانت عدسة كاميراته حاسمة في بيان الحقيقة.
وكان القعيطي (34 عاما) مرشحا نهائيا عن فئة الأخبار لجائزة “روري بيك” التي تمنح لأفضل صحافيي الفيديو المستقلين في عام 2016. وهو أب لثلاثة أطفال وزوجته حامل.
وجاء اليمن في المركز 167 من أصل 180 وفق التصنيف العالمي لحرية الصحافة التابع لمنظمة “مراسلون بلا حدود”.