تقارير وتحليلات
عرض الصحف العربية..
تقرير: التدخلات التركية في الشرق الأوسط.. احتلال بذريعة الدفاع
وبحسب صحف عربية صادرة اليوم السبت، فإن البيانات التي أصدرتها الجامعة العربية بشأن العمليات التركية في العراق والتدخل التركي في ليبيا لم تكن على قدر الحد الأدنى مما هو مطلوب لحماية الأمن القومي العربي، حيث بلغت العربدة التركية في المنطقة العربية تحديداً، ذروتها في الأسابيع بل في الأيام الأخيرة إن صح التعبير.
أطماع واحتلال
أشارت صحيفة "العرب" اللندنية إلى أن مناطق بإقليم كردستان العراق تشهد حالة من الغضب والتململ بسبب تحوّل العملية العسكرية التركية من ملاحقة عناصر حزب العمّال الكردستاني في عمق الأراضي العراقية إلى عملية استعراض للقوّة لا يستبعد مراقبون أن تكون مقدّمة لاجتياح برّي يتمّ من خلاله فرض واقع جديد داخل المناطق العراقية المحاذية للأراضي التركية مطابق للواقع الذي فرضته تركيا في شمال وشرق سوريا بذريعة الدفاع عن الأمن القومي داخل أراضي الجيران.
ونبهت الصحيفة إلى أن تركيا وبالتوازي مع عمليتها العسكرية، بدأت اللّعب على وتر الخلافات بين أكراد العراق لإضعاف جبهتهم الداخلية تمهيداً للسيطرة على إقليمهم الذي لم تنفكّ تركيا تنظر إليه من زاوية تطرّفها القومي وعدائها التاريخي لأكراد المنطقة بما في ذلك هؤلاء المنضوين تحت راية الدولة التركية.
وذكرت الصحيفة أن أنقرة تستثمر في انتهاكها لسيادة العراق حالة الضعف الشديد الذي آل إليه البلد بعد 17 سنة من حكم الأحزاب الشيعية التي حوّلت أراضيه إلى ساحة صراع إقليمي ودولي على النفوذ داخله بعد أنّ شرّعت لإيران التدخّل في أدق شؤونه الداخلية والهيمنة على قراره السياسي، بل ضمنت لها حضوراً عسكرياً بالوكالة عن طريق العشرات من الميليشيات التي تدين بالولاء لطهران.
ورغم شدّة الخطاب الدبلوماسي العراقي ضد تركيا، فإن أنقرة تدرك قلّة ما يمتلكه العراق من أوراق لوقف تدخلّها العسكري في أراضيه، كما تدرك تماماً المشاكل السياسية والاقتصادية والأمنية الداخلية المعقّدة وترصد الأوساط السياسية والعسكرية العراقية بقلق تحوّل الخطاب التركي من الحديث عن مجرّد عمليات ملاحقة خاطفة لعناصر حزب العمال الكردستاني، إلى التلويح بإقامة قواعد عسكرية على الأراضي العراقية.
فذلكة "الوطن الأزرق"
وفي مقال للكاتب محمد نور الدين في صحيفة "الخليج" الإماراتية بعنوان "العربدة التركية والنظام العربي" أشار إلى أن تركيا منذ عام 2011 لم تنقطع عن جهودها لتأجيج الحرب في سوريا، وتفتيت بنيتها المجتمعية من جهة، والعمل، من جهة أخرى، ولا سيما منذ عام 2016 على البدء باحتلال منظم تدريجي للأراضي السورية عبر عمليات عسكرية انتهت حتى الآن إلى احتلال القسم الشمالي الغربي، إضافة إلى أجزاء واسعة من مناطق شرق الفرات الحدودية.
وذكر الكاتب أن المسؤولين الأتراك لم يخفو نواياهم في تلك المناطق، وهي استعادة حدود الميثاق الملّي لعام 1920 التي كانت تضم جنوباً كلاً من شمالي سوريا وشمالي العراق. ومن أجل هذا الهدف عملت تركيا على إعادة تنظيم وتغيير البنى الاجتماعية والسكانية والتعليمية والدينية والاقتصادية، بحيث تكون المناطق المحتلة هناك امتداداً لأرض تركيا نفسها، وتابعة إدارياً للمحافظات التركية الحدودية.
ونبه الكاتب إلى "فذلكة" جديدة بدأت تظهر في الآونة الأخيرة في تركيا تتحدث عن "حدود زرقاء" لتركيا تحت عنوان الوطن الأزرق، أي ما يمكن اعتباره "ميثاقا ملّياً بحرياً". وفحواه أن لتركيا حدود نفوذ وتأثير في البحار، ومنها البحر الأبيض المتوسط. وتمتد هذه الحدود وصولاً إلى ليبيا. ومن هذه الزاوية تبرر تركيا اتفاقاتها مع حكومة طرابلس برئاسة فايز السراج، وترسل قواتها البحرية والجوية والبرية، مع آلاف المرتزقة من إدلب وغير إدلب، إلى ليبيا.
انسلاخ الإرث
اعتبر الكاتب في صحيفة "الجزيرة" السعودية عبد العزيز الجار الله، دفاع تركيا عن دولتها الحديثة وعلمانية الدولة، وانفصالها عن الإرث العثماني، انسلاخ من هذا الإرث حيث استجابت ولسنوات لشروط وإملاءات الاتحاد الأوروبي كما كانت تمليه عليها دول الحلفاء المنتصرة في الحرب العالمية الأولى بشروط مذلة منها لتطلب منها التخلي عن ما يسمى الخلافة العثمانية والبقاء على علمانية الدولة وأن ينحسر نفوذها في بقائها في تركيا الحديثة.
وذكر الكاتب أن تركيا تحاول من خلال ليبيا وسوريا أن تتواجد في الضفة الأخرى لها أن تكون على نهايات الشواطئ الشرقية للبحر الأبيض المتوسط وتضع لها موطئ قدم مع ليبيا وهي في البحر الليبي دولة غير مجاورة أو مقابلة، من أجل أن تعزز موقفها التفاوضي على غاز ونفط البحر المتوسط إلى جانب مصر ولبنان وفلسطين، وتحرشاتها في القرن الأفريقي في الصومال بالبحر الأحمر والمحيط الهندي، ومياه المحيطين الهندي والأطلسي لتقول لأوروبا أنا تركيا على القرن الأفريقي في المحيط الهندي، وفِي شواطئ البحر الأبيض المتوسط الجنوبية والشرقية وإيران على المضائق باب المندب ومضيق هرمز.
وأوضح الكاتب أن تركيا أن تضع الوطن العربي داخل "كماشة" قاسية تحاصره في الشمال الأفريقي، وأرض الهلال الخصيب وخليج عدن، وإيران تغطي حصار بحر العرب وبحر عمان والخليج العربي لتنفذ أجندة كانت قديمة حان وقتها بعد الربيع العربي.
أجندات الإخوان
وتناولت صحيفة "الوطن" المصرية بمقال للكاتب حازم منير واقعة احتجاز مصريين فى مدينة ترهونة الليبية، على أيدى ميليشيا مسلحة، أكبر دليل قدمته الأحداث على خطورة الأوضاع فى الجارة الغربية، وهو مؤشر خطير على ما ستؤول له الأوضاع، إذا استمر الحال على ما هو عليه، وتضاعف التدخل التركي فى هذا البلد المترامي الأطراف من كل جانب، حتى عمق الصحراء.
وأشار الكاتب إلى أن الوجود التركي فى ليبيا من أخطر عوامل تأجيج الأزمة وتعميقها وتوسيع دوائرها، وربما يقول البعض إن التدخل التركي المباشر، لم يتم إلا منذ فترة قصيرة، لكنه فى الحقيقة يمتد لسنوات طويلة، تسبق أوضاع ليبيا، إلى ما جرى في مصر بعد يناير 2011، والذى ساهم أردوغان بدعمه للإخوان بنسبة كبيرة فى تحريك مجريات الأمور، وإعلانه مساندته لميدان التحرير، وتبادله الزيارات مع قيادات الجماعة الإرهابية، وهى كلها دلائل على الرؤية التركية لمستقبل المنطقة وفقاً لتصورهم.
وبحسب الصحيفة اللافت أن أردوغان يضع فى حساباته تداخل وتشابك المصالح الدولية فى المنطقة، والأداة الرئيسية له، هي جماعة الإخوان الإرهابية، مخلب القط الذي يتحرك به لغزو بلدان المنطقة. فهى تمثل ما يعتقد أنه واجهة دينية لجذب مشاعر المسلمين نحوه، بالإضافة إلى كونها تمتلك تنظيماً ممتد الأطراف فى العديد من دول العالم، الذى يعتمد عليه الاحتلال التركي للمنطقة فى الانتشار بين الجماهير لتبرير سياساته العدوانية، ومحاولة اعتبارها مجرد تحركات دينية لاستعادة الاحتلال التركي تحت مسمى الخلافة الإسلامية.
وخلص الكاتب إلى أن ما جرى في ليبيا اليومين الماضيين، هو جزء من مشهد التفكك والانهيار داخل ليبيا، وهو نموذج يعكس تأثير الدور التركي فى تكريس وتعميق التفكك، وفي الوقت ذاته تحضير المشهد لمزيد من العدوان على مناطق أخرى ومنها الجنوب الليبي.