سلطت صحف عربية الضوء على تداعيات مغامرات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في ليبيا، وسعيه إلى تحقيق أجندة الإخوان من خلالها.
ولفتت تقارير صحافية إلى أن تركيا تقدم حججاً واهية في سعيها إلى احتلال المزيد من المناطق العربية بعد سوريا، لتحقيق مصالحها بخبث، مشيرة إلى أنها في طريقها لفشل ذريع.
مقبرة أردوغان والإخوان
وفي التفاصيل، لفت الكاتب حميد زناز في مقال بصحيفة العرب، إلى أنه "يبدو واضحاً أن التدخل التركي في ليبيا هو التعبير الملموس لاستمرار السياسة الخارجية التركية التي كانت لها دائماً طموحات كبيرة في البحر المتوسط، بل تحمل في لاوعيها رغبة عثمانية في الهيمنة".
وتابع "يواصل أردوغان، كأجداده العثمانيين المستبدين ربط سياسته الخارجية ليس بالسياسة الداخلية في تركيا فحسب، بل واعتبارها عنصراً هاماً من هوية البلد. وهو عامل يوحد الأتراك عادة وراء قائدهم، خصوصاً حينما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية، وهذا ما يحتاجه أردوغان بعدما بدأ يظهر فشله الذريع في كل الملفات وتحاصره المعارضة من كل جانب وتطرده من على رأس بلدية مدينة إسطنبول الرمزية، ولكن يبدو أن هذه النظرية قد وصلت إلى نهايتها وسيجد الأتراك أنفسهم في ورطة كبيرة جراء مغامرات رئيسهم في ليبيا حيث ينتظره فشل ذريع وربما هزيمة عسكرية نكراء تتبعها حتما هزائم انتخابية له ولحزبه الإخواني".
وأشار إلى أنه "لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تبقى الجزائر وتونس ومصر مكتوفة الأيدي أمام تدفق الآلاف من المرتزقة المتطرفين إلى ليبيا وقد تتصدى بصرامة دبلوماسية وحتى عسكرية لمنع انتشار تلك الجماعات الممولة من قطر، وربما ستحمي الجزائر ومصر حدودهما بضربات استباقية قبل أن ينتشر الوباء الإرهابي على حدودهما ويصبح مهدداً لأمنهما الداخلي".
مصر والعرب.. والتحدي التركي
من جهة أخرى، ألقى الكاتب محمد نور الدين في مقال بصحيفة الخليج، الضوء على الدور المصري بشأن الأزمة الليبية، قائلاً: "ليست المرة الأولى التي ترفع مصر صوتها منددة بالغزو التركي لليبيا. لكن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يخرج للمرة الأولى، منذراً ومهدداً الجيش التركي من أن سرت والجفرا خط أحمر، داعياً القوات المسلحة إلى الاستعداد للقيام بمهمات خارج حدود مصر عند الضرورة".
وتابع "خروج السيسي هذا، قوبل في معظم أنحاء الوطن العربي بترحاب ليس لأنه يمكن أن يضع حداً للتدخل التركي (بل إخراجه نهائياً من ليبيا)، فهذا يتطلب تضافر كل الجهود العربية ومطلوب في الأساس منذ وقت طويل. لكن خروج السيسي كان يعيد الأمل بإمكانية أن تعود مصر للقيام بدورها الريادي العربي. وعندما تتحرك مصر يموج الوطن العربي، وعندما يتراجع دورها يتعرض الأمن القومي المصري والعربي للمخاطر الكثيرة".
ولفت إلى أنه "لا أحد يدعو لاستنزاف قدرات مصر، المنهكة اقتصادياً، في المستنقع الليبي. لكن الاندفاعة التركية في ليبيا تكاد تصل، وهذا هدفها، إلى الحدود الغربية لمصر. وكانت لتركيا محاولة بالغة الخطورة في أن يكون النظام في مصر تابعاً لها عندما انتخب محمد مرسي رئيساً وكان ما كان. وأنقذت مصر نفسها وأنقذت معها العرب بإطاحة مرسي قبل استفحال أمره. لكن أنقرة حزب العدالة والتنمية لم تستكن وانتظرت الفرصة مرة أخرى للانقضاض على مصر ومن معها، وهذه المرة من البوابة الليبية. خطير جداً أن تحتل تركيا ليبيا وتنهب ثرواتها، لكن الأخطر، أن هذا ليس سوى ممر لضرب الأمن القومي العربي في قلبه، في مصر. فهل تستطيع مصر أن تكسر أغلال ما بعد كمب ديفيد وتعود، وهذه أمنية كل عربي حر، إلى ريادة الوطن العربي؟".
أسئلة مفتوحة إلى أردوغان
أما الكاتب عبدالله جمعة الحاج، فطرح عدة أسئلة لأردوغان، في مقال بصحيفة الاتحاد الإماراتية، قائلاً: "ما الذي يريده منا تحديداً كعرب؟ وما هي نواياه تجاهنا؟ وما هي أسباب تلك النوايا ومنبعها وأهدافها؟ وما الذي فعلناه تجاه بلادك وشعبك حتى تقوم تجاهنا بما تقوم به؟ وهل ما تفعله من قتل ونحر وتنكيل للعرب نابع من روح الإسلام؟ أم أن جميع أنواع الأفعال هذه نابعة من نوايا توسعية تريد بها استعادة تاريخ أسلافك السيئ في البلاد العربية التي غزوها ونهبوا خيراتها وأذلوا شعوبها لما يقارب الأربعة قرون، ثم خرجوا منها عنوة بفعل الاستعمار الغربي بعد أن تركوها وهي من أكثر بلاد الأرض فقراً وجهلاً وتخلفاً؟ وهل أنت ومن يناصرونك في عدوانك تحملون حقاً روح الإسلام السمح والمتسامح؟ هذه الأسئلة هي غيض من فيض من الذي أحمله في نفسي من تساؤلات سلبية، وهي جميعها تدين وتشجب أعمالك في أوطاننا كعرب".
وأضاف "ما تقوم به في ليبيا هو قتل وسحل وتشريد لآلاف الليبيين العزل في جميع مدن الغرب الليبي، والأسلحة التي تستخدمها كلفت مليارات الدولارات الآتية من خزينة الدولة التركية، بالإضافة إلى مصادر أخرى سأحجب ذكرها إلى أن يحين الوقت المناسب لكشفها، وهي أموال ضرورية وتكفي أو تزيد لانتشال المواطنين الأتراك من الفقر والعوز الذي يعيشون فيه بسبب التردي الاقتصادي في الداخل التركي وتقوم حكومتك باستخدامه لأغراض محورها العدوان والقتل والتنكيل بالليبيين الشرفاء، فأين هو العقل، وأين هي الحكمة تجاه هذه المسألة؟ والمهم في الأمر هو أن دولة عربية مسلمة تم تدميرها وقتل شعبها عن طريق استخدام أكثر الأسلحة فتكاً في عالم اليوم من طائرات مسيرة وصواريخ متقدمة وقذائف مدمرة، وفوق هذا وذاك عن طريق استئجار وتسليط مرتزقة من الإرهابيين وشذاذ الآفاق المارقين لكي ينحروا الليبيين ويفتكوا بشبابهم ويستبيحوا حرماتهم".