صادف يوم الخميس الماضي، مرور عامين على إعادة انتخاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رئيساً للبلاد، وتحديداً في 9 يوليو (تموز) 2018. وبهذه المناسبة، عرض موقع "أحوال تركية" تقريراً مفصلاً عن أهم "إنجازات" الزعيم العثماني خلال هذه الفترة، والتي تكللت بانهيار اقتصادي كبير.
ولفت التقرير إلى ارتفاع معدلات البطالة، وتراجع الناتج الاقتصادي، وارتفاع التضخم، ما تسبب بقلق كبير لمعظم المواطنين في البلاد وخارجها، حيث بات المستثمرون الاجانب يتجنبون الاستثمار في تركيا.
سلطات هائلة
عودة إلى 2017، وافق الناخبون الأتراك على إدخال النظام الرئاسي التنفيذي بهامش ضيق في استفتاء على الصعيد الوطني في 17 أبريل، شابته مزاعم بالتلاعب بالأصوات. وبعد أكثر من عام بقليل، في 24 يونيو (حزيران) 2018، أعيد انتخاب أردوغان، زعيم حزب العدالة والتنمية الحاكم، ولكن هذه المرة مع سلطات جديدة هائلة.
في اليوم التالي لحفل اليمين الدستورية في 9 يوليو (تموز) في العاصمة أنقرة، يقول التقرير "أصدر أردوغان أول مراسيمه الرئاسية والتي مُنحت له بموجب النظام الجديد لإعلان حكومته. بدأ رسمياً ولايته الرئاسية الحالية في اليوم التالي.
وعود باطلة
في العامين التاليين، كان النظام الرئاسي الذي حل محل النظام البرلماني التركي، محط تركيز الكثير من المحللين، حيث تركزت المناقشات على مجموعة متنوعة من القضايا، بما في ذلك تأثير النظام على السياسة الخارجية، والسلطات التنفيذية والتشريعية الممنوحة لأردوغان وزيادة الإنفاق الرئاسي.
ومع ذلك، بحسب التقرير "أثر النظام الرئاسي على الاقتصاد بشكل أكبر. كان أردوغان وعد الناخبين بأن الترتيب الجديد سيحقق الاستقرار الاقتصادي والنمو وزيادة الاستثمارات والازدهار. إلا أنه بدلاً من ذلك، تقلص الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 125 مليار دولار، وسجل عجز الميزانية ارتفاعات قياسية وارتفع التضخم.
تم تداول الليرة عند حوالي 4.73 مقابل الدولار عندما تولى أردوغان دوره المعزز. وسجل رقماً قياسياً قدره 7.269 مقابل الدولار في أوائل مايو (أيار). واليوم، يتم التداول بسعر 6.85 للدولار الواحد.
ارتفاع التضخم
وبينما تراجعت الليرة، كان التضخم يتجه صعوداً. وتقف الزيادات السنوية في الأسعار الآن عند 12.6% مقارنة بـ 8.6% في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على الرغم من تراجع الطلب الناجم عن تفشي فيورس كورونا.
وأضاف تقرير "أحوال تركية" أن البنك المركزي التركي، خفض بناء على أوامر أردوغان، أسعار الفائدة الرئيسية إلى 8.25% من 24% في يوليو (تموز) العام الماضي، مما ساعد على تحفيز الطلب الاستهلاكي والنشاط الاقتصادي.
ربما يكون التضخم والسياسة النقدية في المكان الذي كان فيه تأثير حكم الرجل الواحد في تركيا هو الأكثر تأثيراً من الناحية الاقتصادية. يؤكد أردوغان أنه من أجل خفض التضخم، لا بد من خفض أسعار الفائدة. هذا التأكيد ينبع عن النظرية الاقتصادية التقليدية والتي أصبحت غير مواتية نمع التغيرات التي يشهدها الاقتصاد العالمي.
ارتفاع البطالة
وقال معهد الإحصاء التركي أمس الجمعة، إن البطالة بلغت 12.8% في الأشهر الثلاثة حتى مايو (أيار). وانخفض هذا المعدل من 13.2% في أبريل (نيسان) لكنه ارتفع من 10.1% في يوليو 2018.
وتقلص عدد العاملين في تركيا بشكل كبير، حيث انخفض الرقم بمقدار 2.59 مليون شخص إلى 25.6 مليون في الأشهر الثلاثة حتى مايو (أيار) مقارنة بالفترة نفسها من 2019. وبلغ معدل التوظيف، أو نسبة السكان في سن العمل في العمل، 41.1%، بانخفاض 4.9 نقطة مئوية.
اتخذ أردوغان وحكومته العديد من الإجراءات للمساعدة في تعزيز الوظائف منذ اندلاع كورونا في أوائل مارس (آذار)، بينها منع الشركات من تسريح العمال. وهذا يعني أن أرقام البطالة يتم تدليكها بشكل فعال لأن الشركات في تركيا قد تضع العمال فقط في إجازة غير مدفوعة الأجر، ولا تشمل البيانات هؤلاء الأشخاص.
عجز الموازنة
في غضون ذلك، اتسع عجز الموازنة في تركيا إلى مستويات قياسية حيث سعت الحكومة إلى تحفيز الاقتصاد وتخفيف تأثير فيروس كورونا.
بلغ عجز الموازنة 17.3 مليار ليرة في مايو (أيار)، واتسع بنسبة 44% عن العام السابق، ودفع الفجوة إلى 90.1 مليار ليرة في الأشهر الخمسة الأولى من العام، وهو رقم يعادل 65% من هدف الحكومة في نهاية العام وهو 138.9 مليار ليرة. وبلغ العجز 43.2 مليار ليرة في أبريل (نيسان)، أي أقل بقليل من الفجوة القياسية البالغة 43.7 مليار ليرة التي سجلت في مارس (آذار).
وفي الوقت نفسه ، انخفض الناتج الاقتصادي التركي إلى 758 مليار دولار في الأشهر الـ 12 حتى مارس (آذار). هذا الرقم أقل بنسبة 16 % من الناتج المحلي الإجمالي البالغ 883.9 مليار دولار المسجل لنفس الفترة حتى مارس (آذار) 2018، مباشرة قبل إدخال النظام الرئاسي.
انخفاض الاستثمار
في الوقت نفسه، انخفض الاستثمار الأجنبي في الأسواق المالية التركية، حيث تراجعت قيمة الأسهم المطروحة في بورصة إسطنبول المملوكة للمؤسسات والأشخاص في الخارج بمقدار 8 مليارات دولار هذا العام إلى 24.4 مليار دولار.
وهذا يعني أن رأس المال الأجنبي يعادل الآن أقل من 50% من إجمالي الاستثمار في البورصة، لأول مرة منذ 16 عاماً.
سياسة فاشلة
وقال الأستاذ في كلية التجارة بجامعة يديتيب فيسيل أولوسوي، إن تركيا تدفع الثمن الكبير للانتقال من نظام برلماني إلى نظام رئاسي للحكومة والاقتصاد. الصورة التي نراها تعكس الآن تأثير السياسة الاقتصادية ونقص الرقابة".
وبحسب التقرير، فهناك الآن شكوك جدية حول من يسيطر على عدد لا يحصى من المؤسسات الاقتصادية الرئيسية التي كانت مستقلة في السابق، بما في ذلك البنك المركزي، ومجلس أسواق رأس المال، ومحكمة الحسابات، ووكالة التنظيم والإشراف المصرفي (BDDK)، وفقاً للاقتصاديين.
تراجع الاقتصاد
فأصبحت إدارة الاقتصاد أكثر صعوبة لأن أهداف الحكومة وتوقعات المجتمع لا تتطابق، وفقاً لأونر غونكافدي، أستاذ في قسم الهندسة الإدارية بجامعة اسطنبول التقنية. وقال إن ذلك يعني أن النتائج الاقتصادية للعامين الماضيين هي عكس ما وعدت به الحكومة.
وقال جونجافدي، إنه "طالما فشلت الحكومة في تنفيذ مشروعات للتعامل مع أكثر مشاكل تركيا المزمنة مثل البطالة والتضخم، الأزمة ستتعمق أكثر. بالنظر إلى العديد من المؤشرات، نرى أن الاقتصاد في التراجع مخيف".