تقارير وتحليلات
في ظل إجراءات صارمة تتخذها الحكومة العراقية الجديدة..
تقرير: ماهي الدلالات والأهداف الخفية في زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى العراق
في ظل إجراءات صارمة تتخذها الحكومة العراقية الجديدة برئاسة «مصطفى الكاظمي» لإعادة الأمن والاستقرار إلى العراق بالقضاء على كل أوجه الفساد التي تحاصر بلاد الرافدين، وفي ظل مساعي «الكاظمي» لإعادة العراق إلى المحيط العربي مرة أخرى بعد سنوات عديدة، ومع استمرار جهوده للقضاء على أذرع إيران في بغداد وحماية المنافذ الحدوية للعراق وتحديدًا المشتركة مع إيران؛ تسعى الجمهورية الإيرانية إلى استخدام جميع أدواتها من أجل استمرار سيطرتها على بلاد الرافدين ومنظومة صنع القرار بها، والاستحواذ على مجالاتها السياسية والاقتصادية، محاولة جذب «الكاظمي» لصالحها، كما فعلت لسنوات مضت مع جميع رؤساء الوزراء العراقيين السابقين.
توجه إيراني
وفي هذا الإطار، قام وزير الخارجية الإيراني «محمد جواد ظريف» بزيارة لمدة يوم واحد إلى العاصمة العراقية «بغداد» في 19 يوليو 2020، أجري خلالها محادثات مع كبار المسؤولين في الحكومة العراقية، وبحث عددًا من الملفات المشتركة بين البلدين، والتي كان من بينها الاتفاقات التي تم توقيعها خلال زيارة الرئيس الإيراني «حسن روحاني» إلى بغداد مايو 2019، إضافة لتناول القضايا الإقليمية والدولية، كما تم التطرق إلى حادثة اغتيال واشنطن لقائد فيلق القدس الإيراني السابق «قاسم سليماني» ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي «أبومهدي المهندس» في بغداد مطلع يناير 2020، وفقًا لما أعلنته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إرنا».
وتجدر الإشارة إلى أن زيارة «ظريف» إلى بغداد، تأتي قبل يوم واحد من الجولة التي سيقوم بها رئيس الوزارء العراقي، والتي كان سيبدأها بالسعودية ثم إيران ختامًا بأمريكا، وذلك قبل أن يتم اليوم الإثنين 20 يوليو 2020، إلغاء السعودية لزيارة «الكاظمي» بسبب دخول العاهل السعودي «سليمان بن عبدالعزيز» إلى المستشفى، ومن ثم سيتوجه «الكاظمي» وفقًا لما أعلنته وكالة الأنباء العراقية «واع» إلى إيران أولًا في 21 يوليو 2020.
وبشأن ذلك، يطرح تساؤلًا عن الأهداف الخفية الكامنة وراء الزيارة الخاطفة التي قام بها وزير الخارجية الإيراني إلى العراق في ذلك التوقيت، خاصة أنها من المفترض كانت تأتي قبل يوم واحد من زيارة «الكاظمي» إلى السعودية ثم إيران، وبناءً على ذلك، أعلن المحللون السياسيون أن «ظريف» قام بزيارة بغداد من أجل تسهيل مهمة رئيس الوزراء العراقي قبيل زيارته إلى الرياض، ولتأكيد إيران على أنه ليس هناك ما يقوض العلاقات بين بغداد وطهران.
فضلًا عن أنها تأتي في ظل جهود رئيس المخابرات السابق «الكاظمي» لفرض سيطرته على قوات الأمن والجماعات المسلحة غير النظامية المنتشرة بشكل كبير في بغداد، وفي ظل رؤية رئيس الوزارء العراقي على إحداث توازن القوى في بغداد، من خلال الحفاظ على هذا التوازن بين جميع اللاعبين الخارجيين، وهو ما لا يريده النظام الإيراني الذي يحاول الاستحواذ على بلاد الرافدين دون غيره من بلدان المنطقة.
وأوضح «مسعود إبراهيم» أستاذ الدراسات الإيرانية بجامعة كفر الشيخ المصرية، أن الأهمية الخاصة من وراء زيارة «ظريف» إلى العراق، هو أن «الكاظمي» قد يحمل رسالة من طهران إلى الرياض، في إطار «الدبلوماسية الناعمة» التي تتبعها إيران في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها نتيجة للعقوبات الأمريكية وكذلك أزمة جائحة «كورونا».
أهداف غير معلنة
ولفت «إبراهيم» في تصريح لموقع المرجع، أن المعلن من جانب إيران حول هذه الزيارة هو العلاقات الثنائية بين البلدين ومتابعة التحقيقات في قضية مقتل «سليماني» مع الحكومة العراقية، ولكن لا شك أن هناك أهدافًا غير معلنة من وراء هذه الزيارة يأتي على رأسها أن إيران لن تترك العراق أبدًا لغيرها؛ خاصة في ظل رغبة رئيس الوزراء العراقي عن انفتاحه في علاقاته مع الدول العربية، وهو ما يمثل تحديًا كبيرًا للنظام الإيراني الذي يعتبر العراق الأهم إستراتيجيًّا بالنسبة له، في ظل العقوبات الدولية المفروضة عليه. وكما يقولون فالعراق هو الحديقة الخلفية للنظام الإيراني وكانت الطريق الأهم للالتفاف على العقوبات الدولية وتهريب البضائع والسلع والبترول من خلاله.
وأضاف أنه مع رغبة «الكاظمي» في دعم وحماية الحدود والمنافذ العراقية، فهو يعني محاصرة للدور الإيراني في العراق وقطع أيادي ميليشيات النظام الإيراني في العراق، وتحجيم دورها في العراق، وفي مساعدة النظام الإيراني في الخروج من مأزق العقوبات.
هيمنة إيرانية
ولذلك فإن إيران وفقًا لـ«إبراهيم»، لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي محاولة لإخراج العراق من تحت الهيمنة الإيرانية في ظل الحرب الكلامية بين طهران وواشنطن التي يمثل فيها العراق والوجود الإيراني فيه حجرة عثرة وقلقًا دائمًا لواشنطن والدول العربية المناوئة بطهران، وهو ما يعني ضرورة استمرار الوجود الإيراني في العراق.
ولفت «إبراهيم» إلى أن توجهات الحكومة العراقية الجديدة تمثل قلقًا بالغًا لنظام الملالي، وتوجه الكاظمي للرياض يمثل تهديدًا للوجود الإيراني في العراق وهو ما جعل طهران تسرع في إرسال «ظريف» لاحتواء الموقف، وربما يكون «الكاظمي» المنفتح أكثر على الدول العربية هو حلقة الوصل بين طهران والرياض في ظل الأزمات التي تعاني منها طهران.