تقارير وتحليلات

مقاتلون بالوكالة..

تقرير: مرتزقة تنظيم الإخوان الإرهابي.. من ليبيا إلى اليمن وسوريا

مقاتل من الجيش الوطني الليبي يقود أحد المرتزقة عقب اسره خلال معارك طرابلس - ارشيف

تحت شعار "جيش الخلافة الإسلامية "، تحالفت تركيا مع منظمات إرهابية كداعش والقاعدة لتشكيل ميليشيات تابعة لها فى سوريا، وقد استخدمت نفس الورقة فى معركة طرابلس أواخر ديسمبر 2019، بعد قرار أردوغان نقل مرتزقة إلى ليبيا، ولكن التحالف هذه المرة مع تنظيم الإخوان المسلمين فى اليمن لإمداده بالمقاتلين، وهو ما كشف عنه إلقاء قوات الجيش الليبى القبض على عدد من المرتزقة اليمنيين من حزب الإصلاح – ذراع تنظيم الإخوان الدولى فى اليمن - حينما كانوا يقاتلون فى صفوف ميليشيات حكومة فايز السراج.


تقارير استخباراتية أكدت تورط "إخوان اليمن" فى دعم الإرهاب فى ليبيا؛ حيث يواصل حزب الإصلاح الإخوانى فى اليمن استخدام جميع الحيل للدفع بمقاتلين إلى ليبيا برعاية تركية. فما الدور المُوكل إليه فى الصراع الدائر فى ليبيا؟ وكيف تم توظيف إخوان اليمن "كمقاتلين بالوكالة"؟

صفقات مشبوهة

تلعب جماعة الإخوان المسلمين فى اليمن، متمثلة فى حزب الإصلاح، دوراً رئيسياً فى تغذية تركيا بعناصر تنتمى إلى تنظيمات إرهابية، وهو ما يبرر رعاية أنقرة لميليشيات حزب الإصلاح، فى معسكرات الحزب لتأسيس جيش إخوانى وتحويله إلى شبكة لا مركزية تضم تنظيمات متعددة لاستغلالها فى الصراعات الإقليمية.

بدأ الاستثمار التركى، متخفياً وراء ستار حليفها القطرى، فى تجهيز معسكرات جماعة الإخوان المسلمين فى اليمن، لضمان تحالفات مستقبلية ودعم لأى عمليات عسكرية، لكن بعد سقوط نظام على عبدالله صالح وتعطل مصالحها، وجدت فى حزب الإصلاح أداة مستقبلية لاستئناف مشاريعها فى اليمن، فبدأت فى تعزيز العلاقات بصفة مباشرة منذ عام 2014 وظلت لاعباً رئيسياً فى دعم حزب الإصلاح الإخوانى وتمكينه من السيطرة على المناطق النفطية فى جنوب اليمن تحت غطاء الجهود الإنسانية الإغاثة التركية.


النشاط الإغاثى التركى فى اليمن يعد الواجهة الخفية لنشاط الاستخبارات التركية، وقد سهل حزب الإصلاح الإخوانى، تغلغل المنظمات التركية الإغاثية داخل المحافظات اليمنية المسيطر عليها جماعة الإخوان المسلمين، وتبين ما وراء النشاظ الإغاثى التركى المزعوم بعد مصادرة شحنات أسلحة على متن سفن إغاثة تركية.


وفى ديسمبر عام 2018، كشفت قوات التحالف العربى ممارسات استخباراتية لفريق عسكرى تركى فى فندق بمدينة عدن جنوبى اليمن. ولم تكن تلك المجموعة هى الأولى، إنما تم اعتقال ضابطين من الحرس الثورى فى عدن فى أبريل عام 2015.


وسجلت زيارات عدة من قبل قيادات حزب الإصلاح إلى تركيا المحطة الجوهرية فى الاستثمار التركى لصناعة مرتزقة الإخوان، والمحطة الأبرز كانت عام 2016 حين غادر حمود المخلافى، القائد العسكرى للجناح المسلح للإخوان فى تعز، جنوب غربى اليمن، إلى تركيا، وبدأ فى دعوة اتباعه فى تعز لتجنيد مقاتلين جدد وتدريبهم عسكرياً.


تكثيف نشاط "المخلافى" لتجنيد المرتزقة لم يأت اعتباطاً، فهو الوسيط التركى فى اليمن لتنفيذ الصفقة المشبوهة لصنع مرتزقة لتجهيزهم فى حروب بالوكالة، ويعد معسكر "المخلافى" بمحافظة تعز جنوب غربى اليمن، أخطر معسكر تموله تركيا فى اليمن إذ يضم مجاهدين من جنسيات مختلفة، وكانت آخر دفعة قد تم استقطابها الشهر الماضى وتدريبها داخل مدارس تعز التى هجرت بسبب فيروس كورونا، وحُولت إلى معسكرات تضم ميليشيات إخوانية..

هكذا يتم ُصنع مقاتلين بالوكالة

وتتضح خيوط الصفقة بين تركيا وذراع التنظيم الدولى لجماعة الإخوان فى اليمن منذ عام 2011، عقب الأزمة السياسية التى شهدها اليمن وتسليم الرئيس السابق على عبدالله صالح الحكم، حين قام جناح الإخوان داخل حكومة الوفاق اليمنية بتسهيل عدة اتفاقيات مع تركيا فى 12 ديسمبر 2012، حيث أقرت الحكومة اتفاقية الإلغاء المتبادل لتأشيرات الدخول بين اليمن وتركيا، وكذا اتفاقيه إعادة الأشخاص المقيمين بصفة غير قانونية والموقعة بين اليمن وتركيا.

ومنذ ذلك التاريخ ما زالت عملية نقل قيادات محسوبة على حزب الإصلاح الإخوانى إلى تركيا بحثاً عن التمويل تحت مسميات عدة، فضلاً عن إرسال قيادات استخباراتية تركية إلى اليمن، لتشكل بؤراً إرهابية، تمهيداً لتصديرهم خارج اليمن، إذ رصد المرصد السورى أن معسكرات حزب الإصلاح تورطت فى نقل مقاتلين إلى سوريا وليبيا والصومال.


وحتى نفهم كيف تشرف تركيا على التدريب العسكرى لإعداد المرتزقة داخل معسكرات حزب الإصلاح - ذراع التنظيم الدولى لجماعة الإخوان فى اليمن-، علينا فك شفرات شركة "صادات" التركية التى تعمل فى مجال الاستشارات العسكرية، برئاسة الجنرال التركى المتقاعد عدنان تنرى فردى، عضو هيئة السياسات الأمنية والخارجية، وهى إحدى الهيئات التابعة للرئاسة التركية، التى تمتلك العديد من معسكرات التدريب لتدريب الميليشيات الإرهابية والتنظيمات المتطرفة فى المنطقة العربية.

ووفقاً لموقع الشركة؛ فإنها متخصصة فى تأسيس جيوش تخدم مصالح تركيا من خلال التدريب العسكرى للقوات البرية والبحرية والجوية للدول الإسلامية، ابتداء من السلاح، وحتى التدريب على أنشطة الكمائن والإغارة وإغلاق الطرق والتدمير والتخريب وعمليات الإنقاذ والاختطاف، وكذلك التدريب على العمليات الخاصة.


 تقرير لمركز "استكهولم للحريات" كشف عن دور الشركة فى تدريب ميليشيات الإخوان فى عدة دول عربية على رأسها اليمن وليبيا والسودان والصومال وحركة حماس فى قطاع غزة، كما كشف أن "صادات" لعبت دور الوسيط لضم المقاتلين الليبيين لفروع تنظيم "داعش" سواء من داخل أو خارج ليبيا.

وجهات مرتزقة إخوان اليمن

وفى سبتمبر 2019 تم تحديد وجهة المرتزقة الذين تم تدريبهم عدة سنوات داخل معسكرات الإخوان فى اليمن، فى لقاء جمع بين عناصر من حزب العدالة والتنمية المحسوب على جماعة الإخوان فى تركيا مع 500 عنصر من حزب الإصلاح فى مؤتمر بعنوان "أصالة الفكرة واستمرارية الرسالة" للتنسيق ورسم ملامح الصفقة القادمة، بين أنقرة وجماعة إخوان اليمن، فى المنطقة العربية.

وفى إطار الاستخدام التركى لإخوان اليمن، كشف تقرير استخباراتى بريطانى


SIS قيام حزب الإصلاح المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين بنقل يمنيين إلى تركيا تحت ستار تلقى العلاج الطبى، ومنها إلى ليبيا، مشيرة إلى أن عدداً من المجندين "الإصلاحيين" يشاركون فى العمليات التركية ضد قوات حفتر فى ليبيا.

وكما كشف المرصد السورى لحقوق الإنسان، عبر تسجيلات مرئية، وصول دفعة جديدة من مرتزقة إخوان اليمن إلى ليبيا، وفور وصولهم إلى ليبيا انضمت إلى فصائل "لواء المعتصم وفرقة السلطان مراد ولواء صقور الشمال والحمزات وسليمان شاه».

ولتكتمل خيوط المؤامرة الإخوانية، كشف المجلس الانتقالى الجنوبى فى اليمن الدوافع الخفية لتكثيف نشاط حزب الإصلاح لإنشاء معسكرات، كما حذر من وجود عناصر استخبارات تركية فى محافظة شبوة تحت غطاء منظمة الإغاثة الإنسانية التركية، التى تنشط فى المحافظة منذ سقوطها تحت سيطرة جماعة الإخوان المسلمين فى أغسطس الماضى، بالتزامن مع استقطاب حزب الإصلاح عناصر إرهابية إلى ميليشياته تحت مسمى «المقاومة الشعبية».


فى إطار الصفقة، أقر حزب التجمع اليمنى للإصلاح بوجود أعضاء فى الحزب يشاركون فى الحرب التركية فى ليبيا، ولم يخف الدعم لحكومة السراج الموالية لأنقرة سياسياً وإعلامياً، ورفض، فى يونيو الماضى، التوقيع على بيان الأحزاب والقوى السياسية اليمنية المؤيدة لموقف مصر الرافض للتدخل التركى فى ليبيا.

رجال تركيا فى اليمن

صفقة ليست هى الأولى من نوعها فقد سبق إرسال مرتزقة جهاديين من اليمن إلى سوريا بتمويل قطرى وتنسيق إخوان يمنى تركى، هو ما اتضح بشكل كبير من خلال حرص الدولة التركية على زيادة رحلات الطيران من اليمن إلى تركيا؛ حيث كثقت رحلاتها فى عام 2014 بواقع 7 رحلات أسبوعية بواقع رحلة كل يوم، قبل التضييق عليها بعد دخول التخالف العربى فى حرب اليمن ضد ميليشيات الحوثى فى مارس 2015.

وجاءت زيارة وزير النقل اليمنى صالح الجبونى، المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، إلى تركيا فى 23 ديسمبر 2019 لتأمين منافذ أخرى لتركيا بعد التضييق على الرحلات الجوية؛ حيث أعلن وزير النقل اليمنى عقب زيارته عن التوصل إلى اتفاق مع نظيره التركى، يقضى بمنح الشركات التركية حقوق استغلال الموانئ والمطارات اليمنية، والمشاركة فى تأهيل البنية التحتية للنقل، قائلاً: «إن تركيا عادت وبقوة للساحة العالمية بقيادة أردوغان»، وهو ما يكشف عن مطامع تركيا فى اليمن للسيطرة على الملاحة عبر باب المندب.

علاقة متجذرة بين نظام أنقرة وإخوان اليمن

العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين فى اليمن وأنقرة لست وليدة اللحظة، إنما تعود للجذور التى تأسس منها حزب العدالة التنمية فى تركيا فى مرحلة السبعينيات، حيت يعد الرابط الفكرى هو الرابط الأساسى الذى يجمعهما. ولعل دفاع حزب الإصلاح المستميت عن الاحتلال العثمانى لليمن وللأقطار العربية باعتباره الفتح العثمانى لإنشاء دولة الخلافة الإسلامية، لم يكن إلا جزءاً من توجهات تنظيم الإخوان الدولى.

واليمن لم يكن بعيداً عن مسرح مؤمرات تركيا، لا سّيما بعد تحالف تركى على تمكين حزب الإصلاح من السيطرة فى اليمن. تلك التحالفات التى تتضح فى اعتراف مرشد جماعة الإخوان المسلمين فى اليمن والحاكم العسكرى لمحافظة تعز، عبده فرحان سالم، بتلقيه دعماً من قطر وتركيا وإيران.

وفى ضوء هذه الاعترافات يتضح جلياً الدور المسند إلى جماعة الإخوان المسلمين فى اليمن وتنكشف حلقة من سلسلة الصفقات بين أنقرة و"إخوان اليمن" أكثر من اعتماد الأخير على التمويل.

سوابق فى الإرهاب

"الأفغان اليمنيون يشكلون القيادة الفعلية لإخوان اليمن".. بهذه الكلمات التى جاءت على لسان أحد قاعدة الجهاد، تكشف الصلة الخفية التى تربط حزب الإصلاح بالتنظيمات الإرهابية، على الرغم من محاولات النفى، فى حين أن الممارسات العملية تعكس الصلة القائمة بينهما طوال الوقت. فما من منطقة سيطر عليها الحزب الإصلاح الإخواني، إلا وكان التنظيم القاعدة قد سبقه ممهداً الطريق.

وفى عام 2015 تواطأ حزب الإصلاح فى تسليم المكلا، ثانى أكبر مدن المحافظات الجنوبية، إلى تنظيم «القاعدة»، أعقبها دعوة قيادات حزب الإصلاح على منابر الحكومة لتمثيل "القاعدة" فى حواراتها السياسية أسوة ببقية المكونات السياسية..

وفى مايو من العام نفسه، فرضت الخزانة الأمريكية عقوبات على القيادى فى حزب الإصلاح نايف القيسى، بعد تورطه فى الدعم المالى لتنظيم القاعدة فى جزيرة العرب، كما أدرجت أسماء قيادات الصف الأول للحزب على قائمة الشخصيات الداعمة للإرهاب. ناهيك عن تورط حزب الإصلاح فى إطلاق سراح سجناء من القاعدة من السجون، فى غضون الأزمة السياسية التى شهدها اليمن فى عام 2011. وأدانت عمليات الإنزال الأمريكية إيواء حزب الإصلاح فلول التنظيمات الإرهابية، حين استهدفت عبدالرؤوف الذهب، وهو قيادى بالقاعدة وعضو فى حزب الإصلاح، وقاسم الريمى زعيم تنظيم القاعدة فى الجزيرة العربية فى محافظة مأرب، المعقل الرئيسى لجماعة الإخوان فى اليمن – والذى كان مختبئاً فى مزرعة يمتلكها، القيادى الإخوانى، بن عبود الشريف.

وقد سبق واعترف الرئيس اليمنى الراحل على عبدالله صالح، عقب انفضاض شراكته مع الإخوان بأن التنظيم اليمنى هو الأب الروحى للتنظيمات الإرهابية.

معسكرات "إخوان اليمن" قبلة لفلول التنظيمات الجهادية

وفى اليمن يوجد أكثر من معسكر إخوانى لتدريب المرتزقة بتمويل قطرى وإشراف تركى، أخطرهم معسكر "يفرس" الواقع فى جبل حبشى بمحافظة تعز غرب اليمن، والذى يديره «عزام عبده فرحان» المدرج اسمه ضمن أخطر الإرهابيين فى القوائم التى أصدرتها الولايات المتحدة الأمريكية.

وإلى الشمال الشرقى للعاصمة صنعاء حيث محافظة مأرب المسيطر عليها جماعة الإخوان المسلمين، يقع معسكر «الرويك»، وهو أكثر الكتائب عدداً وتجهيزات عسكرية، يضم أكثر من 5 آلاف مقاتل ينتمى إلى تنظيم الإخوان. وسبق أن ورد اسم المعسكر فى محاضر تحقيق خلال قبض أمن عدن على شحنات سلاح مهربة من محافظة مأرب إلى محافظة تعز حيث يقع معسكر "المخلاقى" ثانى أخطر معكسرات الإخوانية التركية. ومعسكر «وادى أبو جبارة» الذى يربط محافظات مأرب والجوف وصعدة شمال اليمن، ويعتبر من أبرز الممرات الأمنية لمقاتلين ضمن تشكيلات إخوانية فى اليمن، وهو يقع تحت إشراف مباشر عبدالمجيد الزندانى المُصنف كإرهابى عالمى -وفقاً للخزانة الأمريكية-..

ثمة شواهد وأدلة تؤكد الدور التركى لتجهيز معسكرات حزب الإصلاح – ذراع التنظيم الدولى للإخوان المسلمين فى اليمن – كانت آخرها طلب الاستخبارات التركية بشكل رسمى من الفصائل السورية الموالية لها تحضير مقاتلين مرتزقة بغية إرسالهم إلى اليمن للقتال مع حزب الإصلاح – وفقاً للمرصد السورى لحقوق الإنسان، ورصد 300 عنصر من "فصيل السلطان مراد" فى سوريا، الموالى لأنقرة والمحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، تم تجهيزهم للسفر إلى اليمن مقابل 5500 دولار أمريكى سنوياً.

وفى ضوء هذه المعطيات، تبدو طبيعة المهمة المسندة إلى جماعة الإخوان فى اليمن، إذ يحرص على استدعاء الإرهاب إلى داخل اليمن، لينطلق منها إلى الدول المجاورة، ليكون أداة أردوغان فى تكوين جيش الخلافة. لتظل ملة جماعة الإخوان واحدة سواء كانت فى اليمن أو ليبيا أو مصر.

--------------------

المصدر| موقع اليوم الجديد

«رشاد العليمي» في مأرب لإعادة إحياء تحالف حرب «2019م».. الطريق إلى صنعاء من عدن


"قطاع غزة" بين نار الحرب والدبلوماسية: هل ينجح العالم في إخماد الصراع؟


مستقبل العلاقة الايرانية السعودية في ظل تزايد نفوذ طهران في المنطقة (رصد تحليلي)


الفنون الجنوبية بين الهدف والاستهداف.. من النشأة إلى التدمير "المسرح في عدن نموذجًا"