تقارير وتحليلات
تعثر مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة معين عبدالملك...
ناشط سياسي: ما يجري في مأرب حصيلة سنوات من العبث الحكومي
تجددت المواجهات في محافظة أبين (شرق عدن) بين قوات الحكومة المؤقتة وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي في الوقت الذي تترك فيه محافظة مأرب تواجه مصيرها لوحدها أمام هجمات الحوثيين.
وقالت مصادر محلية في أبين إن مناطق عديدة في المحافظة شهدت مواجهات عنيفة، في أعقاب هجوم شنته قوات الحكومة وتصدت له قوات الانتقالي التي عززت وفقا للمصادر من مواقع تمركزها في خطوط المواجهات بمناطق الطرية وجبهة الشيخ سالم ووادي سلا.
وأشارت المصادر إلى أن الطرفين استخدما مختلف أنواع الأسلحة بما في ذلك القصف المدفعي والأسلحة الثقيلة والمتوسطة.
ويتزامن تجدد المواجهات في أبين وتعثر تنفيذ بنود اتفاق الرياض مع تطورات عسكرية وسياسية في الملف اليمني، من أبرزها سعي الميليشيات الحوثية لتحقيق انتصار عسكري حاسم في محافظة مأرب الاستراتيجية، وتصاعد الضغوط الدولية لفرض تسوية سياسية تقوم على تكريس خارطة النفوذ الحالية في المشهد اليمني والتعامل مع المعطيات التي أفرزتها ست سنوات من الحرب.
وكشفت مصادر سياسية يمنية عن تعثر المشاورات الجارية في العاصمة السعودية الرياض حول تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة معين عبدالملك نتيجة لتصاعد الخلافات بين الأطراف الموقّعة على اتفاق الرياض حول شكل الحكومة القادمة، وانعكاس التوتر العسكري في أبين على مجريات المشاورات.
وعاد التوتر السياسي والإعلامي بين الحكومة المؤقتة والمجلس الانتقالي الجنوبي في أعقاب لقاء جمع رئيس المجلس عيدروس الزبيدي مع قيادة ما سُمّي “الجالية الجنوبية” في السعودية والخليج.
وشن نشطاء سياسيون وإعلاميون من جماعة الإخوان هجوما لاذعا على الانتقالي وقيادة التحالف العربي، على خلفية ظهور علم “اليمن الجنوبي” إلى جانب العلم السعودي في اللقاء، وهو ما اعتبره ناشطو الإخوان إشارة على دعم التحالف لمطالب الانتقالي، في ترديد للخطاب الإعلامي الذي دأبت عليه وسائل الإعلام القطرية للتشكيك في أهداف التحالف العربي لدعم الشرعية.
وتوقع مراقبون أن تلقي الأحداث العسكرية المتسارعة في محافظة مأرب بظلالها على أجواء الحوار السياسي الذي تشهده الرياض، إضافة إلى بروز مؤشرات على نشوء تحالفات يمنية وإقليمية جديدة في ضوء نتائج المواجهات التي تشهدها المحافظة التي توصف عادة بأنها معقل حزب الإصلاح في اليمن ومركز ثقله السياسي والاقتصادي.
واعتبر الصحافي عبدالوهاب بحيبح أن “ما يجري من هجوم على مأرب مرتبط بما جرى سابقا من سقوط جبهات نهم والجوف، وهو حصيلة ست سنوات من الأخطاء والعبث وعدم إدراك لما يشهده الإقليم من تغيرات وتحالفات تظهر بشكل يومي”.
وأضاف أنه ولتشتيت القوة فتحت معارك في صحراء الجوف القاحلة بإسناد نوعي، والهدف تسهيل دخول الميليشيا التي تدفع بالبشر إلى محافظة مأرب النفطية والغازية.
ولا تبدي الحكومة اليمنية المؤقتة أيّ ردود فعل إزاء التطورات المتسارعة على الصعيدين اليمني والدولي، كما يتهم مراقبون قيادة “الشرعية” اليمنية بالتعامل بفتور مع التهديدات الحوثية لمحافظة مأرب الغنية بالنفط والغاز، في ظل اتهامات من القبائل في مأرب بخوضهم المعركة بشكل منفرد من دون الحصول على أيّ إسناد من قبل قوات الجيش الوطني التي يتواجد قسم كبير منها في محافظات شبوة وأبين وحضرموت.
وأرجعت المصادر حالة الارتباك داخل “الشرعية” اليمنية، في التعامل مع الملفات الساخنة على الصعيدين السياسي والعسكري بأنها نتيجة لعوامل عدة من بينها ازدواج المصالح والتوجهات وتنامي الدور الذي يلعبه التيار القطري في الحكومة إضافة إلى تفشي الفساد وبروز طبقة من السياسيين الذي استطاعوا بناء شبكة مصالح عابرة للاصطفافات التقليدية، بعضها يرتبط بمصالح اقتصادية ومالية واجتماعية مع منظومة الفساد والنفوذ الحوثية.
وفي مسعى لتحريك الركود في معسكر الشرعية، طالب نواب يمنيون، الجمعة، الرئيس عبدربه منصور هادي، والبرلمان والحكومة بالعودة إلى البلاد، وممارسة مهامهم منها.
وقال أكثر من أربعين نائبا وقّعوا على الرسالة “تعلمون جميعا ما وصل إليه حال البلاد، في ظل عبث الميليشيات الحوثية الإجرامية، وعدم تواجد رئاسة الجمهورية، والبرلمان، والحكومة فيها”، كما طالب النواب الحكومة المؤقتة “بالانسحاب من اتفاق ستوكهولم الخاص بمحافظة الحديدة والعمل على استكمال تحرير باقي محافظات البلاد من ميليشيا الحوثي”.
وقلل مراقبون من أهمية الرسالة وقدرتها على إحداث أيّ تغيير، خصوصا أن النواب الموقّعين عليها أنفسهم يقيمون خارج اليمن، معتبرين أن المطالب المتكررة بعودة الحكومة اليمنية لا تتسم بالواقعية السياسية في هذا التوقيت، وخصوصا في ظل تعثر تنفيذ اتفاق الرياض الذي يصفه المراقبون بأنه طوق النجاة الأخير لانتشال “الشرعية” اليمنية من حال انهيار وشيكة على المستويين السياسي والعسكري والاقتصادي.