الاقتصاد

الحروب السيبرانية..

تقرير: كفاءة الجيوش الرقمية.. هل تمنع التهديدات العابرة للحدود؟

الفضاء السيبراني جزء من الأمن القومي

لندن

يشير تزايد التحذيرات من ارتفاع منسوب الهجمات السيبرانية، التي تستهدف الشركات وجهات حكومية وحتى أجهزة الاستخبارات في الدول إلى احتدام المواجهة الإلكترونية بين القوى العالمية. ورغم الترسانة الرقمية الهائلة، التي تأتي كجزء من الأمن القومي فإنها لا تمنع من التهديدات العابرة للحدود، التي تخلط الحسابات الجيوسياسية لكبار اللاعبين.

تؤكد معظم الترجيحات أن الحروب السيبرانية باتت تطيح بالحروب التقليدية العسكرية، حيث من المتوقع أن تندلع أكثر فأكثر بين الدول رغم أن الهجمات الإلكترونية ليست دموية لكن مساحة المتضررين منها في المستقبل ستكون أكثر من المتضررين من المعارك التي خبرها الناس.

وأدى التطور التكنولوجي كانتشار الإنترنت والأجهزة النقالة، وتوافر الحزمة العريضة للإنترنت عبر الأجهزة النقالة وتدني كلفتها، إلى ارتفاع أعداد مستخدمي الإنترنت وتزايد الاعتماد على هذه التكنولوجيات في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. إلا أن الانفتاح الذي يميّز شبكة الإنترنت، والفضاء السيبراني عموماً، جعلها عرضة للتعديات والأنشطة الإجرامية.

ولذلك، صار مستخدمو الفضاء السيبراني عرضة للانتهاكات من قبل مخترقي الشبكات ولذلك يصر المراقبون على أن تتبع الحكومات طريقة أفضل من أجل اعتماد الأطر القانونية والتنظيمية والإجرائية لمواجهة المخاطر السيبرانية وتوعية المؤسسات والأفراد حول هذه المخاطر وآثارها على أعمالهم وحياتهم الشخصية.

وظهرت العديد من الدراسات في الأشهر الأخيرة التي تقدم تحليلاً للوضع الراهن للجرائم الإلكترونية والأمن السيبراني إقليمياً ودولياً وعرضاً لوسائل تعزيز وتنسيق الجهود لمكافحة جرائم الفضاء السيبراني وضمان سلامته.

وتتضمّن معظم تلك الدراسات توصيات لإطار توجيهي سياساتي من أجل تعزيز الأمن السيبراني وبناء الثقة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وعلى سبيل المثال حثت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) مرارا الحكومات في المنطقة العربية على استخدام هذا الإطار التوجيهي وتكييفه حسب الحاجات الوطنية.

عدو مجهول

الحروب الإلكترونية تعتبر مواجهات غير معلنة تخوضها الدول ضد بعضها البعض، من خلال مجموعات ممولة ومدعومة من الحكومات تقوم بهجمات وحروب سيبرانية صامتة. وأهم ما يميزها أنها تتعامل مع عدو مجهول رغم أن دولا تتهم دولا أخرى صراحة بافتعال هجوم رقمي معين.

ويعيش العالم حربا جديدة بالغة الخطورة غير الحروب التقليدية، إذ أصبحت تؤرق العديد من الدول الأوروبية والعديد من المنظمات، حيث تعرضت بعض الدول مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة لهجمات إلكترونية، وتتهم الدول الأوروبية دولا مثل روسيا والصين بالوقوف وراء هذه الهجمات.

وكانت الولايات المتحدة قد قررت في شهر سبتمبر 2018 اتخاذ موقف أكثر شراسة في الحرب السيبرانية، التي تتواجه فيها خصوصاً مع الصين وروسيا ومنافسين آخرين، وقد أكد جون بولتون مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب للأمن القومي السابق حينها أن “أول استراتيجية إلكترونية مفصلية بالكامل خلال السنوات الـ15” الماضية دخلت الآن حيّز التنفيذ.

ومع اتساع شعور الولايات المتحدة بخطر هجمات القرصنة أكثر من أي وقت مضى قامت برسم استراتيجية تتمحور حول اتخاذ موقف أكثر شراسة في الحرب السيبرانية، التي تتواجه فيها مع خصومها وعدة منافسين آخرين لا يقلّون أهمية من هذين البلدين، وهما كوريا الشمالية والصين، فضلا عن الدعاية الإرهابية.

ويدافع الجنرال بول ناكاسوني، قائد القيادة الإلكترونية الأميركية ومدير وكالة الأمن القومي، عن فكرة تحول إدارة الرئيس دونالد ترامب نحو استراتيجية “أكثر عدوانية في الفضاء الإلكتروني”، قائلا إن “المهمة تطورت على مدار العقد الماضي لتصبح أكثر استباقية وهجومية من أجل مواكبة التهديدات المعقدة”.

وتشكل الهجمات السيبرانية والقرصنة الإلكترونية إحدى الطرق الفعالة والمدمرة التي يتم استغلالها لإلحاق الضرر بدولة أو مؤسسة دون عناء مقارنة بالهجمات المسلحة التي تتطلب مجهودات ومعدات ووقت أكبر.

ويستبعد المعهد الأوروبي لدراسة مكافحة الإرهاب والاستخبارات أن تحتل الحرب السيبرانية موقع الحرب التقليدية لكنها ربما تكون مقدمة تحضيرية لأنها تستهدف إفشال منظومة تبادل المعلومات تمهيدا للحرب وليست هي الحرب ولكنها مفتاح الدخول للحرب.

وذكر خبراء المعهد أنها ربما تمثل مفاتيح الانتصار في المستقبل القريب ولذلك أصبح الأمن الإلكتروني من أهم هواجس الدول الأمنية لضمان أمن وسلامة منشآتها الإلكترونية.

ومن هذا المنطلق ينبغي توظيف استراتيجية قوية خاصة بالأمن السيبراني وبذل المزيد من الجهد للانتباه لهجمات طلب الفدية، وتأمين عمليات تسجيل الدخول للتطبيقات التي يتم الوصول إليها من خارج الشبكة باستخدام أساليب مصادقة قوية.

ولا يتوقف الأمر عند ذلك الحد فقط، بل يجب فحص وتصفية حركة مرور البيانات على الإنترنت والاحتفاظ بنسخ احتياطية لجميع الأنظمة والبيانات الشخصية الهامة، تحسين تبادل المعلومات وتخطيط المهام وقيادتها في ما يتعلق بالشؤون السيبرانية.

وتواجه البلدان العربية اليوم طائفة من التهديدات والجرائم السيبرانية، والهجمات، وأنشطة التجسس وغيرها من الأنشطة الخبيثة، وفي معظم الأحيان لا تملك الوسائل لمراقبة شبكاتها والسيطرة عليها ما يعرضها لمخاطر قد تؤثر على أمنها القومي وعلى اقتصاداتها.

ومع زيادة وصول بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى اتصالات النطاق العريض واستخدام تكنولوجيا الجيل الخامس للاتصالات (5 جي)، أصبحت أكثر ترابطًا وعرضة للهجمات السيبرانية.

ويصبح من الأهمية، بحسب بسمة فايد الباحثة في قضايا الإرهاب الدولي بالمركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، تعزيز القدرة البشرية والمؤسسية لتأمين الفضاء السيبراني عبر بناء الثقة في استخدام الدول والموطنين للتكنولوجيات الحديثة.

جيوش إلكترونية

يأمل الخبراء أن تأخذ الدول خطوات جادة لنقل اتفاقية جنيف الرقمية المقترحة للحد من صراع الذكاء الاصطناعي، إلى أرض الواقع. ورغم ذلك لن توقف الاتفاقية الهجمات السيبرانية التي قد تشنها مجموعات قومية أو الميليشيات أو إرهابيون وغيرها من الجهات.

ويفترض أن تتعامل الاتفاقية عبر الاستعانة بالذكاء الاصطناعي لأنه سيوفر رادعا للهجمات كما حدث مع الأسلحة النووية خلال الحرب الباردة، ولكن على الجانب الآخر من الممكن أن تصبح تلك الأنظمة هي الأطراف المتحاربة بل ومن الممكن أن تكون طرفا قويا في حرب ضد البشر.

الخبراء يأملون في أن تتخذ حكومات الدول خطوات جادة لنقل اتفاقية جنيف الرقمية المقترحة إلى أرض الواقع

وقد كشف الجنرال باتريك ساندرز رئيس القيادة الاستراتيجية بالجيش البريطاني أواخر الشهر الماضي أنه بلاده تمتلك الإمكانات اللازمة لتنفيذ هجمات إلكترونية يمكنها تدمير البنية التحتية للخصم المحتمل.

وأطلق الجيش البريطاني “فوجه الرقمي” المتفرغ الأول، الذي سيُستخدَم لتنفيذ عمليات هجومية في الفضاء السيبراني ومواجهة الدول المعادية والمجموعات الإرهابية المحلية والخارجية، حيث يوفر درعاً رقميا للعمليات الخارجية، وكذلك يوفر حماية للبنية التحتية والقطاعات الصناعية في البلاد.

وكانت وزارة الداخلية الألمانية قد أدخلت في يناير الماضي تحسينات في إجراءات التصدي للهجمات الإلكترونية، وتدشين مركز دفاع سيبراني إضافي. وقد طالب روبرت هابك رئيس حزب الخضر الألماني حينها بأهمية تشكيل “شرطة إلكترونية”، وتدريبها على التعامل مع جرائم سرقة البيانات.

تقرير: جولة ترامب الخليجية تُعيد رسم خريطة الشرق الأوسط وتهمش إسرائيل


دراسة تحليلية: كيف يُهرَّب السلاح إلى الحوثيين في اليمن؟ الفاعلون والمسارات من 2014 حتى 2025


محادثات روسية أوكرانية مباشرة في إسطنبول: آمال حذرة بغياب بوتين وزيلينسكي


الحوثيون يلتزمون بوقف الهجمات على أمريكا ويستثنون إسرائيل: مستقبل غامض في البحر الأحمر