تقارير وتحليلات

قبضة المقاطعة العربية..

تقرير: أنقرة والدوحة تقودان حملة مضادة لإنقاذ السلع التركية

حملة المقاطعة التركية تتسع عربيا

أنقرة

بعد اتساع حملة المقاطعة العربية للمنتجات التركية على منصات التواصل الاجتماعي والتي انطلقت من السعودية بانضمام دول عربية عدة، رفضا لسياسات أنقرة العدائية والمتناقضة مع جهود دعم الاستقرار بالشرق الأوسط، شن أنصار الإسلام السياسي والإخوان المسلمون أبرز حلفاء الرئيس التركي رجب طيب اردوغان حملة ضد فرنسا للتشويش على "مقاطعة تركيا" التي تعاني أصلا تراجعا اقتصاديا خانقا وعزلة متفاقمة خلال السنوات الأخيرة.

وكانت الحملة ضد تركيا قد انطلقت بين السعوديين منتصف أكتوبر/تشرين الأول الجاري على وسائل التواصل الاجتماعي، لتمتد بدوافع شعبية وبدون قرار سايسي إلى الإمارات والكويت ومصر وتونس وليبيا والمغرب.

وبادرت متاجر سعودية آنذاك بإزالة منتجات تركية مختلفة من ورق العنب المخلل إلى القهوة والأجبان من رفوفها بعد دعوات سعودية الى مقاطعة هذه المنتجات مع احتدام التنافس بين الرياض وأنقرة.

ولطالما تنافست السعودية وتركيا على قيادة العالم الإسلامي، لكن التنافس الإقليمي بينهما تعزز عقب مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في عام 2018 في قنصلية بلاده في اسطنبول.

واشتكى مصدّرون أتراك للمنسوجات وبضائع أخرى مؤخرا من تأخير مبالغ به في الجمارك السعودية. وأوائل الشهر الجاري، دعا رئيس غرفة التجارة السعودية إلى "مقاطعة كل ما هو تركي"، مؤكدا أنها "مسؤولية كل سعودي، التاجر والمستهلك، رداً على استمرار العداء من الحكومة التركية على قيادتنا وبلدنا ومواطنينا.

بعد هذه الدعوة أعلنت سلاسل متاجر كبرى في السعودية، بينها أسواق عبدالله العثيم وتميمي وباندا أنها ستتوقف عن استيراد وبيع المنتجات التركية.

وفي أغلب المتاجر بالرياض، عمل موظفون على إزالة منتجات "مصنوعة في تركيا" من عدد كبير من الرفوف، وقاموا بملء عربات بمنتجات مختلفة مثل القهوة والشوكولاطه وعلب من الخضار المخللة. واستبدلت الأجبان التركية بأجبان صنعت في مصر.

وتشير أرقام رسمية إلى تراجع الصادرات التركية إلى 1.9 مليار دولار في الأشهر الثمانية الأولى هذا العام، مقارنة بما قيمته 3.2 مليار دولار في عام 2019.

ردا على الزخم العربي المتزايد لمقاطعة البضائع التركية، قادت جهات بدت فيما بعد أنها تنتمي لجماعات الإسلام السياسي الموالية لتركيا، حملة لمقاطعة البضائع الفرنسية، اتضح أن أنقرة وأبرز حلفائها قطر وتنظيم الإخوان، يقفان وراء ذلك.

وفي هذا الإطار أعلنت جمعيات تجارية عربية، مقاطعة منتجات فرنسية وسحبها بشكل كامل من معارضها، ضمن حملة احتجاجية على استمرار الإساءة للدين الإسلامي وشخص الرسول محمد عليه الصلاة والسلام.

وخلال الساعات الماضية انضمت عشرات الجمعيات إلى حملة المقاطعة المدعومة من قبل تركيا وقطر، مروجة لسحب المنتجات بشكل كامل، وذلك عبر منصاتها المختلفة في مواقع التواصل، وفق ما رصدته وكالة الأناضول التركية.

وتفاعل القائمون على حسابات تلك الجمعيات عبر هاشتاج (وسم) "#إلا_رسول_الله" و"#مقاطعه_المنتجات_الفرنسيه".

ويرى مراقبون أن هاشتاغ "#مقاطعه_المنتجات_الفرنسيه" الذي انتشر بالمنصات العربية وخاصة بالكويت ودول عربية لا تزال تنشط بها جماعات الإسلام السياسي، يهدف إلى إنقاذ البضائع التركية من قبضة المقاطعة العربية الأولى، فيما تعيش تركيا على وقع تراجع اقتصادي قاس نتيجة سياسة اردوغان العدائية التي عمقت عزلة بلده سياسيا واقتصاديا واستنزفت ميزانية البلاد باستمرار إنفاقه على التدخلات العسكرية الخارجية، وهو ما أنهك اقتصاد البلاد.

وتعاني تركيا خلال السنوات الأخير تراجعا اقتصاديا حادا تجلى في انهيار قياسي لليرة مقابل الدولار وارتفاع التضخم وتزايد نسب البطالة والفقر، فيما يستمر اردوغان في إدارة تركيا بسياسة وضعت اقتصاد البلاد في موقف ضعيف لمواجهة الأزمات المتناثرة، خصوصا في ظل تداعيات انتشار فيروس كورونا.

ويسعى الإخوان المسلمون بتخطيط أنقرة التي اعتمدت على تحريك أبواقها من منصات منتمية لجماعات الإسلام السياسي المنتشرة في أكثر من قطر عربي تحت شعار "نصرة الدين"، لاستغلال حملة المقاطعة الفرنسية لصرف انتباه الشارع العربي عن حملة المقاطعة الأولى التي جاءت كخطوات عقابية لتركيا ردا على نهجها السياسي المعادي في المنطقة.

وبينما تقول كل الحسابات التي تبنت حملة مقاطعة المنتجات الفرنسية، أن الحملة المضادة أتت ردا على إهانات الفرنسيين للدين الإسلامي، يرى محللون أنها جاءت في إطار تحركات أنقرة وحلفائها للتشويش على الحملة الموجهة ضد تركيا منذ أيام.

وفي سياق متصل قرر رئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية "النعيم التعاونية" بالكويت، مقاطعة كافة المنتجات الفرنسية "مع عدم عرضها أو بيعها، ورفعها تماما من كافة مواقع الجمعية، رافضين تماما كل ما يمس دين الإسلام ورسول الله".

واتخذت جمعية "ضاحية الظهر" الكويتية أيضا نفس الخطوة، إذ قالت "بناء على موقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ودعمه للرسومات المسيئة لنبينا الحبيب، قررنا رفع جميع المنتجات الفرنسية من السوق والأفرع حتى إشعار آخر".

وانضم للحملة أيضا جمعيات "العقيلة" و"مدينة سعد العبدالله" بالكويت، ونشرت عبر منصاتها الإلكترونية صورا تظهر إزالة المنتجات من معارضها.

وفي قطر الحليف الأبرز لتركيا، أعلنت شركة ألبان الوجبة مقاطعة المنتجات الفرنسية، وتعهدت بتوفير أخرى مماثلة وبديلة، وفق ما ذكرت في تغريدة عبر حسابها في "تويتر".

كما أعلنت شركة الميرة للمواد الاستهلاكية (شركة مساهمة قطرية)، سحب جميع المنتجات من جميع فروعها حتى إشعار آخر، استجابة لرغبة العملاء.

كما انضمت جامعة قطر هي الأخرى للحملة، إذ قررت إدارتها تأجيل فعالية الأسبوع الفرنسي الثقافي إلى أجل غير مسمى، وذلك "عطفًا على مستجدات الأحداث الأخيرة والمتعلقة بالإساءة المتعمدة للإسلام ورموزه".

يظهر أن جماعات الإسلام السياسي سعت من خلال حملة المقاطعة الفرنسية، لتوظيف العاطفة الدينية في تأجيج مشاعر الغضب والحقد ضد فرنسا، في محاولة لاستغلال غضب المجتمعات الإسلامية في الدعوة لقبول البضائع التركية بدلا من المنتجات الفرنسية.

وتأتي تحركات تركيا لدعم مقاطعة فرنسا، على الرغم من أن أنقرة صرحت قبل عام بأنه سيتم رفع التبادل التجاري مع باريس الذي بلغ سنة 2019 14.7 مليار دولار إلى 20 مليار دولار سنويا.

وتحاول تركيا جاهدة إنقاذ بضائعها في أسواق الشرق الأوسط من حملة المقاطعة العربية الواسعة، مستغلة قضية إساءة باريس للرسول، لدفع المستهلكين المسلمين والعرب لاقتناء منتجاتها، خاصة وأن هناك تنافس بارز بين أنقرة وباريس في مجال السلع الغذائية.

ونشطت حسابات مرتبطة بقطر ممول تنظيم الإخوان وعناصره بالإضافة إلى حسابات مرتبطة بالأتراك في وسوم مقاطعة البضائع الفرنسية، والترويج للسلع التركية كبديل مناسب يحل محل نظيرتها التركية.

وإذا سلمنا جدلا أن الحملة ضد فرنسا مشروعة تحت شعار "نصرة للدين الإسلامي"، فإن أبواق الإخوان المناصرة لتركيا تغافلت عن الترويج لبضائع عربية قد تشكل بديلا لتلك التركية والفرنسية على حد سواء.

ومن الأصوات العربية القطرية التي زعمت مناصرتها الخالصة للإسلام ولعبت على العاطفة الدينية وحاولت استغلال الأمر لصالح تركيا، الصحفي القطري جابر الحرمي، الذي انتقد حملة مقاطعة سلع تركيا المسلمة، داعيا لحملة مماثلة ضد فرنسا.

وتشهد فرنسا مؤخرا جدلا حول تصريحات قسم كبير من السياسيين، تستهدف الإسلام والمسلمين عقب حادثة قتل مدرّس التاريخ صامويل باتي في 16 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

وشن الرئيس الفرنسي انتقادات حادة ضد الجماعات الإسلامية والإسلام السياسي بما فيها تنظيمات الاخوان في موكب تأبين المدرس الذي قُطع رأسه على يد متشدد شيشاني بعد عرضه رسوماً كاريكاتورية للنبي محمد على تلامذته.

وقال ماكرون الأربعاء إنّ صامويل باتي قُتل "لأنّه كان يجسّد الجمهورية"، مؤكداً في الوقت نفسه أنّ بلاده لن تتخلى "عن رسوم الكاريكاتور".
وأعلن ماكرون أن "صامويل باتي قتِل لأنّ الإسلاميين يريدون الاستحواذ على مستقبلنا ويعرفون أنّهم لن يحصلوا على مرادهم".

وكانت مجلة شارلي ايبدو الفرنسية قد نشرت 12 رسما كاريكاتوريا مسيئا للنبي محمد عام 2006، ما أطلق العنان لموجة غضب في أنحاء العالم الإسلامي.

وزراء إسرائيل يوافقون على خصخصة هيئة البث ويدينون صحيفة "هآرتس" (ترجمة)


علي لاريجاني: إسرائيل فشلت في محاولات إضعاف حزب الله والسيطرة على المنطقة


الذكاء الاصطناعي وحقوق النشر: مداولات جديدة في عالم الكتب


الشيوخ المصري يوافق على رفع الحصانة عن أحمد دياب للتحقيق في قضية وفاة اللاعب أحمد رفعت