تركت الأزمة الناشئة بين أربع قوى في المنطقة، الإمارات والسعودية والبحرين ومصر، وقطر، أثرها على الدول الآسيوية. فقد أضر الخلاف بشركات ذات استثمارات في قطر، وهو ما تؤكده مؤشرات أسواق البورصة المحلية. 

ربما تقود الأزمة القطرية موردي الغاز الآسيويين للبحث عن تنويع الموردين، ومنح المستوردين قوة في مفاوضات مستقبلية
 ومع ذلك، يقول جوزيف هاموند، زميل لدى معهد أمريكان ميديا، ومراسل سابق لراديو فري أوروبا من القاهرة، إن الأزمة ستكون لها آثار بعيدة المدى بدأت تظهر معالمها. فالتبعات لن تؤثر فقط على مستوردي الغاز الطبيعي وحسب، بل على جملة من الأسواق تمتد من سوق الهليوم وصولاً لبرامج خاصة باستقبال العمالة الأجنبية. 

ويلفت هاموند في مقال في مجلة "ديبلومات" لقطع تسع دول في أفريقيا وآسيا علاقاتها الديبلوماسية مع قطر. كما خفضت الأردن وجيبوتي علاقاتهما. وطبقت الكتلة أيضاً حظراً تجارياًعلى قطر. 

دعم قديم

وتمت تلك الخطوة، كما يشير الكاتب، بقصد إجبار قطر على إنهاء دعمها لحماس وتنظيمات إسلامية أخرى. ويشار لدعم قطر القديم لجماعة الإخوان المسلمين ولمنح يوسف القرضاوي، مرشد الجماعة، الجنسية القطرية، وهو باحث مثير للجدل أيد تنفيذ عمليات انتحارية. 

اعتراف
ويشير هاموند لاعتراف قطر بعلاقاتها مع مجموعة بغيضة. ولكن الحكومة القطرية توحي بأن تلك العلاقات تتم في إطار جهودها للتوسط في صراعات إقليمية. كما لم تخفف قطر من حدة مواقفها خلال الأزمة، واستضاف أمير قطر القرضاوي خلال حفل إفطار أقامه في رمضان الأخير. 

وانضمت جزر المالديف لحملة مقاطعة قطر، جراء قلق حكومتها من تطرف بعض شبابها من المسلمين. فقد خرج من ذلك البلد الآسيوي أكبر عدد من الإرهابيين نسبة لعدد السكان. وحارب هؤلاء في صفوف داعش في سوريا والعراق.
  
أتباع
وأشار آنيمش رول، المدير التنفيذي لمعهد دراسة السلام والعنف في دلهي، إلى أن ليوسف القرضاوي أتباعاً في المالديف، وكذلك الأمر بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين. كما تأثر حزب العدالة المعارض في المالديف بالإخوان المسلمين خاصة. 

ورغم ذلك، يقول هاموند، إن تأمين واردات الغاز الطبيعي يمثل أولوية بالنسبة لمعظم الدول الآسيوية. وتعد قطر أكبر مورد للغاز الطبيعي المسال في العالم، وتصدر قرابة نصف صادراتها من الغاز إلى اليابان وكوريا الجنوبية والهند وتايوان والصين وتايلاند. كما تستورد الهند لوحدها من قطر ما نسبته 65% من حاجتها للغاز الطبيعي. 

تنويع
في هذا السياق، قال ريتشارد روسو، مستشار رفيع وخبير في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن: "ربما تقود الأزمة القطرية موردي الغاز الآسيويين للبحث عن تنويع الموردين، ومنح المستوردين قوة في مفاوضات مستقبلية". 

ويقول هاموند إن قطر أوقفت صادراتها من غاز الهليوم للسعودية رداً على المقاطعة، وهو قرار أدى لتصعيد الأزمة. ومن قبل، كانت جميع الشاحنات الناقلة للهليوم القطري تمر عبر السعودية في طريقها لموانئ أخرى. ويستخدم الهليوم في تصنيع أشياء عدة، بدءاً من نفخ بالونات أعياد ميلاد الأطفال وصولاً لبرامج دفاعية. 

البحث عن بدائل
ويقول الباحث إن وقف قطر تصدير الهليوم سيدفع دولاً آسيوية للبحث عن مصدر آخر لهذا الغاز. وقد يكون في ذلك فائدة للولايات المتحدة، وهي أكبر منتج للهيلوم، ولديها احتياطي قومي كبير منه في آماريللو، تكساس. وتفي الولايات المتحدة بقرابة خمس الإمدادات الدولية من الهيلوم، ويعتقد أنها رفعت حجم إنتاجها منه رداً على الخطوة القطرية. 

هم آخر
وبالنسبة إلى الدول الأسيوية، تمثل الأزمة القطرية هماً آخر لأن عددأ كبيرأً من أبناء تلك الدول، وخاصة من جنوب آسيا، يعملون في شبه الجزيرة منذ عقود. 

وخلفت الأزمة أثراً على سوق العمل، فمنعت الفيليبين وفيتنام مواطنيها من التوجه إلى قطر. وتسعى قطر أيضاً لمنع عمال وافدين يعملون في صناعات حيوية من مغادرة أراضيها خلال الأزمة. 

وفي حال طالت المقاطعة، فذلك يعني، بحسب هاموند، تباطؤ في سوق البناء القطري، ما سيؤثر بالتالي على قابلية قطر لإنهاء تشييد البنية التحتية لاستضافة كأس العالم في عام 2022.