ناقشت صحف ومواقع عربية اعتبار هيئة كبار العلماء السعودية الإخوان المسلمين "جماعة إرهابية لا تمثل نهج الإسلام".

وقالت الهيئة في بيان يوم 11 نوفمبر/ تشرين الثاني إن "الجماعة تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لتعاليم الدين".

ورأى فريق من الكتاب أن السعودية اتخذت هذا الموقف بعد أن كشفت جماعة الإخوان عن "أطماعها في الأرض العربية خاصة في الخليج والعراق".

وقال فريق آخر إن هذا البيان نابع من "مخاوف دول عربية من صعود بايدن، الذي تعتقد هذه الدول المناهضة للإسلام السياسي أنه سوف يكون أكثر وداعة مع الإخوان".

"دفن العلاقة"

يقول عبد الرحمن الراشد في صحيفة الشرق الأوسط اللندنية: "في السعودية أذيعت فتوى تحذّر وتحرّم الانخراط مع جماعة الإخوان المسلمين. صدرت عن أعلى هيئة دينية في المملكة. ومع أنه لا يوجد تنظيم صريح بهذا الاسم كبير، إنما موجود تحت مسميات دينية أخرى".

وأضاف: "السعودية التي كانت منيعة عليهم، استطاعوا القفز مستخدمين تكتيكا مختلفا، جاءوا في ثياب الواعظين، وغيروا المظهر والاسم والرموز. السلفية التقليدية كانت وحيدة في المملكة، مبدأها الدين عبادة، والسياسة للدولة، وولي الأمر مسؤول أمام الله. في السعودية خلعوا البدلة والكرافتة، وقدموا أنفسهم بثياب قصيرة ولحى طويلة واسم مختلف، السرورية، ونشطوا في عمق الأرياف السعودية".

وتابع: "نجح طروادة السروري أخيرا في الدخول إلى القلعة، تلتها أحداث العنف. لعبة تقسيم الأدوار، ذراع سياسية فكرية وأخرى مسلحة، الحقيقة كلهم الجماعة نفسها كما قال السادات. الجماعة نفسها في النمسا وفرنسا وبريطانيا وغيرها، حيثما وجدت أرضا رخوة دخلوها وسيطروا عليها كحركة فاشية تكفر الآخرين، مستخدمة الإسلام والمصحف والنبوة في عزل المسلمين المعتدلين وإلغائهم. الإخوان فكرة. الدين والقرآن وسيلة لغاية الوصول إلى السلطة بكل السبل".

وفي السياق ذاته، يقول مشاري الذايدي في نفس الصحيفة إن "علاقة الدولة السعودية بجماعة الإخوان بالعقود الأخيرة، خاصة بعد حرب الخليج 1990 تراوحت بين الشك والرفض والمهادنة أحيانا. قبل ذلك كانت علاقة احتضان وإيواء واستعانة بهم، في التعليم والإعلام والشأن العام".

وأضاف: "غير أنه جرت في الساقية مياه كثيرة، وزرع الإخوان ألغام الشك كل حين، وبداية ذلك كانت في ’مباركة‘ الإخوان لثورة الخميني 1979، وتحالفهم معها، وهي الثورة التي لم تخف أطماعها في الأرض العربية خاصة في الخليج والعراق، ونذكر مواقفهم تجاه السعودية والبحرين والكويت".

ويرى الكاتب أن "رصاصة الرحمة لدفن هذه العلاقة أو بقاياها بين الإخوان والسعودية كانت فيما عرف بموسم الربيع العربي 2011 فقد أفصحت الجماعة عن نياتها السياسية الانقلابية الحقيقية على الدول العربية، خاصة مصر والسعودية… ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان كان حاسما في الموقف من هذه الجماعة… هذه المواقف السعودية الصريحة والمباشرة، هي السبب الجوهري لحملة التشويه والعداوة ’الدولية‘ الإخوانية ضد السعودية وضد محمد بن سلمان، بصفة خاصة، قبل خاشقجي، وقبل ترامب وأثناء ترامب وبعد ترامب".

"شيطنة" جماعة الإخوان

أما إحسان الفقيه، فتقول في صحيفة القدس العربي اللندنية، تحت عنوان "علماء السعودية وشيطنة الإخوان: رُمح سياسي بغلاف ديني"، إن "كثير من الأنظمة العربية... ربطت علاقتها بجماعة الإخوان بقانون المصلحة، تسمح بوجودها حينا، وتنقلب عليها أحيانا أخرى".

وتضيف الفقيه: "إذا كان علماء السعودية يتهمون الإخوان بالإرهاب، فإن حكامهم فتحوا من قبل أبواب البلاد للإخوان الهاربين من الأنظمة القمعية، وسمحوا باندماجهم في المجتمع السعودي ومؤسساته، بناء على تفاهمات تكفل للإخوان العيش في أمان والانخراط في المجتمع… وبالتالي لو كانوا إرهابيين فإن السعودية متهمة أمام العالم بإيواء واحتضان ورعاية جماعة إرهابية".

وتابعت: "لنا أن نربط بين هذا البيان المفاجئ، ومخاوف دول عربية من صعود بايدن، الذي تعتقد هذه الدول المناهضة للإسلام السياسي أنه سوف يكون أكثر وداعة مع الإخوان، وأكثر تحفظا في التعامل مع الملفات الحقوقية السوداء لهذه الدول. ولنا أن نربط بين البيان والموقف الأوروبي من الإسلاميين، ورغبة السعودية في إظهار التوافق مع الغرب في التعامل مع الإسلام السياسي، الذي يمثله الإخوان".

وعلى نفس المنوال، يقول شريف أيمن في موقع عربي21 إنه "لم يكن غريبا ما صدر عما تسمى بـ’هيئة كبار العلماء‘ في السعودية من مهاجمة جماعة الإخوان، ووصفها بأنها جماعة ’منحرفة‘، لكن اللافت للنظر، أن تقوم هيئة دينية سعودية بوصف الإخوان بأنها جماعة ’إرهابية ومتطرفة، وأنه خرج من رحمها جماعات العنف والتطرف في العالم‘، فهؤلاء هم أصل التكفير والتشدد في العالم بأسره، منذ قيام دعوة محمد بن عبد الوهاب القائمة على التكفير والدم".

وأضاف الكاتب: "لم يكن غريبا أن تحتفي دوائر الإفتاء والأوقاف في مصر بهذه التصريحات، رغم ما نسمعه من مشايخهم على الدوام من نقد المنهج السلفي في العلوم الدينية، وهو النقد الذي يتجاوز كثيرا الحدود العلمية، لكن السياسة تجمع المستبدين وغلمانهم، بدلا من أن يتهذبوا بالدين".

وختم الكاتب مقاله بقوله: "لم يكن غريبا كذلك أن يحتفي الصهاينة بأعداء الأمس الذين لم يدعوا منبرا ولا محرابا إلا ودعوا فيه على اليهود الغاصبين... لم يكن غريبا، لكنه كان محزنا ومؤلما. لم يكن المرء يرجو أن يرى يوما يتحالف فيه منتسبو الشريعة - أيا كان موقفنا منهم - مع مغتصبي الأرض والتاريخ وسافكي الدماء وسارقي الأعمار، وأعداء الأمس واليوم وغدا".

----------------------------

المصدر| بي بي سي عربية