تقارير وتحليلات
محاولة فهم سيناريوهات النهاية..
تقرير: الحرب في اليمن.. بين نماذج صرعات عالمية إلى أين؟
حرب طاحنة تدور رحاها منذ ستة اعوام ..حرب استنزاف بكل ما تحمله الكلمة من معنى .. ليس لأحد الخيار سوى التمترس خلف موقعه مترقباً إلى ما سيفضي إليه الامر في النهاية .. خيارات عدة وسيناريوهات كثيرة تنتظر الصراع في اليمن ونماذج قديمة وحديثة قد يؤول إليها الأمر عاجلاً أم آجلاً ..استعرض لكم عدة نماذج من صراعات عالمية قد نتشابه أو نختلف معها في الأثر أو النتيجة ..
النموذج الليبي
لم تنته الحرب في ليبيا ولم تحسم بعد , وأصبح الصراع فيها يدار كالسفينة التي تسير بدون هدف ويسيّرها ربابنة كُثر ..فلا الدفة اتجهت يمينا ولا شمالا ولا إلى الأمام أو إلى الخلف .بل راوحت مكنها ولم تتحرك..
ويتم إعادة انتاج الصراع ومن محادثات الى محادثات ومن اروقة الى اخرى, بينما يتم نهب الثروة كاملة واشغال المتناحرين بصراعاتهم .. فالكل خاسر ولا احد منتصر ..والحل لا زال محبوساً في أروقة القرار العالمي طالما أنهم يتقاسمون الكعكة بسلام..
النموذج الصومالي
لطالما هدد الرئيس اليمني الذي قتله الحوثيون أواخر العام 2017م، علي عبدالله صالح، بالصوملة لكل معارضيه ومن طالبه بعمل اصلاحات في نظام الدولة ونموذج الوحدة الفاشل ..
فالنموذج الصومالي كان ولا زال في حالة الاهتراء من الداخل .
وتم انفصال جمهورية أرض الصومال - التي اتخذت من هرجيسا عاصمة لها بعد ان اعلنت الانفصال من جانب واحد بالرغم من افتقارها للاعتراف الرسمي من اغلب دول العالم- وذلك بعد وحدة مشؤومة قدم خلالها الصوماليون من أبناء الشمال "جمهورية أرض الصومال " التضحيات الجسيمة من تنازل عن الحقائب الوزارية والسلطة والرئاسة والأرض والموارد وذلك لتحقيق حلم توحيد الصومال الكبير الذي يضم القرن الأفريقي كاملاً .
لكن باءت الوحدة بالفشل الذريع تماماً مثل ما حدث في نموذج الوحدة اليمنية فقامت حركة تحرير الصومال بتحرير كافة أراضيها واعلنت في مؤتمر "برعو" استعادة دولة "ارض الصومال" في 18 مايو 1991م, وذلك بعد انهيار نظام مقديشو بعد الانقلاب الذي تم في عام 1991م , وتمكنت من إنشاء نموذج مستقر وآمن بينما لا زال الصوماليون يدورون في حلقات مفرغة وفقر مدقع.
نموذج البوسنة والهرسك
تضمنت الحرب في البوسنة جرائم دامية من إبادة جماعية للمسلمين البوسنيين من قبل الصرب ..ودخلت في هذا النزاع العديد من الأطراف الدولية وذلك على خلفية انفصال البوسنة والهرسك عن يوغسلافيا ..لكن الصرب والكروات لم يكن لديهم بداً من المواصلات اعتداءاتهم ونزع الصرب شاراتهم العسكرية وشكلوا ما سمي بجيش صرب البوسنة ..وارتكبوا اشنه الجرائم في حق الشعب البوسني .
بعد حدوث مذبحة "سربرنيتشا" بدأت الحملة الجوية للناتو في أغسطس 1995، ورافقها هجوم بري للقوات المتحالفة من الكروات والبوسنيين بعد معاهدة لطرد القوات الصربية من مناطق غرب البوسنة التي استولوا عليها بالقوة .. وكان هذا نتيجة لمعاهدة تمت بين تودجمان وبيغوفيتش .
وفي ديسمبر 1995م تم التوقيع على اتفاقية دايتون بين رؤساء كل من البوسني والكرواتي والصربي لوقف الحرب, وقد حوكم لرئيس الصربي بعد ذلك في محكمة لاهاي على جميع جرائمه في هذه الحرب..
إمكانية الحسم العسكري
وتبتعد الحرب حاليا عن خيار الحسم العسكري حيث بات واضحاً للعيان انحياز الأمم المتحدة ممثلة بمبعوثها مارتن جريفث للطرف الحوثي ..وسعيها الدائم لعدم تجريمه أو تصنيفه كجماعة إرهابية تصب في هدف عدم السماح باستهدافه أو تشريع التدخل بالقوة ضده ..وهذا سيبعده مستقبلاً عن أي مساءلة قانونية على أي جرائم إرهابية ارتكبها, بينما قد تقدّم السعودية كطبق تحلية امام مائدة مجلس الأمن والمحكمة الدولية - وهو المرجح مستقبلاً إن لم تنهي حالاً الصراع بما يحسم الأمر بأقل الخسائر- وقد يكون هذا سبب تخليها عن الإخوان المسلمين وتجريمهم ليتسنى لها التفاهم مع الاطراف الدولية وحتى الحوثيين أنفسهم حول ضمان أمن وسلامة أراضيها وايقاف التهديدات ضد اقتصادها واقتصاد العالم.
سيناريوهات عديدة يمكن توقعها لإنهاء الحرب في اليمن ..وبالتأكيد سيلجأ الجميع إلى المفاوضات في النهاية لكن بعد أن يضمن كل طرف العدد الأكبر من اوراق الضغط التي ستمكنه من إيجاد مكان له في المعادلة الصعبة .. ويبقى الجنوب صامداً في وجه كل المؤامرات التي قد لا يتسنى للمواطن البسيط فهم حجم الضغوطات التي يعانيها القادة الذين فرضوا القضية كواقع لا بد من التعامل معه لضمان أمن واستقرار المنطقة والعالم.. وإن غداً لناظره قريب ..