تقارير وتحليلات
"مخطط لتغيير التركيبة الديموغرافية"..
تقرير: الانتهاكات الإخوانية.. مدفوعة برغبة سياسية لإنهاك القبائل
لم تتوقف انتهاكات حزب الإصلاح الإخواني في اليمن، طيلة السنوات الماضية في مناطق القبائل، حيث تعددت الاعتداءات على قبائل الأشراف، في ظل تصعيد ميليشيات الإخوان من أعمالها العدوانية في منطقة قبائل مأرب، ما أدّى إلى اندلاع مواجهات عنيفة بينها وبين قبائل الأشراف، عند مدخل مدينة حريب، وسط أنباء عن سقوط قتلى وجرحى بين أبناء القبائل.
وفي مديرية العبدية، داهمت عناصر تابعة للإصلاح، منطقة قبائل آل الخاسع، بداعي البحث عن مطلوبين، ما تسبب في حدوث حالة من التوتر الشديد في المنطقة، وهو الأمر الذي يعكس غضب الإخوان من انصراف شيوخ القبائل عنهم، وعدم التحالف معهم.
مخطط لتغيير التركيبة الديموغرافية
من جهته، كشف الشيخ لحمر بن علي لسود، أحد أبرز زعماء قبائل شبوة، عن خطط الإخوان لإحداث تغيير ديموغرافي في المحافظة، داعياً "إلى الوقوف صفاً واحداً، ضد سياسة الإقصاء والتهميش، التي تمارسها سلطة شبوة الإخوانية، وما تمارسه من سياسة العبث بالمال العام، وتكميم الأفواه، وتقييد حرية التعبير"، ولفت الشيخ إلى قيام الميليشيات الإخوانية بتوطين سكان محافظات اليمن الشمالية في شبوة، من أجل "تغيير التركيبة الديموغرافية في المحافظة، من خلال توزيع مخططات سكنية، في بعض مناطق المحافظة"، كاشفاً في الوقت نفسه، "ما تنتهجه سلطة شبوة من ممارسات، تتنافى مع القيم وحقوق الإنسان، من منع الاجتماعات، وقمع المظاهرات السلمية، والملاحقات، والفساد المالي والإداري، وتسييس الوظيفة العامة المدنية والعسكرية".
من جانبه يرى الباحث المصري في الفكر السياسي، الدكتور سامح مهدي، أنّ الانتهاكات الإخوانية في منطقة القبائل ليست جديدة، حيث سبق وأن ارتكبت مليشيات الإصلاح جرائم حرب في تعز ومأرب، مدفوعة برغبة سياسية في إنهاك هذه القبائل، وبالخصوص قبائل مأرب، حيث تدرك جيداً مدى قوتها والممانعة التي تبديها تجاه الانصياع للجماعة، فأقدمت على ارتكاب سلسلة من الجرائم الوحشية، باستهداف البيوت، وحرق الأراضي، وخطف العزل، في سياق الحرب النفسية، من أجل السيطرة على المنطقة، وإخضاع القبائل، وخاصّة قبيلتي عبيدة ومراد في مأرب.
لحمر بن علي لسود: الميليشيات الإخوانية تقوم بتوطين سكان محافظات اليمن الشمالية في شبوة من أجل تغيير التركيبة الديموغرافية في المحافظة
ويضيف مهدي أنّه في العام 2019، نشب صراع عنيف إثر اجتياح ميليشيات حزب الإصلاح لمنازل الأشراف في منطقة المنين، إثر خلاف على قطعة أرض، حاول القيادي في حزب الإصلاح، محمد الحزمي، الاستيلاء عليها، واعتقل على إثرها عدداً من أبناء الأشراف، وهو الأمر الذي يتكرر باستمرار، لكن انفجار القبائل قادم لا محالة، في ظل تنامي دعوات المواجهة والتصدي للتجاوزات الإخوانية.
الباحث المصري أكّد كذلك، أنّ ما تقترفه ميليشيات الإصلاح في مناطق القبائل، يعكس مدى تخوف الإخوان من ثورة مقبلة، تنتفض فيها قبائل اليمن ضدهم، بعد أن انكشف الدور المشبوه الذي لعبوه طيلة سنوات، وتواطؤهم مع الحوثي، الذي سبق للقبائل أن تصدت له بصدور عارية، في العام 2014، وسطر أبناء قبيلة عبيدة، ملحمة رائعة في الدفاع عن الشرعية، والآن يتخذ الإخوان من الحوثي ذريعة لقهر القبائل، والسيطرة عليهم، وحصارهم وإفقارهم، فيما يعرف بإستراتيجية الإنهاك المستمر، وهو أمر يبدو شديد الوضوح.
تجنيد الأطفال إستراتيجية إخوانية
من جهة أخرى، ومع حاجتها إلى الدعم البشري، في ظل مقاطعة أبناء القبائل الرئيسية لها، شرعت جماعة الإخوان في اتباع سياسة جديدة للتجنيد، باستهداف الطلاب الفقراء، عن طريق اختراق مساكن الطلاب، وتقديم الدعم المالي لهم، واستغلال حاجتهم إلى الملبس والمأكل، ودفع نفقات السكن، حيث وضع حزب الإصلاح عناصره داخل مساكن الطلبة، ويسمى الإخواني الذي يعهد إليه بمهمة التجنيد، بأمير السكن، حيث يكون مسؤولاً عن تقديم المساعدات، ونشر المنهج الإخواني في الوقت نفسه، ومن ثم تجنيد الطلاب بعد عملية غسيل الدماغ.
سامح مهدي: ما تقترفه ميليشيات الإصلاح في مناطق القبائل، يعكس مدى تخوف الإخوان من ثورة مقبلة، تنتفض فيها قبائل اليمن ضدهم
تقارير متعددة لفتت أيضاً إلى قيام حزب الإصلاح، بإنشاء مساكن خيرية لاستقبال الطلاب الكادحين، كمرحلة أولى لتجنيدهم، من خلال دورات التثقيف المكثفة، وبعد ذلك يجري إرسالهم إلى مناطق الصراع، للانخراط في صفوف الميليشيات الإخوانية.
أحد هذه التقارير أوضح أنّ "مشرفي المساكن الطلابية من جماعة الإخوان، يقومون بدعوة الطلاب لحضور الندوات والمحاضرات التحريضيه، وإعطائهم شيئاً من المال، ومن ثم يتم أخذ الشباب المتحمس لحضور البيعة السرية"، كما لفت التقرير إلى أنّه "يتم تشكيل مجموعات متدرجة، وكل مجموعه لها أمير، وهناك اجتماعات منعقدة ومغلقة، مع إعطاء مكافأة تحفيزية للعنصر الذي يقوم بجلب عناصر جديدة".
ويبدو أنّ عمليات التجنيد لا غنى عنها لفصائل الإصلاح، في ظل الضغط العسكري الذي تتعرض له في مأرب، وتقدم قوات الانتقالي، حيث تحتاج ميليشيات الإصلاح إلى خزان بشري؛ يدعم تحركاتها العسكرية، خاصّة عند خطوط التماس في منطقة العرقوب، وعند تخوم مدينة زنجبار، وغيرها من بؤر القتال، ومن ثم تنشط في عمليات التجنيد، بل وتدفع بالطلاب صغار السن إلى ساحات القتال، دون تدريب أو عتاد جيد.
وكان أحمد الصالح، مدير مركز عدن للأبحاث في واشنطن، قد كشف أنّ ميليشيات الإصلاح تنشط في مجال تجنيد القصر، وأنّها بالفعل قامت بالزج بمقاتلين أطفال في معارك شبوة وأبين، ضمن محاولاتها المستمرة للسيطرة على الجنوب، وذلك على غرار ما تفعله ميليشيا الحوثي في الشمال، مؤكّداً أنّ الجماعة تقوم بتجنيد القصر، "وتزج بهم في محرقة المعارك جنوباً، دون أيّ اعتبارات".
أحمد الصالح: ميليشيات الإصلاح تنشط في مجال تجنيد القصر، وقامت بالزج بمقاتلين أطفال في معارك شبوة وأبين، ضمن محاولاتها المستمرة للسيطرة على الجنوب
من جهته، كشف السياسي اليمني، محمد الفقيه، عن أنّ "التنسيق بين ميليشيا الحوثي، وجماعة الإخوان، يتم في عدة مناطق في اليمن، وهو قائم بناء على المصالح المشتركة والمتقاطعة لدى الطرفين، والتي يمكن تلخيصها في تمديد عمر الصراع لأكبر وقت، بهدف حصد أعلى مكاسب للطرفين".
الأمر نفسه أكّد عليه السياسي اليمني، نبيل الصوفي، والذي اتهم الإخوان بمواصلة مسيرة التخريب، التي بدأوها في سوريا، وكرسوا لها في اليمن، بسبب طمعهم المفرط في السلطة، ورغبتهم العارمة في إقصاء الجميع.