تقارير وتحليلات

لقاء مرتقب بين الملك عبدالله وجو بايدن..

تقرير: هل يعمل الرئيس الأمريكي على تعزيز دور الأردن في المنطقة؟

الملك عبدالله سيسعى خلال لقائه مع بايدن إلى استعادة دور المملكة العربي والإقليمي

واشنطن

عمان - يجتمع العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، في 19 يوليو/ تموز الجاري، مع الرئيس الأميركي، جو بايدن، في البيت الأبيض، وهو أول لقاء مع قائد من الشرق الأوسط منذ توليه منصبه في 20 يناير/ كانون الثاني الماضي.
هذا اللقاء يحمل في ثناياه دلائل ومؤشرات عديدة، يتقدمها حرص الإدارة الأميركية الجديدة على إعادة تفعيل دور المملكة، لتفادي مزيد من التداعيات التي ألمت بالمنطقة؛ جراء الأزمات القائمة فيها، وفق خبراء.
وعلى الرغم من تحديد أدوار الأردن في عهد الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب (2017-2021)، إلا أن واشنطن تعتبر المملكة حليفا رئيسيا لها، انطلاقا من موقعها الجيوسياسي، وقربها من مراكز الأزمات الرئيسية، وأهمها القضية الفلسطينية.


وكمثيلاتها، تسعى واشنطن، باعتبارها أحد أقطاب القوى العالمية، إلى تعزيز دائرة تحالفاتها الدولية، لذا تنظر إلى عمان كطريق للحفاظ على أدوارها السياسية في المنطقة، لا سيما مع اتساع رقعة الأزمات فيها.
والولايات المتحدة هي الداعم الرئيس للمملكة من حيث المساعدات المقدمة، ووقع البلدان مطلع عام 2019 مذكرة تفاهم بموجبها تعهدت واشنطن بتقديم 1.275 مليار دولار سنويا للمملكة، لمدة 5 سنوات.
4 ملفات رئيسية
المحلل السياسي، عامر السبايلة، يحدد 4 ملفات ستكون هي الرئيسية على طاولة لقاء بايدن والملك عبد الله، لخّصها بـ"ملفات داخلية، والأزمة السورية، وعلاقات الأردن مع إسرائيل، وموضوع السلام وفق حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية)".
وفيما يتعلق بالأزمة السورية، يقول إنها ستكون "الأهم"، مرجعا ذلك إلى ما أسماه "رغبة الأردن في تفعيل الملف وتحريكه".
ويضيف أن الأردن يسعى "للحصول على موقف من الولايات المتحدة، بما يسمح له تجاوز خسائر الأزمة (في الجارة سوريا)، وبالتالي البحث عن فكرة البدء بإيجاد حل عملي للمسألة السورية".
ويتابع السبايلة "بلا شك، سيكون الجزء الثاني هو الحديث عن العلاقات الأردنية الإسرائيلية وأفقها بعد خروج (بنيامين) نتنياهو (رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق 2009-2021)".


وحاليا، تتولى السلطة في تل أبيب حكومة ائتلافية، برئاسة نفتالي بينيت (يمين)، تضم أحزابا من اليمين والوسط واليسار.
ويستطرد "ومن ثم رؤية أردنية لموضوع السلام، واحتمالية أن تكون عمان قادرة على طرح رؤية عملية يمكن أن تحافظ على حل الدولتين، ودفع الإدارة الأمريكية لتبني هذه الرؤية بصفتها أكثر عملية من رؤى سابقة (لم يحددها)".
ومفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي مجمدة منذ أبريل/ نيسان 2014؛ جراء رفض إسرائيل وقف الاستيطان في الأراضي المحتلة، والقبول بحدود ما قبل حرب يونيو/ حزيران 1967 أساسا للتفاوض على إقامة دولة فلسطينية.
مشاكل إقليمية

ووفق حسن الدعجة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الحسين بن طلال (حكومية)، فإن "الملك عبد الله سيناقش في الدرجة الأولى القضية الفلسطينية، وخصوصا منطقة الشيخ جراح، التي لها مساس أساسي في الوصاية الهاشمية (على مقدسات مدينة القدس)".
وتسعى إسرائيل إلى طرد عائلات فلسطينية من منازلها في حي "الشيخ جراح" وسط مدينة القدس المحتلة، وتسلميها لمستوطنين؛ بزعم أنها بُنيت على أراضٍ مملوكة ليهود.
وينوه الدعجة، إلى أن حي الشيخ جراح "يقع في منطقة الاحتلال لعام 1967، ويسري عليها القانون الدولي، الذي لا يجيز للقوة القائمة بالاحتلال (إسرائيل) تغيير الوضع القائم بمختلف أشكاله السكانية وتهجير أهلها وغيرها من الإجراءات المختلفة".
ويضيف "كما سيتناول اللقاء قضية إبطال صفقة القرن، وضم أراضي الغور الأردني من الجهة الفلسطينية، التي كادت أن تؤدي إلى صدام بأشكال مختلفة، حال إصرار إسرائيل على ذلك".
و"صفقة القرن" هي خطة لتسوية سياسية طرحتها إدارة ترامب، أوائل 2020، وكانت منحازة لإسرائيل ومجحفة بحق الفلسطينيين، لذا أجمع الفلسطينيون على رفضها قيادة وشعبا.


ويعتبر الدعجة أن "حل الدولتين سيكون حاضرا بقوة، خاصة مع تأييد القيادة الأميركية الجديدة لهذا الطرح، رغم استبعادها لفرضه على إسرائيل".
ويزيد بأنه "بالتأكيد ستتم مناقشة التوازنات السياسية والعسكرية، لا سيما بعد معركة أسوار القدس، واحتمالية عودة العلاقات الأردنية مع (حركة) حماس، من خلال البوابة الأمنية ولاحقا السياسية".
و"أسوار القدس" هو اسم أطلقته فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة على مواجهتها الأخيرة مع جيش الاحتلال الإسرائيلي بين 10 و21 مايو/ أيار الماضي، ردا على انتهاكات إسرائيلية "وحشية" بحق القدس وسكانها الفلسطينيين.
ويرى أن "الملك عبدالله سيسعى خلال لقائه مع بايدن إلى استعادة دور المملكة العربي والإقليمي، خاصة بعد توقيع اتفاقية للأمن المشترك بين البلدين، وترحيل القوات والمعدات الأميركية من قطر إلى الأردن، وكذلك انسحابها من أفغانستان".
ويستطرد "بالتالي سيصبح الأردن المحور القيادي والريادي في المنطقة بعد 4 أعوام من التهميش في حقبة ترامب".
ويرجح أنه "انطلاقا من ذلك، فإن الدور السياسي والأمني والعسكري لبعض الدول (لم يحددها) سيتراجع بشكل كبير جدا، بحيث يكون انكفاء للداخل، وانسحابها من الملفات الأمنية في المنطقة، التي كانت تديرها وتحول دورها من خلالها إلى وسيط في حل النزاعات المختلفة بين الفرقاء، ما يؤدي إلى تراجعها باتجاه شؤونها الداخلية".


ويتابع أن "عمان ستصبح قبلة الحلول للمشاكل الإقليمية، بحكم الأهمية الجيوسياسية للمملكة والعلاقات الإستراتيجية مع الإدارة الأمريكية الجديدة، والتشاركية في مكافحة الإرهاب".
ويتطرق الدعجة إلى ما يُعرف بـ"مشروع الشام الجديد"، وهو تحالف دولي عربي بين العراق والأردن ومصر، بدعم أميركي، على حد قوله.
وسبق وأن اقترح البنك الدولي هذا المشروع في 2014، وهو عبارة عن خط تجارة بري يربط الدول الثلاث وبلدانا أخرى، لتنويع قنوات نقل النفط الخام للأسواق العالمية، بعيدا عن القنوات التقليدية، وأبرزها الخليج العربي.
ويتوقع الدعجة أن يتوسع المشروع، بحيث يشمل دولا أخرى، هي سوريا ولبنان والسلطة الوطنية الفلسطينية، ودول أخرى مجاورة (لم يذكرها) ودول مجلس التعاون الخليجي الست، وهي السعودية وقطر والكويت والإمارات وسلطنة عمان والبحرين.
3 أوراق مهمة
ويرى ماجد العبلي، الأستاذ والباحث في الشؤون السياسية، أن "هذه الفترة تعطي قوة دبلوماسية للملك عبدالله تمكنه من ممارسة ضغوطات على الولايات المتحدة".
ويرجع ذلك إلى ما وصفه بـ"تخلص الأردن من ضغوطات خارجية وداخلية، تتيح له قدرة تفاوضية عالية في الشأنين السياسي والدبلوماسي".
ويوضح أن "بعض الدول (لم يحددها) حاولت أن تستغل الظروف الاستثنائية التي مر بها الأردن؛ للالتفاف على دور المملكة والحلول في مكانها، خاصة فيما يتعلق بتسويات القضية الفلسطينية".
أما عن الخطوط العريضة لمحاور نقاش الملك عبد الله مع بايدن، فيرى "العبلي" أنها تتثمل في "استعادة الدور الإقليمي لعمّان كلاعب رئيس في المنطقة، من خلال التركيز على أوراق ثلاثة هامة".


وهي، وفق "العبلي" "تثبيت الوصاية الهاشمية على مقدسات فلسطين، وإقرار مكانة الأردن كشريك أساسي في موضوع القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، ولا سبيل لأي دولة أن تحل مكان المملكة في هذا الإطار".
أما الورقة الثالثة فهي "ضرورة دعم الاقتصاد الأردني؛ لأن المملكة تشكل بؤرة مصالح إستراتيجية أميركية في المنطقة، باعتبارها ثاني أكبر دولة في استضافة اللاجئين السوريين في العالم (بعد تركيا)، ما يلزم دعما اقتصاديا كبيرا للحفاظ على استقرارها"، وفق "العبلي".
ويؤكد أن "الملك معني بإعادة تثبيت صورته كقائد ديموقراطي عصري، من خلال إبرازه سمة سيادة القانون، ودعواته المتكررة للإصلاح بكافة جوانبه السياسية والاقتصادية والإدارية، مع ضرورة إشراك المواطنين في ذلك".
ويرى أن "أهم ما يمكن مناقشته هو إعادة القضية الفلسطينية على سكتها القانونية والشرعية، خاصة بعد إبعادها عن مسارها في حقبة ترامب، ومحاولة فرضه لسياسة الأمر الواقع".


على الجانب الأميركي، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين بساكي، عبر بيان الأسبوع الماضي، إن "زيارة جلالة الملك ستسلط الضوء على الشراكة الدائمة والاستراتيجية بين الولايات المتحدة والأردن، الشريك الأمني الرئيسي والحليف للولايات المتحدة".
كما سيناقش الزعيمان التحديات التي تواجه منطقة الشرق الأوسط، حيث يتطلع بايدن إلى "العمل مع الملك عبد الله لتعزيز التعاون الثنائي في قضايا سياسية وأمنية واقتصادية عديدة، بما فيها تعزيز الفرص الاقتصادية"، وفق المتحدثة الأميركية.

الصومال: موقع استراتيجي وثروات طبيعية في قلب الصراعات الدولية


مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة: منصة لتجديد الفكر العربي واستعادة المركزية الفكرية


معركة في الدوري الإنجليزي: غوارديولا أمام اختبار البقاء وتوتنهام لرد الاعتبار


دراسة أمريكية تسلط الضوء على العلاقة بين الأمراض النسائية والموت المبكر