تطورات اقليمية

تصعيد يونيو يغير المعادلة..

12 يومًا هزّت طهران: كيف كشفت الحرب القصيرة ضعف الردع الإيراني؟

المؤسسة الحاكمة في إيران تركز في الوقت الراهن على البقاء أكثر من التركيز على استراتيجية سياسية طويلة الأمد.

طهران

تواجه النخبة الدينية في إيران، بقيادة الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي، تحديات وجودية مع تصاعد الضغوط الداخلية والخارجية بعد حرب قصيرة ولكن مدمرة في يونيو 2025. تضع هذه التحديات الجمهورية الإسلامية أمام خيارات صعبة: إما مواصلة التحدي عبر برنامجها النووي والمخاطرة بضربات عسكرية إسرائيلية وأمريكية إضافية، أو استئناف المفاوضات الدبلوماسية مع مخاطر الانقسامات الداخلية بين النخبة الحاكمة.

تعاني المؤسسة الحاكمة في إيران من ضعف عسكري وسياسي بعد حرب استمرت 12 يومًا في يونيو 2025، بدأت بغارات إسرائيلية تلتها ضربات أمريكية استهدفت ثلاثة مواقع نووية إيرانية تحت الأرض باستخدام قذائف خارقة للتحصينات. كشفت الحرب عن نقاط ضعف عسكرية وهزت صورة الردع الإيراني، خاصة بعد مقتل عدد من كبار قادة الحرس الثوري والعلماء النوويين. هذا التصعيد جاء قبل يوم واحد من جولة مفاوضات مقررة مع الولايات المتحدة، مما أثار اتهامات داخلية بأن الحوار الدبلوماسي كان "فخًا استراتيجيًا".

تشير مصادر إيرانية مطلعة إلى توافق داخل هيكل السلطة الدينية على استئناف المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة، معتبرة إياها ضرورية لبقاء النظام. يرى القادة أن المحادثات هي السبيل الوحيد لتجنب تصعيد عسكري إضافي قد يهدد وجود الجمهورية الإسلامية. الرئيس مسعود بزشكيان أكد أن العودة إلى المفاوضات لا تعني "الاستسلام"، لكنه واجه انتقادات حادة من غلاة المحافظين، مثل القائد بالحرس الثوري عزيز غضنفري، الذين يرون أن التصريحات المتسرعة قد تؤدي إلى عواقب وخيمة.

تزيد التهديدات الأمريكية والإسرائيلية من الضغط على طهران. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكدا استعدادهما لضرب إيران مجددًا إذا استأنفت تخصيب اليورانيوم. كما تلوح في الأفق عقوبات جديدة من الأمم المتحدة بموجب آلية "إعادة فرض العقوبات" التي تدفع بها الترويكا الأوروبية. في المقابل، هددت إيران بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، لكن مصادر مطلعة ترى أن هذا تهديد تكتيكي وليس خطة واقعية، نظرًا للمخاطر التي قد تؤدي إلى تدخل عسكري أمريكي-إسرائيلي.

يعاني الاقتصاد الإيراني من ضغوط متزايدة بسبب العقوبات، سوء الإدارة، وتداعيات الحرب. يواجه البلد انقطاعات يومية في الكهرباء، وانخفاضًا قياسيًا في منسوب المياه، مما دفع الحكومة إلى التحذير من "حالة طوارئ وطنية للمياه". هذه الأزمات زادت من الإحباط الشعبي، حيث يعبر مواطنون مثل علي رضا، تاجر أثاث في طهران، عن فقدان الثقة في قدرة النظام على الحكم الرشيد. على الرغم من ذلك، لم تندلع احتجاجات واسعة النطاق، حيث كثفت السلطات الإجراءات الأمنية وقمعت المعارضة.

لضمان استمرارية القيادة، شكلت إيران مجلسًا للدفاع لحماية التنسيق السياسي والعسكري في حال اضطر خامنئي للانتقال إلى مخبأ. كما عاد المعتدلون إلى الظهور في وسائل الإعلام الحكومية لتهدئة القلق الشعبي وإيحاء بإمكانية الإصلاح. ومع ذلك، يحذر محللون مثل أليكس فاتانكا من أن إعادة بناء القدرات النووية دون ضمانات دبلوماسية قد تؤدي إلى ضربة عسكرية حتمية، بينما قد تؤدي المفاوضات إلى تحسين اقتصادي، لكنها تخاطر برد فعل متشدد داخلي.

تقف إيران عند مفترق طرق حاسم، حيث يتطلب البقاء تحقيق توازن دقيق بين التحدي العسكري والدبلوماسية. قرار استئناف المفاوضات النووية يعكس إدراك القيادة لتكلفة المواجهة، لكنه يواجه مقاومة داخلية قد تهدد استقرار النظام. في ظل الضغوط الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة، يبقى السؤال: هل ستنجح إيران في تجنب التصعيد العسكري والانقسام الداخلي، أم أنها ستواجه مزيدًا من العزلة والاضطراب؟

باكستان تكسب ود دونالد ترامب والهند تدفع ثمن الجفاء الأمريكي


قمة ألاسكا 2025: التوازنات الجيوسياسية ومستقبل الحرب الأوكرانية


طارق وهيثم رافي… ثنائي فني يجمع التراث العُماني بروح العالم


"اليوم الثامن" تطلق استبيانًا لرصد تأثير الهواتف المحمولة على حياة المراهقين