تطورات اقليمية

"خطوة مربكة"..

اعتراف إسرائيلي بأرض الصومال يشعل توتراً دبلوماسياً في القرن الإفريقي

علم أرض الصومال

تل أبيب

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، اعتراف إسرائيل بـ أرض الصومال دولةً مستقلة ذات سيادة، في خطوة أثارت تفاعلات إقليمية ودولية واسعة، وأعادت ملف الإقليم غير المعترف به دولياً إلى صدارة المشهد السياسي في القرن الإفريقي والبحر الأحمر. وربط نتنياهو القرار بما وصفه بـ«روح اتفاقيات أبراهام» التي رعاها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، في إشارة إلى أن الاعتراف يأتي ضمن مسار أوسع لإعادة ترتيب التحالفات والنفوذ الإقليمي، وليس باعتباره إجراءً معزولاً عن السياق الجيوسياسي المحيط.

وفي موازاة ذلك، أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أن الخطوة ستتبعها إقامة علاقات دبلوماسية كاملة، تشمل فتح سفارات وتعيين سفراء، إضافة إلى توسيع التعاون في مجالات الزراعة والصحة والتكنولوجيا والاقتصاد، بما يعكس توجهاً إسرائيلياً لتحويل الاعتراف السياسي إلى شراكة مؤسسية طويلة الأمد قائمة على المصالح المتبادلة.

تقع أرض الصومال شمال الصومال، مطلة على خليج عدن وبخط ساحلي طويل يمتد على واحد من أكثر الممرات البحرية حساسية في العالم، وتحدها جيبوتي من الغرب وإثيوبيا من الجنوب. ويمنح هذا الموقع الإقليم أهمية استراتيجية مضاعفة، خصوصاً في ظل تصاعد التنافس الدولي على أمن الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب، فيما تمثل عاصمته هرجيسا نموذجاً نسبياً للاستقرار المؤسسي في محيط إقليمي مضطرب.

تعود جذور القضية إلى عام 1960 حين نالت أرض الصومال استقلالها عن بريطانيا، قبل أن تدخل بعد أيام في اتحاد مع الصومال الخاضع آنذاك للإدارة الإيطالية. غير أن شعوراً متنامياً بالتهميش السياسي والاقتصادي في المناطق الشمالية قاد إلى توترات تحولت في أواخر الثمانينيات إلى حرب دامية، شهدت قصف هرجيسا وسقوط عشرات الآلاف من الضحايا على يد نظام الرئيس الصومالي السابق محمد سياد بري. ومع انهيار الدولة الصومالية مطلع عام 1991، أعلنت «الحركة الوطنية الصومالية» من طرف واحد قيام «جمهورية أرض الصومال»، معتبرة أن النظام الفيدرالي لم يعد قائماً.

ومنذ ذلك التاريخ، ورغم غياب الاعتراف الدولي، نجح الإقليم في ترسيخ حالة من الاستقرار النسبي وبناء مؤسسات حكم محلية، ونظم في عام 2001 استفتاءً شعبياً أظهرت نتائجه تأييداً واسعاً للاستقلال، ثم رفض في عام 2003 المشاركة في محادثات إعادة توحيد الصومال، متمسكاً بوضعه ككيان مستقل. وتؤكد حكومة أرض الصومال أنها تستوفي مقومات الدولة وفق المعايير المعروفة في القانون الدولي، من حيث وجود سكان دائمين يقدر عددهم بنحو أربعة ملايين نسمة، وإقليم جغرافي محدد تزيد مساحته على 176 ألف كيلومتر مربع، ومؤسسات حكم منتخبة، إضافة إلى جيش وعملة وعلم ودستور مستقل.

غير أن الخطوة الإسرائيلية قوبلت برفض إقليمي واضح، إذ ندد وزراء خارجية مصر والصومال وجيبوتي وتركيا باعتراف إسرائيل بأرض الصومال، مؤكدين رفضهم التام لما اعتبروه انتهاكاً لوحدة وسيادة الأراضي الصومالية وتهديداً مباشراً للاستقرار في منطقة القرن الإفريقي. وأفادت وزارة الخارجية المصرية بأن وزير الخارجية والهجرة بدر عبد العاطي تلقى، يوم الجمعة، اتصالات هاتفية من كل من وزير خارجية الصومال عبد السلام عبدي علي، ووزير خارجية تركيا هاكان فيدان، ووزير خارجية جيبوتي عبد القادر حسين عمر، تناولت التطورات التي أعقبت الإعلان الإسرائيلي.

وبحسب البيان المصري، شدد الوزراء الأربعة على دعمهم الكامل لوحدة وسيادة وسلامة الأراضي الصومالية، ورفضهم أي إجراءات أحادية من شأنها المساس بالسيادة أو تقويض أسس الاستقرار، مؤكدين دعم مؤسسات الدولة الصومالية الشرعية ورفض أي محاولات لفرض كيانات موازية تتعارض مع وحدة الدولة. كما اعتبروا أن الاعتراف باستقلال أجزاء من أراضي الدول يشكل سابقة خطيرة وتهديداً للسلم والأمن الدوليين، وانتهاكاً للمبادئ المستقرة للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، مؤكدين أن احترام وحدة وسيادة وسلامة أراضي الدول يمثل ركناً أساسياً لاستقرار النظام الدولي.

في المحصلة، يعكس الاعتراف الإسرائيلي بأرض الصومال تحوّلاً في مقاربة بعض القوى الدولية لمسألة الاعتراف، من التركيز الحصري على الشرعية الشكلية إلى الأخذ بعين الاعتبار ما يوصف بـ«الواقع الوظيفي» على الأرض. غير أن الرفض الإقليمي الصريح يوضح أن الطريق أمام الإقليم نحو اعتراف دولي أوسع لا يزال محفوفاً بالتعقيدات، وأن هذه الخطوة مرشحة لأن تتحول إلى ملف اشتباك سياسي ودبلوماسي طويل الأمد في القرن الإفريقي، حيث تتقاطع حسابات السيادة مع معادلات النفوذ والأمن الإقليمي.

الانتقالي الجنوبي يوضح دوافع تحركاته في حضرموت والمهرة والسعودية تدعو لخفض التصعيد


حضرموت تحت القصف.. استخدام غير مشروع للقوة خارج مظلة الشرعية


قصف الحلفاء.. الغارات السعودية تفتح باب أزمة جديدة في الجنوب


القوات الحكومية تحكم سيطرتها على وادي نحب بحضرموت والسعودية تنفذ أول غارات جوية منذ 2022