تطورات اقليمية

السعودية تقصف قوات النخبة..

حضرموت تحت القصف.. استخدام غير مشروع للقوة خارج مظلة الشرعية

مقاتلة سعودية تحلق فوق سماء اليمن خلال عمليات عاصفة الحزم 2015م - أرشيف

المكلا

القصف السعودي الذي طال قواعد عسكرية في ساحل وهضبة حضرموت لا يمكن التعامل معه بوصفه حادثة عسكرية عابرة أو إجراءً أمنيًا ملتبسًا، بل هو فعل سياسي صريح استُخدمت فيه القوة المسلحة خارج أي إطار قانوني واضح. المسألة لا تتعلق بنزاع حدودي، ولا بتهديد أمني طارئ، بل باستخدام السلاح لفرض إرادة سياسية في منطقة مستقرة أمنيًا، وقواتها العسكرية مرابطة في مواقعها منذ ما يقارب عقدًا من الزمن.

منذ البداية، تأسس التدخل العسكري السعودي في اليمن على طلب رسمي من الرئيس السابق عبدربه منصور هادي، في سياق محدد هو مواجهة تمدد جماعة الحوثي. غير أن هذا الأساس—مهما كان الجدل حوله—انتهى عمليًا في 7 أبريل/نيسان 2022 مع نقل السلطة إلى مجلس قيادة رئاسي. منذ تلك اللحظة، انتفت الصفة القانونية للرئيس الذي منح التفويض، وبزوال التفويض زال السند، وأي استخدام لاحق للقوة أصبح بلا غطاء سياسي أو قانوني.

الأخطر أن القصف لا يمكن تبريره تحت ذريعة الدفاع الشرعي عن النفس، وهي الحجة الوحيدة المتاحة للدول عند غياب قرارات مجلس الأمن. حضرموت لم تمثل يومًا تهديدًا للسعودية، ولم تنطلق منها أعمال عدائية، ولم تكن القواعد المستهدفة جزءًا من عمليات قتالية نشطة. إنها قوات حكومية تؤدي مهام حفظ الأمن والاستقرار. لا هجوم، ولا خطر وشيك، ولا حالة ضرورة. وعليه، فإن ادعاء الدفاع عن النفس لا يصمد أمام أي فحص قانوني جاد.

وتزداد خطورة الواقعة حين تُقرأ في سياقها الميداني: القواعد المستهدفة قائمة منذ عام 2015، ولم تشارك في نزاع مسلح نشط، ولم تكن جزءًا من جبهات قتال. هذا يؤكد أننا لسنا أمام عملية عسكرية، بل رسالة سياسية أُرسلت بالصواريخ. استخدام القوة هنا لم يكن لتحييد خطر، بل لإعادة رسم خطوط السيطرة والقرار—وهو سلوك محظور صراحة في القانون الدولي، حتى في ذروة النزاعات المسلحة، فكيف في مناطق مستقرة نسبيًا.

اللافت أن الخطاب الإعلامي السعودي لم يقدّم تبريرًا عسكريًا متماسكًا، بل لجأ إلى توصيف الضربات بأنها «ترهيبية» أو «ردعية». وهذا الوصف بحد ذاته إدانة؛ إذ يقر بأن الهدف ليس عسكريًا مشروعًا، بل بث الخوف وممارسة الضغط السياسي. القانون الدولي لا يعترف بما يسمى «الضربات الترهيبية»، بل يصنّفها ضمن الاستخدام غير المشروع للقوة.

ولا يمكن فصل هذا القصف عن مسار أوسع يتعلق بحق تقرير المصير. فالقانون الدولي لا يحمي الدول القائمة فحسب، بل يحمي أيضًا حق الشعوب والكيانات في السعي لتقرير مصيرها دون تهديد أو إكراه. استخدام القوة لمنع تشكّل كيان سياسي أو لإجهاض مسار استقلالي لا يُعد إجراءً أمنيًا، بل اعتداءً مباشرًا على الاستقلال السياسي، وهو ما تحظره القواعد الأساسية للنظام الدولي.

وبالاستناد إلى تعريف العدوان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، فإن استخدام القوة المسلحة ضد قوات أو إقليم كيان آخر، دون تفويض دولي أو دفاع شرعي عن النفس، يُعد عدوانًا مكتمل الأركان. وبإسقاط هذا التعريف على ما جرى في حضرموت، تتوافر جميع عناصر العدوان: لا تفويض، لا تهديد، لا ضرورة، بل قرار سياسي باستخدام القوة لفرض واقع جديد.

ما حدث في حضرموت ليس خطأً عسكريًا ولا سوء تقدير، بل خيار سياسي واعٍ استُخدمت فيه القوة خارج القانون. ولهذا السبب تحديدًا، لا يمكن توصيفه إلا كما هو: عدوان سافر، لا تبرره الذرائع، ولا تغطيه الخطابات، ولا يمكن إخراجه من هذا الإطار مهما أُعيدت صياغته.

قصف الحلفاء.. الغارات السعودية تفتح باب أزمة جديدة في الجنوب


القوات الحكومية تحكم سيطرتها على وادي نحب بحضرموت والسعودية تنفذ أول غارات جوية منذ 2022


طيران السعودية العسكري يقصف قاعدة لقوات النخبة الحضرمية في ساحل حضرموت


تقرير أمريكي: «محور المقاومة» يدخل مرحلة إعادة تشكّل بعد حرب يونيو 2025