شهدت محافظة أبين السبت مظاهرة حاشدة تنديدا بارتفاع الأسعار في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية.
وجاب المتظاهرون الشارع العام للمدينة، حاملين لافتات تندد بما وصفوها بـ"سياسة التجويع التي تمارسها الحكومة الشرعية بحق الشعب في الجنوب"، بينما يرى محللون أن أزمة العملة تأتي نتيجة تمسك الحوثيين بالحرب ورفض مبادرات السلام لإنقاذ اليمن من الانهيار الاقتصادي وإصلاح القطاع المالي.
وعبر المتظاهرون عن رفضهم لغلاء المعيشة وانهيار العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية.
وقال متظاهرون "خروجنا اليوم جاء للتعبير عن ما وصلت إليه الأوضاع جراء انهيار العملة المحلية وارتفاع غلاء المعيشة الذي يتعرض له هذا الشعب المغلوب على أمره".
وأكدوا في بيان رسمي ، أن ما وصف بـ"ثورة الجياع" ستستمر حتى تحقيق العيش الكريم "للشعب الجنوبي".
وخلال الأيام الماضية، شهدت العملة اليمنية في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي حاداً لأول مرة، حيث وصل سعر الدولار الواحد إلى 1007 ريال يمني، وسط حالة من السخط الشعبي بسبب ارتفاع الأسعار وانهيار الوضع الإنساني.
وعلى إثر تدهور سعر صرف الريال حذرت الأمم المتحدة من أزمة جديدة في البلد الغارق في حرب وضعته على حافة مجاعة كبرى، بينما يسير اليمن على خطى لبنان من حيث الانهيار الاقتصادي.
ونتجت أزمة انهيار العملة في اليمن عن معركة بين بنكين مركزيين متنافسين العملة اليمنية، أحدهما تحت تسيير الحكومة المعترف بها دوليا والأخر خاضع لسيطرة الحوثيين، ما أدى لارتفاع الأسعار.
وفاقم التضخم المتصاعد من المأساة في بلد يعتمد معظم سكانه البالغ عددهم 29 مليون نسمة على المساعدات للبقاء على قيد الحياة.
وكان الاقتصاد اليمني هشا حتى قبل نشوب الحرب عام 2014، لكن صندوق النقد الدولي يقول الآن إن البلاد تواجه "أزمة اقتصادية وإنسانية حادة".
واليمن منقسم بين حكومة معترف بها دوليا في الجنوب ويدعمها تحالف عسكري تقوده السعودية من ناحية، وبين جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران والتي تسيطر على معظم الشمال وعلى مدينة الحديدة الساحلية الرئيسية المطلة على البحر الأحمر من ناحية أخرى.
ولكل طرف من الطرفين بنك مركزي ويطبق كل منهما سياسات متعارضة.
ويميل البنك المركزي في عدن، والذي بمقدوره الوصول إلى الأسواق المالية الدولية، على نحو متزايد إلى طباعة أوراق نقدية جديدة لسد العجز الحكومي وسداد رواتب موظفي القطاع العام خاصة قوات الأمن والجيش.
وأثار هذا دون شك انتقادات في الشمال الذي لا يتعامل إلا بالريال القديم.
وأدى ذلك إلى تباين حتى في سعر صرف الريال. وسعر الأوراق النقدية الجديدة في عدن وصل إلى ألف ريال أمام الدولار هذا الأسبوع. أما في صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون فيبلغ السعر حوالي 600.
وسعى البنك المركزي في عدن، والذي لم يرد على عدة طلبات للحصول على تعقيب، إلى تعزيز العملة الضعيفة بزيادة أسعار الفائدة إلى مثليها العام الماضي وتحذير شركات الصرافة من تجاوز سعر الصرف الرسمي وهو 580 ريالا.
ويحاول صندوق النقد الدولي والأمم المتحدة منذ عام 2018 توحيد البنكين المركزيين في إطار جهود أوسع لإنهاء الحرب، لكن دون جدوى.