سحبت الحكومة الجزائرية ترخيص قناة “العربية” المملوكة للسعودية في قرار وصف بـ”المفاجئ”، كونه لم يسبق بتنبيه أو إنذار مسبق، في موقف يعكس وفق مصادر سياسية جزائرية موقفا من السعودية.
وعزت المصادر الجزائرية هذا القرار المفاجئ إلى الاهتمام السعودي بتونس ودعم الرياض لإجراءات الرئيس قيس سعيد الأخيرة وإظهار استعدادها لدعم تونس في هذه المرحلة، وهو أمر قد لا يروق للجزائر الموهومة بعودة دورها الإقليمي والعالمي، والتي تعتبر أن هذا الدور السعودي بمثابة تحد لها في عقر دارها.
و أعلن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان عن وقوف بلاده إلى جانب تونس ودعمها في مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، وذلك خلال زيارة قام بها إلى تونس الجمعة التقى خلالها بالرئيس التونسي ونقل إليه رسالة من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز.
وتتحرك الجزائر بالتنسيق مع تركيا والسلطات الانتقالية في ليبيا لدعم الإسلاميين في تونس بعد التغييرات الأخيرة التي وضعتهم خارج المعادلة.
ودون ذكر أسباب واضحة، اكتفت وزارة الاتصال الجزائرية ببيان مقتضب ذكرت فيه بأنه “تقرر سحب اعتماد قناة العربية الإخبارية لعدم احترامها قواعد أخلاقيات المهنة وممارستها للتضليل الإعلامي والتلاعب”. كما لم يصدر من مكتب القناة في الجزائر أو من مراسليها أيّ تعليق أو تصريح.
وكانت السلطات الجزائرية قد سحبت في شهر يونيو الماضي اعتماد قناة “فرانس 24″ الفرنسية لأسباب مماثلة، لكن مكتب القناة كان قد تلقى تنبيها ثم إنذارا من طرف وزارة الاتصال، قبل أن يتم سحب الاعتماد منها كليا.
وبررت وزارة الاتصال حينها القرار بـ”انحياز القناة في تغطية مسيرات للحراك الشعبي واستعمال صور أرشيفية لتضخيم حجم المتظاهرين”. وتضيق السلطات الجزائرية بالتغطية الإعلامية للوضع الصحي في البلاد وأزمة الأكسجين في المشافي الحكومية، وهو ما قد يكون سببا إضافيا لسحب الترخيص من القناة السعودية.
وكان رئيس الوزراء الجزائري أيمن بن عبدالرحمن قد دعا وسائل الإعلام إلى “التحلي بالموضوعية وتلافي التهويل للحفاظ على الاستقرار الاجتماعي”، في إشارة إلى الانتقادات الموجهة عبر شبكات التواصل الاجتماعي لأداء الدوائر الصحية في البلاد في ظل الانتشار الكبير للموجة الثالثة من وباء كورونا.
كما دعت السلطة الناظمة للنشاط السمعي البصري في بيان لها وسائل الإعلام الى ضرورة “التحلي بالموضوعية، والابتعاد عن التغطيات المثيرة للقلق، أو تهويل الوضع القائم، فيما يخص الوضع الصحي في البلاد ”
وتفرض الحكومة الجزائرية مقاربتها في تغطية الوضع الصحي، وتحض على اعتماد أرقامها وإحصائياتها، غير أن تأثيرات الموجة الثالثة المستفحلة من المرض، وارتفاع عدد الإصابات والوفيات وأزمة الأكسجين، بشكل يتناقض مع المعطيات الرسمية جعل عددا من وسائل الإعلام المحلية والأجنبية تجتهد في إعداد تقاريرها على مصادر أخرى.
وجاء التطور الجديد في تعاطي الحكومة الجزائرية مع الإعلام الأجنبي، في أعقاب تقارب جزائري – قطري في هذا المجال، حيث سُمح منذ الانتخابات التشريعية التي جرت في الثاني عشر من يونيو الماضي، بإعادة فتح مقر قناة “الجزيرة” المغلق منذ عدة سنوات، وباتت القناة تقدم تغطيات مستمرة وغير مزعجة للسلطة. كما تحظى الوكالة الرسمية التركية “الأناضول”، بهامش كبير من التحرك والتغطية لمختلف الأنشطة في البلاد.
وتواجه الجزائر انتقادات من منظمات دولية بشأن تقييد الحريات الإعلامية، فيما تقول السلطات إن الحرية متوفرة لجميع وسائل الإعلام شريطة الالتزام بالموضوعية وأخلاقيات المهنة. وصنفت احصائيات دولية في مجال الحريات الإعلامية الجزائر في الرتبة 146، من ضمن نحو 180 دولة، مما يضع الحريات الإعلامية في البلاد محل تساؤل.