تبقي إسرائيل وإيران الأيادي على الزناد وسط تهديدات متبادلة بالتصعيد العسكري على خلفية الهجوم الأخيرة الذي تعرضت له ناقلة نفط إسرائيلية في بحر العرب في أحدث حلقة من حلقات توتر لا يهدأ بين الطرفين، بينما يُتوقع أن تتسع نطاق المواجهة في ما بات يعرف بـ"حرب السفن" مع إمكانية أن يصعد الجيش الإسرائيلي هجماته على مواقع القوات والميليشيات الإيرانية في سوريا أو في ساحات قريبة أخرى مثل العراق أو لبنان.
وفي خضم هذا الضجيج، يعقد مجلس الأمن الدولي مساء اليوم الخميس اجتماعا مغلقا من المقرر أن تثير فيه بريطانيا نقاشا حول الهجوم الذي تعرضت له ناقلة النفط الإسرائيلية الأسبوع الماضي والذي يشتبه بأن إيران تقف وراءه، بينما لم يهدأ ضجيج التهديدات بين طهران وتل أبيب منذ تلك الحادثة التي أثارت غضب المجتمع الدولي وقلقا متصاعدا على أمن الملاحة البحرية في أهم منافذ مائية لإمدادات الطاقة للعالم.
وبينما قال دبلوماسيون إن المندوبة البريطانية لدى الأمم المتحدة تعزم مناقشة الهجوم المميت على ناقلة النفط في بحر العرب قبالة عمان، يسود اعتقاد قوي بأن المجلس لن يتخذ أي إجراء.
وكانت بريطانيا قد أبلغت المجلس التابع للأمم المتحدة يوم الثلاثاء بأنه من المرجح للغاية أن إيران استخدمت طائرة مسيرة واحدة أو أكثر لشن الهجوم على الناقلة الأسبوع الماضي والذي أودى بحياة اثنين من أفراد طاقمها أحدهما بريطاني والآخر روماني. ونفت طهران الضلوع في الهجوم.
وفاقم الهجوم التوتر القائم أصلا بين طهران وتل أبيب، وسط تهديدات متبادلة بالتصعيد، حيث نقلت مواقع إخبارية إسرائيلية عن وزير الدفاع بيني غانتس قوله إن إسرائيل مستعدة لشن هجوم عسكري على إيران، واصفا إياها بأنها "مشكلة عالمية".
وأضاف بعد ساعات من اتهامه إيران بأنها على بعد 10 أسابيع فقط من الحصول على مواد انشطارية سوف تمكنها من تصنيع قنبلة نووية "طهران دون أدنى شك تحاول تحدي إسرائيل على عدة أصعدة ولذلك تعزز نفوذها في لبنان وغزة وتنشر قوات تابعة لها في سوريا والعراق، بالإضافة إلى دعمها لجماعة الحوثيين في اليمن".
وتابع أنه على ضوء ما سبق، فإن إسرائيل مستعدة بدورها وعلى كافة الأصعدة لمواجهة إيران، مشددا على ضرورة تعزيز القدرات لهذا الغرض. كما قال "نتصرف بطرق مختلفة وبكثافة مختلفة وسنستمر في فعل ذلك".
وأكد أن على المجتمع الدولي أن يدرك أن إيران "ليست مشكلة خاصة بإسرائيل، بل إنها مشكلة عالمية"، مجددا اتهامه لطهران بالمسؤولية عن الهجوم الذي استهدف الأسبوع الماضي الناقلة ميرسر ستريت قبالة سواحل عُمان.
وحث غانتس على إيجاد ما وصفه بـ"توازن سياسي-استراتيجي" بين إسرائيل والمجتمع الدولي للتعامل مع إيران من الناحية العسكرية.
وفي المقابل يُبقي الإيرانيون أياديهم على الزناد بتصريحات لم تغادر مربع التهديد والوعيد، فيما ردّ العضو بلجنة الأمن القومي الإيراني محمود مشكيني على التهديدات الإسرائيلية التي أعقبت الهجوم على ناقلة النفط الإسرائيلية بالقول إنها "لا تملك القدرة التي تؤهلها لمهاجمة القوات الإيرانية في سوريا أو سفنها في البحر"، وفق وكالة 'سبوتنيك' الروسية.
وتابع "إسرائيل ليست في الحجم والقدرة التي تؤهلها لمهاجمة قواتنا في سوريا أو سفننا في البحر.. إسرائيل لا شيء اليوم وأكبر مشكلة لها الآن هي مشكلة شرعيتها وهي تسعى للتخريب في الخارج لحل مشاكلها الداخلية".
وتعكس التهديدات المتبادلة حجم التوتر واتساع ساحات المواجهة بين الطرفين، إلى المنافذ المائية وهو أمر يشكل تهديدا لأمن الملاحة البحرية.
مركز ستراتفور الأميركي للدراسات الأمنية والإستراتيجية قدم تشخيصا للتوترات الأخيرة وتفسيرا للتصعيد الإيراني الذي وصفه بأنه "سياسة حافة الهاوية البحرية" لإيصال رسالة تحد للغرب وإظهار القوة في الداخل.
واعتبر أن استفزازات إيران البحرية المتزايدة تشير إلى عملية مفاوضات نووية أكثر صعوبة مع القوى الغربية، في إشارة إلى مفاوضات فيينا غير المباشرة بين واشنطن وطهران التي تعثرت بعد ست جولات، بينما رُحّلت الجولة السابعة منها إلى ما بعد تنصيب الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي الذي تولى اليوم الخميس منصبه رسميا في مراسم حضرها ممثلو بعض الدول بينهم رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي.
وتريد إيران على الأرجح من خلال هذه الاستفزازات انتزاع مكاسب في المفاوضات النووية وإظهار أنها مستعدة للعودة للاتفاق النووي للعام 2015 بشروطها أو إدارة ظهرها للاتفاق من أساسه.
ويعرف رئيسي بأنه من غلاة المحافظين ومن منتقدي الاتفاق النووي وهو ما يفسر سلوك طهران العدواني وانفتاحها على مواقف أكثر عدوانية في المنطقة الأوسع ونحو القوى العالمية الأخرى، بحسب تقدير مركز ستراتفور الأميركي الذي اعتبر أيضا أن "سياسة حافة الهاوية البحرية تساعد أيضا في إيصال رسالة وتحد، حيث يحاول رئيسي أن ينأى بنفسه عن سلفه الأكثر اعتدالا حسن روحاني، ويركز على بناء السيادة الإيرانية".