تقارير وتحليلات
حماسة المبعوث الأممي الجديد لا تبعث الأمل..
هانس غروندبرغ: سأعمل بلا هوادة لتحقيق السلام بين اليمنيين
أجمعت مصادر سياسية وشعبية يمنية على أن تصريحات السويدي هانس غروندبرغ المبعوث الأممي الجديد بشأن تحقيق السلام العادل في البلاد، لا تختلف عن تصريحات الذين سبقوه.
وأشاروا إلى أن التعنت الحوثي والخلاف المتصاعد داخل الحكومة اليمنية نفسها، لم يتراجعا سواء مع بداية مهمة غروندبرغ أو قبلها. وتزامنت وعود غروندبرغ لليمنيين مع قصف الميليشيات الحوثية للسعودية بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة مفخخة. وتسلم الدبلوماسي السويدي الأحد مهام منصبه رسميا كرابع مبعوث للأمم المتحدة إلى اليمن.
واعتبر المتشائمون من تحقيق المبعوث الأممي الجديد تقدما ملموسا، القصف الحوثي لمدن سعودية بمثابة رسالة مبكرة له على استحالة تراجعهم من دون القبول بشروطهم.
وأكد أنه سيبذل كل ما بوسعه للمساهمة في تحقيق سلام دائم وعادل في اليمن، في أول رسالة يوجهها إلى اليمنيين منذ إعلان تعيينه مبعوثاً أممياً إلى اليمن خلفاً للبريطاني مارتن غريفيث.
وذكر غروندبرغ في رسالته “كما يعلم الكثير منكم، صرت محباً لبلدكم الجميل على مدار العقد الماضي، وأشعر نحوه بالاحترام مما زاد من صعوبة متابعة أحداث السنوات السبع الماضية”.
وعبر عن تقبله المسؤولية بوعي كامل لحجم المهمة وتعقيدات الوضع والتحديات التي تنتظره، مشددا على أنه سيكون وفريق مكتبه متاحين دائماً للاستماع إلى أولويات اليمنيين والاسترشاد بتطلعاتهم، والعمل بلا هوادة سعياً لتحقيق السلام، وتذكير جميع المعنيين بمسؤوليتهم المشتركة نحو مستقبل اليمن.
وأشار المبعوث الأممي إلى أنه يتطلع إلى تفاعلات تتسم بالصراحة وتشمل الجميع، وتسودها الجدية في المقام الأول مع النظراء اليمنيين والإقليميين والدوليين. وشدد بالقول “معاً يمكننا مساعدة اليمن لتغيير المسار نحو حل سلمي لهذا النزاع”.
وفي أغسطس الماضي عين الأمين العام للأمم المتحدة رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي سابقاً في اليمن الدبلوماسي السويدي هانس غروندبرغ مبعوثاً خاصاً إلى اليمن خلفاً لمارتن غريفيث الذي عين قبل أكثر من شهرين وكيلاً للشؤون الإنسانية ومنسقاً للإغاثة في حالات الطوارئ.
ورحبت أطراف الصراع المتمثلة بالحكومة الشرعية والحوثيين والمجلس الانتقالي الجنوبي بتعيين غروندبرغ، في الوقت الذي استمرت فيه المعارك في عدد من الجبهات وسط تفاقم الأزمة الاقتصادية.
ويعدّ غروندبرغ رابع مبعوث أممي إلى اليمن منذ العام 2011، ويتولى مهامه في الوقت الذي يبدو الصراع في البلاد أكثر اشتعالا من أي وقت مضى.
وتزامن تعيين الدبلوماسي السويدي الذي رعت بلاده التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار في الحديدة في ديسمبر 2018، مع وصول الجهود الدولية إلى طريق مسدود في ما يتعلق بالمضي قدما في خطة السلام الجزئية التي أنهى بها المبعوث السابق مارتن غريفيث مسيرة الفشل الأممية في اليمن والتي وصفت بأنها أشبه ما تكون بمساع عقيمة لبث الروح في جسد السلام المتحلل.
ويشهد اليمن حربا منذ نحو سبع سنوات أودت بحياة أكثر من 233 ألف شخص، وبات 80 في المئة من السكان البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة يعتمدون على الدعم والمساعدات، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.
وللنزاع امتدادات إقليمية منذ مارس 2015، إذ ينفذ تحالف بقيادة الجارة السعودية عمليات عسكرية دعما للقوات الحكومية في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران، والمسيطرين على عدة محافظات بينها العاصمة صنعاء.
وتحتوي السيرة الدبلوماسية لغروندبرغ قدرا مقبولا من الخبرة بالملف اليمني وتعقيداته، حيث عمل قبل تعيينه كمبعوث أممي إلى اليمن سفيرا للاتحاد الأوروبي لدى اليمن منذ سبتمبر 2019، إضافة إلى امتلاكه سجلا دبلوماسيا طويلا في الشرق الأوسط، حيث عمل في العديد من البعثات الدبلوماسية السويدية وبعثات الاتحاد في الخارج، بما في ذلك توليه مناصب دبلوماسية في القاهرة والقدس، كما عمل رئيسا لقسم الخليج في وزارة الخارجية السويدية، وترأس مجموعة عمل الشرق الأوسط والخليج التابعة للمجلس الأوروبي خلال رئاسة السويد للاتحاد الأوروبي في العام 2009.
وأمام المبعوث الجديد تحديات معقدة لا تخفف منها الرسالة المتفائلة التي كتبها الأحد لليمنيين، فعلى الصعيد المحلي يواصل الحوثيون تصعيدهم العسكري باتجاه مدينة مأرب، ونحو الأراضي السعودية التي يستمرون في استهدافها بالطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية، مدفوعين بحسابات بعضها قائم على استثمار ضعف الحكومة الشرعية وتشتتها وارتباك المجتمع الدولي وخصوصا الأميركي تجاه الملف اليمني، إلى جانب حسابات أوسع مرتبطة بمصالح طهران وتعزيز حضورها في مفاوضات استئناف الاتفاق النووي التي تجري في فيينا.
ومما قد يزيد من صعوبة عمل غروندبرغ استنفاد الدول التي كانت تعد فاعلة في هذا الملف كل جهودها للضغط وتسوية الأرضية أمام الجهود الأممية والدفع بخيارات التسوية السياسية، وفي مقدمة ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا اللتان مارستا خلال الفترة الأخيرة من عمل المبعوث السابق غريفيث ضغوطا هائلة نجحت في انتزاع موافقة الحكومة اليمنية والتحالف العربي على خطة “الإعلان المشترك” التي أعدها غريفيث وخضعت لمراحل من التعديل، غير أن جهود الدولتين لم تفلح بعد ذلك في إجبار الحوثيين على الموافقة على الخطة، على الرغم من إشهار واشنطن بشكل غير مسبوق لسلاح العقوبات التي طالت قيادات عسكرية حوثية وشبكات لتمويل الجماعة ماليا مرتبطة بإيران وصولا إلى ضبط شحنات سلاح مهربة قبالة بحر العرب.