تحليلات
الحضور المسيحي يتراجع بشكل دراماتيكي غير مسبوق..
المطران عطا الله: المسيحيون يتعرضون لمؤامرات لاقتلاعهم من اصالتهم
المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس
قال المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس بأن نزيف هجرة المسيحيين من هذا المشرق كما وغيرهم من المواطنين مستمر ومتواصل فمآساة هذا المشرق وشعوبه ماثلة امامنا وهي جرحنا الكبير الذي لم يندمل حتى اليوم .
ان مأساة العراق ادت الى هجرة الغالبية الساحقة من المسيحيين، كما وفي سوريا العزيزة على قلوبنا، ولبنان ايضا يعاني ما يعانية بسبب الاوضاع الاقتصادية والسياسية كما وغيرها من الاقطار العربية الشقيقة .
اما في فلسطين فهنالك نزيف مستمر ومتواصل وبتنا نلحظ ان الحضور المسيحي في بلادنا يتراجع بشكل دراماتيكي غير مسبوق بسبب سياسات الاحتلال وبسبب عوامل اخرى منها ما هو اجتماعي ومنها ما هو ثقافي كما وغيرها من المسببات والتي يعرفها جيدا ذو الاختصاص .
ان اختفاء العنصر المسيحي من فلسطين بشكل خاص ومن هذا المشرق بشكل عام انما ليست خسارة للمسيحيين لوحدهم بل هي خسارة لكل اقطارنا وشعوبنا لان اختفاء المسيحية من هذا المشرق انما يفقد هذا المشرق التنوع الذي كان يميزه عبر قرون طويلة.
نحن في فلسطين نعرف جيدا من الذي اوجد لنا الصهيونية الغاشمة والتي ادت الى كل هذه النكبات والنكسات التي تعرض لها شعبنا كما اننا نعرف جيدا من الذي اوجد لنا المنظومة الداعشية الدموية ومن الذي يغذيها ويمولها ويستثمر وجودها ويستفيد منها.
ونعتقد بأن الصهيونية والداعشية هما وجهان لعملة واحدة فهؤلاء يستهدفون مشرقنا وشعوبنا وكافة مكونات امتنا العربية .
ان المؤامرة التي يتعرض لها المسيحيون في هذا المشرق وفي فلسطين بشكل خاص هي مؤامرة متشعبة ومتنوعة وادواتها كثيرة واشكالها متعددة ، فكما عملوا على تهجير المسيحيين من هذا المشرق بنشر ثقافة الرعب والموت والخوف يعملون اليوم على تدجين المسيحيين والنيل من هويتهم وثقافتهم .
ان اعداءنا المتصهينون يريدون للمسيحيين في بلادنا وفي مشرقنا ان يتصهينوا وان يصبحوا جزءا من هذا المشروع المعادي لامتنا العربية ولقضية فلسطين بنوع خاص.
هنالك ابواق ومنابر اعلامية متصهينة تبث سمومها ليلا ونهارا وهدفها اقتلاع المسيحيين من جذورهم وتغريبهم عن اوطانهم وجعلهم يشعرون بأنهم مستهدفون ومضطهدون في بلدانهم وهذه وصفة لتبرير هجرة المسيحيين لكي يتركوا اوطانهم ويذهبوا الى بلاد الاغتراب الواسعة .
اقول وبصراحة بأن اعداءنا المتآمرين على امتنا وعلى فلسطين وعلى المسيحيين في هذا المشرق يريدون للمسيحيين ان يتخلوا اولا عن انسانيتهم وعن وطنيتهم وعن عروبتهم، ويريدونهم ان يتخلوا عن قضيتهم الاولى التي هي قضية فلسطين والتي عندما ندافع عنها نحن ندافع عن ايماننا وتاريخنا وتراثنا وعراقة وجودنا كما اننا ندافع عن ارض الميلاد والتجسد والفداء وعن اعرق بقعة في هذا العالم واقدسها اختارها الله لكي تكون مكانا لتجسد محبته نحو البشر .
ندرك جيدا ان هنالك عبدة للدولار في عالمنا حتى وان ادعو انهم مبشرون بالايمان والانجيل فعبادة الاصنام لم تختفي من هذا العالم ولكنها موجودة اليوم بأشكال مختلفة ومتنوعة .
وامام هذا التحريض ومحاولة غسل الادمغة وانتزاع المسيحيين المشرقيين من اصالتهم وخاصة في فلسطين هنالك دور يجب ان تقوم به كنائسنا ويجب ان يقوم به رعاة الكنائس في مواجهة هذا المد الشيطاني الممول من الصهيونية العالمية ومن الداعشية الدموية وكلها منظومة واحدة لا حضارية ولا اخلاقية ولا انسانية .
واقول كأسقف ارثوذكسي فلسطيني ويشاطرني في هذا القول لربما الكثيرون من ابناء كنيستنا وخاصة اولئك الذين لم يفقدوا البصر والبصيرة ولم يتحولوا مثل يهوذا الاسخريوطي الذي باع سيده بحفنة من دولارات الخيانة والعمالة.. اقول بأننا سنبقى مسيحيين حاملين لراية الصليب ولن نتخلى عن ايماننا ومسيحيتنا المشرقية وكنيسة القيامة في القدس ستبقى اجراسها تصدح وبخورها متصاعد الى السماء مع صلواتنا وادعيتنا من اجل بلادنا ومشرقنا وعالمنا .
لن نتخلى عن مسيحيتنا الحقة القويمة والتي انطلقت رسالتها من هذه الارض المقدسة وندعو ابناءنا ان يكونوا على قدر كبير من الوعي وان يلفظوا ويرفضوا كافة البدع والهرطقات مدفوعة الاجر الاتية الينا من هنا او من هناك بهدف النيل من انتماءهم الروحي والوطني في هذه البقعة المقدسة من العالم .
سنبقى مسيحيين رغما عن كل المنظومة الداعشية والصهيونية وغيرها من الادوات المعادية للانسانية ولامتنا ولمشرقنا .
ولن نتأثر بأية عوامل تريدنا ان نتخلى عن انتماءنا لايماننا واوطاننا ومشرقنا منبع الحضارات والثقافات .
أما نحن في فلسطين فسنبقى فلسطينيين شاء البعض ام ابوا وستبقى القضية الفلسطينية قضيتنا كمسيحيين كما هي قضية المسلمين وقضية كل انسان حر في هذا العالم .
لن نتخلى عن انتماءنا لفلسطين تحت وطأة اية ضغوطات او ممارسات او سياسات او تحريض او غيرها من المشاريع المشبوهة التي تحيط بنا وتستهدفنا وتستهدف اصالة انتماءنا الروحي والوطني .
سنبقى فلسطينيين منتمين لوطننا ولقضية شعبنا ولن تؤثر علينا ابواق التحريض المتصهينة الداعشية المعادية للقيم الانسانية والروحية النبيلة .
سنبقى فلسطينيين مهما كانت التضحيات ومهما كانت الاثمان فهذه هي بوصلتنا وهذا هو انتماءنا وهذا هو وطننا وهذا هو شعبنا الذي ننتمي اليه بكل جوارحنا .
" من القدس نبعث بسلامنا ومحبتنا للشعب اللبناني مع تمنياتنا ان يتجاوز لبنان محنته "
وفي تصريح آخر قال المطران عطا الله حنا بأننا نلتفت الى لبنان الشقيق معربين عن ألمنا وصدمتنا وقلقنا مما يحدث هناك.
لبنان الجميل بلد الثقافة والعراقة والاخوة تتقاذفه الرياح ، والمؤامرات تحيط به من كل حدب وصوب والضحية هي الشعب الذي بات غير قادر على ان يصل الى قوته وان يعيش حياته الطبيعية .
ان مأساتنا في فلسطين ومعاناتنا لا يمكن ان تنسينا او ان تجعلنا نتجاهل ماذا يحدث في لبنان الذي نحبه والذي وقف الى جانب فلسطين وقضية فلسطين ناهيك عن احتضان اللاجئين الفلسطينيين منذ النكبة وحتى اليوم .
لن نتطرق الى محطات مؤسفة ومحزنة بل دائما ننظر الى الوجه المشرق ونحن كفلسطينيين نتمنى للبنان الخير وهنالك ازمة سياسية واقتصادية ومعيشية نتمنى ان يتجاوزها اللبنانيون وان يُفشلوا مخططات الطابور الخامس والعملاء والمرتزقة اصحاب الاجندات الخارجية .
نحن على يقين بأن اللبنانيين بوحدتهم وحكمتهم ومحبتهم لبلدهم هم قادرون على تجاوز هذه المحنة الخطيرة التي يمرون بها وهي الاسوء في تاريخ لبنان الذي مر بحروب اهلية وبنزاعات واوضاع في غاية القسوة ولكن ما يحدث اليوم في لبنان انما هو شيء خطير للغاية .
يا ايها اللبنانيون توحدوا من اجل النهوض ببلدكم وما اقوله لكم من القدس لا اقوله من باب التدخل في الشأن اللبناني الذي قد يدعي البعض بأنه شأن لا يعنينا ولا يخصنا وانا لا اتفق مع هذا الطرح لانني اعتقد بأن المساس بلبنان وبهائه وجماله هو مساس بكل هذا المشرق وما يحدث اليوم في لبنان ليس شأنا لبنانيا داخليا فحسب بل هو شأن يخص كافة محبي لبنان الرسالة في هذا المشرق وفي كل مكان.
يا ايها اللبنانيون ضعوا اولا مصلحة بلدكم في المقدمة واعملوا من اجل النهوض ببلدكم فحرام ما يحدث عندكم انه بلد ينهار بكل ما فيه من جمال وبهاء ولكننا نبقى دوما من المتفائلين الذين يؤمنون بأن الجمال والبهاء اقوى بكثير من المؤامرات والمشاريع التي تستهدف لبنان الجميل .
من القدس الف تحية لبيروت ولكل المدن والبلدات اللبنانية ، الف تحية لكل اللبنانيين بكافة انتماءاتهم الدينية وان شاء الله تتجاوزون هذه المحنة ويعود لبنان كما كان سابقا واقوى واحسن .
والف تحية للاجئين الفلسطينيين في لبنان حيث ان فلسطين تنتظر يوم عودتكم الى بلدكم الاصلي .