بحوث ودراسات

"اليوم الثامن" تنشر تفاصيل مقابلة نادرة للاشتراكي الراحل..

حوار: شعفل عمر.. مذكرات مشرد سلبته الوحدة اليمنية نجله وزوجته

القيادي الاشتراكي الراحل " شعفل عمر " كشف جزء من اسرار الوحدة والحرب على الجنوب - أرشيف

"وداعاً شغفل عمر"، هكذا استهل الرئيس الجنوبي الأسبق علي ناصر محمد، برقية تعزية بعث بها لصحيفة اليوم الثامن، في الـ20 من نوفمبر المنصرم، ينعي فيها رحيل المناضل الوطني الجنوبي البارز شعفل عمر، احد قادة دولة الجنوب الذي عاش في المنفى مثله مثل العشرات من المسؤولين الجنوبيين الذين لم يعدوا الى الوطن منذ حرب صيف العام 1994م، وهي الحرب التي خسر فيها شعفل، نجله وزوجته في ظروف غامضة وظل يعلق الآمال حتى وفاته ان يعثر عليهم.

الرئيس ناصر استذكر في البرقية جزء من مناقب الفقيد الراحل، الذي قال انه عانى من المرض حتى رحيله يوم الـ20 من نوفمبر بعد عقود عاشها في المنفى القسري.

محررو صحيفة اليوم الثامن، كانوا قد عثروا على مقابلة نادرة للسياسي الجنوبي الذي ظل يرفض الظهور الصحافي، وقد تم تأجيل نشر المقابلة حتى يتم التواصل معه واستئذانه في إعادة نشرها، ولكنه تعثر التواصل معه حتى تم الإعلان عن رحيله.

في مطلع يناير العام 2008م، ومع بداية انطلاق الحركة الوطنية الجنوبية "الحراك"، المطالب باستقلال الجنوب، اجرت صحيفة النداء اليمنية (موقوفة)، حوارا نادرا مع القيادي الاشتراكي البارز شعل عمر، كشف من خلالها جزء من أسرار الوحدة والحرب على الجنوب.

 "اليوم الثامن" تعيد نشر نص المقابلة دون تحوير نقلا عن صحيفة النداء اليمنية الموقوفة.

 

  > ما الذي حدث في صيف 1994؟

- نُفِّذتْ خطةٌ للتخلص من الشريك في الوحدة. اغتيلت الوحدة بالحرب الظالمة وضم الجنوب إلى الجمهورية العربية اليمنيّة.

كنت أحد الذين حضروا لقاء صنعاء للتوقيع على اتفاق الوحدة في 22 أبريل 1990، قبل إعلانها بشهر. ثم كنت رئيسا لوفد يمني اتّجه إلى كوريا الجنوبية لإطلاع الأصدقاء هناك على عبقرية الوحدة اليمنية. ثم خرجت من الحرب كأبرز الخاسرين حتى على الصعيد الشخصي، هل كنت ضحية خدعة كبرى اسمها الوحدة؟

 

- لنكن واضحين، قرار الوحدة الاندماجية كان مزاجاً شخصيّاً متسرّعاً. الجنوب كانت تحكمه قيادة الصُدفة، صدفة ما بعد يناير 86 في ظل غياب الشخصيات التاريخية الحقيقيّة والكاريزمية. القيادة في الجنوب كانت بيد علي سالم البيض، وهو رجل مزاجي، في الظل له كلام وفي الشمس له كلام مختلف. وفي الشمال كانت تسود حالة من الرفض والتوجس لدى الكثير من القوى والشخصيات تجاه الوحدة ويسيطر عليه القرار الفردي بمزاجية مشابهة. كثيرون في المكتب السياسي أو في اللجنة المركزية لم يكونوا متحمّسين لقرار غير ناضج بهذا الشكل، وأنا كنت أحدهم. غير أنني قلتُ في الاجتماع المشترك للمكتب السياسي واللجنة المركزية: أتصور أن سفينة الوحدة بدأت الإبحار، ومن أراد أن ينزل فلينزل من الآن. كنت أقول هذا الكلام لتأييد موقف علي سالم البيض الذي لا يحظى بقبول حقيقي، موقفاً وشخصاً، لدى الكثير من المجتمعين. لكن في أعماق نفسي كنت أخشى من المجهول؛ فوحدة بهذا الشكل العاجل، لا تتوفر لها عوامل البقاء، هي مجازفة حقيقية.

> ولماذا لم تقدم مثل هذه الحقيقة للكوريين عندما ذهبت إلى كوريا في 1993 لعرض التجربة اليمنية؟

- في الحقيقة نحن اليمنيين شعب عاطفي جدّاً، ويبدو أن الوحدة كانت انفعالا عاطفيّا أيضا. لقد ترأست وفداً يمنيّاً إلى كوريا ضمَّ: حسن المطري، علي شيخ عمر، طاهر علي سيف، غالب أحمد، وآخرين. وبعد أن تحدثت كثيراً في ندوات ولقاءات عن تجربتنا اليمنيّة، استمع إلينا الكوريون جيدا، وأعربوا عن تقديرهم لتجربتنا؛ لكنهم قالوا لنا إن كوريا شهدت في 1953 حربا طاحنة تمخضت عن تشكيل، ليس دولتين وحسب، وإنما شخصيتين كوريتين مختلفتين: شمال اشتراكي، وجنوب رأسمالي، بتداعيات النظامين على المستوى الثقافي والإيديولوجي والاجتماعي. ويتطلب من أجل توحيد كوريا فترة انتقالية تذوب فيها تلك الفوارق. ورأيهم أن الوحدة الاندماجية –كما حدث في اليمن– لا تناسبهم، وأن عملية "بناء الوحدة" لا بد أن تبدأ بعلاقة دبلوماسية ثم بمنح كل منهما الآخر حق الدولة المفضلة بالرعاية ثم الانتقال إلى الكونفداراليّة فالفدرالية، وبعد أن تؤدي هذه المراحل كافة أدوارها يمكن الانتقال إلى الوحدة الاندماجية.

> أي أنك ذهبت إلى كوريا لتكتشف مأزق الوحدة اليمنيّة هناك، لا لتساعد في حل المأزق الكوري كما كانت النيّة؟

- أترك لك وللقرّاء استنتاج ذلك.

> علي سالم البيض، الشخصية المزاجيّة كما وصفته، هل كان يسعى لمجده الشخصي من خلال الوحدة؟

- ربما! لكنه فاجأنا بموافقته على الوحدة بهذه الصورة. كنا في تلك الفترة عاكفين على وضع مسودات الإصلاح السياسي والاقتصادي من الداخل، في حين كان الشمال مضطرباً بدرجة كبيرة. وكنا واثقين من أن الإصلاحات التي نعمل عليها ستجلب الاستثمارات من الشمال، فلا يمكن لاستثمار أن يعيش تحت شرط نصف الربح مقابل الحماية كما هو في الشمال. كنا على يقين من أن وضعنا الاقتصادي سيتحسن بسرعة ومعه كل الإصلاحات الاجتماعية والسياسية التي أعددنا لها.

> بمعنى أنكم لم تفروا إلى الوحدة هرباً من الانهيار الوشيك، كما يقال. بل على العكس، أربكت أفكار الوحدة الارتجالية حساباتكم المنطقية، هذا ما تريد قوله؟

- حدث ارتباك كبير في ترتيباتنا الداخلية، خاصة أننا، وكما قلت، كنا نستعد للدخول في عهد جديد من الإصلاحات العامة، عهد قوة وليس عهد ضعف، بل على العكس الضعف كان في الجانب الآخر حيث يسيطر عليه الفساد والارتجالية بشكل كامل. لكن للأمانة، كنت شخصيا في غاية الابتهاج لأننا انتصرنا -في يوم الوحدة- أخيرا لشعاراتنا وأهدافنا التي ظللنا نرفعها ونربي عليها أعضاء الحزب وأفراد الشعب في اليمن الديمقراطية. وحمدتُ الله أن امتد بي العمر لمشاهدة هذا الحلم الجميل، رغم كل ما رافقه من أخطاء جوهرية. وحتى هذه اللحظة ما زلت فخورا بما تحقق رغم الحسرة التي تنتابني لأننا استعجلنا عليه ولم نوفر له الظروف المناسبة لينمو ويتطور حتى النضج. لم يدُرْ في خلد أحد منا أنه قد يوجد من يتجرّأ -ومن داخل إطار الوحدة نفسها- على وضع العراقيل في مسارها، ناهيك عن التفكير في اغتيالها كما حدث في صيف 1994، وما لحقها من سلب ونهب وفيد وضم وإلحاق وإذلال، ما زالت آثاره ماثلة حتى الآن. لكني لا أزال على يقين من أن هذا الفساد وهذه الهيمنة التي وأدت الوحدة واستأثرت بها ستنال جزاءها العادل، و"ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع".

> هل تعتقد أن كل التحضيرات التي مهّدت للوحدة من طرابلس إلى القاهرة إلى الكويت إلى صنعاء إلى عدن، لقرابة عقدين من الزمن، لم تكن كافية لرفعها لدرجة "الموضوع العميق"؟

- كانت أحاديث نخب على ورق، ليس أكثر.

> ما توصيفك الآن للوحدة اليمنية؟

- هذه وحدة 7 يوليو وليست وحدة 22 مايو، وهي وحدة لا تعنينا حقيقة.

> من 1994 إلى الآن، أنت ترى أن هذه الوحدة السائدة الآن هي وحدة 7 يوليو، ما الذي يجعلها وحدة 7 يوليو وليس 22 مايو؟

- تم الاعتداء على عقد الوحدة الأساسي بالخرق التدريجي لما تضمنته اتفاقية الوحدة والإصرار على ترسيخ مفاهيم مغلوطة في وعي الناس مثل أن الفرع عاد للأصل وأن سبتمبر هو الأم وأكتوبر الإبنة. وفي السر (يُقال أكثر من ذلك) فالجنوبيون "ملاحدة" وبقايا من جلبهم الإنجليز من الصوماليين والهنود. وما رافق ذلك من تخريب للمعدات العسكرية في المعسكرات الجنوبية وشراء الذمم وانتهاء بإشعال الحرب التي لم يكن إعلانها في 27 أبريل إلا تعميماً لحرب قائمة بالفعل تم إشعالها بكل الوسائل، انتهاء بالهيمنة الكاملة.

> وأنتم، ماذا كنتم تفعلون في الفترة نفسها؟

- نحن قدمنا من التنازلات والتضحيات أكثر مما ينبغي في سبيل حلم الجنوب الوحدوي. لاحظ متنفذو الشمال هذه الروح الوطنية العالية واستغلوها لتحقيق مآرب أخرى. أخذ النظام يغري مراكز القوى الممانعة للوحدة في الشمال بأن هذا صيد سمين لا يفوتكم. وأخذت الدعوات تنهال علينا إلى مقايل القات، وكان الحديث معهم عادة يدور حول المهام القادمة لترسيخ الوحدة وبناء الدولة الحديثة.

> في صنعاء؟

- نعم في صنعاء. وكنا، نحن القادمين من الجنوب، نقيم في الفنادق. تنازلنا عن الدولة وعشنا لفترة ليست قصيرة في الفنادق. كانت كل أحاديثنا تدور حول تعزيز دور المؤسسات وتوسيع الهامش الديمقراطي ومكافحة الظواهر السلبية مثل الفساد والثأر للاستفادة من الموارد والطاقات التي يمتلكها هذا البلد. وللأسف اعتُبر مثل هذا الطرح غمزاً لعناصر موجودة في السلطة، وهذا ما وَصَلَنا فيما بعد خاصة بعد الاجتياح العراقي للكويت. وكانت توجيهات عليا قد صدرت بما معناه: توقفوا عن استضافة هؤلاء الذين يتهمونكم بالفساد وعدم احترام القانون. ثم تطورت الأمور إلى محاولة دمج الحزب بالمؤتمر، وتبعتها عمليات اغتيالات عديدة طالت كوادر الصف الثالث والرابع في الحزب والقيادات التحتية في محاولة لعزل القيادة عن القاعدة وإظهارها في مظهر المتفرج السلبي، تمهيداً لضربها فيما بعد عندما تكون قد أفرغت من دعمها الجماهيري. يقابلها طبعا بيانات أمنية نمطية جاهزة تنسب الحدث إلى جهات مجهولة دون أي إجراءات جادة للكشف عن الفاعلين.

> هل ناقشتم خيار العودة إلى ما قبل 22 مايو 1990، في تلك الأثناء، أو أي خيار آخر للرد على الاغتيالات، التعامل بالمثل؟

- خيار الانفصال كان مستبعداً، لأن الظروف كانت قد تداخلت وتعقّدت، لكننا اتخذنا قرارا بالتعامل بالمثل.

> اغتيال شخصيات في الجانب الآخر؟

- نعم.

> مثل؟

- الفاعلين.

> قتل بالظنّة؟

- ليس بالظنّة، ولكن كنا نعتقد أنه يمكن تحديد الفاعلين.

> لماذا لم تحدث اغتيالات في الجانب الآخر؟ وما موقفك الشخصي من قرار كهذا؟

- موقفي الشخصي قلته في حينه. قلت لهم: لا بد من الوقوف بحزم وقوة. أما لماذا لم تحدث اغتيالات في الجانب الآخر فيبدو أن أحد مشائخ خولان الذي أوكلت إليه المهمّة نقلها بحذافيرها إلى الرئيس.

> وتعقّدت الأمور أكثر؟

- طبعاً.

> لماذا اخترتم فاعلاً من "خولان" بالتحديد، رغم علاقتكم الجدلية مع المشائخ؟

- لأن معلوماتنا أكدت لنا أن القتلة المستأجرين هم من خولان. أوكلنا المهمة لشيخ خولاني كان معنا في اللجنة المركزية باعتبار أن من خولان تبتدئ خيوط اللعبة. بمعنى العقدة النهائية موجودة هناك، وسنصل من خلالها إلى العقدة الأخيرة. لكن الذي اعتمدنا عليه ذهب إلى الذي يدفع أكثر.

> هل يمكنك أن تحدد اسمه؟

- لا داعي.

> أو تحدد اسماً بعينه وضع على قائمة الاغتيالات؟

- ليس لدي أسماء محددة. بصراحة لم أكن مشتركاً في تفاصيل كهذه، لكني أعطيتهم موقفي المبدئي: لا يمكن أن نظل مكتوفي الأيدي إلى ما لا نهاية.

> هل تعرضت لمحاولة اغتيال؟

- نعم، ثلاث مرات. في صنعاء وذمار ولحج. الأخيرة كانت عقب فرز نتائج التصويت في انتخابات 1993، وتبيّن حصولي على أعلى عدد من الأصوات في اليمن كلها باستثناء شخص في الحديدة أعيد انتخابه بالتزكية. في تلك الليلة كنت عائداً إلى منزلي وتعرضت لمحاولة اغتيال فاشلة بفضل يقظة الحرس المرافق على ظهر السيارة، وهذا أقوله عبر صحيفة "النداء" لأول مرة. والقضية سوّيت بمجيئهم إلى منزلي في اليوم التالي، ولم أوْلِ الأمر أهمية تذكر.

> ألم تجلسوا مع الرئيس جلسة مصارحة، جلسة يقال فيها كل شيء حول الاغتيالات؟

- شكلت لجنة من هيئة رئاسة مجلس النواب وعدد من أعضاء المجلس، كنت من بينهم، لدراسة الأزمة كلها. وفي جلسة القات، بحضور الرئيس، تفاجأت به يقول لنا: هناك من يمزق صوري في عدن، ما معنى هذا؟ فقلت له: يا سيدي الرئيس، ربما اعتقد البعض أنها رد على ما يرونه من تجاهل لذكر نائب الرئيس في كل التهاني والتغطيات التي تنشر عبر الصحف الرسمية. ويبدو لي أنه انزعج كثيراً من كلامي. وبعد أن استمع لمداخلات الحاضرين فاجأنا بقوله: الوحدة تحققت سلمياً وهي الآن تحت تهديد السلاح. إن على اليمن أن يضحى بـ40 ألف فرد للانتصار للوحدة.

> إعلان حرب، يعني؟

- هذا ما شعرت به في ذلك اليوم. وبدلاً من حل الأزمة فقد استمرت في هذا التصعيد حتى 27 أبريل.

> كيف خرجتَ من الحرب؟

- كما ترى، أستلف من ابنتي للعلاج والمعيشة.

> وما الذي حدث لأسرة شعفل عمر في الحرب؟

- اختفت زوجتي مع أكبر أبنائي. كان المركب الذي أخذهم يضم ثمانين شخصاً، بينهم السيلي. وصلتني روايات من بعض الأريتريين (تفيد) أنهم رأوا المركب في ميناء عصب الأريتري وعليه عدد كبير من الرجال والشبان والنساء، وأن أطقماً عسكرية أخذتهم واختفت بهم. يبدو لي أنهم أُدخلوا في مساومات بين الرئيس وأفورقي، ولا أزال أعتبرهم مختفين قسريّاً، وأنا مؤمن بقضاء الله.

> من تبقّى لك من الأسرة؟

- ابنتي الكبرى. كانت تعمل في السلك الدبلوماسي، ومثالية في عملها. قدمت لها الوزارة الشكر بعد حرب 94م وطُـلب منها البقاء في منزلها فطلبت اللجوء السياسي إلى بريطانيا مع زوجها. ابنتي الثانية، طبيبة، تخرّجت في العام 98م وبقيت عاطلة عن العمل في مدينة الحبيلين، محافظة لحج. وابني الآخر متزوّج تخرّج من الجامعة سنة 98م وظل عاطلاً عن العمل. وأنا هنا في القاهرة مع زوجتي الثانية وابني المعاق.

> هناك رواية لمسؤول عسكري رفيع خلال الحرب من الجهة الأخرى، تقول إن صالح السيلي اتفق مع تاجر فلسطيني من الجبهة الشعبية للهرب خلال البحر، وأن التاجر تخلّص من السيلي للاستحواذ على المال الذي نهبه السيلي من البنك، ما مدى تماسك هذه الرواية؟

- هذه رواية "ما تركبش". صحيح السيلي كان عنده فلوس، في الأساس فلوس استثمارات الحزب، وكان أيضاً محافظ عدن وهناك أشياء كثيرة تحت تصرّفه، أراضي وخلافه. لكن الأكيد عندي أنه تخلص من العملة اليمنية وخرج بمبلغ بسيط نسبيّاً بالدولار. لكن الرواية التي وصلتنا هي أن المرافقين له هم الذين تخلّصوا منه. ولكن السؤال: أين هم الآن؟

> في مكان ما، آمن وهادئ، ليسوا بحاجة للظهور. أنت مثلا اختفيت لـ13 عاماً برغبتك الخاصة؟

- من الصعب أن نرجّح رواية بعينها. الروايات كثيرة في هذا الموضوع.

> ما هي الرواية التي شغلتك كثيراً ورجّحتها ولو لفترة بسيطة؟

- أن الرئيس الأريتري أرجعَ صالح منصر السيلي للجانب اليمني، وأنه معتقل في مكان تحت الأرض بين صنعاء وسنحان. وصلتني هذه الرواية من شخصيات موثوقة.

> يعني يا أستاذ شعفل تبدو رواية بوليسية، وفانتازية أيضا، إلى حد كبير. ما الحاجة لمعتقلات تحت الأرض، هذه موضة قديمة، بالإمكان وضع الشخص في زنزانة عادية وإخفاؤه حتى يوم القيامة؟

- بهذا الشكل يا عزيزي يكون التوصيف: أن الشخص فعلا تحت الأرض، طالما انقطعت صلاته بما فوق الأرض.

> نعود إلى ساعة المغادرة، متى غادرتَ عدن؟

- غادرت في 12 يونيو 1994م من عدن إلى حضرموت بالطائرة. كان معي أنيس حسن يحيى، قاسم عبد الرب، وأحمد عبيد بن دغر، كنا أعضاء في رئاسة الجمعية الوطنية الموازية لمجلس النواب. وبعد بضعة أيام سافرنا إلى القاهرة، وهنا التقينا بيوسف والي، أمين عام الحزب الوطني الحاكم في حينها، وجهات عدة هنا.

> من ذهب إلى سوريا؟

- قاسم عبد الرب وأحمد عبيد بن دغر.

> ماذا كانت مهمتكم في الأساس؟

- عرض قضيتنا وحشد رأي عام خارجي ضد الحرب لإيقافها، لأننا لم نشعلها ولم نسع إليها. ووجدنا تعاطفاً كبيراً مع ما طرحناه. بعد ذلك سافرنا إلى بريطانيا والتقينا بشخصيات وجهات عدّة في الخارجية والبرلمان، وتحدثت عبر مختلف وسائل الإعلام هناك. بعد ذلك كانت وجهتنا أمريكا لكننا تأخرنا لوقت طويل في انتظار الفيزا، أسبوعين. كان عبد الكريم الإرياني قد سبقنا إلى واشنطن، يبدو بوقت كافٍ.

> يعني لازم واشنطن؟

- بصراحة، حتى كل المتعاطفين مع قضيتنا،عرباً وغير عرب، خبرونا أن موقفهم النهائي سيكون هو موقف واشنطن،لأنها صاحبة الكلمة الفصل في المنطقة، ونصحوني بالتوجه إلى هناك.

> متى وصلتم إلى واشنطن؟

- في الرابع من يوليو. تأخرنا كثيراً. ومن أمريكا صادفتنا إجازة من 4 يوليو إلى 7 يوليو. لكننا بدأنا فوراً الالتقاء ببعض الشخصيات في أمريكا لترتيب لقاءات مع قيادات سياسية وحكام ولايات وأعضاء في الكونجرس.

> هل تحمس الأمريكان لوصولكم؟

- لم يبدوا ترحيبا حقيقيّاً، وماطلونا كثيرا. حتى مشروع قوات دولية للفصل بين المتحاربين الذي كان مطروحاً، لم تتحمس له أمريكا، وقالوا لنا: نسّقوا مع الدول العربية في هذا الخصوص.

> هل تعتقد أن الإرياني حسم الجولة قبل وصولكم؟

- بالتأكيد؛ للإرياني علاقات باللوبي الصهيوني والدوائر اليهودية في أمريكا، وقد استفاد كثيراً من هذه العلاقات. وأيضاً كان النظام في صنعاء عبر سفارة أمريكا يقدّم كل شيء للإدارة الأمريكية، ويعرض كل الخدمات.

> لماذا لم تتقدم للحصول على لجوء سياسي في بريطانيا أو أي بلد آخر؟

- عرض عليّ اللجوء في بريطانيا بعد الحرب فلم أتحمس له. لم أتحمس لفكرة اللجوء في أي مكان. أنا هنا في القاهرة أرعى ابني وزوجتي الثانية وأعيش بهدوء، أتابع كل ما يجري ولي اتصالات بقيادات معارضة في الداخل والخارج لكنها اتصالات مصادفة.

> تريد أن تقول لأنك لست مشتركاً في دوّامة المعارضة في الخارج؟

- لا، ليس بالفعل. لكن على اتصالات بهم من وقت لآخر، وبصورة غير منتظمة.

> في رأيك، ما الذي يمكن أن تفعله المعارضة في الخارج لمصلحة قضية داخلية؟

- أرى أن المعارضة في الداخل هي الأساس. لكن لمعارضة الخارج دور نفسي مهم، يُشعر الفاعلين في الداخل أنهم ليسوا بمفردهم. كما يمكن أن تقوم هذه المعارضة بكشف أكاذيب النظام وتعتيمه، وتأليب الرأي العام الدولي العادل ضدّه.

> إذا جاز لك أن تفترض أدواراً وطنيّة لشخصيات مهمة، مثل العطّاس أو علي ناصر محمد، ما هي هذه الأدوار التي تقترح أهميتها؟

- العطاّس وعلي ناصر شخصيتان معروفتان في اليمن، ولهما حضورهما ورؤاهما. يستطيعان بما لهما من علاقات داخلية وخارجية أن يضغطا على النظام وأن يساندا الحركة الوطنية في الداخل بإيجابية شديدة.

> هل أنت على تواصل مع علي ناصر محمد؟

- بالتأكيد. وعلاقتي به متميّزة على الصعيد الشخصي.

> دائماً؟

- إذا كنت تشير إلى أحداث يناير، فهذا تاريخ تجاوزناه معاً.

> هل يزورك د. ياسين سعيد نعمان عندما يمر بالقاهرة؟

- نعم، وألتقيه ونتحدّث كثيراً، وأنا على تواصل معه.

> لكن الحزب في عهده تخلى عن القضية الجنوبية، هكذا يقال؟

- ليس صحيحاً. ربما مؤخّراً حدث ارتباك ما في الحزب. على العموم هناك جناح وحدوي وجناح آخر في الحزب، لكني أتمنى أن يسود المنطق الوحدوي.

> هل تتوقع أن تنعكس أمنيتك يوماً ما؟

- نعم، إذا استمر الحال على ما هو عليه، فممكن جداً.

> بفرض أن إرادةً ما، الآن في 1 يناير 2008، سمحت للجنوبيين أن يصوتوا على موقفهم من الوحدة، بماذا ستصوت؟

- سيصوت الجنوبيون لمصلحة الكيان الجنوبي، بأي مسمى، وبنسبة تتجاوز الـ80%. أؤكد لك أن هذا سيحدث. عن نفسي سأصوت معهم على أمل أن تتحسن الظروف مستقبلاً ونعود لوحدة لا علاقة لها بالهيمنة والضم والإلحاق.

> تابعت الحشد المليوني المهيب الذي خرج في جنازة الأحمر، ماذا قال لك هذا الحشد؟

- قال لي من هو الرئيس الحقيقي، الرجل الأول في اليمن. هؤلاء خرجوا بعاطفة عفوية، لم يخرجهم أحد، على عكس ما يفعله الآخر.

> لكن الآخر إذا مات، والموت حق طبعاً، فإن أضعاف هؤلاء سيخرجون. ليس مقياساً عادلاً لتمييز الأول من الثاني؟

- (يضحك) ربما سيخرجون ليتأكدوا بأنفسهم من صحة النبأ.

> هل تعتقد أن الشيخ الأحمر، رحمه الله، ترك فجوة كبيرة لا يمكن أن تملأ في القريب؟

- يمكن أن تملأ. لكن السؤال: هل ستملأ لمصلحة اليمن أم ضد مصلحة اليمن.

> وهل كانت ممتلئة بالمصلحة الوطنية في حياته؟

- ليس دائماً، ولا حتى في الأغلب.

> لكنه انحاز إلى ما يمكن أن نسميه بمنطقك اليساري: الطبقات الفقيرة، العدالة الاجتماعية، من خلال رعايته وتبنّيه المبدئي وحتى النهائي، في أحايين كثيرة، لمنطق اللقاء المشترك وخطاباته؟

- صدّقني هذا الدور الذي تتحدث عنه، لم يكن الشيخ الأحمر حتى يفكر به. وأترك لك وللقراء قراءة تاريخ اليمن الحديث وفرز الشخصي من الوطني في مسيرته. لكني على كل حال أحترمه وأشعر بالقلق لغيابه.

> الآن، بعد 13 عاماً من الحرب، هل كانت الـ13 عاماً هذه فترة ضرورية لصناعة حصان طروادة العملاق: قضية المتقاعدين، للعودة من جديد إلى المعركة، إلى صيف 1994، بما معناه: المعركة لم تنتهِ بعد؟

- نعم، المعركة لم تنته. أول ما يمكن قوله هو أن قضية المتقاعدين بعيدة كل البعد عن حصان طروادة. هذا الوصف فيه تجنٍّ على حق فئة لا ذنب لها سوى أنها كانت تؤدي عملها بإخلاص ومهنية. لم يفكروا يوما بالانقلابات والاعتداء على المواطنين وممتلكاتهم، ولم تنسب لأي منهم تهمة استغلال الوظيفة للإثراء غير المشروع. لكن الخوف كان من أن تنتقل عدوى الاستقامة وعفة اليد واحترام حقوق الغير، وعدم التهاون مع من يعتدي على حقوقهم، إلى المؤسسة العسكرية التي تعتبر إقطاعاً خاصّاً لمجموعة من القيادات المتنفّذة والمنغمسة في الفساد. حيث تُمتهن حقوق الجندي البسيط المغلوب على أمره الذي يسمع المديح له ولدوره الجليل من وسائل الإعلام بينما واقع الحال يخالف ذلك. من جهة أخرى، المتقاعدون المدنيّون، هناك اعتداء على ممتلكاتهم وتضييق على حياتهم برفع فواتير الماء والكهرباء والتلفون وتردي الخدمات الاجتماعية وارتفاع الأسعار واستباحة القطاع العام ومزارع الدولة والتعاونيات الزراعية التي كانت تمثل ضابطاً لارتفاع الأسعار. هذه المعاناة وغيرها كفيلة بحشدهم في كيان واحد وجعل نضالهم السلمي أكثر مثابرة وأطول نفساً. هؤلاء لا يمكن أن يكونوا حصان طروادة لأي قوة كانت.

> لكنها معركة من نوع آخر وبلاعبين مختلفين ولمصلحة قضايا حادّة لا شعارات؟

- صدقني، هي معركة واحدة ولم تنته بعد. وكثّر ألْف خير النظام الذي دفع الناس دفعاً أهوجا إلى ذلك. ومن يحرص فعلاً على الوحدة فقد حان الوقت لينخرط ضمن النضال السلمي تحت شعار: "يا مقهوري اليمن اتحدوا ضد زمرة الفساد والاستبداد!"، ولا أستبعد أن تستوعب القوى الوطنية الشريفة هذا المأزق الذي وصلت إليه الأمور وتجعل من زخم حركة الاعتصامات السلميّة في الجنوب قاطرة لإخراج اليمن من محنته المزمنة.

> بمناسبة الحديث عن نهب الأراضي، هل تعتقد بوجود فرق حقيقي بين أن يكون الناهب والباسط هو شخصية نافذة من الشمال أو أن يكون حزب البروليتاريا، حزب العمال، اللجنة المركزية، الطليعة، وما إلى ذلك من التسميات المرافقة لدكتاتورية البروليتاريا. في الخاتمة هناك ملكية خاصة تصادر!

- هذه العناوين هي فرقعات أسيء فهمها في الشمال. هناك فرق بين النهب والسلب الذي يمارسه المتنفذون في المحافظات الجنوبية الآن وبين ما قام به الحزب الاشتراكي. الحزب أقام إصلاحاً زراعياً ووزع الأراضي لصغار الفلاحين وللمعدمين لأهداف اقتصادية واجتماعية تخص المصلحة العامة بهدف تحقيق قدر من العدالة الاجتماعية وتخفيف التفاوت بين الطبقات والحد من هجرة الريف إلى المدينة. ما يحدث الآن هو نهب بلا قانون، ولصالح فئة قليلة من المتنفذين في مواقع السلطة، ليتسبب في إحداث أضرار بالغة في المصلحة العامة في نهاية المطاف.

> على الصعيد الشخصي، هل تعرّضت لأي عملية سطو/ نهب؟ وهل نهبت أحداً تحت أي مظلة: تصفية جيوب البورجوازية، أو القضاء على الرأسمالية، مثلاً؟

- نعم تعرضت للنهب شأني شأن الكثيرين غيري. فإضافة إلى نهب مؤسسات القطاع العام والتعاونيات التي أسهمت شخصياً في إقامة جانب من جوانبها من خلال الجمعيات التعاونية في الضالع، إذ كنت أحد مؤسسيها، وعرضت الفكرة على جمعيات أخرى تأسست بعد نجاح تجربة التعاونيات في الضالع، وما زالت أسهمي متراكمة لأكثر من 20 عاماً كفائدة على الأسهم، (وقد) جرفها طوفان الفيد مع ما جرف من أمثالها، وهي جميعها للمواطنين. كما لي أسهام في القطاع العام: المؤسسة العامة للملح، مما يجعلني معنيّاً بهذا النهب على المستوى الشخصي.

علاوة على نهب كل ما أملكه في عدن و(كذا) منزلي في صنعاء ومنزل في صبر- لحج، وما إلى ذلك من سكن وأثاث وسلاح وسيارات ومكتبة وبقعة أرض صالحة للبناء. ومقتحم بيتي (في عدن) هو قائد فرقة في الحرس الجمهوري، وبأمر من سلطة عليا تحول المسكن إلى ملكية له، واختفى اسمي من وزارة الإسكان، حيث أصبح هو المالك الجديد، رغم إعلاننا في الصحف عن ملكيتنا للبيت. وبعد الذهاب إلى المحاكم والأخذ والرد لسنوات كان عليّ أن أدفع أتعاب اللجان وتعويضات مالية باهظة للمقتحِم. حتى أولئك الذين عادت إليهم مساكنهم أو حصلوا على تعويضات فقد اضطروا لبيعها نتيجة للارتفاع الخيالي في فواتير الكهرباء والماء والتلفون والمجاري... إلخ، والمقصود من كل ذلك هو إرغام الناس على الخروج من عدن وتركها للمقتحمين، الساكنين الجدد.

 أما عن الشق الثاني من سؤالك، فأحب أن أعلن عبر صحيفة "النداء" أن يدي لم تمتد إلى ممتلكات أي أحد، لا تحت مظلة تصفية البورجوازية ولا غيرها، ولو وجد من يدعي عليّ ولو بريال فأنا مستعد لتعويضه.

> أما زلت تعتقد أنك تمثل أحداً ما في اليمن؟

- نعم، ما دمت أسمع وأتابع وأحس بما يحدث، فأنا أمثل الكثيرين ممن تطحنهم رحى هذا النظام الجائر. لقد تألمت كثيراً لمقتل جار الله عمر والطريقة التي تمت بها عملية الاغتيال والإجراءات التي اتبعت للكشف عن أسباب الاغتيال ودوافعه. مثلما تألمت لإزهاق أرواح شهداء النضال السلمي في الضالع ومنصة الشهداء في الحبيلين وعدن وحضرموت وأبين وشبوة، بدم بارد ودون أن تتخذ أي إجراءات مقاضاة عادلة.

> بمناسبة الحديث عن جار الله عمر، ونحن الآن في الذكرى السادسة لاستشهاده، هل كان "الشمالي الذي يعمل لمصلحة الشمال"؟

- جار الله عمر كان يسوّقنا بشكل ذكي من خلال علاقاته مع كل الفرقاء. وهناك من بيننا من كان يعتقد أنه اختراق. هو شخصية غير عادية، لا يضع لنفسه أي قيود مسبقة. لا يحب المراكز القيادية ولا يسعى إليها. وأذكر عندما كنا نبحث عن أمين عام للحزب رفض تقديم نفسه. حتى في الحرب، أخبرني أنه سيعتزل العمل السياسي بمجرد أن تضع الحرب أوزارها على أي صورة كانت.

> من كان يروّج لفكرة أن جار الله هو نافذة للاختراق؟

- أسماء لا داعي لذكرها الآن، كانت تعتقد أن جار الله عمر لن يشذ عن القوم الآخرين.

> من هؤلاء الآخرون؟

- يعني، بعض القيادات الحزبية الشمالية. كانوا يعملون كمخبرين يكتبون التقارير عن كل ما يمت للحزب بصلة.

> هل يمكن أن تشير إلى أسماء بعينها؟

- لا داعي.

> هل منها شخصيات أصبحت الآن في المؤتمر الشعبي العام؟

- نعم.

> متى التقيت جار الله لآخر مرّة؟

- التقيته قبل استشهاده بثلاثة أسابيع، هنا في القاهرة في نادي الصيد. حضر إلى مصر للعلاج، كان يعاني من تضخم في البروستاتا، وكنّا نجمع له ما تيسّر لكي يحصل على تكلفة العملية الجراحية. ونحن نتجوّل في نادي الصيد، توقف للحظات وقال لي: التقيت بمسؤول رفيع منذ أيام وقال لي بغضب: يا جار الله، إذا لم "تبطّل حقك الحركات"، أقسم بالله لأقتلك قتلة يسمع بها العالم كله.

> من كان معكم، كشاهد ثاني؟

- مجاهد القهالي.

> ما هي "الحركات" التي أغضبت الرئيس صالح من جار الله عمر؟

- انفتاحه على الناس، هندسته للقاء المشترك، علاقاته بالقوى السياسية الأخرى مثل حزب الحق، وبالتحديد أحمد محمد الشامي. أساساً الرئيس علي عبدالله صالخ يتحسس من أي إجماع وطني على أي صعيد، خذ عندك على سبيل المثال مؤتمرات المصالحة الوطنية في الجنوب أو لقاءات كيانات صغيرة للتعاون والتضامن. فكيف لا يتحسس مما يفعله جار الله! وهناك شيء مخيف في جار الله يخشاه النظام؛ نظافة يده. وأنت تعلم ما معنى أن تكون نظيفاً في اليمن(يضحك).

> المناضلون الجدد، أو "أبناء الشغالات الجُدد" بتعبير أشهرهم، هل هي صحوة ضمير متأخرة، كما قال عبد الرحمن الأكوع هُنا في القاهرة أمام بعض الأصدقاء؟

- عندما تبلغ حرارة الإناء درجة الغليان تبدأ بعض جزيئات الماء في التصاعد ومغادرة المرجل. أيضاً يحدث الشيء نفسه في المجتمع عندما تظهر طلائع تتفاعل مع ما يدور حولها من أحداث وحراك شعبي فتبدأ بالخروج عن صمتها. أتمنى أن تكون صحوة ضمير فعلاً لا مجرد تقرير واقع. لقد أظهروا جرأة تحسب لهم ويشكرون عليها؛ (يضحك) لكن لا أتمنى أن يكون خروجهم من المؤتمر هو بسبب دخول شخصيات جديدة تزاحمهم فيه.

> مقترحات التعديلات الدستورية التي قدمها رئيس الجمهورية مؤخراً، هل هي استجابة منطقية وواعية للمشكل اليمني، أم ترتيب لأجندة الجماعة الحاكمة من الداخل، أم هي مرحلة بين المرحلتين؟

- الدستور الذي أجري الاستفتاء عليه عند قيام دولة الوحدة هو الدستور الأساسي باعتباره متفقاً عليه. غير أنه أجريت عليه تعديلات أكثر من أي قانون أو لائحة داخلية، مع أنه هو الأساس لما عداه من القوانين واللوائح. البلد يحكم خارج الدستور والقانون، واللوائح جميعها تخترق باستمرار. والتعديل الدستوري بحاجة إلى حالة من الوفاق الوطني والاستقرار حتى يناقش بروية وهدوء وبأعصاب غير مشدودة، لا أن يستخدم كمسكن للأزمات، باعتبار أن الفاعل لديه أغلبية عددية في المجلس النيابي يمكن أن يملي عليها التعديلات المقترحة بالتلفون وتكون المناقشة وسيلة شكلية للإخراج وحسب. هذه التعديلات هي هروب من الأزمات.

> التوريث في اليمن، ما هو مستقبله؟

- صعب جدّاً وستكون مغامرة فاشلة. هناك حالة رفض للوريث حتى من داخل الأسرة الحاكمة نفسها.

> متى كانت آخر مرة تواصلت فيها مع علي سالم البيض؟

- آخر اتصال بيننا كان أثناء انتخابات 1997. كنت أعرض عليه فكرة المقاطعة الإيجابية للانتخابات بدلاً من المقاطعة السلبية. قلت له: لا بد أن يخرج الناس إلى الشوارع للاعتراض والاعتصامات، فوافقني على الفكرة. وعند ذلك طلبتُ منه أن يحوّل أي مبلغ مالي لأمين عام الحزب في اليمن لتسهيل تنقلات المواطنين في خروجهم من بيوتهم. عند ذلك غضب مني وقال: أنا الأمين العام! قلت له: كيف تكون الأمين العام وأنت في عُمان. كانت آخر مكالمة بيننا. لا يزال يتعامل مع الحزب كأوراق استثمارية في حقيبته، وأنا لا أرى فرقاً بينه وبين أولئك الذين في السلطة. وبصراحة أنا لم أرَ علي سالم البيض يعمل بشكل حقيقي لمصلحة الحزب، وأتذكّر أن سعيد صالح زارني في بيتي قبل الوحدة، وقال لي: علي سالم البيض لا بد أن يغادر رئاسة الحزب. قلت له: أنت تقول هذا الكلام وأنت الذي حاول إقناعنا بعكسه في البداية.

> هل ما زال الحزب قادراً على الاستمرار "اشتراكيّاً" تحت تأثير اختراقات الرسمَلة واللبرلة والأسلمة؟

معركة في الدوري الإنجليزي: غوارديولا أمام اختبار البقاء وتوتنهام لرد الاعتبار


دراسة أمريكية تسلط الضوء على العلاقة بين الأمراض النسائية والموت المبكر


هل يؤدي قرار المحكمة الجنائية الدولية إلى تغيير في السياسة الأوروبية تجاه إسرائيل؟


بعد أبراهيم رئيسي: كيف ستؤثر صحة خامنئي على المشهد السياسي الإيراني؟