تقارير وتحليلات
"تعرقل تصنيف الحوثيين على قوائم الإرهاب"..
تقرير: أطراف إقليمية جارة.. كيف تبحث عن موطئ قدم في الجنوب؟
ليست إيران وحدها اليوم من تساند الحوثيين في مواجهة التحالف العربي الذي تقوده السعودية، فهناك أطراف إقليمية تستضيف الاذرع الإيرانية بشكل علني منذ سبع سنوات وتقدم لهم الدعم المالي والعسكري، ناهيك انها باتت الممر الآمن للأسلحة والطائرات المسيرة، ليبقى السؤال ماذا تريد هذه الأطراف من الحوثيين.
ترفض هذه الأطراف الإقليمية ان يتم تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية ليس لأنها على خلاف مع السعودية، ولكن لأنها ترى ان قيام دولة في الجنوب قد يهدد مصالحها وما تبحث عنه.
منذ نحو شهر توقفت العمليات العسكرية بتوقف قوات العمالقة الجنوبية على الحدود الدولية السابقة، لكن الهجمات الإرهابية الحوثية لا تزال مستمرة، وهي الهجمات اثارت رفضا وإدانة دولية كبيرة وواسعة الا من أطراف إقليمية تزعم ان إعادة وضع الحوثيين على قوائم الإرهاب قد يعرقل جهود السلام التي أفشلها الحوثيون باستمرار.
ربما تقاطعت المصالح، فالإخوان الذين تدعمهم قطر وتمولهم على اعتبار انهم أذرع محلية يرفضون قتال الحوثيين، وخطابهم الإعلامي بات موجها ضد الجنوب، وكذلك يبرز تدخل سلطنة عمان، ليس في استضافتها للحوثيين وربما تمويلهم، ولكن في دعم أذرع محلية في الجنوب هي الأخرى تتخذ نفس المواقف العدائية تجاه المجلس الانتقالي الجنوبي (السلطة السياسية المفوضة شعبيا).
وتبرز أكثر هذه المواقف الإقليمية من خلال تمويل منصات إعلامية بعضها تعمل من عدن العاصمة، والتي دائما ما تدعو للتقارب مع الحوثيين على اعتبار انهم سلطة أمر واقع في صنعاء.
فخلال الأشهر الماضية – رصد محرر صحيفة اليوم الثامن – وجود سلسلة تقارير واخبار تحض على إعادة تسمية البنك المركزي في صنعاء بانه البنك الرئيس بدلا من بنك عدن المركزي، بالإضافة الى مواقف أخرى تشيد بالتجربة الأمنية والاقتصادية للحوثيين، وهي المواقف اليت روجت له المنصات الإعلامية الممولة من سلطنة عمان، وتهدف من خلاله الى زرع انطباع لدى الناس بان التجربة الجنوبية قد فشلت في عدن ومدن الجنوب الأخرى.
مصادر في المجلس الانتقالي الجنوبي علقت على الأمر بان "هذا الخطاب الإعلامي لن يغير في قناعات الناس أي شيء، فالجميع يدرك الجرائم التي ارتكبها الحوثيون في عدن، ودمارهم في المباني لايزال الى اليوم شاهدا على تلك الحرب الدموية التي شنها الارهابيون على مدن الجنوب".
وبشأن هذه المنصات، قال المصدر لمحرر اليوم الثامن عبر الهاتف "إن المجلس الانتقالي الجنوبي ليس له أي توجه لقمع الإعلام، لأنه يؤسس لدولة حريات، واعمال القمع التي يمارسها الإخوان والحوثيين، لا يمكن ان يمارسها المجلس الانتقالي الجنوبي، لإدراك ان هذه المنصات لا يمكن لها ان تؤثر على الرغبة الشعبية الجنوبية، بل انها تزيد من سخط الناس تجاه الاذرع اليمنية الإرهابية لأن نماذج الحكم في صنعاء ومأرب وتعز سيئة للغاية وباتت هذه الاذرع الحاضن الآمن للتنظيمات الإرهابية والعالم يتابع ويراقب بعناية كبيرة.
وعلى الرغم من ان تيار الاخوان في اليمن تصنف الولايات المتحدة الكثير من قياداته على قوائم الإرهاب، الا ان هذه التنظيم يوفر الحماية المحلية للحوثيين من خلال عرقلة هزيمة الاذرع الإيرانية او افساح المجال امام اطراف يمنية أخرى لقتال الحوثيين، الأمر الذي يؤكد على ان ايران ليست وحدها في هذه الحرب، فالدوحة تبحث عن موطئ قدم مثلها مثل سلطنة عمان المجاورة.
فالقوات الإخوانية التي تحتل وادي حضرموت تقول تقارير صحافية محلية ودولية انها المهرب الرئيس للأسلحة للحوثيين.
وسبق لقوات الاخوان ان اعتقلت النقيب ضيف الله السوادي المرادي وزجت به في السجن وعذبته حتى الموت، على خلفية إيقاف شحنة أسلحة كانت في طريقها من مأرب الى صنعاء، بعد ان تم تهريبها من المهرة مرورا بوادي حضرموت.
لكن يظل المبرر الذي تسوقه هذه الأطراف الإقليمية لعرقلة تصنيف الحوثيين يبدو غير مقنع، التصنيف لا يعرقل السلام، والا اين كل مبادرات السلام التي افشلها الحوثيون.
ذراع إيران في اليمن، لا تزال مستمرة في إختلاق الأكاذيب والأعذار بهدف تجنب إدراجها ضمن قوائم الإرهاب العالمية، تساندها في ذلك وسائل إعلام عربية وإقليمية جميعها تخدم أهداف زعزعة أمن وإستقرار المنطقة.
وتروج الميليشيات الحوثية عبر تلك الوسائل، أن وضع الجماعة على لائحة الإرهاب سيعرقل عملية إحلال السلام في اليمن والتي تقودها الأمم المتحدة بدعم ومساندة من التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات.
سياسيون يمنيون يرون أن ما يروج له الحوثيون لا اساس له من الصحة، بل أن إدراج الميليشيات في قوائم الإرهاب وفرض العقوبات عليها سيجعلها ترضخ لجهود إحلال السلام .. لافتين إلى تنصل الميليشيات الحوثية من كافة إلتزاماتها السابقة حتى إتفاق السويد الذي تم برعاية ومتابعة مباشرة من أمين عام الأمم المتحدة .
وخلال السنوات الماضية بذلت الأمم المتحدة عبر مبعوثيها الى اليمن جهوداً كبيرة لإحلال السلام وإنهاء الحرب تجسدت في مشاورات الكويت 1 و2 وصولاً إلى مشاورات السويد الذي إنبثق عنه إتفاق ستوكهولم .
لكن الميليشيات تعاملت مع تلك الجهود بتعنت كبير ورغم مزاعمها أنها تريد إنهاء الحرب وإحلال السلام، إلا أن الواقع يقول أن الميليشيات تعمل على إطالة آمد الحرب والسعي للسيطرة على منابع النفط في مأرب وشبوة لتعزيز موقفها وتمكينها من طرح شروطها خلال اي مفاوضات مرتقبة .
ويساند الميليشيات في مساعيها حلفاء محليون مثل حزب الإصلاح، ذراع الاخوان في اليمن والذي يسيطر على ما يعرف بالحكومة الشرعية اليمنية، ويعرقل جهود الحسم العسكري، وحلفاء إقليميون، كسلطنة عمان التي تحتضن العشرات من قيادات الحوثي وتعتبر مركزاً لتصدير السلاح الإيراني للحوثيين وفق ما كشفه تحقيق أمني بريطاني حديث، وقطر وتركيا اللتان تقدمان دعماً إعلامياً للميليشيات من خلال إظهارهم كدعاة سلام.
إن تأخير تصنيف الميليشيات الحوثية "منظمة إرهابية" وفرض العقوبات الرادعة لها سيكون له تبعات كارثة أبرزها إستمرار التهديدات الحوثية لدول الجوار وخطوط الملاحة الدولية وتفاقم الكارثة الإنسانية التي تعيشها اليمن بسبب إنتهاكات وجرائم الميليشيات وسرقتها المستمرة للمساعدات الغذائية الدولية .