الأدب والفن
قصة قصيرة..
حسن الصياد
تعبيرية
حسن الصياد كان ذلك اسمه وينادونه به منذ سنوات قضاه في حارتنا .. سكن في ذلك البيت القديم المهجور .. يكاد يكون خرابه بيت مهدم .. دوره العلوي سقط منذ زمن طويل .. و لم يتبقى منه سوى دور واحد أرضي .. بصالة صغيره وغرفة يوجد بها سرير وشباك صيد مرمية على الأرض ...
و في زاوية أخرى من الغرفة توجد أيضا عدة الصيد .. من سنانير واوتار وأشياء أخرى .. ذلك ماكنت اذكره .. حين دخلت ذلك البيت المهجور مرة واحده في حياتي ..
كان ذلك قبل سنوات .. وأنا في الثانوية .. دخلنا لأجل مذاكرة امتحان الثانوية العامه .. وكنا نبحث عن مكان نجلس فيه .. واقترح أحدهم ..ندخل البيت القديم ..
كان ملئ بالأتربة والغبار.. ونوافذه محطمة .. ولم يتبقى منها سوى ذلك الجزء الاطار المثبت في الحائط .. المبني من الطين ..كما هي عادة بيوتنا القديمة .. وسقف مهترئ .. تحس انه سيسقط عليك في اي لحظه .. لم يكن حسن الصياد موجود حينها .. يظل في البحر ايام عديدة ..
ثم يعود .. ليس له أي صداقات او علاقات اجتماعيه مع اهل الحارة .. غير السلام المعتاد .. اخر مره رأيته كان قد كبر في السن .. اسمرا وشاحب الوجه .. ولحية بيضاء .. تكسو وجه .. ومنحني الظهر ..
يمشي بخطوات ثابتة .. وبطيئة .. نظر إلي .. رفع يده تحية منه .. دون أن ينطق حرف واحد .. كان واضح لي أنه كبر وهرم .. ولم يعد يستطع على تحمل مشاق البحر .. ولم يعد مثلما كان شابا يافع .. كان يشبه ذلك الرجل الثمانيني سانتياغو في الرواية الشيخ والبحر ..
حين كنا نذهب البحر .. ونحن صغار.. نبحث عنه وعن قاربه الصغير..
وحين لانجده في الشط .. ننتظر قدومه من داخل البحر ..
وكعادته .. وفي كل مره.. بداية كان يرفض طلبنا .. ثم ينصاع لامرنا.. بعد الحاح منا .. يأخذنا على قاربه نجول في البحر .. يظل صامت .. وهو يرى الفرح في عيوننا .. ونحن نصيح ونغني .. يبتسم ابتسامة فاترة .. وكأنه لايريد ان يفرح .. يعيدنا إلى الشاطئ حيث كنا .. وفي يوم كان لليله ممطر و ملئة الارض ماء .. ولم يتوقف إلا في الصباح .. عند اشراقه الشمس كان أهل الحارة .. يقفون أمام البيت القديم المهجور ..
و أصواتهم تتعالى .. وقال احدهم لقد سقط البيت القديم .. كان خرابه لم يعد يتحمل المطر .. سقط البيت واصبح كومة تراب .. ذلك كان متوقع منذ زمن ..ولكني كنت واقفا .. ابحث عن حسن الصياد .. ثم نظرت إليهم مرة اخرى.. لم اجد او ارى حسن الصياد .. و لم أراه مرة أخرى بعد ذلك اليوم ...