أنشطة وقضايا
ملف ايران..
إيران تتهم صحافيتين بالعمالة لصالح دولة أجنبية والحرس الثوري يحذر المتظاهرين
مهسا أميني
اتهمت السلطات الإيرانية صحافيتين كان لهما دور فعال في تغطية أخبار الشابة الكردية مهسا أميني (22 عاما) بعد احتجاز شرطة الأخلاق لها، الشهر الماضي، بالعمالة لصالح لوكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه).
ووفقاً لصحيفة «الغارديان» البريطانية، فقد تم اتهام نيلوفر حميدي وإلاهي محمدي، اللتين اعتقلتا بعد وقت قصير من انتشار خبر وفاة أميني، وورد أنهما محتجزتان في سجن إيفين سيئ السمعة في إيران، بـ«العمالة لصالح دولة أجنبية»، في بيان مشترك أصدرته وزارة الاستخبارات والأمن الوطني الإيرانية والمخابرات التابعة للحرس الثوري الإيراني.
ووصف البيان أيضاً الاحتجاجات التي اندلعت في جميع أنحاء إيران مؤخراً بأنها عملية مخطط لها مسبقاً أطلقتها وكالة المخابرات المركزية والموساد ووكالات استخبارات غربية أخرى.
وقال البيان إن حميدي ومحمدي هما «مصدران رئيسيان للأخبار الخاصة بوسائل الإعلام الأجنبية» وكانت حميدي أول صحافية تكتب من المستشفى التي نقلت إليها أميني، حيث كانت ترقد في غيبوبة، وذلك بعد ثلاثة أيام من توقيفها في طهران من قبل شرطة الأخلاق على خلفية عدم التزامها القواعد الصارمة للباس في إيران.
ولعبت صور حميدي لأميني وهي في الغيبوبة، ولأسرتها وهي تعزي بعضها البعض في ممر المستشفى بعد وفاتها، دوراً كبيراً في إشعال أول الاحتجاجات التي انتشرت بعد ذلك في جميع أنحاء البلاد.
أما محمدي، فقد اتهمتها وزارة الاستخبارات والأمن الوطني الإيرانية والمخابرات التابعة للحرس الثوري الإيراني، بتلقي تدريب «كعميلة أجنبية» في الخارج، بسبب تقريرها عن جنازة أميني في مسقط رأسها سقز.
واعتقلت محمدي في 22 سبتمبر (أيلول)، وقال محاميها إن قوات الأمن حطمت بابها وأخذت متعلقاتها الشخصية مثل هاتفها وجهاز الكومبيوتر الجوال الخاص بها.
وقد قوبل البيان الصادر عن السلطات الإيرانية بالصدمة والخوف من قبل الصحافيين الإيرانيين الآخرين وتم اعتقال أكثر من 40 صحافياً منذ اندلاع الاحتجاجات في الشوارع في جميع أنحاء البلاد.
وتقدر وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان الإيرانية (HRANA) أن هناك أكثر من 220 شخصاً قتلوا على أيدي قوات الأمن منذ بدء المظاهرات قبل أكثر من ستة أسابيع.
وحذر قائد «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي، المتظاهرين من أن يوم السبت سيكون آخر يوم يخرجون فيه إلى الشوارع، في إشارة إلى احتمال تكثيف قوات الأمن للإجراءات الصارمة في مواجهة الاضطرابات التي تجتاح البلاد.
وتعج إيران بالاحتجاجات منذ وفاة الشابة الكردية مهسا أميني (22 عاماً)، إثر احتجازها من قبل «شرطة الأخلاق»، الشهر الماضي، مما أثار واحدة من المصادمات الأكثر دموية ضد القيادة الإيرانية منذ عام 1979.
وقال سلامي، في أحد التعليقات الأشد لهجة من بدء الأزمة: «لا تخرجوا إلى الشوارع فاليوم هو آخر أيام الشغب». وأضاف: «هذه الخطة الشريرة، هي خطة مدبرة في البيت الأبيض والنظام الصهيوني».
وتتهم طهران دولاً مثل إسرائيل والولايات المتحدة بالمسؤولية عن موجة الاحتجاجات في إيران التي تواصلت منذ 16 سبتمبر (أيلول).
ولم يتم نشر «الحرس الثوري» منذ بدء الاحتجاجات، وهو قوة مميزة لها باع طويل في قمع المعارضة في البلاد، وتقدم تقاريرها مباشرة للمرشد الإيراني علي خامنئي. وكرر سلامي، في كلمة خلال جنازة لقتلى سقطوا في هجوم وقع الأسبوع الماضي وأعلن تنظيم «داعش» المسؤولية عنه، الرسالة بتوجيهها مباشرة للمحتجين. وقال: «لا تبيعوا شرفكم لأميركا، ولا تصفعوا قوات الأمن التي تدافع عنكم، على وجهها».
واستهدفت قوات الأمن الإيرانية مستشفى وسكناً للطلاب، وفق ما أفادت مجموعة حقوقية يوم السبت، تزامناً مع دخول الحركة الاحتجاجية التي أثارتها وفاة مهسا أميني أسبوعها السابع. وحاولت القوى الأمنية جاهدة السيطرة على الاحتجاجات التي قادتها النساء وتحوّلت إلى حملة أوسع لإسقاط النظام.
وخلال مراسم أقيمت لمناسبة مرور 40 يوماً، أمس السبت، على مقتل متظاهر في مدينة ديواندره في غرب إيران، هتف المحتجون: «الموت للديكتاتور»، وهو شعار يستهدف المرشد علي خامنئي. وتفيد مجموعات حقوقية بأن شرطة مكافحة الشغب قتلت محسن محمدي (28 عاماً) بإطلاق النار عليه خلال مظاهرات في ديواندره في 19 سبتمبر (أيلول)، وتوفي في اليوم التالي في مستشفى كوثر في مدينة سنندج.
وأفادت منظمة «هه نغاو» بأن قوات الأمن أطلقت النار باتّجاه عشرات الأشخاص الذين تجمّعوا خارج المستشفى نفسه في وقت متأخر من مساء الجمعة؛ من أجل حماية متظاهر آخر أصيب بجروح.
وقالت المنظمة: «أطلقت قوى القمع النار على أشخاص تجمّعوا أمام مستشفى كوثر في سنندج للدفاع عن أشكان مروتي». وأضافت أن «هذه القوات أرادت إلقاء القبض على أشكان مروتي بينما كان مصاباً»، قبل أن تنشر على «تويتر» صورة قالت إنها له وهو على نقالة، وبجانبه أحد المسعفين.
وذكرت المنظمة أن قوات الأمن «أطلقت النار على سكن قريب لطلاب جامعة كردستان للعلوم الطبية. وفي تسجيل مصوّر تحققت وكالة الصحافة الفرنسية من صحته، شوهدت قوات الأمن لدى وصولها على متن عشر دراجات نارية قبل إطلاق النار باتّجاه مبنى السكن الطلابي.
وفي تسجيل آخر تم التحقق منه أيضاً، يظهر عناصر الأمن وهم يطلقون الغاز المسيل في وقت متأخر من مساء الجمعة، داخل مجمع سكني في حي شيتغار في طهران، حيث نُظّمت مظاهرة حاشدة في الليلة السابقة.
وقالت منظمة «هه نغاو» إن طالبات كن يهتفن في أحد شوارع كرمانشاه خلال الصباح، تعرّضن لإطلاق نار من قوات الأمن، ما أدى إلى إصابة عدد منهن بجروح، مشيرة إلى أن اثنتين منهن جروحهما خطيرة.
وأظهرت مقاطع فيديو، نُشرت على الإنترنت، طلاباً يحتجون يوم السبت، وهو بداية أسبوع العمل في إيران، في جامعات بطهران وكرمان في جنوب إيران، ومدينة كرمانشاه في الغرب بشكل خاص.
وهتف الطلاب: «بلا حياء، بلا حياء»، أثناء صدامات مع رجال الأمن في إحدى الجامعات في جنوب غربي إيران، كما ظهر في مقطع فيديو نشره موقع «1500 تصوير».
وذكرت «وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان» (هرانا) التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، أنه تم إطلاق النار من بنادق آلية على مصلين في زاهدان لدى انتهائهم من أداء صلاة الجمعة، فيما قتل نحو 33 عنصر أمن خلال المظاهرات المرتبطة بوفاة مهسا أميني.
من جهة أخرى، طالبت منظمة حقوق الإنسان في إيران بتكثيف «الضغط الدبلوماسي» على إيران، بينما حذّر مديرها محمود أميري مقدّم من «خطر جدي لعمليات القتل الجماعي للمتظاهرين التي تعد الأمم المتحدة ملزمة بمنعها».
وتنظم آخر المظاهرات المرتبطة بوفاة أميني في تحد للتحذيرات الصادرة عن المرشد علي خامنئي والرئيس الإيراني المتشدد إبراهيم رئيسي. وسعى كلاهما لربط المظاهرات بعملية إطلاق نار واسعة يوم الأربعاء وقعت في مرقد ديني في شيراز بجنوب إيران، وأودت بحياة 15 شخصاً وفق الإعلام الرسمي.
ولا توجد مؤشرات على تراجع حدة الاحتجاجات التي أشعلتها وفاة مهسا أميني في 16 سبتمبر، وأججها الغضب الشعبي حيال الحملة الأمنية التي أودت بالعديد من الشابات والفتيات الأخريات.وذكرت تقارير رسمية أن المشتبه بتورطه في هجوم وقع يوم الأربعاء الماضي على مرقد شاه جراغ في مدينة شيراز (جنوب إيران)، توفي متأثرا بإصابته.
وقال مكتب محافظ فارس في تقرير نقلته وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا)، إن «الجاني المشتبه به، الذي تم إطلاق الرصاص عليه في الموقع، من قِبل قوات الأمن، قبل أن يتم نقله إلى المستشفى، توفي متأثراً بإصابته».
وقُتل 13 شخصاً على الأقل، وأصيب العشرات في الهجوم، الذي أعلن تنظيم «داعش» المسؤولية عنه.
وكان الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، قد قال إنه سيكون هناك «رد فعل» على الهجوم. وحمّل القائد العسكري الإيراني محمد باقري، المتظاهرين ضد حكومة طهران، المسؤولية بشكل جزئي عن الهجوم.