تحليلات
في ظل الأزمة الاقتصادية..
الإمارات في اليمن.. حلول استراتيجية مستدامة ودعم بقيمة 325 مليون دولار أميركي
أشاد خبراء ومحللون سياسيون بالدعم الكبير الذي تقدمه دولة الإمارات العربية المتحدة لليمن في مختلف المجالات، معتبرين أن هذا الدعم يساهم في تعزيز الاقتصاد ورفع مستوى المعيشة، ويدعم قيمة العملة المحلية، لاسيما في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد جراء الهجمات الإرهابية التي شنتها ميليشيات الحوثي على منشآت وموانئ النفط.
ووضعت دولة الإمارات حلول استراتيجية مستدامة في قطاع الكهرباء باليمن وذلك بعد سنوات من انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة وعرقلته جهود التنمية في البلاد.
فمن العاصمة عدن إلى حضرموت شرقا والمخا في تعز غربا، حضرت دولة الإمارات في تدخلاتها الحاسمة وبمشاريع حيوية في مجال الطاقة المتجددة لتوفر لليمن قرابة 100 مليون دولار شهريا كانت تستهلكها الكهرباء في عدن فقط.
وفي مختلف أنحاء البلاد، يتسبب توقف توفير خدمات الكهرباء في خلق الفوضى في الخدمات الحيوية الأخرى كالتعليم، والمياه والصرف الصحي، والرعاية الصحية، إلا أن دولة الإمارات سعت مؤخرا لوضع حلول مستدامة خاصة في المدن الساحلية التي تشهد ارتفاع جنوبي بدرجة الحرارة.
في المخا، حاضرة اليمن على البحر الأحمر وجارة باب المندب، بدأت الأعمال الإنشائية في مشروع كهرباء يعمل بالطاقة الشمسية بدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة وتحت إشراف المقاومة الوطنية بقيادة طارق صالح.
فالمشروع الذي يضع حلا نهائيا لمشكلة انعدام الكهرباء في هذه المديرية الساحلية الاستراتيجية، من المتوقع أن ينتهي تشييده في شهر يوليو/تموز المقبل، في ذروة فصل الصيف بمناطق الساحل الغربي، حيث تصل الحرارة إلى درجتها القصوى.
ويراكم المشروع رصيد دولة الإمارات التنموي في مناطق الساحل الغربي خاصة وفي اليمن عامة، إذ من المقرر أن يحقق افتتاح كهرباء المخا المتجددة اكتفاءً ذاتيا في الطاقة الكهربائية لمدينة المخا، والتي تستهلك نحو 10 ميغاواط.
وسيعزز المشروع الجديد من قدرة المديرية على استيعاب الطلب المتزايد على الطاقة، بعدما تحولت المديرية إلى مركز رئيسي لمديريات الساحل الغربي، وزاد فيها عدد السكان إلى نحو 3 أضعاف عما كانت عليها قبل تحريرها من مليشيات الحوثي المدعومة من إيران عام 2017.
محطة كهرباء غازية
لطالما ظلت الكهرباء تؤرق سكان حضرموت طويلا بسبب الانقطاع المتكرر وتهالك المحطات الكهربائية، جاءت البشرى الإماراتية هذا العام للمحافظة النفطية بتشييد محطة غازية من شأنها أن تضع حدا لهذه المشكلة.
وأعلنت الحكومة اليمنية التوقيع على 3 عقود مع شركات إماراتية لتنفيذ مشاريع استراتيجية بقطاعي الطاقة والبترول في محافظة حضرموت شرقي البلاد وذلك بدعم إماراتي.
ويشمل أحد المشاريع "تشييد محطة كهرباء تعمل بالغاز بطاقة توليدية تبلغ (150) ميغاواط"، إلى جانب تشيد مصفاة للبنزين بطاقة (20) ألف برميل يومياً وخزانات ومنطقة حرة، وتشييد وحدة للغاز المنزلي في منطقة المسيلة".
هذه المشاريع التي وصفتها الحكومة اليمنية بـ"الاستراتيجية"، سوف تسهم بشكل كبير في تحسين خدمة الكهرباء بالمحافظة النفطية وتغطية احتياجات حضرموت والمحافظات المجاورة من الغاز المنزلي.
وأكد محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي أهمية هذه المشاريع الاستراتيجية في تنمية المحافظة وتحسين خدماتها، منوهاً بالدعم الإماراتي المستمر لتنمية مختلف القطاعات الخدمية والتنموية في المحافظة.
مشروع استراتيجي
منذ أشهر يجري العمل على قدم وساق في المشروع الإماراتي الضخم لتوليد الكهرباء عبر الطاقة النظيفة والمتجددة في العاصمة المؤقتة عدن، ويعد أول وأكبر مشروع استراتيجي من نوعه.
وبحسب الحكومة اليمنية فالمشروع الذي تنفذه شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر" يشمل "تشييد محطة طاقة شمسية بقدرة 120 ميغاواط في الساعة، كما يشمل إنشاء خطوط النقل ومحطات تحويلية لنقل وتوزيع الطاقة التي ستولدها المحطة".
وستعمل محطة الكهرباء المتجددة في عدن "على تقليل كُلفة توليد الكهرباء في ساعات النهار، وكذا الاحتياج للوقود الخاص بمحطات التوليد، كما سيسهم في الحفاظ على البيئة عبر التقليل من الانبعاثات الكربونية".
ومن المتوقع أن تدخل منظومة الطاقة الشمسية في عدن بقدرة 120 ميغاواط حيز التشغيل مطلع يونيو/حزيران المقبل.
وأكد وزير الكهرباء في الحكومة اليمنية مانع بن يمين عقب توقيع الاتفاقية أن "أعمال المسوحات الخاصة بالمحطة قد بدأت فعليا منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي منوها أن ثمة جهوداً دؤوبة تُبذل لإنجاز المشروع في أسرع وقت ممكن.
وأعرب الوزير اليمني عن شكره وامتنانه للأشقاء في دولة الإمارات العربية المتحدة على مواقفهم الأخوية ودعمهم اللامحدود لليمن في مختلف المجالات، مشيرا إلى أن المشاريع الإماراتية ستمكن وزارة الكهرباء من التغلب على الصعوبات المتعلقة في توفير الكهرباء لمواجهة الصيف المقبل.
وأعلنت الإمارات خلال مؤتمر المانحين لليمن، دعم مشاريع التعافي وإعادة التأهيل في اليمن بقيمة 325 مليون دولار أميركي والذي يستهدف قطاعات الرعاية الصحية والطاقة المتجددة والزراعة، بما في ذلك مشروع بناء سد لأغراض الري، وذلك استمراراً بنهج الدولة في دعم الشعب اليمني.
وبلغت مساعدات الإمارات لليمن 6.6 مليار دولار منذ عام 2015 بالإضافة إلى وديعة بقيمة 300 مليون دولار لدعم العملة الوطنية.
وتأتي مساعدات الإمارات التي شملت مختلف المجالات في تمويل البرامج الدولية التي تلبي الاحتياجات الطبية والغذائية والأمن الغذائي في جميع أنحاء اليمن، استمراراً لالتزام الدولة الطويل تجاه الشعب اليمني.
وركزت المساعدات بشكل رئيسي على دعم الوضع الإنساني، بالإضافة إلى تقديم الخدمات العامة لضمان استمرارية التعليم في المدارس والبرامج الطبية والخدمات الحيوية كالطاقة والنقل.
كما تعتبر الإمارات واحدة من أكبر المساهمين الدوليين في دعم اليمن لمواجهة جائحة «كوفيد- 19»، حيث قدمت منذ بدء انتشار الجائحة مساعدات بلغت 122 طناً من المستلزمات والإمدادات الطبية لتعزيز جهود نحو 122 ألفاً من العاملين في الرعاية الصحية على احتواء الفيروس، إلى جانب تقديم الغذاء والمكملات الغذائية المعززة للصحة من خلال برنامج الأغذية العالمي، علاوة على دعم القطاعات الأخرى كالتعليم والصحة والمياه.
وأكدت الإمارات أنه يجب أن يكون 2023 هو العام الذي يتحقق فيه السلام في اليمن، ودعم كافة الجهود الدولية لوضع نهاية للصراع وتلبية التطلعات المشروعة للشعب اليمني وتحقيق السلام والاستقرار في اليمن والمنطقة، خاصة تلك الجهود التي يبذلها مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، هانس جروندبيرج والسعودية والوساطة من سلطنة عُمان. وأكدت معالي الوزيرة التزام دولة الإمارات بدعم الشعب اليمني، مشيرة إلى أنه منذ عام 2015، قدمت الدولة مساعدات إجمالية بقيمة 6.6 مليار دولار أميركي إلى اليمن، ووديعة بقيمة 300 مليون دولار أميركي لدعم عملتها الوطنية.
واستمراراً لهذا النهج، وبالإضافة إلى جهود السلام متعدد الأطراف والتنمية في اليمن، ستركز دولة الإمارات هذا العام أيضاً على دعم مشاريع التعافي وإعادة التأهيل بملغ وقدره 325 مليون دولار أميركي، وسيستهدف قطاعات الرعاية الصحية والطاقة المتجددة والزراعة، بما في ذلك مشروع كبير لبناء سد لأغراض الري.
وقالت نورة الكعبي: «تدعم الإمارات المفاوضات الجارية لمواصلة وحث الحوثيين على إظهار المرونة اللازمة لنجاح العملية السلمية، كما تتوجه بالشكر إلى المملكة العربية السعودية على دعمها المستمر لجهود الاستجابة الإنسانية وكذلك لدفع العملية السياسية في اليمن».
وفي ختام كلمتها، أكدت أن «دولة الإمارات ترى أنه قد حان الوقت لنقل محور تركيزنا من إدارة الصراع إلى إيجاد حل له، بدءًا بتجديد الهدنة والتخفيف من حدة الظروف الإنسانية التي يعيشها شعب اليمن والتبعات الكارثية نتيجة الحرب، والانتقال من مرحلة الإغاثة إلى التعافي وتحقيق المزيد من التنمية المستدامة».
وفي السياق، أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش أن المساعدات لليمن «ضماد مؤقت» وليست علاجاً. وقال في افتتاح مؤتمر المانحين: «أنهينا العام الماضي بالقليل من الأمل في اليمن بسبب الهدنة، الحاجات الإنسانية تتزايد والتمويل ينقصنا»، مشيراً إلى أن انهيار الهدنة في اليمن تسبب في مجاعة لأكثر من مليوني شخص.
بدوره، شدد رئيس الوزراء اليمني معين عبدالملك، على أهمية دعم مؤسسات الحكومة اليمنية باعتبار ذلك عاملاً أساسياً لإسناد جهود الحكومة في تخفيف المعاناة الإنسانية، وتحقيق السلام.
واستعرض جهود الحكومة وما قدمته من مبادرات لإنجاح مسار السلام والتي قوبلت بتعنت ورفض من ميليشيات الحوثي.
وعبر رئيس الوزراء، عن تطلع الحكومة أن تلبي تعهدات مؤتمر الاستجابة الإنسانية احتياجات الشعب اليمني وتوفير مستوى مقبول من التعهدات والعمل بالتوازي مع ذلك على الاهتمام بالتدخلات التنموية.
بدوره، أكد وزير الخارجية السويسري، على التزام بلاده بتقديم الدعم للشعب اليمني في هذه المرحلة الحرجة، لافتاً إلى أن السلام ضرورة لإنهاء المعاناة الإنسانية واستعادة التنمية والتطور في اليمن.
كما أكد ضرورة ضمان دعم مؤسسات الحكومة اليمنية للقيام بمهامها، لافتاً إلى حرص سويسرا على نجاح مؤتمر تمويل خطة الاستجابة الإنسانية.
وفي السياق، أكد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أن اليمن الآن لديه أفضل فرصة سياسية لإنهاء الحرب.
وقال في كلمته عبر الفيديو أمام مؤتمر المانحين بشأن اليمن: «مستمرون في الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب في اليمن»، مضيفاً: «اعتداءات الحوثيين على الموانئ اليمنية والتجارة الدولية يجب أن تتوقف».