تحليلات

الأزمة الروسية الأوكرانية..

القوات الروسية تقاتل في مدينتي باخموت وفوليدار والغارديان تسلط الضوء على جهود الإعمار في بوتشا

مدينة بوتشا اشتهرت بمذبحة القوات الروسية

كييف

بينما يستمر قتال الشوارع بين القوات الروسية والأوكرانية في مدينتي باخموت وفوليدار بمنطقة دونيتسك في شرق أوكرانيا، فهناك معركة أخرى "نفسية وسياسية واستراتيجية" تدور بين البلدين سعيا من كل طرف لتحقيق أهدافه، وفقا لتقرير لصحيفة "التايمز" البريطانية.

وخلال الأشهر الأخيرة تركز القتال بين موسكو وكييف في منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا، حيث تهدف روسيا للاستيلاء الكامل على تلك المنطقة التي ادعت بالفعل أنها ضمتها العام الماضي، حتى مع استمرار القتال هناك، وفقا لوكالة "فرانس برس".

 ولا يزال القتال مستعرا في الشرق حول مدينة باخموت التي يحاول الروس منذ أشهر الاستيلاء عليها متكبدين خسائر فادحة ومسببين دمارا كبيرا، وتكبدت موسكو خسائر فادحة في فبراير خلال هجمات فاشلة على بلدة فوليدار التي لا تزال تحت سيطرة أوكرانيا.

وأعلنت روسيا الخريف الماضي ضم دونيتسك إلى جانب ثلاث مناطق أوكرانية أخرى هي لوغانسك وخيرسون وزابوريجيا، على الرغم من عدم بسط سيطرتها عليها بشكل كامل.
 
وبعيدا عن المعارك الميدانية، صعدت موسكو وكييف من الحرب النفسية والسياسية، حيث يهدف كل طرف لتشتيت انتباه الآخر وإحباطه، ويشمل ذلك التهديدات النووية الضمنية نهاية بالتوجيه الخاطئ في ساحة المعركة، حسب "التايمز".

سياسة حافة الهاوية مع بيلاروس

كانت المناورة السياسية الأكثر وضوحا هي إعلان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الشهر الماضي أن روسيا ستبني منشأة تخزين للأسلحة النووية التكتيكية في بيلاروس بحلول بداية شهر يوليو.

ويستغرق بناء مثل هذه المنشآت سنوات، وستكون فائدة مثل هذا المخزون محدودة ما لم يكن بوتين مستعدا لتسليم مثل هذه الأسلحة إلى البيلاروسيين، وهو ما يبدو غير مرجح.

إلى جانب ذلك، سمح رئيس بيلاروس، ألكسندر لوكاشنكو، للروس بشن هجمات من الأراضي البيلاروسية، وإرسال جنود روسيا الاحتياط لتدريبهم من قبل قواته، وأبدى استعداده لاستقبال أسلحة نووية "استراتيجية" روسية على أراضيه الى جانب أسلحة "تكتيكية".

وبيلاروس، الحليف الوحيد لروسيا في أوروبا، ويقودها لوكاشنكو منذ 1994 وتقع على أبواب الاتحاد الأوروبي، حسب "فرانس برس".

واحتمالية كون تلك الأسلحة الروسية تهدد الغرب بشكل مباشر "خطوة بعيدة جدا"، لكن ما حدث هو نمط من الاستخدام الروسي لبيلاروس كـ"سلاح سياسي"، حسب "التايمز".

وفي بعض الأحيان، يحاول الكرملين التذرع باحتمال توثيق الاتحاد مع مينسك لصرف انتباه الغرب.

وفي حالات أخرى، يشجع الكرملين الحديث عن شن هجوم على العاصمة الأوكرانية من بيلاروس على أمل تحويل القوات عن خط المواجهة لدرء هجوم لا تخطط موسكو لشنه أبدا.

التلويح بالنووي

خلال زيارته لموسكو، أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ، معارضة الصين أي خرق للمحرمات النووية وأجبر بوتين على تأييد علني لهذا الرأي.

يستدعي بوتين بشكل دوري تهديدا نوويًا محتملاً على أمل إثارة قلق الغرب لدرجة أنهم يطالبون حكوماتهم بإجبار كييف على الحديث عن السلام. 

ولا يمكن لبوتين أن يتراجع مباشرة عن تعهده للرئيس الصيني، ما يدفعه للتلويح باستخدام الأسلحة النووية، دون إمكانية استخدامها بشكل فعلي، حسب "التايمز".

خيارات بوتين التصعيدية

في مواجهة سلسلة من الانتكاسات العسكرية، أعلن بوتين تعبئة شملت ما لا يقل عن 300 ألف من جنود الاحتياط منذ سبتمبر، وفقا لـ"فرانس برس".

وهناك حوالي 180 ألف من حديثي التخرج بالجيش الروسي ولم يتم نشرهم على الجبهة، والعديد منهم مدربون ومجهزون بشكل أفضل من جنود الاحتياط الذين تم حشدهم في خط المعركة.

ويمكن أن يبدأ بوتين موجة تعبئة أخرى واسعة النطاق، تجتاح عدة مئات الآلاف من الرجال الآخرين للجيش.

 يمكنه حتى أن يأخذ الحرب إلى ما وراء حدودها الحالية ويستخدم أجهزته الاستخباراتية لشن هجمات مباشرة على خطوط الإمداد الغربية التي تسليح كييف.

ثمن خيارات بوتين

جميع خيارات بوتين التصعيدية تأتي بسعر محتمل ضخم، فمن المتوقع أن يؤدي أي استخدام للأسلحة النووية إلى رد عسكري غربي مباشر ومدمّر، كما هو الحال بالنسبة لهجمات على الدول الأعضاء في الناتو. 

وقد يؤدي حشد المزيد من جنود الاحتياط أو إرسال المجندين للموت في أوكرانيا إلى تجدد الاضطرابات العامة داخل روسيا. 

لذلك يفضل بوتين عدم الاضطرار إلى اتخاذ أي من هذه الإجراءات المتطرفة، لكنه يلوح باستخدامهم لتهديد وردع الغرب وأوكرانيا، وفقا لـ"التايمز".

ماذا عن أوكرانيا؟

كييف مستعدة تماما لاستخدام الحيل والخدع النفسية، وغالبا ما تكون أكثر فاعلية، وتهدف أهم أعمال التضليل إلى إبقاء الكرملين في حالة تخمين بشأن خطط كييف المستقبلية.

وتقوم أوكرانيا بشكل دوري بتعديل قواتها خلف خط المواجهة بطريقة محسوبة لمنع موسكو من الحصول على تفاصيل دقيقة عن قوات كييف.

ميليتوبول وحرب التضليل

في 29 مارس، أعلنت إدارة الاحتلال الروسي الأربعاء ان ميليتوبول إحدى المدن الرئيسية في جنوب أوكرانيا، تعرضت لقصف صاروخي نفذه الجيش الأوكراني مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي.

وميليتوبول هي عاصمة الاحتلال الروسي في القسم الذي تسيطر عليه من منطقة زابوريجيا حيث توجد محطة الطاقة النووية التي تحمل الاسم نفسه وتحتلها القوات الروسية.

وفي الفترة الماضية اتهمت روسيا أوكرانيا بتكثيف الهجمات والضربات في ميليتوبول حيث كان يعيش 150 ألف نسمة قبل الحرب، وفقا لـ"فرانس برس".

وتدور تكهنات حول هجوم أوكراني مضاد محتمل باتجاه ميليتوبول لأن التقدم باتجاهها واستعادتها سيقطع الممر البري الذي احتلته روسيا لربط أراضيها بشبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو في عام 2014.

ويشاع أن المدينة ستكون الهدف الرئيسي للهجوم الأوكراني الربيعي، لكن هناك احتمالية بكون تلك التكهنات خدعة استراتيجية تهدف لجعل الروس يركزون قواتهم هناك، حتى تتمكن القوات الأوكرانية من التقدم في مناطق أخرى، وفقا لـ"التايمز".

ولقد نجح هذا النهج من قبل، خلال معركة تحرير خاركيف في سبتمبر، بعدما تم تشجيع الروس على نقل العديد من قواتهم على بعد مئات الأميال من خلال نشر تكهنات حول استعداد أوكرانيا لمهاجمة الجنوب.

وبعد ذلك شنت أوكرانيا هجمات مضادة ناجحة، وسمح هجوم الخريف في الجنوب باستعادة خيرسون في نوفمبر، حسب "فرانس برس".

أسلحة قديمة في حرب حديثة

في عصر الأقمار الصناعية والتنصت الإلكتروني، تضاهي أسلحة الخداع القديمة والضغط النفسي ما يتم نشره في ساحة المعركة.

وتشير "التايمز" إلى حاجة الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، لإبقاء التحالف الغربي "منخرطا وموحدا"، وهو ما يعني غالبا التحدث عن احتمالات نهاية سريعة للحرب. 

وتحتاج أوكرانيا إلى محاولة منع الصراع من التحول إلى حرب استنزاف فجة وطاحنة، وعلى كييف إبقاء موسكو "متشككة" طوال الوقت.

في المقابل يريد بوتين تقويض هذا الدعم، بالتلميح إلى أن الصراع قد يخرج عن نطاق السيطرة.

من جانب آخر سلط تقرير من صحيفة "الغارديان" الضوء على جهود إعادة الإعمار في مدينة بوتشا الأوكرانية، التي اشتهرت قبل عام بمذبحة للقوات الروسية فيها.

وتنقل الصحيفة أن جهود الإعمار هي جزء من المقاومة الأوكرانية، لكن تدفق الأموال لذلك من الغرب سيجلب تحديات في أوكرانيا التي تشهد نسبة مرتفعة من الفساد. 

وينقل التقرير كيف أن مشاهد الجرافات والشاحنات والرافعات تعمل بشكل محموم لإصلاح ما دمرته المدفعية الروسية في المدينة التي شهدت تناثر جثث عشرات المدنيين، الذين قتلوا بوحشية على يد الجنود الروس، قبل عام.

أوكرانيا تعتبر إعادة البناء جزءا من المقاومة

وفي 31 مارس من عام 2022، انسحب الجيش الروسي من هذه المدينة وكل المنطقة الشمالية لكييف، بعد شهر على بدء الغزو بأمر من الرئيس، فلاديمير بوتين. بعد يومين على الانسحاب، تكشفت معالم المذبحة.

ونقلت صور سيارات متفحمة ومنازل مدمرة وخصوصا جثث عشرين رجلا بملابس مدنية مبعثرة على مسافة مئات الأمتار وكان أحدهم مقيد اليدين.

صدمت هذه المشاهد العالم بأسره، ودانت كييف والغربيون الإعدامات التعسفية بحق مدنيين في ما وصفته بأنه جرائم حرب. ونفى الكرملين أي تورط له مؤكدا أنها عملية مدبرة.

وتمكنت أوكرانيا من إصلاح العديد من المواقع والجسور والطرق والمباني الحكومية التي دمرتها موسكو.

وتقول السلطات الأوكرانية إن ذلك أكبر جهد  لإعادة البناء منذ الحرب العالمية الثانية وربما الأغلى في التاريخ، بتكلفة تقدر بنصف تريليون دولار.

ويقول خبراء إن إدارة هذا التدفق غير المسبوق للأموال في بلد له تاريخ طويل من الفساد سيجلب تحديات، كما تنقل الصحيفة.

ويتوقع دونالد باوزر، مؤسس مبادرة دعم التعافي الأوكرانية أن إعادة بناء أوكرانيا سيكلف "أربعة أو خمسة أضعاف" المساعدة الاقتصادية المقدمة من خطة "مارشال" لأوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.

ويقول باورز للصحيفة إن مبلغ المساعدة لأوروبا بعد الحرب العالمية الثانية قارب 150 مليار دولار بقيمة العملة اليوم.

وتعهد الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في أوائل يوليو الماضي، بإعادة بالبناء، رغم أن بعض القادة الغربيين شككوا في إمكانية ذلك في وقت تواصل فيه القوات الروسية إطلاق القنابل وشن الهجمات.

لكن الرئيس الأوكراني بدأ بالفعل تلك الجهود، وفي العام الماضي، أزالت أوكرانيا الأنقاض من 2100 كلم من الطرق، وأصلحت منها 120 كلم، وأعادت بناء 41 من 330 جسرا مدمرا، وأنشأت 80 ممرا مؤقتا وجددت 900 نقطة سكة حديد.

 وحتى يناير، أفادت "كلية كييف للاقتصاد" بتضرر ما مجموعه 149,300 مبنى سكني، و330 مستشفى، و595 مبنى إداريا، وأكثر من 3,000 مدرسة ومبنى جامعي.

وتقول الصحيفة إن تكاليف البناء التي انتهت حتى الآن هي من الاحتياطيات النقدية لأوكرانيا، ومن مدفوعات أولية بقيمة 600 مليون دولار من بنك الاستثمار الأوروبي، الذي وافق على حزمة ثانية بقيمة 1.59 مليار يورو، في يوليو من عام 2022.

وتبلغ احتياجات إعادة الإعمار والتعافي في أوكرانيا 411 مليار دولار، وفقا للبنك الدولي، لكن الرقم غير مستقر إذ يرتفع باستمرار بسبب القصف الروسي المستمر، وقال رئيس الوزراء الأوكراني، دينيس شميهال، إن تكلفة إعادة البناء قد تصل إلى 750 مليار دولار.

خسائر مادية وإصابات بشرية جراء المنخفض الجوي في العاصمة عدن


الغموض يخيّم على مستقبل قوات اليونيفيل في جنوب لبنان


انحسار النفوذ الإيراني في محيطه.. هل يقترب محور المقاومة من التفكك؟


من الرمل إلى القماش.. «دائرة حائرة» يجسّد حركات الزمن في فضاء المريجة