تقارير وتحليلات
"السعودية قد تبحث عن شكل دولة يمنية جديدة"..
مجلس القيادة الرئاسي.. هندسة اتفاق سياسي جزئي مع الأذرع الإيرانية في اليمن
علمت صحيفة اليوم الثامن من مصادر سياسية يمنية أن المملكة العربية السعودية، وجهت دعوات لمجلس القيادة الرئاسي، إلى الحضور للعاصمة الرياض، لبحث اتفاق جزء مع الأذرع الإيرانية في اليمن، نحو تسوية سياسية شاملة، بما في ذلك مقترح "حكومة وحدة وطنية بالمناصفة، مع الأطراف اليمنية والجنوبية الأخرى.
وقالت المصادر إن رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس بن قاسم الزبيدي، ورئيس المكتب السياسي للمقاومة الوطنية اليمنية طارق صالح، يعتزمان مغادرة عدن والمخأ على متن طائرات خاصة، للانضمام الى رئيس وأعضاء المجلس الاخرين الذين يقيمون في مقرات خاصة بالرياض".
وأشارت المصادر إلى ان السعودية تهدف في الأساس الى عقد لقاء بين أعضاء المجلس لإزالة التباينات وتقريب وجهات النظر، تمهيدا لاتفاق مع الحوثيين في أواخر شهر رمضان في مدينة مكة المكرمة، وفق ما أفادت به تقارير صحافية غربية.
ورفض مصدر مسؤول في المجلس الانتقالي الجنوبي التعليق لصحيفة اليوم الثامن حول طبيعة الزيارة، لكنه أكتفى بالقول "إن الرئيس القائد عيدروس الزبيدي، في زيارة عمل الى السعودية تستغرق عدة أيام يعود عقبها إلى العاصمة عدن، لمواصلة الجهود الوطنية في ترتيب البيت الداخلي الجنوبي، وهيكلة المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات والأمنية والعسكرية".
وفي يناير الماضي تحدثت صحيفة أسوشيتد برس الأمريكية عن محادثات بين المملكة العربية السعودية التي تقود تحالفا عربيا لمحاربة اذرع إيران، مع الأخيرة، وصفتها بالمحادثات خلف أبواب مغلقة.
وقالت الصحيفة الأمريكية :"إنه سط أطول فترة توقف للقتال في اليمن - أكثر من تسعة أشهر - أحيت السعودية وخصمها، المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران، محادثات عبر قنوات خلفية، أملا في استمرار وقف إطلاق النار ووضع مسار تفاوضي لإنهاء الحرب الأهلية الطويلة، وفقا لمسؤولين يمنيين وسعوديين وأمميين.
وقال مسؤول بالأمم المتحدة إن الرياض وضعت "خارطة طريق مرحلية" للتسوية أيدتها الولايات المتحدة والأمم المتحدة.
وأضاف المسؤول أن التحالف قدم في هذه الخارطة عددا من الوعود الرئيسية، من بينها إعادة فتح مطار صنعاء، وتخفيف الحصار المفروض على مدينة الحديدة.
ويطالب الحوثيون التحالف بسداد رواتب جميع موظفي الدولة - وبينهم جنود وضباط الجيش - من عائدات النفط والغاز، وكذلك فتح جميع المطارات والموانئ الخاضعة للحوثيين.
وقال الحوثيون – على لسان قيادي مشارك في المحادثات "إن السعوديين وعدوا بسداد جميع الرواتب، من عوائد نفط الجنوب"؛ الأمر الذي تعثر كثيرا على خلفية رفض المجلس الانتقالي الجنوبي، قبل ان يقول دبلوماسيون سعوديون إن سداد رواتب قوات الحوثيين مشروط بقبول الأذرع الإيرانية لضمانات أمنية، من بينها إنشاء منطقة عازلة مع المناطق الخاضعة لجماعة الحوثي على طول الحدود اليمنية السعودية، وفقا لـ صحيفة أسوشيتد برس الأمريكية.
وتشترط السعودية أيضا أن يرفع الحوثيون ما تقول حكومة رشاد العليمي إن حصار الاذرع الإيرانية لمدينة تعز، وكانت هذه الشروط السعودية قد وضعت قبيل توقيع اتفاقية سلام مع ايران في العاصمة الصينية بكين، وهي الاتفاقية التي تقول مصادر دبلوماسية لصحيفة اليوم الثامن إنها قد حلحلت كثيرا ملف الازمة اليمنية، وهو الأمر الذي عكست مواقف الحوثيين الجديدة من السعودية التي لم يعد يصفه الإعلام في صنعاء بـ"دولة عدوان على اليمن".
وقالت مصادر دبلوماسية إن دعوة السعودية لمجلس القيادة الرئاسي للحضور إلى الرياض، هدفه أولا الموافقة على رؤية معدة سلفاً، تضمن الموافقة على دفع عائدات نفط الجنوب بنسبة ما قبل الحرب التي شنها الحوثيون على البلاد، والمقدر بنسبة 80 %، مقابل ان يسمح الحوثيون بإعادة تصدير النفط مجددا.
وذكر صحيفة أسوشيتد برس الأمريكية أن الحوثيين اقترحوا توزيع عائدات النفط وفق "ميزانية ما قبل الحرب". يعني ذلك أن تتلقى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون ما يصل إلى 80 في المئة من الإيرادات لأنها الأكثر اكتظاظا بالسكان.
وقال الدبلوماسي السعودي إن الجانبين يعملان مع المسؤولين العمانيين لتعديل الاقتراح ليكون "مرضيا لجميع الأطراف"، ومن بينها الأطراف اليمنية الأخرى.
وأكد مسؤول حكومي يمني لأسوشيتد برس أن المفاوضات بين السعودية والحوثيين برعاية سلطنة عمان تمت في الوقت الذي الحكومة المعترف بها دوليا "بلا صوت".
وقال د. أحمد القرني وهو باحث سعودي في العلاقات الدولية إن بلاده لا يمكن تنسح من اليمن دون ضمانة إيجاد حل سياسي شامل.
وقال القرني في تدوينة على تويتر "لا يمكن بأي حال انسحاب السعودية من المشهد اليمني". مشيرا إلى أن اتفاق الرياض مع طهران يتمحور أساسًا حول إيجاد سلام شامل في اليمن".
وقال "يجري حاليا هندسة اتفاق أمني جزئي مع الحوثيين في الشمال بمشاركة المجلس الرئاسي، أما الجنوب فمنطقة محررة ومصيره قانونيًا بيد شعبه وهم من يقرر البقاء على الوحدة أو فك الارتباط، وستدعم المملكة أي من الخيارين".
وينظر الحوثيون إلى انه قد انتصروا في تحقيق أهدافه انقلابهم على الحكومة الشرعية اليمنية، ودفعوا التحالف العربي الذي تقوده السعودية، إلى الموافقة على دفع مرتبات الموظفين في مناطق سيطرة الحوثيين، أي ان الأذرع الإيرانية لن تكون بحاجة الى سيطرة على مدن الجنوب في حال وحصلت على ما تريده من عائدات النفط، والتي تقدر بـ80 % تذهب إلى صنعاء، و20 % توزع بين محافظات الجنوب".
وشكلت الاذرع اليمنية الموالية للسعودية عقبة كبيرة في هزيمة الحوثيين، فقد لعب الاخوان دورا معطا في الكثير من الجبهات الأمر الذي ساعد الاذرع الإيرانية، في تحقيق مكاسب عسكرية والسيطرة على أسلحة ضخمة كانت الرياض قد قدمتها لأذرعها في مدينة مأرب التي يهدد الحوثيون بالسيطرة عليها في حال لم يحصلوا بالتفاوض على ما يريدونه.
وقد يحتاج الحوثيون فعليا لإسقاط مركز محافظة مأرب، والهجوم مجددا على المدن الجنوبية، بالاستعانة بقوات المنطقة العسكرية الأولى في وادي حضرموت، اذا لم تنجح السعودية بالضغط نحو حصولهم على ما نسبته 80 % من عائدات نفط الجنوب المحرر"؛ أي تلويحهم بخيار الحرب هو البديل في حال لم يتم الرضوخ لهم، على الرغم من انهم عسكريا يمثلون جماعة هشة، وهو ما اثبتت المواجهات العسكرية الأخيرة في شبوة.
لكن الوضع يبدو مغايرا كثيراً، فالجنوب يستعد لحرب فاصلة مع قوى اليمن الشمالي بما فيها الإخوان التي تريد هي الأخرى ان ترفع من أوراق الحوثيين للسيطرة على الجنوب، وهو على ما يبدو يتوافق والرؤية السعودية، في ان يكون اليمن الشمالي للحوثيين والجنوب لحكومة يمنية تدير الجنوب بمعزل عن اليمن الشمالي ولكن شخوص تلك الحكومة هم يمنيون شماليون، "مجلس القيادة الرئاسي"، مع اجراء بعض التعديلات في الحكومة التي فشلت في تحقيق أي نوع من أنواع الاستقرار والتنمية، ناهيك عن انها فشلت في تحقيق أي مكاسب سياسية وعسكرية ضد الحوثيين.
وبالعودة إلى أرشيف بداية الحرب، يلخص الخبير العسكري والاستراتيجي السعودي العقيد ركن متقاعد إبراهيم أل مرعي، أسباب وخفايا الإخفاق منذ الشهور الأول لعملية عاصفة الحزم في العام 2015م.
"المشكلة ليست في التحالف العربي، وليس هناك أي تقصير من أي دولة في التحالف العربي"، التقصير والمشكلة تكمن في الجانب اليمني وفي إشكالية داخل القوى السياسية في مدينة تعز"؛
ثمانية أعوام مضت دون ان يتم تحرير أي مدينة يمنية، بل على العكس استعاد الحوثيون السيطرة على الكثير من المناطق، بفعل ما اسماه مرعي، خيانة بعض شيوخ القبائل وقادة المقاومة المحسوبين على تنظيم الإخوان.
أقر مرعي - الذي تقول مصادر دبلوماسية إنه مغيب قسريا منذ العام 2018م – "أن محافظة الجوف الاستراتيجية والحدودية مع المملكة العربية السعودية سلمت في العام الأول للحرب عقب تحريرها من قبل التحالف العربي، للحوثيين بخيانة من قيادة المقاومة المحسوبة على الإخوان".
وأكد آل مرعي ان التحالف العربي بقيادة السعودية قدم دعما ماليا وعسكريا كبيرا للمقاومة التي يقودها الاخواني حسن ابكر، وان الدعم الذي قدمته الرياض لمحاربة الحوثي، يكفي لتحرير كامل اليمن، لكن في نهاية المطاف تم تسليم مدينة الحزم مركز المحافظة دون أي مقاومة.
وتكرر تسليم مركز المحافظة أكثر من مرة للحوثيين، كانت الأخيرة في العام 2020م، والى اليوم لا يزال الحوثيون يسيطرون على المحافظة الاستراتيجية التي تحولت إلى قاعدة لاطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة صوب السعودية والإمارات والجنوب.
ويقول الكاتب اليمني محمد الخامري في تدوينة على تويتر "إن السعودية تعمل للخروج بماء وجهها بأكبر عدد من الضمانات لأمنها القومي ومستقبلها السياسي الخالي من الثارات السياسية والمشكلات الحدودية، لكنها بالمقابل تذهب بنا نحن اليمنيين إلى أسوأ السيناريوهات، حيث ستسلم الشرعية وقياداتها واليمن واليمنيين للحوثيين"؛ أي أن أي تسوية سياسية مع الحوثيين تعتبر بالنسبة لليمنيين بعيدة في ظل الخطاب الطائفي الذي يصدره الحوثيون تجاه القوى السياسية اليمنية الأخرى، كتعز وإب وتهامة.