تقارير وتحليلات
خطوات جنوبية تسبق انهيار وشيك مفتعل للعملة المحلية..
كيف أدار اليمنيون حرباً اقتصادية وخدمية ضد الجنوب منذ (60) عاماً.. نظرة فاحصة
تمهيد| قبيل انهيار وشيك للعملة المحلية المتداولة في مدن الجنوب، فر رئيس حكومة المناصفة معين عبدالملك الى المملكة العربية السعودية، بعد ان أدلى بتصريحات مثيرة للجدل، زعمت ان عدن العاصمة غير ملائمة لتلقي الدعم الخارجي، وان تعز التي يحاصرها الحوثيون منذ ثمانية أعوام هي المدينة الأكثر ملائمة والأفضل من عدن.
هذه التصريحات التي قوبلت برفض جنوبي واسع، سارع معين عبدالملك الى نفي هذه التصريحات، قبل ان يؤكد لقاء عقدته منظمات دولية مانحة في مدينة تعز، صحة موقف السياسي التعزي من المجلس الانتقالي الجنوبي، والذي يرفض كل اشكال الضغط الهادفة الى اجباره على منح الحوثيين ما نسبته 80% من موارد الجنوب، للقبول بتسوية سياسية هشة.
واتهم المجلس الانتقالي الجنوبي، معين عبدالملك بتجريف الموارد لمصلحة حساباته الشخصية، حيث أكد نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي "عبد الرحمن المحرمي" أن معين عبد الملك لو كان جادا في تنفيذ ما يطلب منه لكان الوضع أفضل بكثير، ولكنه يعمل بلا حس وطني وهو كثير الكلام قليل الإنتاج، هناك أشياء ممكن القيام بها ومتاحة ولم يقم بها وكأنه ليس مسؤولا عن الأوضاع ولا نشعر أنه يريد أن يحقق أي إنجاز ولو على مستوى الأشياء الممكنة المطلوبة منه".
وأكد المحرمي في تصريحات صحفية "أن معين عبدالملك ومن حوله هم الذين طالبوا بإسقاط النظام في 2011 في الساحات، فلا يمكن من كان دأبه إسقاط وتخريب النظام أن يعمل على إصلاح النظام أو أن يقدم أقل الخدمات للشعب ويحارب الفساد ... إلا من رحم الله وهم قليل جداً".
وقال "هناك حقائق كثيرة تدين الدكتور معين على إخلاله بالوظيفة العامة وتفريطه في كثير من الأمور وتأخير الكثير من الإصلاحات وعدم العمل على ترشيد المال العام ومراعاة وضع الشعب".
وقالت مصادر لصحيفة اليوم الثامن إن هناك خطوات جنوبية تهدف الى منع الانهيار الوشيك والمفتعل من قبل حكومة معين عبدالملك التي تربطها علاقة تجارية مع الحوثيين في صنعاء.
المقدمة:
لم تكن الحرب الخدمية والاقتصادية والتنموية ضد الجنوب وليدة اللحظة بل كانت ممتدة منذ بداية تأسيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ومرورا بمشروع اعلان الوحدة اليمنية الفاشلة ووصولا الى حكومة المناصفة، إن القارئ في تاريخ الحرب الخدمية والاقتصادية ضد شعب الجنوب يرى أن تلك الاستراتيجية التي انتهجتها القوى اليمنية تصب في هذا المسار وفي هذه القراءة سنحاول أن نعرج على تلك المحطات المؤلمة التي سلطت عنوة ضد شعبنا في الجنوب العربي بغرض تحقيق أهداف سياسية استيطانية تعمل في تغيير موازين القوى بين الشعبيين وتدمير الفوارق الاقتصادية والحضارية والتاريخية في سبيل انهاء، وقد اشتملت هذه القراءة على ثلاثة مطالب، هي، المطلب الأول بداية تطبيق استراتيجية الحرب الاقتصادية ضد الجبوب، المطلب الثاني: تدمير ونهب وخصخصة المؤسسات والشركات الوطنية الجنوبية. المطلب الثالث: معين عبدالملك ومواصلة سياسية سابقيه في تنفيذ استراتيجية تدمير الجنوب اقتصاديا.
وقد اختتمت هذه القراءة بعدد من النتائج والتوصيات:
المطلب الأول:
بداية تطبيق استراتيجية الحرب الاقتصادية والخدمية ضد شعب الجنوب العربي
في مطلع السبعينات سيطر اللوبي اليمني على صناعة القرار الجنوبي، وتوغل بعناصره الاستخباراتية والأمنية الى مفاصل الدولة.
مما أطاح له التحرك بحرية في تنفيذ تلك الاستراتيجية ضد رأس المال الجنوبي فقد كان قرار التأمين للاستثمارات الجنوبية أخطر القرارات التي ضربت الاقتصاد الجنوبي وكانت هناك عدد من الشركات الوطنية الفاعلة في المنطقة كالمصارف والبنوك والطيران والخدمات الاستيرادية فتم مصادرتها بقرار سياسي تعسفي.
القانون الذي صدر وتلاه مناشدات ومظاهرات تندد بـ تخفيض الراتب واجب في الجنوب العربي (اليمن الجنوبي) بقرار سياسي أحمق .
نص قانون التأميم لعام 1969 المدمر لعدن جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية قانون رقم (37) لعام 1969م قانون المؤسسة الاقتصادية للقطاع العام والتخطيط القومي
باسم الشعب : رئيس مجلس الرئاسة,
بعد الاطلاع على قرار القيادة العامة للجبهة القومية رقم (7) لعام 1969م, والصادر بتاريخ 15 ربيع الثاني 1389ه, الموافق 30 يونيو 1969م,
وبعد موافقة اللجنة التنفيذية للقيادة العامة للجبهة القومية ومجلس الرئاسة, أصدر القانون التالي:-
تقوم مرحلة الحد الأدنى من التخلص من التبعية الاقتصادية أو التحرر الاقتصادي، التي من أجل تحقيقها شرع قانون المؤسسة الاقتصادية للقطاع العام والتخطيط القومي رقم (37) لعام 1969م, على الأسس التالية:-
- تحرير وإنعاش وتطوير عوامل وقوى الإنتاج الوطنية العامة والخاصة وعلاقاتها ومؤسساتها بإحلالها محل عوامل وقوى الإنتاج الاستعمارية وعلاقاتها ومؤسساتها.
- تأسيس القطاع العام وارساؤه على أسس سليمة، لا تمكنه من احكام هيمنة الدولة على المواقع والمرتفعات الاقتصادية الاستعمارية المسيطرة على الاقتصاد الوطني وتحريرها فحسب, بل من أجل إنعاش وتوجيه القطاع الوطني الخاص, بحيث يقوم القطاع العام بتوجيه مجموع الاقتصاد الوطني وقيادته.
- تأميم جميع البنوك والمصارف وفروع البنوك الأجنبية العاملة في جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية ليكون القطاع المصرفي من القطاع العام ولا مجال بعد الآن لإنشاء شركات خاصة فيه.
- تأميم جميع الشركات التجارية الاستعمارية الكبرى العاملة في جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية ليكون القطاع التجاري قطاعاً مختلطاً يتعايش فيه القطاعان العام والخاص على أساس من قيادة القطاع العام فيه.
- تأميم جميع شركات التأمين وإعادة التأمين وفروعها الأجنبية العاملة في جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية ووضع جميع وكالات التأمين الأخرى تحت تصرف التصفية ليكون التأمين وإعادة التأمين من إختصاص القطاع العام حصراً.
- تأميم جميع شركات خدمات الموانئ الكبرى العاملة في جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية وتأسيس المنطقة الحرة في ميناء عدن وتنظيم الموانئ وتسخيرها لخدمة تطور الإقتصاد الوطني.
- تأميم جميع الشركات الإستعمارية لتوزيع المنتجات النفطية وعملياتها ( عدا وقود البواخر والطيران ودهونهما ) وتنظيم القطاع النفطي وتطويره تدريجياً بما يحقق المصالح الإقتصادية الوطنية.
- تؤمم جميع البنوك والمصارف وفروع المصارف والبنوك الأجنبية العاملة في جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية وتؤول ملكيتها الى الشعب ممثلاً في المؤسسة بما فيها الأموال المنقولة المسجلة بأسمها أو بأسم مركزها الرئيسي في الخارج,
- تؤمم الشركات والمنشآت التجارية الأجنبية وفروعها العاملة في جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية وتؤول ملكيتها الى الشعب ممثلاً في المؤسسة.
- تؤمم جميع شركات التأمين وإعادة التأمين وفروعها وتؤول ملكيتها الى الشعب ممثلاً في المؤسسة.
- تؤمم جميع شركات خدمات الموانئ وتؤول ملكيتها الى الشعب ممثلاً في المؤسسة.
- تؤمم جميع شركات توزيع النفط العاملة في توزيع المنتجات النفطية في جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية (عدا عمليات توزيع وقود البواخر والطيران ودونهما). وتشمل جميع المنشآت ووسائل الإنتاج والمستودعات المستعملة
ولم يقف الحد عند تأميم المؤسسات والشركات بل طال التأميم المنازل والمساكن فقد وذكرت إحصائية رسمية صادرة عن لجنة معالجة قضايا المساكن المؤممة أنعدد المواقع المؤممة المطلوبة معالجتها 19671 موقعا.
مما سبق تبين:
أن قرار التأميم استهدف الرأس المال الجنوبي دون غيره وقد تم تسليم تلك الشركات والمؤسسات لأبناء العربية اليمنية ومحاربة رأس المال الجنوبي ونفيه وتشريده ونهبه بطريقة غير قانونية حيث هاجر عدد كبير من التجار الجنوبيين الى دول الجوار.
المطلب الثاني: تدمير ونهب وخصخصة المؤسسات والشركات الوطنية الجنوبية
بعد احتلال الجنوب بالقوة العسكرية فرضت القوى اليمنية سياسة النهب والفساد والتدمير والخصخصة وتقاسم تلك المؤسسات الوطنية لدولة الجنوبي بين البيوت التجارية اليمنية وحلفاء الحرب ضد الجنوب فقد تم تدمير البنية الاقتصادية والتنموية والخدمية للجنوب وخلال ثلاثين عاما تحولت الجنوب الى قرية وبمعنى الكلمة.
ففي عام 1994م واجه الجنوب تتار علي عبدالله صالح الذي دحر القاعدة الصناعية المادية ونهبها وتغييرها وتحويلها إلى ممتلكات لمتنفذيه وقادته العسكريين، وهذا يعتبر للأسف ثمرة من ثمرات جبروت نظام صنعاء التي نهبها ودمرها، وفقدت دولة الجنوب الوطنية قاعدتها الصناعية والإنتاجية والتنموية إثر غزو حرب 1994م، التي أكلت الأخضر واليابس وتحولت تلك المؤسسات إلى هياكل وأعمدة خاوية على عروشها.
ولمعرفة المزيد عن تدمير قاعدتنا الصناعية والإنتاجية ، التقت صحيفة "الأمناء" بالأخ المهندس / محمد عبادي ثابت ، مدير عام مكتب الصناعة والتجارة في عدن ، والذي قال :" أحيطكم علماً بأن أكثر من 50 مصنعاً تأثرت بالتدمير والنهب والسلب وتغيرت معالمها ولم تستثنَ أصولها التي آلت ملكيتها إلى المتنفذين بطريقة غير شرعية تحت يافطة الإصلاحات الإدارية والمالية ، أو تحت يافطة الخصخصة غير المدروسة التي لم تهدف إلى إعادة تأهيل تلك المصانع وإعادة دورات إنتاجها ، وإنما للاستحواذ على أصولها وبيعها على مرأى ومسمع حكام النظام السابق وقيادات المحافظة السابقين الذين لم يحموا تلك المؤسسات بل ساوموا في بيعها وتوزيعها عقب حرب 1994م ".
مضيفاً : "بعض تلك المصانع قد خرجت عن الجاهزية بعد العبث بها عبر عملية الخصخصة والتي أعطيت بموجبها لمتنفذين أو بعض الناس الذين ليسوا ذو خبرة بالصناعة ، ولذلك دُمِرت ونُهِبت كثير من المصانع وحولت ملكياتها إلى قوى طفيلية ، ومن تلك المصانع : مصنع البسكويت في المنصورة الذي لازال حالياً مدمراً منذ حرب 94م، إلى جانب مصنع الطماطم في الفيوش ، ومصنع الطلاء ، ومصنع الإسفنج ، ومصنع الأحذية الجلدية ، ومصنع الثورة للأدوات الزراعية ، ومصنع الشهداء للملابس ، ومطحن الدقيق ، ومصنع الآليات ، ومصنع المياه الغازية ، إلى جانب محو الكثير من الشركات الوطنية مثل شركة التجارة ، وشركة الأقمشة ، والكهربائيات ، وشركة مواد البناء ، ومؤسسة اللحوم ، بالإضافة إلى مؤسسات القطاع العام والمختلط والقطاع التعاوني في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سابقاً . منوهاً أنه قد دمرت ونهبت وخصخصت بصورة غير مدروسة جميع تلك المصانع وبشكل متعمد وآلت ملكيتها بدون وجه حق على المتنفذين في عهد صالح مثل : اليمدا ، والبنوك ، وبعض من تلك المصانع تم نقلها إلى القطاع الخاص عبر الخصخصة التي استمرت لأكثر من 3 سنوات ثم تم الاستغناء عنها وعن موظفيها وعمالها الذين أغلبهن من النساء ؛ أي بنسبة 70% من عاملات المصانع عادوا إلى صفوف البطالة و(خليك بالبيت) مما زاد من عدد البطالة في صفوف الإناث والذكور ".
مشيراً بالقول :" إن نظام صالح اعتبر تلك المصانع والمؤسسات الحكومية التي نُهِبت ودُمِرت بمثابة غنائم حرب".
وأوضح الأخ / محمد عبادي ثابت ، مدير عام مكتب الصناعة والتجارة في عدن ، بالقول :" لم يُستثنَ حتى مصنع شقرة للأسماك بأبين ، الذي معظم عماله من النساء اللاتي فقدن أعمالهن وأصبحن دون راتب ، ومنذ عام 1994م وحتى العام 2017م، تم نهب وتدمير الآلات والمعدات وأهم أجزاء التشغيل ، ومعظم المصانع وزعت كغنائم حرب على العسكريين ، ومن ضمنها كذلك مؤسسة الملح التاريخية التي تعتبر من معالم عدن الاقتصادية والتاريخية، وتم تحويلها إلى المؤسسة الاقتصادية ، علماً بأن مؤسسة الملح هي ملكية عامة وكانت مؤسسة رابحة بالدولار منذ أواخر الخمسينات وبعد الاستقلال الوطني عام 1967م، وتم الاستحواذ على بعض أحواض الملح والبناء عليها مثل إقامة محطة بترول دون اعتبار للمخاطر البيئية التي ستنعكس على ذلك".
40% من الفنيين غادروا عدن بعد خصخصة المصانع ومضى بالقول :" إن حوالي 40% من العناصر الفنية المقتدرة التي كانت تشتغل بتلك المصانع الوطنية الجنوبية وبسبب أعمال النهب والتدمير غادروا إلى خارج الوطن وأصبحوا يتبوءون مواقع مرموقة في المؤسسات والشركات الأجنبية بالخارج ، وانضموا إلى هجرة العقول الجنوبية بعد الوحدة ، ومن أهم المميزات لتلك المصانع فإنها كانت تعتمد على المواد الخام المحلية ؛ حيث كانت توفر كافة المنتوجات المحلية الحياتية والضرورية واقتصرت واردات الدولة الجنوبية على الكماليات فقط ، وكانت تدعم الاقتصاد الوطني بإشراف ورقابة كفاءات صناعية وبيئية واقتصادية مقتدرة وبجودة عالية ، وكانت منتوجات تلك المصانع الجنوبية تورد منتوجاتها إلى الشرق الأفريقي وجيبوتي مثل منتوجات العطور والبسكويت والنعناع والإسفنج والأحذية الجلدية".
المطلب الثالث: معين عبدالملك ومواصلة سياسية سابقيه في تنفيذ استراتيجية تدمير الجنوب اقتصاديا.
منذ بداية الحرب في عام 2015 م والقوى اليمنية تسعى جاهدة في تدمير ما تبقى من مؤسسات وطنية جنوبية متخذين عدد من الخطوات التي ساعدتهم للعودة الى المشهد وقد كانت عدد من الحكومات تنتهج السياسة نفسها ابتدا من حكومة بحاح ومرورا بحكومة بن دغر ووصولا الى حكومة معين عبدالملك تلك الحكومات اليمنية لم تميل عن تلك السياسة التدميرية للمؤسسات والخدمات وتركيع الشعب بحرب الخدمات والاقتصاد والرواتب والصحة والبيئة والمياه والمشتقات النفطية.
إن عدن العاصمة الجنوبية، تعرضت لحرب اقتصادية شعواء، بفعل الصراع بين التجار ومنهم رئيس الحكومة المشكلة باتفاق الرياض، الذي دخل المعترك الاقتصادي، محاولا الاستفادة من فترة رئاسته للحكومة".. مشيرة الى أن معين عبدالملك متهم بالتورط في التواطؤ مع مجموعة هائل سعيد انعم ومصرف الكريمي (شركات تجارية من تعز)، استحوذتا على وديعة سعودية قدمت لحكومة معين عبدالملك في العام 2018م، عقب اقالته".
وبعد تحرير عدن، واجهت سلطات عيدروس الزبيدي، - رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي الحالي- تحديات كبيرة، أبرزها التحدي الأمني، فالهجمات التي ضربت عدن، اثرت بشكل كبير على المدينة اقتصادياً ومعيشياً، فكانت الامارات العربية المتحدة تقدم مساعدات إنسانية لمساعدة السكان في حين انه تعطل كل شيء بفعل هجمات القاعدة وداعش في عدن.
ومع استعادة العاصمة وضعها الأمني بتشكل قوة أمنية، تحركت عجلة الاقتصاد بشكل كبير جداً بفعل التسهيلات التي قدمتها سلطات عدن حينها، غير ان المشكلة التي واجهت عدن تمثلت في توريد المشتقات النفطية التي ظلت حكرا على التاجر احمد صالح العيسي، نائب مدير مكتب الرئيس للشؤون الاقتصادية، ناهيك عن تحكم مجموعة هائل سعيد انعم بالصادرات والواردات من المواد الغذائية الرئيسية، حيث مثل ميناء عدن خلال السنوات السبع الماضية الشريان الرئيس في ادخال المواد الغذائية والطبية والمتطلبات الأخرى.
لكن اغلب الواردات لا تدخل من الميناء الجمركي، بل تدخل عن طريق ميناء خاص بالمجموعة التجارية اليمنية، وهو الأمر الذي كشف لنا عن معلومات تبدو في غاية الأهمية.
فالعديد من المصادر التي تحدثت الينا خلال بحثنا تبين ان المجموعة التجارية لا تدفع ضرائب بالشكل السليم بل تدفع هبات وأخرى تقدمها على انها دعما لمشاريع تنموية.
تحظى مجموعة هائل سعيد انعم بنفوذ كبير في السلطات المحلية بالعاصمة عدن ناهيك عن العلاقة التي تربط رشاد هائل سعيد انعم برئيس أخر حكومتين "معين عبدالملك"، وفضلا عن ان كلاهما ينتميان الى مدينة تعز اليمنية، الا ان الأخير نجح في التحول من ناشط سياسي فقير في السابق الى واحد من أهم المستثمرين والفضل لمجموعة هائل سعيد انعم وبعض المجموعات التجارية التي مكنته من ممارسة التجارة وانشاء مجموعات تجارية مستغلا صفته كرئيس للحكومة يتمتع بكافة الصلاحيات التي تخول منح التصاريح للشركات اليمنية، خاصة تلك التي تعمل في استيراد المشتقات النفطية، وقد دخل معين عبدالملك في إشكالية كبيرة مع التجار احمد صالح العيسي وهو نائب مدير مكتب هادي لشؤون الاقتصادية، وقد ازيح العيسي واستبدل بدلا عنه مجموعة من التجار اليمنيين الذين لديهم شراكة مع معين عبدالملك.
خلال السنوات السبع الماضية، كان معين عبدالملك وزيرا للأشغال العامة، وهي الحقيبة الوزارية التي توجد لها ميزانية ضخمة وكبيرة ناهيك عن الدعم الذي قدم عن طريق معين من المانحين، وفي طليعتهم السعودية والامارات، لكن لم تنفذ أي مشاريع تنموية من قبل الوزارة التي ظلت في قبضة معين حتى بعد تنصيبا رئيسا للحكومة خلفا لأحمد عبيد بن دغر، ليتم تشكيل حكومة المناصفة العام الماضي لتسحب الوزارة من معين ولكن دون أي تحرك على صعيد المشاريع التنموية من قبل الوزارة باستثناء مشاريع قام بها البرنامج السعودي لإعادة الاعمار.
تبين أن صندوق صيانة الطرق والجسور، ان في خزينته مبلغ تراكمي بلغ 80 مليار ريال يمني، منها 40 مليار ريال دخلت في حساب الصندوق عام 2021 م فقط، أي ما يؤكد ان موارد الصندوق المالية، من العاصمة عدن المحرومة من مشاريع صيانة الطرق، ومنها طريق الجسر البحري الذي تعثر أكثر من مرة وتم سحب أموال طائلة بهدف استكمال المشروع الذي افتتح قبل أكثر من عقد لكن لم يتم استكماله، وفي عهد حكومة احمد عبيد بن دغر، تم سحب أموال باسم استكمال مشروع الجسر البحري الا انه لم ينفذ.
من المعلومات التي حصلنا عليها أن رئيس الحكومة معين عبدالملك، مول انشاء مشاريع صيانة للطرقات في مدينة تعز، بتمويل من موارد عدن العاصمة.
ومن ابرز هذه المشاريع مشروع إعادة تأهيل طريق الوهط طور الباحة تعز، وهو المشروع الذي يصف بالمشروع التجاري الهام للمدينة التي ينتمي اليها معين عبدالملك.
وبينت المعلومات المتوفرة ان معين مول مشروع الطريق الذي يربط بين عدن وتعز بـ 10 مليار ريال يمني من موارد عدن المالية، بالإضافة الى أنه سبق وقام معين عبدالملك بتمويل مشروع طريق تربة تعز، وتمويل مشروع هيجة العبد من قبل صندوق الطرق منذ العام 2019 م، وكل ذلك من موارد عدن المالية.
ومما يؤكد على تعامل معين عبدالملك بجهوية تجاه الجنوب واستنزاف موارد عدن لصالح تعز، مشروع كهرباء زنجبار أبين، الذي نقله معين الى مدينة تعز.
وحملت التوصيات تسـليط الضـوء فـي المرحلـة الحاليـة عـن الاقتصاد والتنميـة لكونهـا الحلقـة الضعف فـي الجنـوب والتـي مـن خلالها العـدو يتربـص بمسـير الثورة وعرقلـة اهدافهـا الاستراتيجية.
وتوفيــر الأمــن الغذائــي والدوائــي والخدمــي لشــعب الجنــوب فــي مختلــف لكــون الشــعب وصـل الـى مرحلـة الفقـرة ممـا قـد يدعـه الأمر بالكفـر بالثـورة وقيادتهـا
والسـعي الحثيـث الـى توفيـر فـرص عمـل لشـباب الجنـوب قبـل أن تتحـول قدراتهـم لقنابـل مؤقتــة قــد يســتغلها العــدو ضــد شــعبنا لكــون الجــوع والفقــر دافــع رئيــس للخــروج عــن المبــادئ والقيــم وهــذا مــا يســعى إليــه الخصــم اللــدود.
وشدد على أهمية اتخاذ خطوات ســرعة عاجلــة فــي اســتعادة مؤسســات الجنــوب الإرادية وفــي مقدمتهــا مينــاء مجموعـة هائـل سـعيد انعـم هـذا الملـف الهـام، فهـذه المجموعـة التجاريـة التي ترفض تدفـع الضرائـب بالشكـل القانونـي، حيـث وأنـه يسـتحيل دخـول المنشـئات التجاريـة التـي اسـتحوذت عليهـا نتيجـة مواقفـة الداعمـة للحـرب علـى الجنـوب، لذلـك مـن المهـم إعـادة النظـر فـي اسـتثمار المينـاء، وفـرض رقابـة لمـا يتـم إدخالـه عـن طريـق هـذا المينـاء. وفـق آليـة فـرض مكتـب جمركـي فـي جبـل حديـد يكـون فـي المخـرج مـن الدكـة هـذا المينـاء مهمتـه التفتيـش الدقيـق علـى المواد الخارجـة بمـا يضمـن عـدم تهريـب أي ممنوعـات.
والأشراف المباشــر علــى عمليــة التخزيــن فــي المخــازن المنتشــرة فــي ضواحــي العاصمــة عــدن، ووضــع دراســة مســتعجلة للمنظمــات العاملــة فــي عــدن، ومنــح الأولوية فــي التوظيــف لأبناء عـدن بمـا يضمـن معالجـة للبطالـة المنتشـرة فـي العاصمـة، ويحـد مـن توطيـن الوظيفة اليمنيـة فـي الجنـوب بمـا يسـبب مشـالك مسـتقبلية.
- دعــم انشــاء مصــارف وبنــوك جنوبيــة تحقــق الاستقلالية وإعــادة الأشراف علــى البنــك الأهلي علـى اعتبـار انـه أخـر مـا تبقـى مـن أمـاك الدولـة الجنوبيـة السـابقة، والـذي يقتـرح ان يكـون مديـر البنـك مرشـحا مـن المجلـس الانتقالي الجنوبـي".[1]
إن استمرار الحرب في اليمن قد ولدت الكثير من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية بشكل عام، وعلى وجه الخصوص في المناطق المحررة ، حيث برزت هناك صراعات أمنية وعسكرية بين طرفي الشرعية ، مما دعا الدول الراعية للملف اليمني بمقاربة تلك الأطراف ، لا سيما بعد مواجهات اغسطس 2019 التي كان طرفاها المجلس الإنتقالي الجنوبي ومكونات الشرعية اليمنية، والتي تمخض عنها ما يسمى بـ اتفاق الرياض الذي اشتمل على عدد من البنود السياسية والاقتصادية والتنموية والعسكرية والأمنية والخدمية والإعلامية وقد أشرفت على توقيعها المملكة العربية السعودية ومن بعدها دول التحالف العربي والدول الإقليمية المهتمة بالملف اليمني .
فمصالح الشعب في الجنوب صارت مسحوقة وكرامتهم مهدورة. فنزوات الحكومة وقراراتها وشهواتها فوق مصالح المجتمع، وبعد مرور عامين كاملين ارتأينا نحن في منتدى الجنوب لتنمية الوعي السياسي والاجتماعي أن نقف على أهم بندين من بنود الاتفاق التي تخص الشعب وتلامس همومه وهما:
1- الملف الاقتصادي
2- الملف الخدمي
وفي سبيل كشف سياسة الحكومة المشكلة مؤخرا تجاه الجنوب طرحت عدد من الأسئلة :
1- ما مدى قدرة حكومة المناصفة على تنفيذ بنود الملف الاقتصادي المقرة في اتفاق الرياض ؟
2- هل استطاعت الحكومة أن تنفذ بنود الاتفاق المتعلقة بالملف الاقتصادي في قضية الفساد من خلال تشكيل لجنة اقتصادية عليا لمكافحة الفساد وتفعيل دور مؤسسات الدولة الايرادية والخدمية؟
3- هل استطاعت الحكومة أن تدير موارد الدولة (جمع وإيداع جميع ايرادات الدولة) بما فيها الايرادات النفطية والضريبية والجمركية إلى البنك المركزي في عدن كما وردت في البند رقم 5 من الاتفاق ؟
4- هل استطاعت تفعيل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وتطعيمه بشخصيات مهنية ونزيهة وكذلك تفعيل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ؟
5- هل استطاعت حكومة المناصفة أن تلبي أبسط حقوق المواطن في المناطق المحررة ، من غذاء وصحة وتعليم وكهرباء ومياه ووقود وغيرها ؟
6- ماهي أسباب فشل حكومة المناصفة في تنفيذ مهامها؟
7- ما هي المعالجات والتوصيات المقترحة؟
النتائج :
1- أن سياسة القوى اليمنية المتوغلة داخل بنية الجسد الجنوبي تعمل جاهدة على اضعاف الجنوب اقتصاديا وخدميا وتنمويا.
2- تبين أن هذه الاستراتيجية ليست وليدة اللحظة بل هي ممتدة من 60 عاما ابتدأ بحكومة الرفاق ومرور بحكومة الاحتلال اليمني ووصولا الى حكومات الشراكة والمناصفة
3- تبين الحكومة لم تقم بواجبها الوطني الذي اكلت اليها.
4- الحكومة تحولت الى عبء على كاهل الشعب تجرعه الموت..
5- لم ير المواطن أي أثر ملوس تحقق على الأرض.
6- مؤشرات جماعة قادم قد تقلب الأمور وتعيد الوضع الأمني لدرجة الصفر.
7- التفكك الاجتماعي وبروز ظواهر لا اخلاقية داخل المجتمع نتيجة الفقر والبطالة.
8- بروز مؤشرات الانهيار الاقتصادي العام وخروج الوضع عن السيطرة.
9- مستقبل الفساد في الجنوب سيكون مستقبلاً مروعا، عند السكوت على انتشاره، وعدم إدراك عواقبه، ووضع العلاج الناجح، وتسخير كل الطاقات لذلك.
10- أظهرت الحكومة حتى الآن عدم انسجامًا بين أعضائها بعد عودتهم إلى عدن، وكان الخلاف بين الحكومة والمجلس الانتقالي حول البنود التي لم تُطبق بعد من اتفاق الرياض ما يزال قائمًا لاسيما المجال الاقتصادي والخدمي .
التوصيات
1- إعداد خطة استراتيجية لمواجهة الحرب الاقتصادية والخدمية التدميرة التي تتبناها القوى اليمنية مجتمعة ضد الجنوب.
2- التواصل مع دول التحالف العربي للضغط على الحكومة بتنفيذ بنود اتفاقية الرياض وفي مقدمتها المجال الاقتصادي والخدمي.
3- الضغط على ممثلي الجنوب في، حكومة المناصفة تحمل، المسؤولية وطرح قضية المواطن الجنوبي في مقدمة ملفات التفاوض.
4- تحريك الجماهير الجنوبية بمحاكمة الحكومة الفاسدة والمطالبة بتقديم استقالتها وتشكيل حكومية وطنية ذات كفاءة ونزاهة.
5- دعوة قيادة الانتقالي لمراجعة سياسة الشراكة مع - صنعاء المعرقلة لاتفاقية الرياض.
6- إنهاء الاحتكار في صفقات استيراد المشتقات النفطية، وتفعيل المجلس الاقتصادي الأعلى للحكومة، والتدقيق بشفافية في نفقات الدولة المتعلقة في شراء الوقود لتوليد الكهرباء وصرف مرتبات موظفي القطاعين العسكري والأمني وموظفي القطاع العام.
7- دعوة المجلس الانتقالي الى تشكيل مجموعة من القضاة الجنوبيين المشهود لهم بالنزاهة وتأهيل فريق متكامل من المتخصصين وتفريغهم للقيام بواجب كشف بؤر الفساد داخل المؤسسات الحكومية كخطوة أولية من خلال التحذير من الفساد في الوسائل الإعلامية المعاصرة.
8- تفعيل دور أجهزة الإعلام بكل أنواعها في التصدي للفساد وأشكاله، الذي يستهدف النيل من مقومات المجتمع الجنوبي والحشد الجماهيري والمجتمعي لكشف ملفات الحكومة الفاسدة والدعوة لتفعيل القضاء لاسيما المحاكم الإدارية في سبيل مقاضاة القيادات الإدارية الفاسدة.
9- العمل على إعداد منظومة من الآليات متضافرة الجهود، تبدأ بإنشاء مركز متخصصة، لوضع الحلول المناسبة، وكيفية الاستفادة من طاقات المجتمع. وحسن انتقاء العاملين الأكْفاء في أجهزة الدولة، ومؤسسات المجتمع المدني، واختيارهم بناء على معرفة كافية بمصالح البلاد والعباد، يمتلكون القوة والأمانة، والإدارة الناجحة، والأسلوب المؤثر.
هامش
[1] بحوث ودراسات| دراسة تحليلية اقتصادية تقدم توصيات مهمة لـ"الانتقالي".. العاصمة عدن وحرب الاقتصاد.. رئيس الحكومة يجب ان يكون جنوبياً