قضايا وحريات
"مصدر مسؤول يؤكد فساد حكومي عائلي"..
موثق: الحكومة اليمنية تغرق عدن بالديون.. (60) مليون دولار قرض كويتي لتأهيل كليات يمنية
كشفت وثائق ومصادر حكومية يمنية، عن قضية فساد هي الأحدث والاكبر، متهم فيها رئيس حكومة الشراكة (اتفاق الرياض)، معين عبدالملك، الذي يحظى بدعم سعودي، تغرق عدن، وهو ما يعني مستقبلا تحمل المجلس الانتقالي الجنوبي، أي سلطة سياسية مستقبلية في الجنوب هذه القروض التي اعتبرتها وثائق حكومية وبرلمانية بانها مخالفة للقانون.
وفي التفاصيل، قال مصدر حكومي رفيع لصحيفة اليوم الثامن إن معين عبدالملك – رئيس حكومة اتفاق الرياض المتعثر- متورط في قضية فساد كبيرة، تتمثل في توجيهات بتنفيذ مناقصة مخالفة للقانون، لصالح مقاول (لا تنطبق عليه الشروط)، لتأثيث عدد ٦ كليات، ليس لها أي وجود على أرض الواقع".
وقال المصدر إن معين عبدالملك تحصل على "قرض خيالي 60 مليون دولار دين مع أرباح، بهدف إعادة ترميم كليات ليست موجودة على أرض الواقع في الجنوب وبعضها في مناطق يمنية يحكمها الحوثيون".
وبينت وثائق اعتراض رئيس البرلماني ووزير التعليم العالي والبحث العلمي ووزير المالية، على إجراءات رئيس الحكومة معين عبدالملك، وتضمنت تلك الوثائق "السرعة في اتخاذ إجراءات سريعة لمعالجة هذه القضية".
وأكدت مصادر حكومية في قصر معاشيق أن معين عبدالملك، رفض التعاطي مع مذكرة مرسلة من رئيس البرلمان سلطان البركاني – حصلت صحيفة اليوم الثامن على نسخة منها- وصف المصدر تعامل رئيس حكومة الشراكة مع تلك المذكرة باستخفاف كبير".
وقال المصدر إن معين عبدالملك رد شفويا على مذكرة البركاني بأنها صادرة عن "مجلس تشريعي فاقد للصلاحية"؛ في إشارة الى انتهاء فترة البرلمان اليمني قبل نحو عقد ونيف.
وبشأن القرض الكويتي، قال المصدر إن مقربا من رئيس الحكومة، يدعى وليد العباسي، هو المسؤول على ما عرف بلجنة تحليل المناقصة، في حين ان المقاول شركة يمتلكها معين عبدالملك وشركاء أخرين من مدينة تعز، وان المقاول على مشروع تأهيل 12 كلية مجتمع بعضها تقع تحت سيطرة الحوثيين الموالين لإيران، سيحصل على ما نسبته 30 في المائة من قيمة القرض المقدر بـ60 مليون دولار أمريكي".
وقال مصدر حكومي أخر لصحيفة اليوم الثامن، إن معين عبدالملك أرتكب مخالفات قانونية بشأن التصرف بقرض كويتي وهمي يتصرف به مقربون من رئيس الحكومة المشكلة بموجب اتفاق الرياض المتعثر".
وقال مصدر في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي إن القرض الكويتي هدفها تمويل مشروع تجهيز عدد (12) كلية مجتمع في محافظات الجنوب وأخرى في محافظات أغلبها خاضعة لسيطرة الحوثيين الموالين لإيران، غير ان اللافت في وثيقة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، يشمل المشروع توظيف عشرات الموظفين تلك الكليات، بما يعني ان الهدف "يمننة الوظيفة العامة"؛ في الوقت الذي يقول جنوبيون ان هناك محاولات ليمننة الوظيفة على حساب الموظف الجنوبي.
وكانت أولى الوثائق التي حصلت عليها "اليوم الثامن"، مذكرة صادرة من رئيس البرلمان اليمني سلطان البركاني، موجه إلى معين عبدالملك، مؤرخة بتاريخ الـ22 من مارس/ آذار 2023م: "الأخ الدكتور / معين عبد الملك سعيد رئيس مجلس الوزراء (الحكومة اليمنية)، الموضوع المناقصة الدولية رقم (1/23-MHE/KFAED) الخاصة بـ تجهيز عدد ١٢، كلية مجتمع في الجمهورية اليمنية، بتمويل الصندوق الكويتي للتنمية، لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتدريب الفني والمهني".
وأكد البركاني في رسالته "أنه تلقى شكاوى من عدة جهات، من أن المناقصة المشار إليها دولية وقابلة للتنافس من كل الشركات المتخصصة في هذا المجال إلا أن القائمين على المناقصة حصروها في ثلاث شركات بشكل حصري في المجموعة الثانية والثالثة وبتنسيق تام، وهذا مخالف لقانون المناقصات والمزايدات، وأن المواصفات صممت على شركة معينة".
وأضاف البركاني في رسالته :"لم تتم تجهيز المناقصة عبر شركة دراسات متخصصة لمعرفة احتياجات الجانب الفني والتقني في كليات المجتمع وتحديد الحاجة بالفعل وخاصة مع تطور هذا الجانب بشكل سريع، ولم تعرض على اللجنة العليا للمناقصات ولم تقر منها ولم تشكيل لجنة من الجهات المعنية المختصة كما هو محدد قانوناً.
وبين رئيس البرلمان اليمني بأن الصفقة التي استحوذت عليها شركة مقاومات تتبع معين عبدالملك، أعلنت عن تجهيزات ليست ضرورية وهي ذات كلفة كبيرة ولا يمكن استخدمها في المناطق الريفية".
ووجه البركاني، معين عبدالملك بالاطلاع واتخاذ الاجراءات اللازمة لإيقاف المخالفة، فالمناقصة المذكورة مناقصة دولية يجب تنفيذها وفقاً للقانون مستكملة الإجراءات من جميع الجوانب واستخدام التمويل الأجنبي استخداماً سليماً وفقاً للأهداف التي خصص لها".
وجاء في الوثيقة الثانية، ملاحظات وزارة المالية حول مذكرة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتدريب الفني والمهني بخصوص المناقصة الدولية بمشروع تجهيز عدد (12) كلية مجتمع في الجمهورية اليمنية، تمويل الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية قرض رقم (887).
وطالبت وزارة المالية بإيقاف القرض، مبينة ان أن الكليات المستهدفة بعدد اثنا عشر (12) كلية، اربع (4) كليات واقعة تحت سيطرة سلطات الإنقلاب (الحوثيون)، أو بخط تماس عسكري (م/ عمران م/ حجة - عبس م تعز - شرعب- القبيطة تعز ). أربع كليات مجتمع في مباني غير حكومية، وإنما مبان مستاجرة، وهي مباني غير ثابتة وغير معدة وفقا للدراسات والمخططات لاستيعاب التجهيزات، وهي: سقطرى، تعز، الضالع، الشحر، سيئون)".
وأكدت وثيقة وزارة المالية أن "كلية المجتمع بالقبيطة تعرضت للتدمير ، كما يقيم النازحون من الحرب في كلية المجتمع بمحافظة مارب، وعدم وجود كائر أكاديمي، وإداري وفنيين لتلبية احتياجات كليات المجتمع المستهدفة".
لافتة إلى أن البرامج، والمناهج الحالية لكليات المجتمع بحاجة إلى تطوير وتحديث، فضلا عن عدم وجود مبان جاهزة في تلك الكليات، وعدم امكانية استقبال تجهيزات حديثة سيؤثر على خطة تنفيذ المشروع.. والسؤال الذي يضع نفسه لماذا إذا التوريد والبنية التحتية منعدمة تماماً، وفي ظل ظروف اقتصادية صعبة في مرحلة استثنائية لن تستطيع الحكومية اليمنية الوفاء بها".
واعتبرت وزارة المالية في الوثيقة الموقعة من قبل الوزير سالم صالح بن بريك الاستمرار بتوريد الأجهزة والمعدات ون وجود كليات جاهزة لاستيعاب القرض بعد إهداراً وتبديداً للقرض وللمال العام لا سيما والأوضاع التي تمر بها البلاد اقتصادياً لا تناسب البتة مع جملة المتطلبات اللازمة لتلك الكليات الاستيعاب القرض.. مما يتوجب إيقاف المناقصة نهائياً حتى تنهباً ظروف أفضل لذلك".
وفي وثيقة أخرى، أعلنت الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد في العاصمة عدن ايقاف إجراءات المناقصة الخاصة بتجهيز "12" كلية مجتمع في اليمن بتمويل من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، وذلك عقب فساد ومخالفات للقانون طالت المناقصة البالغة قيمتها نحو 60 مليون دولار.
وقضى القرار الصادر عن فضيلة القاضي/ أفراح صالح بادويلان، رئيس الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، بتنفيذ الهيئة كافة الإجراءات القانونية اللازمة لإلغاء أو فسخ أي اتفاقية أو عقد بشأن المناقصة تكون الدولة طرفًا فيه، والتحقيق في الإجراءات المخالفة لأحكام القوانين والتي تلحق ضررًا بالصالح العام.
وكانت وثائق صادرة عن مجلس النواب ومجلس الوزراء ولجان فنية حكومية كشفت مخالفات جسيمة وفساد بمناقصة تجهيز "12" كلية مجتمع في اليمن بتمويل كويتي.
وجاء قرار الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد بمذكرة وجهتها فضيلة القاضي/ أفراح صالح بادويلان في 31 ديسمبر 2023 إلى وزير التعليم العالي والبحث العلمي والتعليم الفني د. خالد أحمد الوصابي.
وجاء فيها: "إيقاف إجراءات المناقصة رقم (23/1- MHE/KFAED) قرض رقم (887) تمويل الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية بشأن تجهيز عدد (12) كلية مجتمع في الجمهورية اليمنية.
بالإشارة إلى الموضوع أعلاه تلقت الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد بلاغًا مقيدًا لدى الهيئة برقم (12) لعام 2023م وتاريخ 25/7/2023م بشأن مخالفات في المناقصة أعلاه بموجب ما ورد بمذكرة رئيس مجلس النواب رقم (31 - 2023م) وتاريخ 22/2/2023م الموجهة إلى رئيس مجلس الوزراء ومذكرة وزارة المالية رقم (10/991) وتاريخ 6/8/2023م المرفوعة من رئيس مجلس الوزراء بالملاحظات عن المناقصة، وتقرير اللجنة الفنية الخاصة بدراسة وثائق المناقصة والمرسلة إليكم من الأمين العام لمجلس الوزراء بالمذكرة رقم (184/أ.م.و) وتاريخ 29/5/2023م وكذلك تقرير الخبير الفني في لجنة المناقصات المهندس/ رامي محمد عبدالعليم علوان المؤرخ 2/3/2023م والخاصة بمشروع تجهيز عدد (12) كلية مجتمع في الجمهورية اليمنية بمبلغ وقدره (17,600,000) دينار كويتي بما يعادل تقريبًا (56,850,000) دولار أمريكي قرض الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية، وقد تم مخاطبتكم بالمذكرة رقم (116) وتاريخ 16/10/2023م بموافاتنا بصورة طبق الأصل للمناقصة إلا أنكم لم توافونا بأي رد حتى الأن، وبناءً على نص المادة (97) من القرار الجمهوري رقم (19) لسنة 2010م بشأن اللائحة التنفيذية لقانون مكافحة الفساد والتي تنص على: (تقوم الهيئة بمباشرة كافة الإجراءات القانونية اللازمة لإلغاء أو فسخ أي اتفاقية أو عقد تكون الدولة طرفًا فيه، أو سحب امتياز أو غير ذلك من الارتباطات إذا ما تبين لها من خلال المراجعة والفحص وأنها أبرمت بالمخالفة لأحكام القوانين وتلحق ضررًا بالصالح العام).
وعليه: يتم إيقاف إجراءات المناقصة المذكورة أعلاه حتى يتم استكمال إجراءات التصرف بالبلاغ قانونًا، مع تكليف من يمثلكم قانونًا بالحضور إلى الهيئة لسماع أقوالكم في البلاغ المقدم".
ومنذ ثماني سنوات تسعى الحكومة اليمنية إلى جلب الكثير من القروض لدعم مشاريع وهمية، الأمر الذي قد يشكل أحد ابرز العوائق امام الحكومة الجنوبية المستقبلية، فيما اذا افضلت الحلول الى منح الجنوب حكما ذاتيا على اقل تقدير، في ظل وجود مشاريع أخرى من بينها توطين النازحين اليمنيين في مدن الجنوب، كواحدة من ابرز العوائق التي قد تواجه المجلس الانتقالي الجنوبي مستقبلا.