الاقتصاد

"مؤشرات على إعادة البريق الاستثماري لمصر"..

الإمارات العربية المتحدة.. مشروع رأس الحكمة نقطة تحول كبيرة للاقتصاد المصري

الرئيسان الإماراتي محمد بن زايد والمصري عبدالفتاح السيسي - أرشيف وسائل إعلام إماراتية

القاهرة

المقدمة: العلاقات المصرية الإماراتية علاقات أخوية على المستويين الشعبي والرسمي، وهي علاقات قائمة على الفهم المشترك لطبيعة المتغيرات الإقليمية والدولية التي شهدتها وتشهدها المنطقة من جهة، وعلى التكامل وتعزيز المصالح المشتركة من جهة ثانية، بخاصة مع ما تتميز به سياستهما من توجهات حكيمة ومواقف واضحة في مواجهة التحديات الإقليمية المرتبطة بإرساء السلام.

وقوة تلك العلاقات على الصعيد الاقتصادي تترجم البنيان المتين لتلك العلاقات على الصعيدين التاريخي والسياسي، فالإمارات تعد أكبر دولة مستثمرة في السوق المصرية، وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 68 مليار دولار خلال 22 عاما فقط.

وفي ظل الأزمة اقتصادية التي تعانيها مصر منذ نحو عامين والتي تجلى مظهرها الأساسي في اختلال سعر العملة وارتفاع التضخم لمستويات تاريخية، وهي أزمة مشابهة لما كانت عليه الأمور في العامين 2015 و2016، ومن قبلهما في 2003، وتكرار للأوضاع في عقد الثمانينيات من القرن الماضي.

وقد يعتقد البعض أن هذا النوع من الأزمات المرتبط بالتضخم وانهيار سعر العملة وليد العصر الحديث أو أنه من الأزمات المستجدة، لكن مصر صاحبة التاريخ الطويل والمشهور بين حضارات العالم القديم لها تاريخ طويل أيضًا مع هذا النوع من الأزمات، والتي كانت تتراوح بين الاعتدال والشدة التي تصل إلى حد المجاعة.

الاقتصاد المصري تعرض لصدمات متتالية وأوضاع مضطربة (بدءاً من جائحة كورونا وموروا الحرب في أوكرانيا وصولاً إلى الاعتداءات الحوثية على البحر الأحمر وخليج عدن).

ويحاول هذا التقرير تحليل وتفسير أبرز المؤشرات الدالة على انعكاسات الأزمات الاقتصادية الراهنة على جمهورية مصر العربية، وكيف يمكن تحفيز عوامل جذب الاستثمارات في مصر؟ وكيف ستهم الاستثمارات العربية المصرية الإماراتية في إعادة الاعتبار مرة أخرى للسياسة المالية، باعتبارها الأداة الأهم في سبيل تحقيق التنمية الاحتوائية، وسبل تلافي الآثار السلبية للنظام الاقتصادي الراهن   

من هنا أصبح التساؤل هو كيف يمكن إعادة البريق الاستثماري لمصر؟ وتأتي أهمية هذا التساؤل في ضوء الدور الذي تلعبه الاستثمارات (العامة والخاصة) في العملية الإنتاجية؛ نظرًا لأنها المحدد الأساسي للنمو.

أولا: التبادل السياسي والدبلوماسي 

إن العلاقات السياسية والدبلوماسية والتبادل للزيارات الأخوية كانت أكثر حضورا حيث نجد أكثر من 10 زيارات بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي تؤكد عمق تلك العلاقات.

13 مارس 2014

قام المشير عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والإنتاج الحربي آنذاك، رافقه عدد من كبار قادة القوات المسلحة، بزيارة إلى الإمارات التقى خلالها كبار المسئولين في دولة الإمارات. وشهد المرحلة النهائية للمناورة المصرية الإماراتية "زايد 1".

18 يناير 2015

 قام الرئيس السيسي بزيارة للإمارات للمشاركة في أعمال القمة العالمية لطاقة المستقبل، استقبله خلالها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والفريق أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. بحث الجانبان مُجمل الأحداث والتطورات على الساحتين الإقليمية والدولية وسبل تعزيز وحدة الصف العربي لمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية. وتسلم الرئيس السيسي جائزة زايد الفخرية لطاقة المستقبل، من محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة ورئيس وزراء حاكم دبي.

27 أكتوبر 2015

 قام الرئيس السيسي بزيارة للإمارات، استقبله الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولى عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.

تطرق اللقاء إلى أهمية متابعة الجهود المشتركة لمُكافحة الإرهاب وتَدارك الأوضاع الأمنية في عدد من الدول العربية، وبحث الجانبان عددًا من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المُشترك، وسُبل التعامل مع تداعياتها على الأمن العربي.

2 ديسمبر 2016

 قام الرئيس السيسي بزيارة للإمارات للمُشاركة في احتفالات الدولة باليوم الوطني الخامس والأربعين. والتقى الرئيس السيسي مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة. تطرقت المباحثات إلى سُبل تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات.

4 مايو 2017

 استقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة، الرئيس السيسي لدى وصوله دولة الإمارات؛ حيث عقد الجانبان جلسة مباحثات ثنائية بحثا خلالها تعزيز أطُر التعاون الثنائي القائمة بين البلدين.

25 سبتمبر 2017

 قام الرئيس السيسي بزيارة للإمارات، التقى السيسي مع قيادات الإمارات، بحث الجانبان العلاقات الثنائية الوثيقة التي تجمع بين البلدين الشقيقين. فضلاً عن التشاور والتنسيق حول مختلف القضايا والأزمات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المُشترك.

24 أبريل 2021

 تقدم الرئيس السيسي مُستقبلي ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد، الذي وصل إلى القاهرة في زيارة رسمية قصيرة لبضع ساعات؛ حيث عقد الزعيمان جلسة مُباحثات.

 أغسطس 2022

استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، بمطار العلمين، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات الشقيقة، الذي حل ضيفاً عزيزًا على مصر.

 أبريل 2023

 أجريت مباحثات بين الرئيس عبدالفتاح السيسي ونظيره الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في القاهرة، والتي تعكس حرص البلدين على تعزيز أواصر العلاقات التاريخية، وتجسد سعيهما الدائم لدفع أوجه التنمية الشاملة، وتؤكد وحدة رؤى البلدين اللذين يعدان عنصر استقرار إقليمي، في تعزيز الأمن والسلام، وخدمة قضايا الأمتين العربية والإسلامية، ومواجهة التحديات المشتركة.

18 سبتمبر 2023

توجه الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الإمارات، حيث التقى مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية الوثيقة التي تجمع بين البلدين الشقيقين، فضلاً عن التشاور والتنسيق حول مختلف القضايا والأزمات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.[1]

ثانيا: بوادر الأزمة الاقتصادية المصرية وبواعثها 

لقد شهدت مصر مؤخرا ارتفاعا كبيرا في أسعار السلع وخاصة السلع الغذائية، وتراجعا في سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار وفي أبريل/ نيسان الماضي بلغ معدل التضخم السنوي 14.9 في المئة، مقابل 4.4 في المئة خلال نفس الشهر العام الماضي. وكان شهر مارس/ آذار قد شهد وصول معدل التضخم السنوي في مصر لأعلى مستوى له منذ نحو ثلاث سنوات، إذ بلغ 12.1 في المئة. 

ووفقا لأرقام الحكومة المصرية ارتفعت أسعار الطعام والمشروبات بنسبة 29.3 في المئة، والنقل والمواصلات بنسبة 6.9 في المئة، والسلع والخدمات المتنوعة بنسبة 7.1 في المئة، وذلك على أساس سنوي خلال شهر أبريل/ نيسان الماضي.

وجاء هذا الارتفاع بعد نحو شهر من تراجع قيمة الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية بنحو 17في المئة، وارتفاع معدلات الفائدة بنسبة 1 في المئة.

وبلغ سعر الدولار مقابل الجنيه المصري 18.24 جنيه وقت كتابة هذا التقرير (17 مايو/ أيار 2022)، بينما كان يبلغ سعره 15.64 جنيهاً في 20 مارس/ آذار، قبيل ما أطلق عليه البعض "التعويم الثاني".

وكانت مصر قد قررت تحرير سعر صرف الجنيه تماما (التعويم) لأول مرة في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2016، ليقفز عن ما كان يزيد قليلا عن 6 جنيهات للدولار، ويصل إلى ما يزيد عن 19 جنيها للدولار، قبل أن يتراجع بعد ذلك ليستقر بين 15 : 16 جنيها للدولار الواحد([2])

وكانت مصر تستورد نحو 42 في المئة من احتياجاتها من الحبوب من دولتي روسيا وأوكرانيا قبل الحرب، كما كان يشكل السائحون الروس والأوكرانيون نحو 31 في المئة من عدد السياح الوافدين إلى مصر، وهو ما "ستكون له تداعيات اقتصادية كبيرة على مصر كحكومة ودولة"؟

وبلغ حجم الديون الخارجية نحو 164.5 مليار دولار، في نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، وتلتزم الحكومة بجدول سداد مدفوعات للديون بقيمة 42.26 مليار دولار في عام 2024 وحده، منها 6.7 مليارات دولار لصندوق النقد الدولي.

وبحسب بيانات البنك المركزي الشهر الماضي ديسمبر/ كانون أول، تراجع نمو الاقتصاد المصري مسجلا 2.9 بالمئة في الربع الثاني من عام 2023 مقارنة بنمو 3.9 بالمئة في الربع الأول. ومن المتوقع أن يستمر معدل نمو الناتج الإجمالي المحلي التباطؤ خلال 2023-2024 ، على أن يعاود الارتفاع تدريجيا فيما بعد". وتشير التوقعات في الاستطلاع إلى أن الجنيه سيتراجع إلى 40.00 مقابل الدولار بحلول نهاية يونيو المقبل، وإلى 43 بحلول نهاية يونيو 2025.

وقدَّرت الحكومة المصرية تكلفة الأثر المباشر للحرب الروسية الأوكرانية على موازنة البلاد بنحو 130 مليار جنيه (7.1 مليار دولار) سنويا.

 رؤى إصلاحية 

 أجمعت كافة الدراسات العلمية على أن العملية التنموية المطلوبة لامتصاص البطالة والحد من الفقر، تتطلب تحقيق معدل نمو لا يقل عن 8 % سنويًا، وهو بدوره يحتاج لمعدل استثمار يتراوح ما بين 25 % و30 %. ونظرًا لضعف معدل الادخار المحلي، والذي لا يتجاوز10 %، لذا تظل هناك فجوة موارد كبيرة، تقدر بنحو 22 مليار دولار خلال العام المالي 2019/2020، ترتفع إلى 24 مليار و26 مليار للعامين التاليين، لا يمكن سدها، إلا عن طريق الاستثمار المباشر. 

وأكد عدد من الخبراء الاقتصاديين إلى إن إصلاح الاقتصاد ومعالجة الأزمة المالية لا يتطلبان بيع أصول الدولة - ومنها قطاعات استراتيجية مثل الموانئ والبنوك - لكن يتطلب حسن إدارة الموارد ومكافحة الفساد والتهرب الضريبي، وتنشيط الاستثمار وإعادة بناء القاعدة الصناعية، والعمل على زيادة الموارد الدولارية خاصة من الصادرات والاستثمارات المباشرة وتحويلات المغتربين في الخارج والسياحة".

تشخيص الأزمة

في مؤتمر صحفي عقده رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، كشف عن عدة أهداف وقرارات أبرزها:

  • تعزيز مشاركة القطاع الخاص في الاستثمار، بهدف أن يصل نصيبه إلى نحو 65 في المئة من إجمالي الاستثمارات المنفذة في غضون أربع سنوات، وذلك بدلا من حصته التي تبلغ نحو 30 في المئة الآن.
  • العمل على التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي في غضون أشهر للحصول على قروض جديدة، بالإضافة إلى مساعدات أخرى لمواجهة تداعيات الأزمة الأوكرانية إذا استمرت لفترة طويلة.
  • منح تسهيلات واعفاءات ضريبية للشركات الناشئة في بعض القطاعات تستمر مدة تتراوح بين 3 إلى 5 سنوات، وإنشاء لجنة تحت إشراف رئيس الوزراء مباشرة مهمتها حل مشاكل المستثمرين.

وتتضمن النقطة الأولى بيع أصول مملوكة الدولة بقيمة 40 مليار دولار، للشراكة مع القطاع الخاص المصري أو الأجنبي في غضون 4 سنوات، وبمعدل 10 مليارات دولار كل سنة.

من هنا تأتي أهمية وضرورة العمل على جذب هذه الاستثمارات وتشجيعها وتنميتها؛ وذلك للحد من التحركات السلبية؛ وذلك عن طريق ضمان اتساق السياسات الاقتصادية، فالمستثمر الجاد يعتمد بالأساس على قدرته في تقدير العوائد والمخاطر المتوقعة.

ثالثا: الأمارات العربية وإعادة تعزيز الاقتصاد المصري

وفى إطار تعزيز العلاقات الوثيقة التي تجمع بين مصر والإمارات على جميع المستويات، وقع البنك المركزي مع مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي العام الماضي اتفاقية ثنائية لمبادلة العملة، حيث تتيح للطرفين مقايضة الجنيه المصري والدرهم الإماراتي بقيمة اسمية تصل إلى 42 مليار جنيه، و5 مليارات درهم.

تعد الإمارات ثاني أكبر شريك تجاري عربي لمصر التي تعد خامس أكبر شريك تجاري عربي للإمارات التي تعتبر أكبر مستثمر بمصر على الصعيد العالمي، بحجم استثمارات بلغ 28 مليار دولار مطلع العام الجاري، ونحو 1390 شركة إماراتية عاملة بمصر. وهناك 5 بنوك إماراتية تعمل في مصر، هي "أبو ظبي الأول"، و"أبو ظبي التجاري"، و"الإمارات دبي الوطني"، و"أبو ظبي الإسلامي"، و"بنك المشرق"، لتصبح الجنسية الإماراتية صاحبة العدد الأكبر للبنوك الأجنبية بالقطاع المصرفي المصري، بحسب موقع "مصراوي" المحلي

وأخيرا وقعت مصر اتفاقية شراكة استثمارية ضخمة مع الإمارات لتطوير مدينة رأس الحكمة غربي الإسكندرية، في واحدة من أكبر الصفقات التي تسهم في تعزيز السيولة الدولارية بالبلاد وتخفف من أزمتها الاقتصادية.

وقال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، إن المشروع يعد أكبر صفقة استثمار مباشر في تاريخ البلاد، مشيرا إلى أنه سيدر على مصر 150 مليار دولار استثمارات سيضخها الجانب الإماراتي على مدار عمر المشروع.  

وكشف مدبولي أن الصفقة تشمل ضخ الجانب الإماراتي استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 35 مليار دولار، خلال شهرين، على أن يكون لمصر 35 بالمئة من أرباح المشروع على مدار عمره.

وذكر أن المشروع سيكون بالمشاركة بين هيئة المجتمعات العمرانية المصرية، وشركة أبو ظبي التنموية القابضة (ADQ)، موضحا أن المبلغ الذي سيتم سداده مقدما يشمل 11 مليار دولار ودائع إماراتية في البنك المركزي، سيتم التنازل عنها وتحويلها إلى الجنيه المصري لاستثمارها في المشروع، وهو ما يعني إسقاطها من بند الديون الخارجية على مصر.

وأوضح رئيس الوزراء المصري أنه "بعد أسبوع ستأتي 15 مليار دولار مباشرة" من الإمارات، من بينها 10 مليارات دولار سيتم تحويلها مباشرة إضافة إلى 5 مليارات دولار هي جزء من وديعة اماراتية لدى البنك المركزي المصري تبلغ قيمتها الاجمالية 11 مليار دولار".

وأضاف أن الدفعة الثانية من التدفقات الاستثمارية سيتم ضخها بعد شهرين "وتبلغ 20 مليار دولار من بينها 6 مليارات هي بقية وديعة الإمارات لدي البنك المركزي".[3]

كشفت بيانات رسمية حديثة، أن الاستثمارات الإماراتية في مصر حققت قفزة كبيرة خلال الفترة الأخيرة.ووفق البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فقد سجلت قيمة الاستثمارات الإماراتية في مصر نحو 5.7 مليار دولار خلال العام المالي 2021/2022، مقابل 1.4 مليار دولار خلال العام المالي السابق له 2020/2021 بنسبة ارتفاع بلغت 300.8%.

وتظهر بيانات الجهاز، أن قيمة تحويلات المصريين العاملين بالإمارات ارتفعت إلى 3.5 مليار دولار خلال العام المالي 2021/2022، مقابل 3.4 مليار دولار خلال العام المالي السابق له 2020/2021 بارتفاع بلغت نسبته 1.4%. وفي المقابل، بلغت قيمة تحويلات الإماراتيين العاملين في مصر نحو 35.8 مليون دولار خلال العام المالي 2021/2022، مقابل 39.1 مليون دولار خلال العام المالي 2020/2021 بنسبة تراجع بلغت نحو 8.4%. كما ارتفعت قيمة الصادرات المصرية إلى الإمارات لتسجل 1.9 مليار دولار خلال عام 2022، مقابل 1.8 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2021 بارتفاع نسبته 10.6%. وفي المقابل، فقد بلغت قيمة الواردات المصرية من الإمارات نحو 2.9 مليار دولار خلال عام 2022، مقابل 3 مليار دولار خلال عام 2021 بنسبة تراجع بلغت 2.3%.[4].

كما تعمل أكثر من 1250 شركة إماراتية في مصر، وفى المقابل تستثمر الشركات المصرية بأكثر من 4 مليارات درهم في الإمارات، حيث سجل حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين نحو 3.31 مليار درهم، خلال العام الماضي، بعد أن تضاعف خلال الفترة من 2010 وحتى 2019 أكثر من 3 أضعاف عن الفترة السابقة.

ويتصدر قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الاستثمارات الإماراتية في مصر بنحو 55 شركة واستثمارات تبلغ 2 مليار دولار، والقطاع التمويلي الذي تبلغ استثماراته 1.700 مليار دولار و49 شركة مؤسسة.

ويأتي القطاع الإنشائي في المرتبة الثالثة باستثمارات 814 مليون دولار بعدد شركات مؤسسة 118 شركة، ثم الاستثمارات الصناعية بعدد شركات مؤسسة 131 شركة واستثمارات 544 مليون دولار.

وتأتي الاستثمارات في القطاع الخدمي المرتبة الخامسة بإجمالي 343 مليون دولار و275 شركة، تليها الاستثمارات السياحية بعدد شركات مؤسسة 48 شركة باستثمارات 260 مليون دولار، وتحتل المرتبة السابعة والأخير الاستثمارات الزراعية بقيمة 129 مليون دولار.

من هذا المنطلق تأتي أهمية العمل على إعادة تعزيز العمل العربي المشترك بغية تقليص الاعتماد على الخارج لصالح المزيد من التعاون العربي. خاصة وإن المنطقة تملك الإمكانيات المؤهلة لذلك، فعلى الرغم أن عدد السكان يزيد عن 431 مليون نسمة، ويمثلون 5.5 % من سكان العالم، إلا إن التجارة البينية العربية مازالت في حدود 12 % من إجمالي التجارة العربية، حيث يحتل النفط حصة ملموسة فيها. مع ملاحظة أنها تتركز في دول الجوار الجغرافي، فعلى سبيل المثال فإن 88 % من صادرات البحرين تذهب إلى الإمارات والسعودية والكويت، وبالمثل فإن 62 % من صادرات الإمارات تذهب إلى السعودية وعمان، و79 % من صادرات تونس تذهب إلى الجزائر والمغرب وليبيا.

وأكد دكتور كريم العمدة الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد الدولي، أن صفقة رأس الحكمة بمثابة "أنبوبة أكسجين" للاقتصاد المصري، مشيرا إلى أن الاقتصاد في مصر كان على حافة أن يتحول لـ "اقتصاد كارثي"، مشيرا إلى أن مصر دولة قوية ونجحت في إعادة الأمور لمسارها الصحيح.

وشدد العمدة في تصريحات خاصة لـ RT، على أن مشروع "رأس الحكمة" سيشبه مشروع نيوم الذي تنفذه المملكة العربية السعودية على البحر الأحمر فهو "نيوم البحر المتوسط"، وسيمثل نقطة تحول كبيرة للاقتصاد المصري.

وأوضح أن المشهد الاقتصادي المصري قبل صفقة "رأس الحكمة" كان غير واضح المعالم، وكان الأداء سيئا، مشيرا إلى أن تلك الصفقة بمثابة "صفقة إنقاذ" للاقتصاد المصري.

وقال إن تلك الأزمة الاقتصادية ليست الأولى في تاريخ مصر، مشيرا إلى أن ذلك حدث أكثر من مرة، وكانت المرة الأولى بين عامي 1990 و1991، حيث كانت مصر تعاني من "أزمة ديون" وبدأت في التأخر بسداد الأقساط، مشيرا إلى أن مشاركة مصر في حرب الخليج ساهم في حصول مصر دعم من المجتمع الدولي، وشطب نصف ديونها، والتي بلغ وقتها 35 مليار دولار، ثم تعثرت مصر مرة ثانية بين عامي 2000 و 2001 بسبب الفساد وسوء الإدارة ، ودخلت مصر في أزمة اقتصادية ظهرت خلال عام 2003 ترتب عليها انخفاض قيمة الجنيه المصري، كما تعرض الاقتصاد المصري أيضا لأزمة اقتصادية في عام 2013 ، وحصلت مصر على دعم من دول الخليج وصل إلى 25 مليار دولار.

وأكد على أهمية البناء على تلك المرحلة لتكون خطوة نحو المزيد من التقدم، مشيرا إلى أن الأمر يتطلب بذل الجهد من الحكومة لاستغلال الموارد التي تتمتع بها الدولة المصرية.

وأضاف العمدة أن هذه الصفقة ستدعم الموقف المصري أمام صندوق النقد الدولي، وستحصل على الدعم المالي المطلوب وبالتالي العودة من جديد لسوق السندات الدولية، فضلا عن استثمارات جديدة مع الاتحاد الأوروبي تصل إلى 10 مليارات يورو، وهناك مشروعات مع المملكة العربية السعودية ومن بينها محطة طاقة شمسية في سوهاج بصعيد مصر.

وأكد أن مصر بحاجة ماسة لتغيير الحكومة، خاصة المجموعة الاقتصادية، من أجل إدارة موارد مصر الاقتصادية بشكل أفضل، وعدم تكرار الأزمة الاقتصادية بعد 4 سنوات مرة أخرى.

وأشار إلى أن مشروع رأس الحكمة أعاد ثقة المواطنين المصريين في القطاع المصرفي بشكل جزئي، مشيرا إلى أن الدولة المصرية أعطت درسا قاسيا للمضاربين بالسوق السوداء.

وأوضح أن السعودية تستهدف أيضا تنفيذ مشروع رأس جميلة على البحر الأحمر، مشيرا إلى أهمية تلك الصفقة أيضا على الاقتصاد المصري وتوفير العملة الصعبة للبلاد.

وأوضح في تصريحات لـRT، أن الهدف الاستراتيجي للدولة يتمثل في زيادة عدد السائحين في منطقة الساحل الشمالي، خاصة مع دخول الاستثمارات الاجنبية، وعلى رأسها الاستثمارات الإماراتية. 

وأشار إلى أنه فور بدأ تنفيذ مشروع رأس الحكمة سيكون هناك خطة تسويق للمنطقة بشكل كبير، مضيفا أن الجميع يأمل في أن تترجم الأرقام إلى حقائق على أرض الواقع وزيادة حجم السائحين إلى مصر، سواء القادمين على مطار العلمين الجديدة أو أي مطار قريب وهو ما ينعكس إيجابيا على قطاع السياحة[5]

أجمعت التقارير المراكز البحثية على المردود الاقتصادي الإيجابي لصفقة رأس الحكمة والذي تبلورت حول دور السيولة الدولارية في خطة الحكومة لخفض مستويات الدين، وحل أزمة السيولة الدولارية في البلاد عبر تقليل الفجوة بين السعر الرسمي والسعر الموازي، حيث توقعت أن ينخفض إجمالي عجز صافي الأصول الأجنبية لدى الأجنبية والبنوك الأخرى إلى 12.3 مليار دولار، مقابل 27.3 مليار دولار.

وأضافت أن الصفقة سينتج عنها خفض إجمالي الديون المستحقة على مصر إلى 153.5 مليار دولار من 164.5 مليار دولار وفقًا لبيانات نهاية سبتمبر 2023.

وأشارت إلى أن هناك متغيرا سيتم رصده على مدار الفترة حول حذو دول مجلس التعاون الخليجي من السعودية وقطر حذو الإمارات ومساندة مصر في تنفيذ إعادة الهيكلة الاقتصادية خلال السنوات المقبلة.

وأكدت أن الصفقة تحمل أداء إيجابيًا لأسهم القطاع العقاري وبشكل أساسي مجموعة طلعت مصطفى والمطورين العقاريين الأخرين من بينهم سوديك وإعمار في هذا المشروع الضخم.

وقالت شركة إتش سي لتداول الأوراق المالية في تقرير بحثى لها، إن صفقة رأس الحكمة تمثل تدفق استثمارات أجنبية مباشرة بحجم كبير وتعطى دفعة للنمو الاقتصادي، من خلال ضخ 24 مليار دولار نقدًا في غضون شهرين.

وتساعد الصفقة أيضا على خفض الدين الخارجي لمصر بنحو 11 مليار دولار، وتشمل الموارد الأخرى بالدولار، والتي من المتوقع أن تحصل عليها مصر قريبًا زيادة حجم تمويل مصر من صندوق النقد الدولي وصرف الشريحتين الأولى والثانية بقيمة إجمالية تبلغ 700 مليون دولار من الاتفاق الأولى البالغ 3 مليارات دولار.

وتوقعت أن يتزامن تدفق الأموال مع خفض لقيمة الجنيه المصري، ورفع أسعار الفائدة بمقدار 200 و300 نقطة أساس لاحتواء الموجة التضخمية المتوقعة والحد من الدولرة[6].

***

 مما سبق تبين ان لدولة الامارات العربية المتحدة مواقف مشرفة في ترسيخ العلاقات السياسية والاقتصادية العربية وما هذا الموقف الوطني العربي الا خير دليل على حرصها على الامن القومي العربي الذي يتعرض لعدد من المؤامرات العسكرية والأمنية والاقتصادية. 

مصادر 
 

[1]صحيفة اليوم السابع المصرية 

[2] bbc.com

[3] skynewsarabia

[4] alarabiya 

[5] arabic 

[6] alborsaanews

مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة: منصة لتجديد الفكر العربي واستعادة المركزية الفكرية


معركة في الدوري الإنجليزي: غوارديولا أمام اختبار البقاء وتوتنهام لرد الاعتبار


دراسة أمريكية تسلط الضوء على العلاقة بين الأمراض النسائية والموت المبكر


هل يؤدي قرار المحكمة الجنائية الدولية إلى تغيير في السياسة الأوروبية تجاه إسرائيل؟