تطورات اقليمية
الحرب اللبنانية – الإسرائيلية..
اغتيالات القادة وإعادة رسم خرائط الصراع: إيران وإسرائيل على شفا حرب مفتوحة
مع اندلاع عملية "طوفان الأقصى" وبدء الحرب في غزة، كانت إيران تواجه واحدة من أخطر الأزمات الداخلية منذ سنوات، حيث كانت تعيش تبعات الاحتجاجات الشعبية التي أشعلتها وفاة الشابة مهسا أميني في خريف 2022، ما جعل ذلك العام الأكثر دموية في تاريخ البلاد.
الحرب في غزة جاءت في توقيت حرج للغاية بالنسبة لمؤسسة المرشد الإيراني، حيث كانت تواجه ضغوطًا دولية متزايدة بسبب القمع الوحشي للاحتجاجات الداخلية، بالإضافة إلى إمداد روسيا بالطائرات المسيرة، في ظل تعطل المفاوضات النووية ووصولها إلى طريق مسدود.
ومنذ اللحظة الأولى، وصفت طهران الهجوم الذي شنته حركة "حماس" بأنه "رد طبيعي على سياسات إسرائيل الاستفزازية والحربية" بقيادة رئيس الوزراء المتطرف. وعلى الرغم من نفي المسؤولين الإيرانيين أي دور مباشر في اتخاذ قرار عملية "طوفان الأقصى"، إلا أن الحراك الدبلوماسي والسياسي المكثف كشف عن جاهزية طهران لمثل هذا التطور الكبير في المنطقة.
بعد أقل من أسبوع على الهجوم، بدأ وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان جولة دبلوماسية واسعة شملت دول المنطقة، حيث التقى بقادة "محور المقاومة" لبحث التطورات الإقليمية. توجه عبد اللهيان إلى العراق، ومن ثم إلى دمشق، بيروت، والدوحة، مؤكدًا على دعم إيران للمقاومة الفلسطينية ومرسلًا رسائل واضحة إلى إسرائيل بأن عملياتها العسكرية في غزة قد تفتح جبهات جديدة في المنطقة.
واستغلت طهران الأوضاع السياسية والاضطرابات الإقليمية لتعزيز صورة الجماعات المسلحة المرتبطة بها، مؤكدة على دورها في دعم هذه الجماعات بشكل علني، حيث تم التأكيد على استقلالية هذه الفصائل في صنع الأسلحة واتخاذ القرارات، بالرغم من الإشارة إلى دور الجنرال قاسم سليماني في تسليحها وتدريبها.
أما المحطة الثانية لإيران فقد تمثلت في دعوة المرشد الأعلى علي خامنئي إلى "قطع الشرايين الاقتصادية" لإسرائيل، مع دخول جماعة الحوثيين على خط الأزمة من خلال استهداف السفن التجارية في البحر الأحمر، ما أثر على حركة الملاحة العالمية.
وبالتزامن، شنت الفصائل الموالية لإيران في العراق هجمات بالطائرات المسيرة على إسرائيل والقواعد الأمريكية في المنطقة، ما دفع الولايات المتحدة للرد بقصف مواقع تلك الفصائل.
ومع مرور الوقت، واصلت إيران رفضها لأي حلول دولية للصراع الفلسطيني، وأعربت عن معارضتها لإحياء مقترح "حل الدولتين"، مؤكدة على استمرار دعمها للمقاومة الفلسطينية.
في تطور آخر، تعرضت القوات الإيرانية في سوريا لضربات جوية إسرائيلية، استهدفت شخصيات قيادية بارزة في "الحرس الثوري"، من بينهم مسؤول إمدادات الحرس في سوريا ومسؤول استخباراته، وهو ما زاد من تعقيد الأوضاع بين الجانبين.
ثم جاءت المحطة الرابعة عندما ردت إيران على قصف قنصليتها في سوريا بشن أول هجوم مباشر من أراضيها على إسرائيل، مستخدمة مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة، رغم أن الهجوم تم اعتراضه بنجاح من قبل الدفاعات الإسرائيلية.
وتصاعدت التوترات بشكل كبير بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته في حادث تحطم مروحية، وهو ما نفته طهران بشكل قاطع أنه نتيجة مؤامرة أو هجوم إسرائيلي، لكنها لم تجب عن جميع التساؤلات التي أثيرت حول الحادث.
وفي خضم هذه التطورات، شهدت إيران تغييرًا في سياستها الهجومية، مع وصول مسعود بزشكيان إلى الرئاسة، حيث اتخذ موقفًا أكثر هدوءًا ودعا إلى تهدئة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، معربًا عن استعداده لفتح صفحة جديدة في العلاقات إذا أثبتت واشنطن حسن نيتها.
لكن تصاعد الأوضاع بلغ ذروته مع اغتيال رئيس حركة "حماس" إسماعيل هنية في طهران، ما أثار موجة من التساؤلات حول وجود اختراقات في صفوف الفصائل المدعومة من إيران، وفتح بابًا للتكهنات حول المستقبل القريب للعلاقات بين إيران وإسرائيل، خصوصًا بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في ضربة إسرائيلية نوعية.