تطورات اقليمية
الصحافة الإيرانية تكشف..
بزشكيان يعترف بتخصيص أموال لقمع الاحتجاجات في موازنة 2025.. هل تستطيع البلاد تحمل العبء؟
في جلسة برلمانية حافلة بالتوترات يوم الثلاثاء، الموافق 29 أكتوبر، استعرض البرلمان الرجعي مشروع قانون موازنة عام 2025 وسط موجة من الانتقادات الشديدة من قبل الخبراء ووسائل الإعلام الرسمية. وقد وصفت الميزانية الجديدة بتعابير لافتة مثل "تراكم الاختلالات" و"ميزانية الاقتراض"، ووصفت كذلك بأنها "غير شفافة" و"الأكثر تحديًا في تاريخ الاقتصاد الإيراني"، حيث تعاني من عجز يصل إلى 40%، مما يثير تساؤلات كبيرة حول قدرتها على تلبية احتياجات الاقتصاد وسط التحديات الراهنة.
وأثناء دفاعه عن مشروع القانون أمام البرلمان، كشف بزشكيان عن بعض أوجه هذه الميزانية المثيرة للقلق، مما يعكس مخاوف النظام من الوضع المتأزم في المجتمع وخطر اندلاع انتفاضة. حيث قال: “ذهبنا وطلبنا الإذن من القيادة للحصول على بعض العملات الأجنبية، كي نستعد لاحتمالات الاحتجاجات الاجتماعية. قمنا بتخصيص هذا المبلغ مسبقًا في الميزانية بعد الحصول على الإذن!”
كما أشار بزشكيان إلى الإفلاس باعتباره إحدى السمات البارزة لهذه الموازنة المليئة بالاختلالات، مشددًا على ضرورة التدخل العلمي لمعالجة المشكلات المتعلقة بالكهرباء، والمياه، والغاز، وقال: “كل هذه الاختلالات تتطلب تدخلات علمية، وعلينا اتخاذ كل إجراء ممكن”.
ويشير بزشكيان عند حديثه عن “التدخلات” و”أي إجراء نتخذه” إلى نية الحكومة في رفع الأسعار. وفي السياق ذاته، تزامنًا مع تقديم مشروع قانون الموازنة، أعلن وزير الطاقة أن “الكهرباء ستصبح باهظة الثمن، وأن الحكومة ملزمة بالتخلي عن دورها في توفير الكهرباء بأسعار مدعومة”.
وتعكس تصريحات بعض أعضاء البرلمان، الذين تحدثوا عن القضية في جلسة الثلاثاء، قلقًا واضحًا من احتمالية اندلاع احتجاجات شعبية. وحذر النائب قادري قائلًا: “هذا قد يخلق مشاكل، ولا سمح الله، يواجه المجتمع توترات تؤدي إلى تفاقم عدم الاستقرار في البلاد أكثر مما كان عليه في الماضي”.
وصرح الملا بجمان فر بأن “هذه الميزانية هي ميزانية اقتراض”، مشيرًا إلى خطورة لجوء الحكومة إلى صندوق التنمية في بداية العام للمرة الأولى.
وأضاف النائب صمصمامي قائلاً: “إذا كنت ترغب في زيادة استياء الناس، صوت لصالح مشروع القانون 404. إنهم يريدون إثارة الفوضى وجذب الناس إلى الشوارع. هذه الميزانية نفسها تُوجد أسبابًا للاضطرابات في المجتمع”.
نشرت الصحف الرسمية مقالات عديدة حول هذه الميزانية المرقعة والمتناقضة، التي عمّقت تدهور الاقتصاد وزادت من بؤس الشعب، وخصوصًا الطبقات المحرومة. وكان من أبرز هذه المقالات، مقال في صحيفة *جهان صنعت* الرسمية بتاريخ 28 أكتوبر، حيث وصفت ميزانية 404 بأنها “الأكثر تحديًا في تاريخ الاقتصاد الإيراني”. وتفصّل الصحيفة قائلة: “تراكم الاختلالات… وصل الآن إلى مرحلة الأزمة. من المستحيل الاستمرار في هذا الاتجاه دون إصلاحات، إلا أن أي إصلاح اقتصادي سيضع البلاد أمام تحديات اجتماعية وسياسية”.
وتختتم الصحيفة بقولها: “يواجه [النظام] مفارقة مؤلمة ليس لها طريق إلى الأمام ولا إلى الوراء. لا يمكن تأجيل الإصلاحات الاقتصادية، إلا أن البلاد تفتقر إلى القدرة السياسية والاجتماعية اللازمة لها… إن استمرار هذا النهج سيؤدي حتمًا إلى وضع اقتصادي أكثر حرجًا، مقارنة بالسنوات السابقة”.
بطبيعة الحال، لا تستطيع هذه الصحيفة الرسمية الإشارة إلى جذر هذا “الوضع الحرج” المرتبط بنظام ولاية الفقيه، ولكن يمكن لأي قارئ أن يدرك أنه طالما بقي السبب، لن يزول التأثير. إن الأزمة الاجتماعية والاقتصادية الحالية هي نتيجة الحكم الاستبدادي للدكتاتورية الدينية، ولا يمكن الخروج منها إلا بإسقاط هذه السلطة.